«إنني تعبت كثيرا من أجل الحصول على رخصة السياقة، لقد امتدت المحنة منذ اليوم الأول إلى يوم الامتحان»، هذه الشهادة لإحدى المواطنات في الدارالبيضاء التي حصلت أخيرا على رخصة السياقة بعد ما وصفتها بلحظات من العذاب خلال مراحل الحصول على رخصة السياقة. الحصول على رخصة السياقة ليس بالأمر الهين، حيث يتطلب من المرء التجند بصبر أيوب قصد قضاء غرضه، حيث يكون ملزما بالتعامل الإيجابي مع كل الأحداث ببرودة أعصاب قوية قد تكون له سندا بعد حصوله على رخصة السياقة، مادام أن السياقة في شوارعنا تحتاج بدورها إلى صبر أيوب، بسبب عدوانية بعض السائقين فيما بينهم، المواطنة التي تحدثت إلى «المساء» مجرد نموذج للكثير من المواطنين، الذين يؤكدون أن الحصول على رخصة السياقة مسألة بقدر ما تبدو للعيان سهلة جدا، فهي تحمل الكثير من المتاعب تصل ذروتها خلال يوم الامتحان، حيث يكون مصير المترشح رهين بالشاشة اللمسية، فبقدر ما يكون هذا المترشح مركزا على الأجوبة الصحيحة، فإنه في الوقت نفسه يمتلكه خوف شديد من إمكانية وقوع خطأ في هذه الشاشة. «عدوانية» الشوارع فخلال هذا الاستطلاع وقفت «المساء» على مجموعة من الحقائق التي تساهم في «العدوانية» التي أصبحت تخيم على المشهد العام في الشوارع، فقد أكدت العديد من شهادات المواطنين» أن الطريقة التي ما يزال يعتمد عليها بعض المكونين في مدارس تعليم السياقة تعود إلى زمن غابر، حيث لا يتردد بعض المكونين في رفع أصواتهم على الراغبين في تعلم السياقة، ما يجعل العديد من هؤلاء المواطنين يندم عن اليوم الذي قرر فيه تعلم السياقة، وقال أحد سائقي سيارة الأجرة «لقد كان لي ولد في ديار الغربة وقبل أن يغادر المغرب حصل على رخصة السياقة، وحينما عاد في العطلة الصيفية أراد أن يستأنس بالسياقة من جديد، لأنه لم يريد سياقة السيارة دون المرور من جديد على مدرسة تعليم السياقة من أجل الاستئناس، لكن الطريقة التي تعامل بها بعض المكونين معه جعله يقرر عدم الذهاب من جديد، فبعض هؤلاء المكونين يعتمدون على طريقة غير لائقة». فأن تكون دكتورا أو مهندسا أو بائعا متجولا أو نجارا، فالأمر سيان بالنسبة لبعض مكوني السياقة، حيث سيتم تلقينك بالأسلوب نفسه، وتقول إحدى السيدات «لقد عانيت الويلات من أجل الحصول على رخصة السياقة منذ اليوم الأول إلى آخر يوم، فقد كنت أضغط بشكل كبير على أعصابي أثناء فترة التعلم واستمر الحال إلى أن حصلت على الرخصة، فلو كنت أعلم ما سيجري لي لما قررت الذهاب إلى مدرسة تعلم السياقة. مواطنة أخرى تزيد قائلة «لم أستطع أن أبرر طريقة التعامل معي خلال تعلمي للسياقة، فبعض المكونين تعاملوا معي وكأني محترفة في السياقة، فما أن وطأت قدماي السيارة حتى قال لي دير البروميان وركي على لومربياج وأنا لا أعرف شيئا بهذا الاسم وحينما طلبت منه أن يشرخ لي توترت أعصابه وبدأ يتحدث بصوت عال، وهذا أمر استفزني بشكل كبير، ولكن رغم ذلك ضغطت على أعصابي قصد قضاء غرضي، فأنا لم أعتد على مثل هذه السلوكيات». المرونة في التعليم وقال مصطفى الحجي، رئيس الفيدرالية المغربية لمدربي ومهنيي تعليم السياقة والسلامة الطرقية إن أي مدرب لتعليم السياقة كيفما كان هدفه هو تلقين التكوين الذي ينبني على مجموعة من الأسس، من أجل حصول المترشح على رخصة السياقة التي تخول له السياقة في الأماكن العامة»، وأضاف رئيس الفيدرالية المغربية لمدربي ومهنيي تعليم السياقة والسلامة الطرقية، أنه في بعض الأحيان أثناء التكوين، وخاصة في الشق التطبيقي يقوم المدرب بتقديم بعض الإرشادات للراغب في تعليم السياقة بنوع من المرونة من أجل أن يتأقلم المعني بالأمر مع السياقة والإرشادات الأولية، خاصة في الأيام الأولى، لكن مع اقتراب موعد الامتحانات وفي الكثير من المناسبات تضطر إلى استعمال أسلوب آخر، وذلك من أجل إعداد المترشح للسياقة في الشوارع، وفي هذه الفترة يتم التركيز على الجانب النفسي، وذلك لمعرفة مدى تجاوب المترشح مع السلوكيات التي تقع في الأماكن العامة أثناء السياقة. يوم الامتحان وإن كان بعض المترشحين يضغطون على أنفسهم من أجل تعلم المبادئ الأولوية للسياقة، فإن المصيبة ستزداد خلال يوم الامتحان. ألا يقول المثل «في يوم الامتحان يعز المرء أو يهان» في العديد من مراكز الامتحان يعيش الراغبون في رخصة السياقة جحيما من نوع آخر، فبعد أن كانوا قضوا أياما طويلة في مراكز التكوين وصل موعد الامتحان، يستيقظون باكرا أملهم الحصول على رخصة السياقة، يتوجهون نحو مراكز الامتحان، مسلحين بكل المعلومات التي حصلوا عليها سواء في الجانب النظري أو التطبيقي، تقول نعيمة ، مواطنة بالدارالبيضاء »توجهت إلى مركز الامتحان بعد أيام طويلة من التكوين، لكنني كنت سأصاب بالصدمة بعدما اكتشفت أن مصيري معلق بالشاشة، بحيث إذا ما تعرضت هذه الشاشة اللمسية إلى العطب فبدون شك سيكون مصيري الرسوب وإعادة الامتحان من جديد، وتؤكد أن العديد من المترشحين يكونون على أعصابهم بسبب الإجراءات الجديدة التي تتعلق بالامتحان النظري، فقد تتعرض الشاشة اللمسية إلى العطب، هل تحتفظ هذه الشاشة بالأجوبة أم لا في حال توقفت عن العمل. الشاشات اللمسية وقال مصطفى الحجي إننا دائما نطالب بتجديد الشاشات اللمسية، لأنه كلما تقادمت تؤدي إلى وقوع الأخطاء، ولكن لا نقف عند حد المطالبة، بل نقدم للمترشحين بعض الإرشادات داخل الامتحان ومن بينها الذهاب إلى مركز الامتحان بنصف ساعة قبل موعد الامتحان وجلب جميع الوثائق بما فيها البطاقة الوطنية والاستدعاء، ونحاول وضع المرشح في الصورة التي يمر فيها الامتحان، ومن ببينها إمكانية وقوع عطب في الشاشة اللمسية، حيث من حق المترشح أن تتم إعادة تشغيل الحاسوب والبداية بالسؤال الذي تعطل فيه الجهاز، على اعتبار أن الأجوبة السابقة مسجلة أطوماتيكيا، وأنه لا داعي للخوف أو القلق، ويتم إعداده نفسيا، فالأعطاب يمكن أن تقع وهذا أمر مقبول، ولا يجب أن يرسب أي مترشح لأنه وقع عطب في الجهاز». مواعيد الامتحان ومن بين الأشياء التي تذمر الكثير من الراغبين في الحصول على رخصة السياقة هو تأخر في مواعيد إجراء الامتحانات، حيث إن الأمر يحتاج في بعض الأحيان إلى شهرين أو ثلاث أشهر وهي العملية التي وإن كانت تثير استياء المترشحين، فإنها كانت تشكل عبئا على أصحاب مؤسسات تعليم السياقة، وقال مصدر ل«المساء» «المواعيد طويلة جدا وهذا أمر لم نعتمد عليه، لابد من إعادة النظر في هذه القضية». هناك الكثير من المتتبعين يؤكدون أن الإجراءات الأخيرة المتبعة للحصول على رخصة السياقة مهمة جدا، لأن الوضع الراهن في الطرقات يحتاج إلى الكثير من الضبط، وذهب أحد المصادر إلى القول «إنه لابد من جعل رخصة السياقة تتجدد بشكل دوري، لأن هناك بعض السائقين يحتاجون إلى دورات تكوينية، فطرق المغرب مليئة بالعديد من التجاوزات التي تؤدي إلى وقوع حوادث سير قاتلة تسبب في وقوع كوارث بالنسبة للأسر، فلا تخلو عائلة من وجود واحد من أبنائها ضحية لحادث سير، هناك الكثير من الأسر التي تحولت حياتها إلى النقيض بسبب وقوع حادث سير تسبب فيه أحد المتهورين الذي نسي مباشرة بعد حصوله على رخصة السياقة كل المبادئ التي تعلمها أثناء فترة التكوين، لأنها (أي الفترة) مجرد محطة فقط للحصول على رخصة السياقة وليست مدة للتكوين وتطبيق ما تعلمه على أرض الواقع. تقرير جطو المجلس الأعلى للحسابات دخل بدوره على الخط، ففي في آخر تقرير له، والذي نشر قبل أيام جرى الحديث بإسهاب عن هذه الإشكالية، حيث تم التأكيد في التقرير أن قانون رقم 52/05 المتعلق بمدونة السير نص على عدة مقتضيات تهدف إلى إعادة تأهيل قطاع تعليم السياقة الذي يعد أحد الركائز في مكافحة ظاهرة انعدام السلامة الطرقية، غير أن تفعيل هذه المقتضيات يواجه صعوبات وبطئا في ترجمتها إلى واقع عملي، لذلك يعاني هذا القطاع من عدة اختلالات، الأمر الذي ساهم، حسب التقرير في إبطاء وتيرة إصلاحه، وأضاف التقرير فيما يتعلق بمهنة «مدرب تعليم السياقة»، وبعد تسوية شاملة لوضعية العديد من المدربين الممارسين في وضعية غير قانونية، فإن تأهيل هذه الفئة يعرف تأخرا في التفعيل رغم سن قاعدة إلزامية التكوين المستمر كل ثلاث سنوات، أما ما يتعلق بتسيير مؤسسات تعليم السياقة، يضيف التقرير فقد تضمنت النصوص التنظيمية المتعلقة بها ضوابط للمراقبة، ونصت على عقوبات ضد المخالفين، غير أن عملية تطبيق هذه الضوابط الرقابية على أرض الواقع ظلت عصية على التحقيق .ومن جانب آخر لوحظ، والكلام دائما في التقرير على مستوى تسيير رخص السياقة، وجود نقص في الموارد البشرية التي تقوم بوظيفة العون الممتحن، وكذا غياب نظام خاص بهذه الفئة. وقال تقرير المجلس الأعلى للحسابات «من الناحية اللوجستيكية والتقنية، وبهدف ضبط الامتحان النظري المتعلق بالحصول على رخصة السياقة، أدخلت مديرية النقل عبر الطرق والسلامة الطرقية النظام الآلي منذ سنة 2000 باقتناء أول نظام متعدد الوسائط للتسيير الآلي للامتحانات النظرية، وفي الوقت الذي كان فيه هذا النظام لا يزال في بداية الاستغلال ابتداء من تاريخ 9 فبراير 2014 تم التسليم النهائي للصفقة بتاريخ 2 نونبر 2006 فقررت المديرية المعنية وضع نظام جديد للامتحان، فانطلقت طلبات العروض لاقتناء المعدات المتعلقة به ابتداء من سنة 2005 في حين لم يشرع في وضعه في مراكز التسجيل إلا ابتداء من يونيو 2012. وبالإضافة إلى ذلك، لوحظ أن نظام الامتحان الفردي في نسخته الحالية، لا يسمح بتحقيق الأهداف المعلنة من لدن الإدارة، والتي صمم من أجلها هذا النظام، ومنها الشفافية والإنصاف والمصداقية. أما الامتحان التطبيقي، فيظل في شموليته غير مطابق لمقتضيات القانون رقم 52/05سالف الذكر، ويختزل في كونه مجرد إجراء إداري». وأضاف التقرير «لقد أفضى توفر الموارد المالية لدى مديرية النقل عبر الطرق والسلامة الطرقية باعتبارها مرفقا للدولة مسيرا بصورة مستقلة، وخاصة بعد الزيادة التي عرفتها الرسوم الخاصة بالبطاقات الرمادية ورخص السياقة، إلى تمويل أنشطة ومشاريع تهم مديريات أو مؤسسات عمومية أخرى، ولا تندرج في نطاق مهام ومجال عمل مديرية النقل الطرقي والسلامة الطرقية، كما أن لهذه العمليات بنودا مخصصة في إطار الميزانية العامة للدولة، وقد تم هذا التمويل إما مباشرة، مثل، تمويل برنامج محدد لتحسين التشوير الطرقي، وتجهيزات السلامة داخل المحاور الطرقية الاستراتيجية ذات الأولوية القصوى، أو عن طريق تحويلات مالية لفائدة الصناديق الخاصة للخزينة». حجي: نحرص على القول للمترشح إن جميع السائقين في حكم المجانين وحدك أنت العاقل أكد مصطفى الحجي، رئيس الفيدرالية المغربية لمدربي ومهنيي تعليم السياقة والسلامة الطرقية «إننا نحرص على القول للمترشح إن جميع السائقين في حكم المجانين وحدك أنت العاقل، ونؤكد له أنه أثناء السياقة في الشوارع لن يجد أحدا سيتكلم معه بلطف ولياقة، لكن هذا لا يعني الوقوع في بعض التجاوزات التي تبقى بالنسبة إلينا مرفوضة وغير مقبولة، ويجب على المدرب أن يقول للمعني بالأمر إنه في بعض الفترات سأغير أسلوب التعامل معك من أجل إعدادك نفسيا للسياقة في الشوارع والأزقة من أجل التأكد من رد فعلك أثناء السياقة، ولا يجب على المعني بالأمر التأثر بأي كلام يفوح به المكون. أحمد مروان: عدد الحواسيب غير كافي في مجموعة من المراكز لا يجوز لأي شخص أن يسوق مركبة ذات محرك أو مجموعة مركبات على الطريق العمومية ما لم يكن حاصلا على رخصة للسياقة سارية الصلاحية ومسلمة من قبل الإدارة تناسب صنف المركبة أو مجموعة المركبات التي يسوقها، هذا هو نص الباب الأول من شروط السير على الطريق العمومية الذي جاء به قانون رقم 05-52 المتعلق بمدونة السير على الطرق بالمغرب، وللحصول على رخصة السياقة يجب اجتياز الاختبار بنجاح بشقيه النظري والتطبيقي ويشمل معارف المترشح المرتبطة بالأحكام التشريعية والتنظيمية في مجال سياقة المركبات ذات محرك وسلامة السير الطرقي وكذا القدرات والسلوكات المرتبطة بالقيادة للتأكد من أن المترشح قادر على تمييز الأخطاء الناتجة عن السير وتقدير جسامتها هذا ما ينص عليه القانون لكن عند النزول إلى ما هو تطبيقي على أرض الواقع داخل قاعات الامتحان المخصصة في مختلف مراكز تسجيل السيارات التابعة لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك فهناك بعض المشاكل بدءا من القاعات التي لا تستجيب لانتظارات الزبناء أو بالأحرى عدد الحواسيب غير الكافية في مجموعة من المراكز، الشئ الذي يتولد عنه الانتظار طويلا قبل الحصول على موعد قريب للاختبار، وحتى بالنسبة للشاشات المتوفرة فهناك صعوبة الرؤية للمترشحين زد على ذلك تفعيل بعض الإجابات عن طريق الخطأ لأن شاشات الحواسيب في معظمها حساسة جدا، الشئ الذي ينعكس سلبا على نتيجة الاختبار، هذا الأخير بدوره لم يتم تحيين أسئلته وفق بعض النصوص المعدلة من مدونة السير 2010 وكمثال على ذلك ما هو مرتبط بسرعة العربات التي يفوق وزنها 3 طن ونصف. كما أن المترشح ببلادنا وبشكل عام تجده يبحث بشتى الطرق للحصول على رخصة السياقة كوثيقة تسمح له بقيادة مركبة ما وليس التزود بمجموعة من المعارف والمعلومات والتقنيات تفيده وقاعدة معلوماتية تنفعه أثناء السياقة ومنها مساهمته كسائق في السلامة الطرقية التي يعتبر أحد حلقاتها كعامل بشري، لكن النقص في التكوين تمليه أمور أخرى بدءا من مدة التحصيل والكيفية وما تلقاه من دروس في مدارس السياقة، حيث تختلف من مدرسة إلى أخرى، إذ من المنتظر أن يفعل أربابها عقد برنامج الموقع مع الوزارة الوصية على القطاع، الذي من ضمنه البرنامج الوطني للتكوين، ويحتوي هذا البرنامج على عدد الساعات الأدنى المحددة في 20 ساعة مقرونة بدروس محددة لكل مترشح، إضافة إلى بنود أخرى ستساهم لا محالة في تحسين جودة وظروف اجتياز الاختبارات للحصول على رخصة السياقة.