من له المصلحة في الترويج لفكرة أن مخزون الفوسفاط في العالم على وشك النفاد؟ ثمة من يدق ناقوس الخطر،الذي وصل صداه إلى المغرب الذي يجد نفسه معنيا بهذا الأمر، وخصوصا في المكتب الشريف للفوسفاط الكائن بحي الراحة بالدار البيضاء. مصدر من أول فاعل عالمي في مجال الفوسفاط يؤكد أن وراء الإيحاء بنضوب مخزون الفوسفاط في العالم، اليوم، لوبياتٌ لم يعيِّنها، تسعى إلى وضع يدها على هاته المادة الأولية التي تعتبر حاسمة في توفير الغذاء للعالم. المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه من المكتب الشريف للفوسفاط، يرجح أن الرغبة في وضع اليد على تلك المادة تفضحها تلك الدعوة التي تلح على ضرورة ضبط سوق الفوسفاط في العالم الذي يعني، ببساطة، التحكم في الأسعار في مستويات تخدم مصالح لوبيات معينة، خاصة وأن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن العالم يتجه نحو زيادة طلبه على الفوسفاط بوتيرة يمكن أن تنعكس إيجابا على الأسعار في السوق الدولية. حديث المصدر إلى «المساء» يأتي في ظل اعتبار تقارير صحفية أن نضوب مخزون هذا المعدن يمكن أن يهدد التوازنات الغذائية خلال عقود قليلة قادمة، بفعل الخصاص الذي يفترض القائلون به أنه سوف يسجل على مستوى الأسمدة، ومن ثمة التساؤل حول ما إذا كان المخزون العالمي من الفوسفاط سيلبي حاجيات زراعة ما فتئت تستهلك مشتقات ذلك المعدن؟ الجواب يأتي على شكل تعبير عن القلق من الخصاص الذي يرونه قريبا، أي قبل نهاية القرن الجاري، ماداموا يتصورون أن المخزون لا يمكن أن يلبي سوى تسعين سنة من الطلب. هذا التحليل يذهب إلى أن السوق يفتقر إلى الشفافية، على اعتبار أن بلدانا قليلة وعددا قليلا من الصناعيين يتحكمون فيه، لكي يصل إلى ضرورة التوجه نحو إقامة نظام لتتبع معطيات السوق وتعاون دولي من أجل تحديد استراتيجيات تأخذ بعين الاعتبار محدودية الموارد وعدم توفر البلدان الفقيرة على الوسائل التي تخول لها تحمل ارتفاع أسعار الأسمدة. مصدر رفيع من المكتب الشريف للفوسفاط يعتبر أن الزعم بأن العالم سوف يعاني من خصاص في مادة الفوسفاط من الآن إلى نهاية القرن لا تدعمه التقديرات التي توفرها المناجم في المغرب، الذي يعتبر ثالث منتج بعد الصين والولاياتالمتحدة وأول مصدر في السوق وصاحب أكبر احتياطي من الفوسفاط في العالم، فهو يجزم بأن وسائل البحث المتاحة حاليا، تتيح ما بين قرنين وثلاثة قرون من الاستخراج. وهو يشير إلى أن هذه التقديرات تبقى متواضعة جدا، على اعتبار أن تقنيات البحث والاستخراج سوف تتيح رفع تقديرات الاستخراج في السنوات القادمة، وهو ما سيسهل المساهمة في تلبيه حاجيات العالم من ذلك المعدن الحاسم في توفير الغذاء، خاصة وأن المكتب الشريف للفوسفاط يتجه نحو نقل إنتاجه السنوي من ثلاثين مليون طن إلى خمسين مليون طن، بل إن الإنتاج يمكن أن يتعدى هذا المستوى مع تطور تقنيات الإنتاج والنجاح في التحكم في التكاليف. لكن هل ضمان تزويد السوق العالمي بالفوسفاط يستدعي إحداث آلية لتتبع المعطيات وتحديد الاستراتيجية؟ المصدر من المكتب الشريف للفوسفاط يقرأ في هذه الدعوة رغبة لدى البلدان الغربية في وضع اليد على هذا المعدن والتحكم في أسعاره بما يخدم مصالح لوبيات معينة، وتجد هذه الرغبة مبررها أكثر في كون البلدان الغربية، باستثناء الولاياتالمتحدة، لا تتوفر في باطن أرضها على هذا المعدن الذي يتركز أكثر في بلدان الجنوب، حيث إنها تعلم بأن الطلب على هذا المعدن لتوفير الغذاء سوف يرتفع، مما يوحي لها بمحاولة مراقبة سوقه بالشكل الذي يخدم مصالحها، خاصة وأن أسعار الفوسفاط لم ترتفع منذ ثلاثين عاما، قبل أن تعرف تلك القفزة القوية التي سجلت قبل سنتين. وترمي الاستراتيجية الجديدة، التي انخرط فيها المكتب الشريف للفوسفاط، إلى ترسيخ ريادته في العالم عبر تحديث الآلة الإنتاجية وخفض تكاليف النقل وجذب استثمارات خارجية مباشرة. غير أن الرهان الحاسم للمكتب يتمثل في مراقبة التغيرات التي تطرأ عبر حصر الأسعار في الحدود التي يرتضيها، دون تفريط أو إفراط، وتكوين المخزون الاستراتيجي تحسبا للمنافسة التي يرتقب أن تستعر في السنوات القادمة. وتستحضر الاستراتيجية، التي سبق أن بسطها الرئيس المدير العام للمكتب في مناسبات سابقة، الطابع الدوري للقفزات التي تطرأ على أسعار الفوسفاط والظرفية الدولية الجديدة المطبوعة بتزايد الطلب على المنتوجات الغذائية التي تحتاج إلى استثمارات عالمية جديدة في مجال الأسمدة.