مزيج من التقاليد والعادات، أثار من القصور والقصبات والواحات، موروث ثقافي تميزت به زاكورة درعه عن باقي المجتمعات منه ما تم اختفاءه، وأخر ما يحتضر، وأخر لازال يصارع البقاء. زاكورة مدينة النخيل والواحات، القصور والقصبات، حيثما سرت في أزقة وقرى المدينة تطاردك الأصالة بألوانها وكأنك في عصر آخر يظهر المشهد المهيب، عالم ملئ بالتقاليد والعادات التي لا تبرح فضاءات المدينة، قصبات تطل على أروع الآثار التي لطالما جذبت ريشة العديد من الرسامين، والفنانين الذين استلهمهم نخيل واحاتها الأخضر المرصع بالتمور، ووادها الممتد على مسافة أكثر من 200 كلم وراء سلسلة جبال الأطلس من اكدز إلى محاميد الغزلان ومن جبل صغر والى ضفاف الصحراء. «اللي ما سمع كبيرو الهم تدبيرو» وأنت تطل من فوق منصة واحة زاكورة درعه بقصر تسركات تثير انتباهك لوحة مبهرة لنخيل الواحة الكثيف بأعمدة دخان الطهي الصاعدة من مطابخ قصور الواحة منذ الساعات الأولى من الصباح الباكر، فأفق الواحة طلق ووجهها قد راق، وكأنك أمام لوحة تشكيلية للطبيعة في ابهر حللها، الجبال والنخيل هما ثنائية الوجود بزاكورة تلك الثنائية التي حكمت التقاليد والعادات لسكان البلد، كما حكمت التنوع الإثني بين ضراوة والشرفة والامازيغ… في هذا المزيج تبقى التربية والأخلاق والاحترام سيد الموقف بين القبائل التي تحتكم وتنصع لكبارها من الأجداد والآباء وشيوخ القبائل. حسب الروايات الشفوية فالكبار والأجداد هم المربي، الآمر والناهي داخل كل بيت وفي كل قبيلة هم من يتدخلوا في الصغيرة والكبيرة، في الطلاق والزواج بحيث يتم الاتفاق بين الآباء أو كبار القبيلة على مبلغ الصداق ووقت الزواج دون تدخل الأبناء، تقول رقية امرأة في عقدها الخامس عارفة بشؤون الحياة «كنا في ما مضى لا نعلي أصواتنا فوق أصوات آباءنا وأجدادنا ولا نخرج من البيت إلا بأمر منهم ولا يحق للفتاة أن ترفض العريس الذي اختاره لها الأب أو الجد». مسؤولية البيت وتولي أموره هي مسؤولية كبير العائلة رجلا كان أو امرأة، فالمرأة تقوم بتوجيه وتدبير البيت على مستوى الأشغال اليومية، وتوزيع المهام بين أفراد الأسرة في حين يتولى الأب مصاريف البيت، تضيف رقية «حتى في بيت الزوج الحماة هي التي تسير أمور البيت من تربية وطبخ وتنظيف أما الصهر فيقوم رفقة أبناءه بتولي المصروف، كانت جدتي رحمها الله هي التي توزع المهام منذ الصباح الباكر، مفاتيح كل غرف البيت بحوزتها وكل حركة بأمرها «.التربية الاحترام الحشمة، قيم شكلت نسقا متماسكا لكبار الأسر بقرى ودواوير درعه لازال البعض متشبثا بها إلى حدود الآن، خليفة رجل في عقده السابع يردد المثل «اللي ما سمع كبيرو الهم تدبيرو» كلما سنحت له الفرصة، عبارة حملت الكثير ل خليفة ولازال يتشبث بها مؤكدا على الحكمة التي تميز بها الكبار في التربية والمحافظة على الحشمة والوقار يقول خليفة «كنا ما نهزوش عنينا في الوالدين ولا في اللي كبر منا، حيت كنحترموهم وكنا عايشين في دار وحدة مع عمامي وأولادهم وجدي وجداتي والوالدين وعايشين بالتفاهم».الأسرة الممتدة بقصور وقصبات زاكورة حسب المهتمين بشأن المحلي كان لها طعمها الخاص ووظيفتها في تربية الأبناء بالمحافظة على التقاليد والعادات، وقيم التضامن والتكافل بين أفراد الأسرة، يحكمها كبير العائلة بدستور أساسه الحشمة والاحترام والطاعة وذوبان الذات في الجماعة. لكن ما الذي حدث في منظومة العادات والتقاليد ؟ اليوم وبحكم التطورات التكنولوجية والدينامكية التي عرفها المجتمع فقد اندثرت هذه القيم، وأصبح الصراع على أشده بين الأجيال. علاقة جدلية بين الإنسان وبيئته عالم من القصبات والواحات بدواوير زاكورة يعكس مدى تقارب طبيعة الإنسان وارتباطه بمحيطه، إحساس لا يفارقك وأنت تتجول بين أزقة ومنازل دوار امزرو تاكنيت العروميا تسركات… في هدوء تام متبوع بحفيف النخيل وصمود الجبال تثير انتباهك بساطة المنازل والقصبات المحصنة بأبواب خشبية تقليدية ومواد بناء لا تكاد تخرج من ما يسمى «التابوت» وهو طين ممزوج بالتبن يتم استخدامه في بناء البيوت والقصبات، أما الأسقف فهي من الخشب المستخرج من جذوع النخيل والقصب تستعمل لمقاومة تقلبات الحر والبرد، وتحمل أيام الحرارة المفرطة، مظهر خارجي للمنازل يحمل تناسقا مع أشكال الجبال والنخيل المحيطة بها، بحيث أصبحت جزاءا مكملا من وجودها. مواد أولية نابعة من أصل الطبيعة الصحراوية تعبر عن العلاقة الجدلية بين الإنسان وبيئته وحسب سفيان الصالحي فاعل جمعوي ومجاز قسم علم الاجتماع فهذه البنايات لها وظيفة الحماية من حر الصيف حيت تشتد الحرارة فيلجأ السكان إليها لان الطين يمتص الحرارة وان كان لا يقاوم أمطار فصل الشتاء، يضيف في الآونة الأخيرة أصبح السكان يتجهون للدور الإسمنتية رغم أنها في الصيف تكون حارة وفي الشتاء تكون باردة إلا أنهم يعملون على تجهيزها بالمكيفات. منازل طينية ممتدة على مساحات شاسعة تتوزع بين مجموعة من الغرف البسيطة لكل أسرة صغيرة أو لكل زوجين، بنيت بطرقة محبوكة تنم عن حنكة يد الصانع يتكون كل بيت من طابق وسطح للنوم أوقات الصيف، جل الأثاث يعتمد في الأساس على الزرابي التي تبدعها يد المرأة الزاكورية بوسائل جد بسيطة تؤثث بها غرف المنزل. تحكي فاطمة من دوار امزرو عن قصتها مع صناعة الزرابي قائلة «الزربية هي الفراش الأصيل عندنا في المنطقة مريح وكنخدموه بالصوفة الأصلية الحرة» التحام العائلة تحت سقف واحد، داخل فضاء بسيط وأثاث بسيط له طعم خاص يقول بلحسن «البيت مكب العائلة الكبيرة فيه نجتمع أثناء وجبات الأكل بحيث يحضر الكل دون استثناء ويتم عزل النساء عن الرجال حتى يبقى الاحترام سائدا بين أفراد العائلة». اجتماع العائلة في كل وجبة حول مائدة واحدة وبطقوس موحدة دليل التضامن والتفاهم وإن كانت هذه القيم والتقاليد تسير نحو الاندثار في وقتنا الحالي حسب سكان المنطقة بفعل التحولات السوسيو اقتصادية، والهجرة المتكررة لشباب المنطقة التي ساهمت في تغير معالم الأسرة بفعل التأثر بالثقافات الأخرى، فأصبح كل فرد مستقل بأسرته الصغيرة في بناية إسمنتية بمواصفات عصرية وهو الأمر الذي بدأ ينتشر حتى بالقرى النائية. إلى عهد قريب شكلت القصور تراثا معماريا أصيلا أصبح الآن في طور الانقراض منها ما انهار بشكل كلي ومنها ما هو مهدد بالانهيار، يؤكد المهتمين بالشأن العمراني بالمنطقة أن القصر هو الوحدة العمرانية التي سادت بالمنطقة، ويتألف من تجهيزات جماعية تضم المسجد ومرافقه، دار القبيلة ودار الضيافة وباب واحد محروس يتجه غالبا نحو الواحة، أما المنازل فكانت تضم ثلاثة مستويات الأول للماشية والتخزين والثاني للأسرة والثالث بنصف مغطى للضيوف والنصف الآخر غير مغطى للنوم ليلا في فصل الصيف، كما كانت شؤون القصر تدبر بشكل جماعي عن طريق مؤسسة القبيلة التي اختفت معالمها في الآونة الأخيرة. خروج السكان من القصور وبناء منازل منفردة أو مجتمعة بالقرب من الطريق الرئيسة أدى إلى اندثار هذه القصور والأبراج واختفاءها، بعد غياب هدف المحافظة عليها وصيانتها. لباس الحشمة والوقار الكناع الصاية الملحاف التخلال لباس تقليدي ينم عن أصالة متفردة لقبائل زاكورة الذي لازال له مكانا في كل من تزارين تاكنيت تنزولين تامكروت هذه الأخيرة كانت عاصمة اليهود في منطقة درعه آنذاك، والتي اشتهرت بقصورها وحرفي الفخار، وأكبر قبلة لزوار الزاوية الصوفية سيدي احمد بناصر، تختزل تامكروت قيم المجتمع ومكوناته ومن بينها النساء اللواتي يعبرن عن الأصالة والحشمة والاحترام المتمثل في اللباس التقليدي، وهو من المعالم التي لم تتغير نتيجة عزلة هذه المنطقة تقول عائشة « الكناع والصاية من التقاليد اللي ما تنفرطو فيهم واخا اللبسوا اي حاجة ما كاتجينا بحال الكناع والصاية ملي كنا صغار» حسب المهتمين بالتقاليد اللباس يشكل مفارقة الأجيال ففي الوقت الذي يتباهى الشباب باللباس العصري، يبقى للباس التقليدي نكهته الخاصة وجماليته لدى الأجيال السابقة، وان كان هذا اللباس قد تأثر بثقافات أخرى كاليهودية والامازيغية فلازالت النسوة يتشبثن به إلى يومنا هذا لما له من قيمة، وما يفرضه من حشمة ووقار على المرأة. و نفس الشيء يقاس على اللباس في المناسبات خاصة مناسبة العرس إذ تتزين النسوة بالحلي التقليدية والمحلية الصنع ك «لُبان» و»الجووهر» وبعض الحلي ذات الصنع الخارجي «كنقرة». فمثل ما للمرأة لباسها التقليدي للرجل أيضا لباس تقليدي أساسه الجلباب والعمامة والخنجر و»البلغة» وهو اللباس الموحد الذي جمع بين الثقافات المتعايشة ب درعه. يقول عبد الكريم من شباب المنطقة اللباس التقليدي لازال يحضر في المناسبات العائلية والدينية، أما بالنسبة للحياة العادية واليومية فالأمر لا يتعدى بضعة رجال لان اللباس التقليدي لا يواكب الحياة اليومية بالنسبة للعمل والمهام التي نقوم بها. سيادة اللباس العصري على اللباس المحلي كانت له أسبابه الخاصة والمتمثلة في الانفتاح على الثقافات الأخرى منها الثقافة الغربية بحكم أن مدينة زاكورة مدينة سياحية، مشيرا إلى الدور الذي لعبته السياحة في إدخال اللباس العصري إلى أوساط المنطقة، ودور الهجرة التي بدأت تعرف انتشارا واسعا بين أبناء المنطقة، وهو ما جعل الشباب يتمرد عن الضوابط الاجتماعية و التقاليد ومنها اللباس. خبايا الطبيعة قيمة الخير وإكرام الضيف وسمت سكان درعه إلى زمن قريب، والمتمثلة فيما تعده المرأة إذ تقوم النساء فجرا لإعداد وجبة الفطور المكونة من الخبز الساخن أو ما يطلق عليه «بخبز الشحمة» ، والحريرة المعدة بشكل تقليدي بالطهي على الخشب في مطبخ بسيط يسمى الكانون، بعدها تقوم بتنظيف وكنس الزقاق فرحا بيوم جديد، لتتوجه مباشرة للعمل في الحقل فمشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي لازم المرأة التقليدية بواحات زاكورة خاصة خلال موسم التمور. تقول نعيمة «بعد ما كتوجد المرأة الفطور لولادها كتمشي لجنانات تجيب الحطب والفصة للبهايم». وتؤكد النسوة على العمل داخل البيت أكثر منه خارجه وذلك للسهر على تربية الأبناء والاهتمام بأمور المنزل على اعتبار أنها هي العارفة بخبايا وأمور البيت، في حين ينحصر عمل الرجل خارج البيت و ذلك بالسهر على تقليب وحرث الأرض، بالإضافة إلى تربية المواشي، عمل يعتبره العديد من سكان المنطقة بسيط تفرضه طبيعة المجال الجغرافي و القروي بالمنطقة على اغلبهم. يقول إبراهيم «ملي كنفطر كنمشي لجنانات كنبقى تما حتى ك يأذن العصر كنحضي الغنم ونخدم في الجنان هادي هي خدمتي مضيفا الشباب ديال اليوم ولاو كيسافروا اخدموا في الغرب « حسب إبراهيم العمل بالحقل هو مصدر عيش ومجال تحرك يبرز من خلاله الصحراوي العلاقة الوطيدة التي تربطه بالأرض، أما اليوم فقد تنكر الشباب لهذا العمل لأسباب مختلفة سواء تعلق الأمر بالدراسة أو العمل. يؤكد سفيان الصالحي طالب مجاز شعبة علم الاجتماع أن اغلب شباب المناطق بزاكورة هاجروا لمتابعة الدراسة أو للعمل بمختلف الميادين التي تتيحها المدن الكبرى وهو أمر فرضته التغيرات السوسيو اقتصادية وبالتالي أصبح الشباب ملزم بالهجرة إلى المدن الأخرى للعمل وبناء المستقبل والتعرف على الثقافات الأخرى، ونتيجة انعدام فرص الشغل بالمنطقة . بين الحنين والاندثار هي عادات بفعل اندثارها يحن إليها أهل زاكورة الذين يعبرون عن فرحهم واحتفالهم بالمناسبات السارة الزواج والعقيقة والأعياد والمواسم عن طريق ممارسات تطبعها بعادات وتقاليد متنوعة، فحتى التعبير عن الحزن لا يكاد أيضا يخلو من ممارسات وتقاليد تميز المجتمع الزاكوري عن غيره من المجتمعات بمختلف المدن المغربية، فإذا أخدنا على سبيل المثال لا الحصر العرس أو تقاليد الزواج الزاخرة حد التخمة بالعادات والتقاليد العتيقة والغريبة التي تعود بك إلى ثنايا الموروث الثقافي الأصيل المتوارث من الخلف إلى السلف، لم تعد الساكنة ملمة بكل الممارسات والطقوس المتعارف عليها. يقول محمد القرطاوي رئيس فرقة الركبة تقاليد العرس تغيرت كثيرا بدأ بعدد الأيام التي كان يقضيها أهل القبيلة في العرس والتي تصل إلى 15 يوما ولكل يوم أجواءه وطقوسه الخاصة، اليوم تم تقزيم وتصغير هذه المدة إلى يومين أو ثلاثة أيام، يضيف التغير أيضا طال طريقة تعارف الزوجين في الأول كان الشاب لا يرى الفتاة إلى يوم العرس أما الصداق والعقد فوالي العريس والعروس هم الذين يوثقون عقد الزواج أمام العدل، يقول «ما يقدر يقول الشاب لوالديه لا» اليوم أصبح التعارف يأخذ طابعا أخر سواء عبر الهواتف أو في المدرسة أو عبر الانترنيت لكن رغم ذلك لازال تدخل الأبوين وموافقتهم قائما إلى حد اليوم فلا زواج بدون رضا الوالدين.وهو ما أكده محمد الرمزي عدل بالمنطقة من خلال نسبة حالات الزواج التي وصلت إلى 2400 حالة مقارنة بالسنة الماضية 2164 حالة. نفس الشيء يؤكده القرطاوي على مستوى عادات وتقاليد عيد الأضحى التي لحقها التغيير وان كان تغيرا طفيفا لكنه بدأ يزحف نحو العمق، يقول مازال يوم العيد فرصة لاجتماع كل أفراد الأسرة الكبيرة خاصة بمنطقتنا «طانسيطة» وفي اليوم الثاني يسمى يوم «التفصّال» نجتمع بعد ذلك تبدأ «العراضة» كل في يوم، هذه العادة لازالت إلى يومنا هذا حتى مع العائلات المهاجرة فهي تجعل من يوم عيد الأضحى فرصة لإعادة الصلة بهذه التقاليد، خاصة فيما يخص تقاليد التحضير لعيد الأضحى حيت تقوم النسوة بإعداد الخل البلدي وهو محلول يعد من الأعشاب الطبيعية لتحضير «الكديد» و»الكرداس» والذي يشكل طعما خاصا عند أهل درعه. تُعد المرأة الخل البلدي بعد أن تتطهر وتتوضأ وأثناء تحضيره يصحن النساء بمواويل وزغاريد فرحا بقدوم هذه المناسبة، يقول محمد القرطاوي هذه التقاليد لازالت قائمة ولم تندثر كما لازال الحنين إليها حاضرا خاصة عند المهاجرين من شباب المنطقة. عيد المولد النبوي احتلت المعتقدات والعادات حيزا كبيرا في مخيلة الفكر الإنساني لكل مجتمع وهو مالا يمكن أن ننكره في مدينة تزخر بالتنوع الاثني والثقافي، مناسبة عيد المولد النبوي هو ذكرى يسترجع فيها أهل زاكورة أواصر التواصل الديني والاجتماعي تقول فاطمة حبيبي بصوت تعلوه البهجة والسرور «في اتصال هاتفي بالمساء «من نهار الأول في الشهر والرجال كيقراو القران والدعاء في المسجد، في الليل العيالات كيحنيو ليهم ولوليدلتهم في يوم 12 كيطيبو الكسكس». الحناء رمز العطاء والحنان في الثقافة الصحراوية، لذلك يتم تزين اليد اليمنى والرجل اليمنى للمولود الجديد خاصة إذا كان أول عيد له بعد ولادته. تعمل النسوة على تحضير الكسكس كطبق رئيس ليوم الذكرى ويستمر الأمر مدة 7 أيام. و إذا عدنا إلى الروايات الشفهية فإن التقاليد والعادات لا تقتصر فقط على المناسبات الدينية بل حتى المواسم، ومنها موسم احمد بناصر في عاشوراء الذي لازال ينظم بمنطقة تامكروت ، أما يعرف ب المعروف وهي مجموعة من المواسم تنظم في فترات محددة يتم خلالها تقديم الذبائح لبعض الزوايا فلم يعد لها اثر بالمنطقة. لا ماضي بدون حاضر تعمل الجمعيات التربوية والثقافية على محاولة الاهتمام بالتراث الثقافي للمنطقة وإحياء تقاليدها وعاداتها من خلال مجموع الأنشطة التي تقدمها للشباب، في هدا الصدد يؤكد عبد الله حمدي رئيس جمعية جيل الجنوب للتنمية والتواصل أن التراث لازال يفرض نفسه لكن الشباب لم يعد يهتم به بشكل كبير، نتيجة الهجرة والتعرف على الثقافات الأخرى، بالإضافة إلى الإهمال الذي لقيه التراث من طرف المسؤولين ولا من طرف وزارة الثقافة نفسها. متسائلا كيف يعقل انه بزاكورة 23 جماعة ولا توجد بها مجموعة واحدة تمثل فلكلور احيدوس فالمنطقة غنية بالتراث الثقافي والشعبي الذي يتجلى في الفرق الفلكلورية كا الواسطي الركبة دقة السيف احيدوس اقلال كانكا… وغيرها لكن للأسف غياب الدعم المادي والمعنوي للشباب وللجمعيات المهتمة يجعل النهوض بالفلكلور لا يصل المستوى المطلوب، لذلك فكرنا كجمعية مهتمة بالتنمية والتواصل في خلق ملتقى يهتم بالفلكلور المحلي لزاكورة من اجل التعريف بهذا التراث على جميع المستويات وهو الآن في دورته الثانية، لذلك نعمل على تنظيم مجموعة من الدورات التكوينية، التي تهتم بالتشبث بالتراث وزرع قيم المواطنة في صفوف الشباب، بالإضافة إلى تنظيم أنشطة للأطفال واليافعين لتكوين الجيل على المدى البعيد، وأنشطة تهم الكبار فلا ماضي بدون حاضر. شكل الفلكلور منذ القديم صوتا للحاضر جمع بين ألوان مختلفة من الفنون الشعبية بالمنطقة، من بينها الركبة الذي أصبح فلكلورا عالميا ارتبط اسمه بزاكورة، فأهل هذه المدينة عرفوا بحبهم الشديد للمواويل والأهازيج ونظم القصائد الزجلية التي تتغنى بالمدح والرثاء والهجاء.يقول محمد القرطاوي رئيس فرقة الركبة، هذا الفلكلور أصبح اليوم عالميا وتمكنا من التعريف بهذا التراث الشعبي على مستوى العالم وهذا ما نتمناه لباقي التراث بمنطقة درعه،وهو الهدف الذي يجب أن يعمل من اجله الشباب. من صميم التاريخ حوار ل المساء مع محمد بنان مولود خريج المعهد الوطني للتهيئة والتعمير حول التغيرات السوسيوثقافية الطارئة على المجتمع بزاكورة وأسبابها أجاب قائلا لقد شكل موقع زاكورة في قلب الواحات وبالضبط بفم واحة ترناتة محط أطماع مختلف الأجناس التي تعاقبت على المنطقة لأنها كانت تشكل ممر عبور رئيس لقوافل التجارة الصحراوية، وكانت حروبهم تتوج بالسيطرة على جبال زاكورة (تزروت او تزاكورت) فتم خلق أول نواة للمركز الحضري بزاكورة من طرف الاستعمار عبر إحداث دائرة زاكورة سنة 1933. من هذا المنطلق يمكن القول إن التغيرات ارتبطت بما هو اجتماعي واقتصادي وطبيعي نتيجة موقعها، وهو ما جعلها تعاني ندرة المياه والجفاف، كذلك التصحر وزحف الرمال وارتفاع ملوحة التربة، مما اثر بشكل سلبي على مردودية القطاع الفلاحي، أما على المستوى الاجتماعي فقد تم تفكيك البنية الاجتماعية التقليدية المتعارف عليها آنذاك وإعادة تشكيلها نتيجة الضغط الديمغرافي والسكاني على المجال، والتوسع العمراني، أما المستوى الاقتصادي فقد تميز بظهور قطاع السياحة كمورد اقتصادي جديد بعد إن كان مرتبطا بالزراعة والأعمال التقليدية. لذلك بدأت الهجرة نحو المدن الساحلية خصوصا الدارالبيضاء وخارج الوطن كلها عوامل ساهمت في تغير مجال التدبير المعتمد على سلطة القبيلة إلى التدبير الإداري من طرف الدولة. وأكد محمد بنان مولود إن هذه التغيرات أترث بشكل كبير على مستوى أنماط العيش والاستهلاك سواء فيما يتعلق بالأكل أو اللباس أو الترفيه …الخ، مضيفا إن هذه التحولات لم تسلم منها أيضا مكانة المرأة فارتفاع نسبة التعلم في صفوف النساء جعل المرأة تقتحم ميدان الشغل، كما تم تعزيز دورها على المستوى السياسي بمشاركتها في تدبير الشأن المحلي من خلال القوانين المنظمة للجماعات الترابية. وعن أسباب هذا التحول يقول إن أولى عوامل التغيرات بدأت مع الاستعمار ببسط نفوذه على واحات درعه وإخضاع كل قبائل المنطقة لسيطرته بما فيها سكان القصور والبادية فحلت سلطة الاحتلال محل سلطة القبائل، في تدبير المجال الواحي بعد الاستقلال فكان لابد من توفير الأمن، وتعزيز سيادة الدولة، وإحداث نهج تخطيط حضري عصري لا يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المجال الواحي والعمراني للمنطقة، كلها عوامل ساهمت بشكل أو بأخر في إعادة تشكيل البنية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.