يقبل المغاربة على باعة الأوهام، يشترون أوهاما مصبرة يحتضنونها بدفء، وحين تحولها الأيام إلى بضاعة زائفة، يصرفون النظر ولا يحصون خسائرهم المعنوية. باعة الأوهام المتجولون لا تطاردهم هراوات رجال القوات المساعدة، ولا يؤدون رسوما جبائية ولا يتظاهرون أمام العمالات من أجل المطالبة بأسواق نموذجية، لأن الطلب على البضاعة يفوق العرض. في صيف سنة 1999 أقبل المغاربة على وهم كبير اسمه بترول تالسينت، بعد أن تحدث وزير الطاقة يوسف الطاهري عن اكتشاف آبار بالمنطقة تختزن احتياطيا من الغاز والبترول يفوق 12 مليار برميل، بعد أيام تبين أن المخزون الذي تحدث عنه الوزير يتعلق باحتياطي من الوهم الخام. في عالم الكرة، تبيعنا الجامعة أقراص أوهام كلما انتابتنا أعراض الخوف والغضب. فقد خرج باعة الأوهام المتجولون ذات صباح وهم يروجون في الأزقة والحارات، لخرافة تنظيم المغرب لنهائيات كأس العالم بعد أن تبين للاتحاد الدولي لكرة القدم عدم قدرة جنوب إفريقيا على استكمال منشآتها الرياضية، بعد أيام خرج بلاتير عن صمته وحول الادعاء إلى مجرد كذبة أبريل. وقبل هذا التاريخ وضع الحجر الأساسي لبناء مركب رياضي بمنطقة بوسكورة، قيل إنه الأكبر على مستوى شمال إفريقيا، لكن مع مرور الأيام تأكد أن التدشين مجرد خدعة كروية. وحين عين علي الفاسي الفهري رئيسا لجامعة كرة القدم، رفع شعار «التأهيل لكأسي إفريقيا والعالم أولا»، ومع مرور الأيام تبخر الوهم وخرجنا صاغرين بعد أن تلقينا الصفعات على خدودنا ذهابا وإيابا. لم يتوقف ترويج الوهم، فقد استيقظنا ذات يوم على خبر استقالة الحكومة الأنغولية من تنظيم كأس إفريقيا للأمم، واتجاه الأنظار نحو الجامعة المغربية التي شرعت في عملية الإحماء استعدادا لتنظيم بالنيابة، بعد أيام تبين أن الحلم ولد ميتا فدفن بلا كفن ولا طقوس. قبل أيام زارنا مروجو الأوهام، وهم يحملون تباشير مشاركة المغرب في دورة أنغولا خلفا للطوغو الجريح، لكن يبدو أننا خلقنا لخلافة المنسحبين فخجلنا من أنفسنا وطردنا الحلم الذي يتراقص فوق دماء الطوغوليين كالغربان. كشف وزير الشباب والرياضة عن نية المغرب تنظيم نهائيات كأس إفريقيا للأمم سنة 2016، ابتلعنا كالعادة الطعم واستقر في أحشائنا الحلم، لكن ما قاله الوزير أمام البرلمان مجرد نية، لذا علينا أن نتسلح بالنية ونبيت مع الحية انسجاما مع المثل العامي. هناك وعد آخر نخشى أن يصاب بعدوى الأوهام، فيتحول إلى سراب، وهو حلم الاحتراف، لكن أخشى أن يكون الاحتراف مجرد وهم كبقية الأوهام، حينها سيتأكد احتراف القائمين على الشأن الكروي للخداع، وسيصبح بمقدورنا كمستهلكين رفع دعوى قضائية على الباعة المتجولين واتهامهم بترويج سلعة زائفة.