مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاكتظاظ.. إشكالية مستعصية تعود إلى الواجهة من جديد
على هامش معركة الأساتذة المتدربين
نشر في المساء يوم 20 - 01 - 2016

لا تزال معركة الأساتذة المتدربين متواصلة مع مرسومي الحكومة القاضي أحدهما بفصل التكوين عن التوظيف. وهي معركة يعتبرها الكثيرون معركة للمستقبل بالنظر إلى أن هذا المرسوم سيؤثر سلبا على مستقبل التوظيف في قطاع التربية والتعليم، على الرغم من أنه يشتكي من فقر مدقع في موارده البشرية. وهو الفقر الذي أدى اليوم إلى وجود حجرات درس بأكثر من خمسين تلميذا، ووجود مؤسسات تعليمية بدون مدرسين.ولا تعتبر هذه الأرقام عرضية، بل صدرت عن وزير التربية الوطنية والتكوين المهني في معرض تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية لوزارته داخل لجنة التعليم والثقافية والاتصال بالغرفة الأولى، حيث قال إن 15 ألف حجرة في المؤسسات التعليمية تضم 45 تلميذا في الحجرة. وتصل نسبة الاكتظاظ إلى أعلى مستوياتها في المراحل الإعدادية، بحوالي 26 في المائة، في حين تصل 22.9 في المائة بالنسبة إلى الثانوي، و8.8 في الابتدائي، خصوصا أن العدد الإجمالي للتلاميذ شهد تطورا ملحوظا بين موسمي 2012-2013 و2015-2016، بزيادة بلغت 4.7 في المائة، وأن عدد التلاميذ المتمدرسين خلال الموسم الحالي بلغ أزيد من 6 ملايين و800 ألف تلميذ. غير أن هذه الأعداد الكبيرة ممن يلتحقون بحجرات الدرس لا يجب أن تغيب عنا عدد الذين يغادرونها بسبب غياب الجودة، كما اعترف بذلك بلمختار. لذلك لا بد من الارتقاء بمهام المدرسة الوطنية وأدوارها، بإعادة النظر في نوعية ومناهج ومقاربة التعلمات، وفي الممارسات التعلمية. واعترف الوزير أن نسبة الانقطاع عن الدراسة بلغت في المستوى الثانوي التأهيلي حوالي 13.9 في المائة، مقابل 12.2 في المائة في المستوى الإعدادي، وحوالي 2.9 في المائة في الابتدائي، معترفا بأن نسب «الهدر المدرسي» عرفت تطورا نسبيا في الموسم المدرسي الحالي. غير أن أكبر الإكراهات التي اعترف بها وزير التربية الوطنية، هي المتعلقة بأطر التدريس، حيث تظل إشكالية الخصاص مطروحة بشدة، خصوصا مع تزايد وتيرة التقاعد ومحدودية المناصب المالية. لذلك لم تجد الوزارة بدا من الاحتفاظ بالمدرسين المحالين على التقاعد إلى نهاية السنة الدراسية، بناء على مرسوم قانون. ولهذا تشكل معركة الأساتذة المتدربين، اليوم، محطة أساسية في الجواب عن أسئلة وزير القطاع. كيف يمكن تصحيح مثل هذه الاختلالات بمرسوم يقطع مع التوظيف؟ بل كيف يمكن القضاء على ظاهرة الاكتظاظ إذا لم نوفر مدرسين وحجرات؟ إنها الأسئلة الحقيقية، التي كان على بلمختار ورئيسه في الحكومة بنكيران، أن يجدا لها الأجوبة الكافية وهما يتعاطيان مع هذا الملف، بدلا من التعامل معه بمنطق رهان القوة. لا شك أن معطيات وأرقام وزير التربية الوطنية والتكوين المهني تدفعنا إلى طرح السؤال عن حدود تنزيل مشروع «المدرسة الجديدة من أجل مواطن الغد». كما وعدت به الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، التي جاء بها المجلس الأعلى للتكوين والبحث العلمي. فحينما تؤكد وزارة التربية الوطنية على أن المشروع التربوي الجديد «سيسمح بتغيير المدرسة المغربية لتمنح، بشكل منصف، لكل مواطني الغد تعليما وتكوينا ذا جودة، مرتكزا على القيم والمبادئ العليا للوطن، ولتأهلهم للاستعداد للمستقبل، والانفتاح، والمساهمة الفاعلة في بناء الرأسمال البشري الذي يحتاج إليه الوطن، وكذا الانفتاح على المبادئ الكونية»، نكتشف من خلال أرقام الاكتظاظ والنقص الحاد في الموارد البشرية كيف أن الأمر لا يزال مجرد حلم صعب التحقق. لقد تأسس المبدأ العام الذي بني عليه الإصلاح على جملة من الأهداف الاستراتيجية، أهمها تغيير النظام البيداغوجي الحالي، وتحسين مواصفات المتعلم، كالانفتاح، والتكوين في العلوم الإنسانية، والتمكن من اللغات، والتمكن المندمج من العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ثم إعادة الاعتبار لمهن التربية، وتعزيز الهوية المغربية، وترسيخ القيم وروح المواطنة، مع الإعداد للحياة المهنية والتكوين على مدى الحياة بهدف تحسين الإدماج المهني بشراكة مع المقاولات، وتوفير فرص متكاملة، منصفة وملائمة للتعلم، مع إدماج شامل وعميق لتكنولوجيا الإعلام والاتصال، في أفق التحول نحو نموذج للحكامة يعتمد على المسؤولية المتقاسمة، وتعبئة جميع الفاعلين حول المدرسة، والاستدامة وترصيد المكتسبات والتحسين المستمر للجودة. وحينما نتأمل كل هذه الأفكار الكبرى التي جاء بها مشروع بلمختار، نجد أنها لا تختلف في عمقها عن الأفكار التي دافع عنها مجلس عزيمان، وتحديدا ما يتعلق أساسا بتحسين مواصفات المتعلم، وإدماج التكنولوجيا، عبر تعبئة جميع الفاعلين حول المدرسة المغربية. غير أن هذه الأهداف الكبرى للإصلاح تحتاج، حسب المشروع الجديد، إلى جملة من التدابير ذات الأولوية، التي تعتبر من أهم محاورها إعادة الاعتبار لمهن التربية، وإخضاع الأساتذة لتكوين تربوي وعلمي كاف. وهو ما لا تبدو معالمه واضحة لحد الآن، حيث تعرض ويتعرض هؤلاء الأساتذة المعول عليهم لتنزيل أفكار المخطط الإصلاحي للضرب والتنكيل والسحل في الشوارع. حينما يراهن مخطط الإصلاح على دمج التعلم العام بالتكوين المهني وتثمينه من خلال تحديد اكتشاف المهن بالتعليم الابتدائي، وإنشاء المسار المهني بالثانوي الإعدادي، وإرساء الباكالوريا المهنية، فالأمر في حاجة لمن تتوفر فيهم الكفاءة العلمية والتربوية لجعل المتمدرسين يحققون الأهداف. وهم هنا الأساتذة الذين التحقوا بمراكز مهن التربية بعد أن حصلوا على شواهد جامعية عليا تصل لدى البعض منهم إلى «الماستر». شهادات كان يجب أن تشفع لهم اليوم أمام الحكومة كي تستجيب لمطالبهم وتفتح معهم حوار العقل بدلا من حوار الزرواطة.لاوفي شق الكفاءات والتفتح الذاتي، دعا مخطط الإصلاح، الذي جاءت به وزارة بلمختار، إلى إحداث مراكز التفتح للغات والأنشطة الثقافية والفنية والرياضية، مع تشجيع روح المبادرة والمقاولة. ولن تتحقق كل هذه الرهانات إلا بتحسين العرض التربوي، الذي يقترح المشروع الإصلاحي أن يشمل تأهيل المؤسسات التعليمية، والاعتماد على المدارس الشريكة، والنهوض بالتعليم الأولي، الذي يعتبره مجلس عزيمان واحدا من الملفات التي وجب إيلاؤها العناية الضرورية، خصوصا أن المعطيات تؤكد على أن نجاح التلميذ في مساره التعليمي مرتبط بقوة بما توفر له خلال فترة ما قبل التمدرس. لذلك وجب، حسب ما جاءت به لجان المجلس الأعلى المختصة، انخراط الجميع في توفير مؤسسات التعليم الأولي، خصوصا في العالم القروي الذي لا يزال يعاني من فقر كبير في هذا المجال، والاهتمام بالعنصر البشري المتمثل في المدرسين كي نضمن وصول كل هذه الأفكار الكبرى إلى حجرات الدرس. الكثيرون تمنوا ألا يفوت الموسم المدرسي الحالي فرصة تنزيل عدد من الإجراءات التي تتماشى مع المبادئ الكبرى للمخطط الاصلاحي. كما تم إرساء مسلك تكوين أطر الإدارة التربوية لأول مرة بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين؛ واتخاذ مجموعة من التدابير من أجل الارتقاء بمستوى كفاية القراءة لدى التلميذات والتلاميذ، التي تشكل محددا حاسما في نجاح المتعلمات والمتعلمين في مساراتهم الدراسية. وتفعيلا لهذا المشروع الإصلاحي، الذي عرفته منظومة التربية والتكوين، تتحدث وزارة القطاع عن أكثر من 6 ملايين تلميذ التحقوا بفصول الدرس، تفعيلا لشعار مركزي لا يختلف حوله بلمختار مع عزيمان، وهو تعميم التمدرس إلى حدود سن الخامسة عشرة لمواجهة الظاهرة التي تقض الجميع وهي الهدر المدرسي. غير أن هذا لا يجب أن يتم على حساب الجودة، فخمسون تلميذا في حجرة درس واحدة لا يمكن أن نحلم معه بغير إعادة إنتاج ما سبق. هي مشاريع إصلاح جديدة، سواء تلك التي حملها المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي في تقريره التركيبي، أو تلك التي سبق لوزارة التربية الوطنية أن حملته كتدابير ذات الأولوية. وهي مشاريع تأتي على أنقاض الميثاق الوطني للتربية والتكوين، دون أن تفرط في دعاماته الأساسية، وعلى المخطط الاستعجالي لإصلاح منظومة التربية والتكوين، الذي كان قد توقف في منتصف الطريق. لذلك تمنى أهل التربية والتعليم أن تكون طريقا سالكا لكي تستعيد المدرسة المغربية عافيتها، وتكون بالقوة والفعل مدرسة جديدة من أجل مواطن الغد. غير أن أرقام الوزير الصادمة، وهذه المعارك الهامشية، تجعلها مشاريع صعبة التنزيل على أرض الواقع.
نقابة التعليم العالي تفتح ملف أكاديمية الطيران المدني ومدرسة علوم الإعلام
بعد عرض ملفها المطلبي أمام الوزارة الوصية
تداول المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي في 11 من يناير، جملة من القضايا التي تهم الملف المطلبي لعموم الأساتذة الباحثين، وقضايا مؤسسات التعليم العالي، بالإضافة إلى الوضع السياسي والاجتماعي.وسجل المكتب بخصوص الملف المطلبي للأساتذة الباحثين تتبعه عن كثب لكل قضايا هذا الملف، وخاصة ما يتعلق برفع الاستثناء، والتي اجتمع بخصوصها المكتب الوطني في مناسبتين، الأولى في إطار اللجنة الرباعية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر ووزارة المالية والوظيفة العمومية، يوم الخميس 31 دجنبر 2015، حيث كانت فرصة لتحديد منهجية حل هذا الملف، من خلال إعداد ورقة تقنية في الموضوع بتنسيق بين الوظيفة العمومية والموارد البشرية لوزارة التعليم العالي، والثانية كانت مع الوزير. وقد كلف المكتب الوطني ثلاثة أعضاء للمواكبة والسهر على تتبع العملية خلال هذا الأسبوع قبل عرضها على وزارة المالية ووزارة التعليم العالي. وعليه، فإن المكتب الوطني، يخبر السادة الأساتذة بالاجتماع الدوري مع الوزارة الوصية، المزمع عقده خلال الأسبوع المقبل، من أجل تقييم المرحلة سواء على مستوى ملف الترقي من إطار أستاذ مؤهل إلى إطار أستاذ التعليم العالي، ولتهييئ اللقاء المرتقب مع رئيس الحكومة حول الدرجة الاستثنائية والدرجة «د» في إطار أستاذ التعليم العالي، وكذلك حول مناقشة اقتراح النقابة الوطنية للتعليم العالي بخصوص النظام الخاص لتقاعد الأساتذة الباحثين.
كما يدعو المكتب الوطني إلى تسريع وتيرة عمل اللجنة المشتركة الخاصة بالنظام الأساسي للأساتذة الباحثين، ويجدد تأكيده على ضرورة إعفاء تعويضات البحث العلمي من الضريبة على الدخل، كما يدعو الحكومة إلى إعادة النظر في أجور الأساتذة الباحثين. وسجل المكتب بخصوص القضايا الخاصة بما تعرفه بعض مؤسسات التعليم العالي قلقه لوضعية مجموعة من المؤسسات غير التابعة للجامعة، والتي تعرف جملة من المشاكل التي يجب التدخل العاجل لمعالجتها. ويتعلق الأمر بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين التي تعيش وضعية حرجة، أولاً نتيجة الاستفراد بالرأي من طرف الوزارة الوصية وتجاهل التحذيرات المتكررة، التي أرسلتها النقابة الوطنية للتعليم العالي من خلال البيانات المتعددة لمجلس التنسيق القطاعي الخاص بالمراكز، وكذلك تجاهل الوزير للطلبات المتكررة للاجتماع مع المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي. كما يدعو الحكومة إلى التعجيل بإلحاقها بالجامعات تفعيلاً لمبدأ توحيد مؤسسات التعليم العالي ما بعد الباكلوريا كما جاء في المادة 78 من الميثاق والمادة 100 من القانون 01.00؛ وبأكاديمية محمد السادس للطيران المدني، التي تشتغل خارج القانون، حيث لا تطبق المراسيم المنظمة لهذه الأكاديمية (مرسوم 193-09-2 والمرسوم 804-96-2) الخاص بالأساتذة الباحثين المزاولين لمهام التكوين والبحث بهذه الأكاديمية؛ وبمدرسة علوم الإعلام التي تعرف نوعاً من الاحتقان بين الإدارة ومجلس المؤسسة، جراء محاولة إفراغ الاتفاق المبدئي حول تكوين الشعب بهذه المؤسسة من محتواه، ذلك الاتفاق الذي تم بحضور المندوب السامي للتخطيط. وانطلاقا مما سبق، فإن المكتب الوطني يدعو وزير التربية الوطنية ووزير النقل والمندوب السامي للتخطيط إلى التدخل وتحمل مسؤولياتهم من أجل التطبيق الصارم للقانون بهذه المؤسسات، الكفيل وحده بإرجاع جو الثقة بين العاملين داخل تلك المؤسسات، والقطع مع التدبير المزاجي لمؤسسات الدولة. وبخصوص الأوضاع السياسية والاجتماعية، فإن المكتب الوطني، يساند النضال المشروع للمركزيات النقابية، ويطالب الحكومة بفتح حوار حقيقي وجدي مع ممثلي المأجورين من أجل تحقيق إجماع وطني حول نظام التقاعد، يوفق بين حِفظ كرامة الأجير وقدرته الشرائية، والإصلاح الذي أضحى ضرورياً بعد الأزمة التي تعرفها حالياً صناديق التقاعد نتيجة النهب والفساد والتعاطي الرسمي معها باعتبارها صناديق سوداء، بعيداً عن أي مراقبة شعبية ديمقراطية؛ كما يشجب بقوة التدخل العنيف للقوات العمومية ضد الأساتذة المتدربين. ويحذر من سعي الحكومة المغربية إلى تدمير القطاعات العمومية الحيوية، كما يستهجن النفاق الرسمي للمسؤولين الذين يتذرعون بفض تظاهرة غير مرخصة، في حين أنهم يصرون على رفض ترخيص أي تظاهرة سلمية صادقة تعبر عن مشكل مجتمعي حقيقي. ويدعو الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها واعتماد الحوار لحل مشكل أساتذة المستقبل، خاصة وأن المدرسة المغربية في حاجة ماسة إليهم وفي زمن نطمح فيه إلى إصلاح تعليم نعتبره مريضاً بكل المقاييس. لذلك يطالب الحكومة المغربية بامتلاك الشجاعة السياسية والعمل على ترشيد الحياة العامة ومحاربة كل مظاهر الفساد، بإلغاء مساهمة الدولة في معاشات البرلمانيين والوزراء غير المستحقة، والتي يعتبرها ريعاً ليس إلا، يهدف إلى إرشاء النخب وإفساد العملية النيابية من أجل عرقلة إرساء الديمقراطية الحقيقية المتعارف عليها عالميا. كما يطالب بالإسراع بإنشاء مؤسسات للتعليم العالي العمومي في مدن الصحراء المغربية وتمكينها من جامعة عمومية باعتبارها رافعة أساسية للتنمية الجهوية بها ودعامة أساسية للوحدة الوطنية. كما يحذر من مغبة استنبات مؤسسات بالأداء مهما كان المسوغ، لما لذلك من وخيم الأثر على مسألة الوحدة الترابية للمملكة، حيث من شأنه أن يعيدنا إلى التدبير الأحادي الريعي لقضية الوحدة الترابية، والذي ساهم في تعطيل الطي النهائي للنزاع في المنطقة.
الإدريسي: علينا إعداد مخطط استراتيجي استباقي لتدبير العرض والطلب
تعد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول بوجدة من أكبر المؤسسات الجامعية من حيث عدد الطلبة، حيث يفوق عددهم 18 ألف طالب، وهو أزيد من ثلث مجموع طلبة الجامعة، وتضاعف هذا العدد من سنة إلى أخرى يحتاج إلى مجهودات كبيرة تبذل لتطويرها على جميع المستويات، البنيوي والإداري والمالي والبيداغوجي والبحث العلمي. ولتقريب القارئ من وضع هذه المؤسسة الجامعية وآفاقها، ارتأت «المساء» محاورة عبد الله الإدريسي العميد الجديد للكلية.
– كيف تلقيت قرار تعيينك على رأس كلية العلوم القانونية والاقتصادية بوجدة؟
إذ أسجل رمزية هذا التاريخ، أتلقى هذه الثقة باعتزاز كبير نظرا للصدى الإيجابي الذي خلفته لدى معظم مكونات جامعة محمد الأول بوجدة، ولقيت كل الدعم والتبريك والمساندة من قبل النسيج المكون لمحيطها الاجتماعي والشعبي، الذي كنت متفاعلا معه طيلة حياتي الجامعية، وهو ما يشكل عندي حافزا معنويا ومشجعا على المبادرة لتنفيذ المخطط الاستراتيجي الذي تقدمت به لتطوير هذه المؤسسة، التي ما زالت في ريعان شبابها، إذ لا يتعدى عمرها 36 سنة.
وهل أنتم واعون بالوضع الصعب لأكبر مؤسسة جامعية بوجدة؟
بالتأكيد. فالمؤسسة تعاني من اختلالات وعوائق على مستوى التعليم والبحث العلمي، وعلى مستوى التدبير البيداغوجي والإداري والمالي، وعلى مستوى التأطير والوضع العام للبنيات التحتية والتجهيزات والمرافق الصحية والنظافة، لذا فإننا لن نتوانى عن مباشرة الإصلاحات اللازمة مهما كانت التضحيات. واعتبارا للمتغيرات البيداغوجية وفي البرامج التربوية على الصعيد الوطني، وما لها من وقع وتأثير على مستوى المؤسسة بصفة خاصة، حيث تستوجب إعادة تكييف مهامها وتخصصاتها ومهام بنياتها الإدارية والبيداغوجية مع التوجهات العامة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، الرامية إلى التكيف بصفة مستمرة، لتلبية متطلبات المجتمع المتزايدة وتنمية الاقتصاد القائم على المعرفة، سنبادر إلى اعتماد مقاربة تشاركية داخلية وخارجية، بتنسيق وتشاور مع المؤسسات الجامعية لمعالجة التحديات الكبرى في مجالات التكوين والبحث العلمي والحكامة وتحسين الجودة… إلخ. وفي هذا السياق، ينبغي على الجامعة، في إطار المخطط الجهوي، وكلية الحقوق في إطار المشروع التنموي، أن تقوما بتعاون مع شركائهما، بأدوارهما الطلائعية لمواكبة الحركية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها الجهة، منذ انطلاق المبادرة الملكية لتنميتها في 18 مارس 2003. وينبغي أن تكون كلية الحقوق متعاونة من أجل مؤازرة محيطها في الابتكار والتجديد بتقديم خبرتها المعرفية، وبتكوين الأطر التربوية والإدارية والتقنية، والأخصائيين الاجتماعيين المؤهلين لمواجهة التحديات التي تواجهها.
– ما هو مشروعكم التنموي الذي تحدثتم عنه؟
إن ما تزخر به الجهة من مقومات ومؤهلات طبيعية وبشرية واستراتيجية، يؤهل ساكنتها لاستحقاق كلية حقوق عصرية كاملة المرافق ونظيفة، متوفرة على الخبرة العلمية العالية وعلى بيئة عمل جذابة.وتشير كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية إلى أن العرض والطلب على التعليم العالي سيعرف توسعا هاما في المستقبل. وينبغي على كلية الحقوق، في إطار جامعة محمد الأول، أن تعمل على إعداد وتطبيق مخطط استراتيجي توقعي واستباقي، مبني على تدبير العرض والطلب، أي تحضير العرض لتلبية الطلب المتزايد على التعليم العالي في الميدان الحقوقي والاجتماعي والاقتصادي، وتدبير مظاهره التسويقية والتواصلية وتدبير الأعداد قياسا إلى القدرة الاستيعابية، مع حسبان التنافسية، كما تقتضي إكراهات العولمة التعاون مع الجامعات الوطنية الأخرى لخلق أقطاب لكليات الحقوق وشبكات قوية في أفق تقوية وتمتين الشراكات مع الجامعات الدولية.وفي مواجهة تزايد أعداد المسجلين الجدد، التي تتزايد سنويا بما يقارب 2000 طالب أو طالبة، حيث بلغ عدد المسجلين هذه السنة ما يساوي 17 ألفا و22 ألف تسجيل بيداغوجي، في ظل تردي الأوضاع الفكرية وقلة المردودية الداخلية والخارجية وضعف التأطير والتوجيه، ينبغي علينا التوجه إلى اتخاذ تدابير من شأنها تحسين القدرة الاستيعابية وتدبير الإعداد والعمل على توسيع عرض التكوينات بإحداث تكوينات موضوعاتية ومتنوعة، ومستجيبة لحاجيات المحيط السوسيومهني.وفي هذا الاطار، نتوجه بالخطاب إلى الفاعلين في هذا المحيط للعناية بموضوع الشراكة مع كلية الحقوق، ومع الجامعة باعتبارها قائدة هذه الشراكة.
– لكن كيف يمكن لكم تحقيق مشروع الكلية داخل الجامعة؟
على ذكر الجامعة التي تشكل الشخص المعنوي، الذي تقع عليه جل المسؤوليات القانونية، فإننا سنعمل في إطار احترام هذه الصلاحيات على تعزيز الدور التنسيقي للكلية. وهكذا ينبغي على كلية الحقوق في إطار مهامها أن تعمل في تناسق وانسجام وبمنهجية اندماجية مع رئاسة الجامعة، على توحيد الجهود والتنسيق مع باقي المؤسسات الجامعية لتكون قاطرة ذلك الدور الاستراتيجي للجهة الشرقية في ميدان البحث التنموي ذي الصلة ببرامجها وتخصصاتها، وتعمل على ترقيته وتطويره ليشمل التعاون في نفس الميدان مع النسيج الجامعي المغاربي والأرو-متوسطي ذي الصلة بنفس التخصصات والاهتمامات العلمية إن شاء الله وبعونه. وإذا كان هذا التطلع يكتسي أهمية بالغة، ويستمد مشروعيته من تطلع كل الباحثين، والفاعلين في الجهة، فإن نقله من مستوى الخطاب إلى الممارسة الميدانية وتفعيله على أرض الواقع، يقتضي تعبئة الموارد البشرية التربوية والادارية لمواكبة مخطط تنمية المجال الجهوي، واستثمار التأهيل الذي طرأ – بفعل العناية الملكية السامية- في العشرية الأخيرة على البنيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الجهوية لمواجهة التحديات المرتقبة.
– وما هي الآليات التي ستعتمدونها لتحقيق مشروعكم؟
من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل، ينبغي أن نفكر جميعا وبجد في سبل تقوية ميزانية المؤسسة، كما ينبغي على الجامعة أن تعمل بتنسيق مع الوزارة الوصية، على ابتكار سبل لتفعيل البند القانوني المكرس للتعويضات التكميلية لفائدة الأساتذة الذين يقومون بمهام البحث الميداني. وصلة بتسهيل مهام الباحثين، سنعمل بدون كلل- وقد بادرنا- على تطوير وحماية وصيانة الرصيد الوثائقي لخزانة كلية الحقوق، وعلى دعم منتجاتهم، وعلى تمويل أعمال الصيانة والتجهيز.
ولا يمكن تخفيف العجز الحاصل في ميزانية الكلية إلا بإعانات استثنائية وإضافية، في انتظار إعادة النظر في مصادر تمويل المؤسسة وتنويعها والبحث عن أساليب للشراكة والتعاقد لجلب مداخيل إضافية، تمشيا مع مقاصد مشروعنا الاستراتيجي لتمويل التكوين والبحث العلمي، الذي تقوم به الوحدات وفرق ومجموعات البحث بالمؤسسة. ولا شك أن هذه النقطة تعتبر من التحديات والمخاطر التي تواجه المؤسسة، فضلا عن أن عدم توفر المؤسسة على موارد خاصة يهددها بالجمود، في ظل تزايد التنافس حول العرض المهني والبحث التطبيقي، وتحت ضغط عدم كفاية البنيات والفضاءات الخاصة بالاستقبال؛ مع ارتفاع الأعداد وتلاشي التجهيزات، وتحديات تنظيم المراقبة المستمرة؛ ونقص الموارد البشرية الإدارية والتربوية؛ وفي ظل ندرة الأطر التربوية ذات الخبرة في البحث الميداني الحركي أو التدخلي، هذا مع إكراهات النظام البيداغوجي الحالي، الذي لا يترك وقتا لمباشرة التتبع وتقييم التكوينات الممهننة، الأمر الذي يقلل من مردوديتها الخارجية. كما أن عدم تخصيص خلية إدارية لتتبع التداريب الميدانية، وعدم توفر حافلة خاصة بتنظيم الزيارات والرحلات الميدانية، وفتح العديد من المسالك الأساسية والمهنية، وكذا بالماستر، دون مراعاة الأولويات ذات الصلة بعالم الشغل، لا ييسر تحقيق الجودة المثلى.وسنعمل في تناغم، وجنبا إلى جنب، مع رئاسة الجامعة لتحويل عوامل ضعف كلية الحقوق إلى عوامل قوة وفرص تساهم في تطويرها، وذلك بالعمل على إنجاز برنامج طموح يهدف إلى تخويل المؤسسة هوية وخصوصية باعتبارها فضاء للتكوين والخبرة والبحث العلمي، وندعو جميع مكوناتها للتآزر والائتلاف من أجل إنتاج وتقديم خدمات علمية عصرية ومبتكرة. وينبغي تطوير الكلية بجهود الجميع بحيث يجب أن تتميز عن غيرها، وتسجل حضورها على الساحة الجامعية الوطنية، وينبغي أن ترتبط بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي وتنفتح على العالم الخارجي، وتكون في مستوى تطلعات الفاعلين بالجهة.
– هل توفرت لكم الضمانات الكافية لإنجاح مشروعكم هذا في تطوير الكلية؟
إن منظورنا الشامل لتنمية الكلية يتغذى من كل المرتكزات الوطنية والجهوية، التي تغذي منظورنا الاستراتيجي، ونريد ترجمتها على أرض الواقع بحزم، بعيدا عن الخطابات النظرية، وهي في نظرنا تمتاز بالواقعية والمرونة والدينامية، غرضها مواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا وللجهة الشرقية. وينبني مشروعنا أيضا على صياغة التدخلات حسب الأولويات، ويعبر عن الرغبة في رسملة تطبيق مشروع تطوير الجامعة الذي أعده رئيس الجامعة، ومخطط عمل الوزارة واستراتيجيات البحث العلمي والابتكار في أفق 2025، من أجل إعداد الكلية وتأهيلها للاضطلاع بمهامها بفعالية ونجاعة والمساهمة في تحقيق استقلالية الجامعة، واستكمال
فدرالية جمعيات آباء التلاميذ تتضامن مع الأساتذة المتدربين
أعلنت الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ عن تضامنها مع الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين، وطالبت الحكومة بالتراجع عن مرسومي فصل التكوين عن التوظيف.جاء هذا في بيان صادر عن المكتب الوطني للفيدرالية، مؤرخ بالرباط في 11 يناير 2016، بناء على تتبع الفيدرالية لتطورات قضية الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين وتبعاتها على حاضر ومستقبل المدرسة العمومية وعلى إثر التدخل الأمني الأخير الذي تعرضوا له.
الفيدرالية الوطنية المغربية عقدت لقاء، يوم الإثنين 11 يناير 2016، مع التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، بطلب من هذه الأخيرة، بمقر الاتحاد المغربي للشغل بحي المحيط بالرباط، تم خلاله التطرق إلى مختلف أوجه الأزمة وتم تدارس آثارها السلبية وسبل تجاوزها.وأعربت الفيدرالية الوطنية المغربية، خلال اللقاء، عن قلقها من تبعات هذه الأزمة والتهديد الذي تشكله على سير الدراسة في المؤسسات التعليمية. كما عبرت عن تفهمها وحرصها على توفير شروط الاستقرار النفسي والاجتماعي للأساتذة المتدربين وضمان ظروف التكوين الجيد لأساتذة الغد الذين جعلتهم الرؤية الاستراتيجية رافعة من رافعات إصلاح منظومة التربية والتكوين. الفيدرالية الوطنية المغربية، حسب البيان الذي توصلت «المساء» بنسخة منه، وقفت على حيثيات وتبعات المرسوم الخاص بفصل التكوين عن التوظيف وتناقضه الصارخ مع حاجيات المدرسة العمومية التي تتسم بالخصاص المهول في الموارد البشرية ونتائجه السلبية كالاكتظاظ والهدر المدرسي والعنف المدرسي، والذي يخدم جهات تسعى إلى تصفية المدرسة العمومية، حسب تعبير البيان، وتعمل على خصخصة قطاع التعليم متجاهلة القدرة الشرائية المتدنية للسواد الأعظم للمغاربة وهشاشة الحالة الثقافية والتعليمية للبلاد التي تتميز بارتفاع نسبة الأمية.وأعلنت الفيدرالية الوطنية المغربية عن تضامنها مع الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين وأسرهم في قضيتهم العادلة، وشجبها لقرار استعمال العنف ضد المحتجين سلميا من أجل إلغاء مرسومي الحكومة.وطالبت الحكومة بالتراجع عن مرسومي فصل التكوين عن التوظيف والعمل على تعبئة موارد مالية إضافية لسد الخصاص المهول في الموارد البشرية. كما عبرت عن رفضها التام لإهمال المدرسة العمومية والتوجه نحو خصخصة قطاع التعليم، داعية في نفس الوقت الحكومة إلى فتح حوار عاجل مع الأساتذة المتدربين والابتعاد بقضيتهم عن الحسابات السياسوية.
ماذا بعد العنف في حق أساتذة الغد
بالقدر الذي أتشبث فيه بموقفي الرافض للقمع والعنف تجاه المخلوقات عموما -فبالأحرى عندما يتعلق الأمر بالإنسان وبمربي الأجيال- أبدي تعاطفي مع أساتذة الغد. ويحضرني السؤال مجددا حول المدخل القانوني لمعركتهم باعتباره الضامن الحقيقي لمشروعية أي فعل نضالي في سياق ثقافة احتجاجية سائدة لا تريد فيها معظم الإطارات النقابية والفعاليات الاجتماعية أن تميز بين مفاهيم تَعَتّقَت وتَطَحْلَبَت بفعل الاستعمال والاجترار من قبيل: الحق والواجب والمكتسب.. وبالقدر الذي أعتبر أن الدفوعات التي سوغت تمرير المرسومين في توقيت «خِلْسَةَ المُخْتَلِسِ»، لم يخرج فيه المُشَرِّعُ الخَفِيُ عن «فقه تمريرات الوقت الميت» على غرار ما كان يقع سابقا، أتصور، باختصار، أن فكرة الفصل بين التكوين والتوظيف مسألة جوهرية ومتقدمة، لكنها في واقعنا بمثابة اجتهاد كسول، لأننا لم نصل بعد إلى مرحلة استتباب مسؤول لثقافة الأجير، وتنزيل حقيقي لمدونة شغل حقيقية تجعل رب العمل والأجير سواسية أمام القانون.. لكن قبل هذا وذاك، يتطلب الأمر إرساء مناخ نقابي وسياسي تسودهما الثقة وترجيح مصلحة الوطن قبل الناخب، وقبل مصلحة الحزب والأيديولوجيا. وبالقدر الذي أقتنع بأن الحكومة تقدم خدمات «جليلة» وهي تحاول الحسم في ملفات شائكة، أتصور أن السيد رئيس الحكومة مطالب بأن يشرح للناس ما الذي يقع بالفعل.. وأعرف أيضا أن مشاعر الكراهية والحقد لدى من ذاقوا حلاوة تَسَوُّر محاريب السلطة والامتيازات من قبل لن تتبدل، وأن استراتيجية من هو مستعد لذلك من أجل استبدال تحكم بتحكم آخر لن تتغير، وهذا أمر يحتاج إلى إنسان ومقامات.. لكن إلى ذلك الحين، أدعو القراء إلى طرح التساؤلات التالية: من المستفيد من تعنيف أساتذة الغد؟ وهل للتوقيت دلالة؟ لماذا التدخل القمعي ضد طلبة المراكز كان بالضبط في مدن معينة يُسيطر فيها الحزب الحاكم؟ وهل هناك علاقة بين ما حدث -بالنظر إليه في متوالية أحداث محبوكة زمنيا ودلاليا- وبين ما يقع في مصر، خصوصا ونحن على مسافة أيام عن 25 يناير؟ هل اقتنع الإنسان العربي بأن الربيع العربي مات، ويجب أن يدفن؟ ألا يساهم استثمار لوحات تعنيف أساتذة الغد -إذا انضاف إليها ملف التقاعد- في «تكريه» (من الكراهية) مواطن المدينة «في» التصويت على الحكومة الحالية التي تُختزل في التداول الفايسبوكي في اسم رئيسها وتياره الإسلامي؟ ولماذا هذا الاختزال؟ هل يُتابع إنسان البادية المغلوب على أمره ما وقع لأساتذة الغد، خصوصا أنه غير معني لا بتقاعد ولا بمعاشات البرلمانيين أو غيرها من أولويات سكان الحواضر؟ بمعنى أوضح، من المستفيد من تقليص حجم الكتلة الناخبة في المدن، مع استحضار من نجح في حرث حقول البوادي في الانتخابات الأخيرة؟ ومع تقديرنا لكلفة التنديد، ما هي الإطارات النقابية والحقوقية والجمعوية التي أصدرت بيانات تنديد في الموضوع؟ وهل من مواقف نقابية متقدمة؟ ما هي القيادات المُناضلة التي حافظت على مواقفها الحقيقية المُدِينة لما وقع في السر والعلن؟ وأين الحاضر منها وأين المختفي؟ وهل الشغيلة قادرة على خوض الأشكال النضالية المشروعة والمطلوبة في حالة إذا ما دعتها النقابات إلى ذلك؟ ما هي المنابر الإعلامية التي رافقت الحدث بمِهَنِية وحللته باحترافية؟ هل استطاع المواكبون لمشاهد العنف -خصوصا من أطر التربية والتكوين وهم يتابعون الحدث- أن ينخرطوا بالشكل النقدي المطلوب الذي من شأنه أن يكشف الغطاء ويستقرئ الحدث ويستشف العبر، بعيدا عن العاطفة رغم أنها شعور ضروري ومطلوب؟ ما مستوى النقاش المستعمل على صفحات الفايسبوك إزاء القضية؟ كيف كانت لغة «أساتذة الغد»، و»أصحاب الفكر والثقافة» ومعجمهم اللفظي وتعليقاتهم في الفضاء الأزرق وهم يتابعون الأحداث البئيسة؟ ما الذي يُدَبِرُه أيضا مهندسو الذهنيات بعد هذا التدخل اللا إنساني قُبَيْلَ الانتخابات التشريعية؟ ما العائق الذي يمنع توحد القوى الحية في هذه البلاد وبحثها عن المساحة المشتركة والتصدي لأعداء بناء الإنسان؟ وماذا بعد هذا الصخب والسباب وتبادل الشتائم والاتهامات؟
ماذا بعد الكلام؟ أخشى أن يكون الكلام.. وبه وجب الإعلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.