فجر عباس الفاسي، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، قنبلة من العيار الثقيل، حينما اعتبر، خلال لقاء المصالحة بين حميد شباط، الأمين العام الحالي للحزب، وعبد الواحد الفاسي، زعيم تيار «بلا هوادة»، أول أمس الإثنين بالرباط، أن جميع الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب الحديث كانت مزورة باستثناء استحقاقين: الأول في عهد حكومة إدريس جطو2007، حيث احتل خلالها حزب الاستقلال المرتبة الأولى. والثاني بمناسبة انتخابات 2011 التي أشرف عليها الحزب. الفاسي الذي اختار التواري عن الأنظار منذ مغادرته الوزارة الأولى، لم يتوان عن التعبير عن حزنه على ما آل إليه الحزب بعد مغادرته الأمانة العامة لحزب علال الفاسي، وقال بنبرة حزينة: «ظللت طيلة الثلاث سنوات الأخيرة حزينا.. تركت الحزب موحدا وبدون تيارات، وصار منشقا.. ونحمد الله الذي أذهب عنا الحزن». قبل أن يضيف: «الآن انتهى الخلاف، ولن نتكلم عن أسبابه، بل يجب أن نتكلم عن عواقبه، وتأثيره على موقعنا في الساحة السياسية، ونمارس النقد الذاتي، فالنقد الذاتي فضيلة وليس ذما، لا بد أن نراجع أنفسنا ونستخلص الدرس، ونبحث عن الخطأ وأسبابه ومعرفة كيفية معالجته». وأكد الفاسي على ضرورة تجاوز الماضي والتوجه نحو المستقبل. فيما وجه امحمد بوستة، الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، خلال لقاء المصالحة، انتقادا حادا للقيادة الحالية للحزب، معتبرا أن قرار الخروج من حكومة عبد الإله بنكيران كان خطأ. وقال مخاطبا شباط: «وجب على الحزب أن يكون في محل اتخاذ القرار لإصلاح الوطن ومواجهة المستقبل، وكان خطأ خروجه من أماكن اتخاذ القرار. لقد أخطأتم بالخروج من الحكومة، ومن الممكن العودة ب 10 مقاعد في المستقبل، لكن بالجهاد». وطالب بضرورة توحيد الرؤية مع الملك، كما نادت بذلك وثيقة الاستقلال. الزعيم الاستقلالي بدا منتشيا وهو يعلن دفن ماضي الخلافات بين شباط ونجل مؤسس الحزب وتحقيق المصالحة، معتبرا أن الجميع ارتكب أخطاء، وأنه ينبغي نسيان بعض التصريحات والمواقف، والنظر إلى المستقبل والدفاع عن الإسلام والتخلي عن اللغة الهدامة. إلى ذلك، بدا لافتا، رغم غياب بعض رموز تيار «بلا هوادة»، وفي مقدمتهم امحمد الخليفة، أن الاستقلاليين نجحوا، خلال الاحتفال بذكرى 11 يناير، في تحقيق المصالحة بعد 3 سنوات من الخلافات، حيث اعتبر شباط في هذا الصدد أن «التاريخ سيجل بمداد الفخر هذه المناسبة الجليلة، مناسبة 11 يناير 2016، التي اختار فيها الاستقلاليون توقيع شهادة ميلاد جديدة للحزب، وكتابة صفحة مضيئة في تاريخ سجله الحديث». شباط اعتبر، خلال تدخله، أنه ب»نبل المقاصد ونقاء السريرة، اللذين يتمتع بهما كل الاستقلاليين والاستقلاليات لن يستطيع أي خلاف، مهما بلغت حدته، أن يعمر طويلا في هذا الفضاء النقي الشفاف»، مشيرا إلى أن حزب الاستقلال مدرسة عريقة في النقد الذاتي البناء، وتتوفر على رصيد غني من الأعراف في النقد الذاتي والحوار الهادف، وأنها فضاء رحب للتفتح والإبداع والتعايش والتسامح. من جهة أخرى، لم يفوت شباط الفرصة، خلال لقاء المصالحة، في توجيه رسائل إلى قيادتي حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، إذ قال: «ليس في مقدور أي كان، مهما كان دهاؤه، أن يغرر بحزب الاستقلال، وليس في متناول أي سلطة كيفما كانت أن تفعل ذلك، بعد أن حسم خياراته بصفة نهائية، وقرر أن يكون دائما في صف الشعب، وإلى جانبه وضد كل الأمزجة التحكمية»، قبل أن يبدي استعداده للتعاون مع الذين يشتركون القناعات نفسها مع الاستقلال. إلى ذلك، حرص عبد الواحد الفاسي، زعيم تيار «بلا هوادة»، على توجيه رسائله إلى من يهمه الأمر، وقال: «لقد عدنا إلى الاشتغال مع مؤسسات الحزب، ولن نسمح بأن يصبح حزبنا رقما هامشيا عاديا في معادلة سياسية، أريد لها أن تكون رديئة»، مشيرا إلى أن الخلاف الذي وقع والأخطاء التي ارتكبت كانا اختبارين لمناعة الحزب وصلابته ومدى قدرته على الحفاظ على وحدته. وتابع الفاسي توجيه رسائله، معتبرا أن «المرحلة الدقيقة والمفصلية، التي يعيشها الحزب، تلزمنا أن نكون مسلحين بالشجاعة لتصحيح مسارنا».