يعد الإسلام من الديانات القليلة التي ترتبط فيها الحركات الجسمانية للصلاة مع التدريب الروحي والنفسي، فالصلاة تدرّب الإنسان على التأمل والتفكر أثناء قيامه بحركات جسدية معينة، فتحول توتره الذهني إلى توتر عضلي، فيستفيد المصلي على المستويين الجسدي والنفسي. وأوضح الباحثون في مجال الرياضات الروحية أن الصلاة تعتبر تمرينا بدنيا معتدلا لكل عضلة من عضلات الجسم، حيث تنقبض بعض العضلات بطول متساوٍ، وتنقبض أخرى بنفس التوتر، وتزيد الطاقة اللازمة لعمليات أيض العضلات خلال تأدية الصلاة، مما يؤدي إلى نقص في مستويات الأوكسجين والعناصر الغذائية في العضلات، ويؤدي هذا النقص بدوره إلى توسع الأوعية الدموية، مما يسمح للدم بالتدفق بسهولة عائدا إلى القلب، فيعمل هذا العبء المتزايد مؤقتا على القلب على تقوية العضلة القلبية وتحسين التدفق الدموي فيها. وقد أثبتت دراسات قامت بها مؤسسة البحوث الإسلامية الأمريكية أن الأشخاص الذين يحافظون على صلوات الفرض والنافلة، سواء من الرجال أو النساء، يتمتعون بكثافة عظمية أعلى ويكونون أقل عرضة لهشاشة العظام عند تقدمهم في السن، وينعمون بصحة أفضل في مراحل الشيخوخة، ويقل خطر وفاتهم من الأمراض بحوالي النصف. وقد خلصت الدراسات إلى أن الصلاة وما تحتويه من الركوع والسجود تقوي عضلات الظهر وتلين تحركات فقرات السلسلة الظهرية, خصوصا إذا التزم الإنسان بالصلاة في سن مبكرة، وتترتب عن ذلك مناعة ضد الأمراض التي تنتج عن ضعف في العضلات التي تجاور العمود الفقري والتي تنشأ من ضعفها أنواع من الأمراض العصبية وتسبب الآلام الشديدة والتشنج في العضلات. كما أن حركات الصلاة تؤدي إلى أقصى تنشيط للسحب الدموي المستمر من الأقدام وحتى مدخل القلب، وإلى تحريك جميع عضلات الجسم القابضة والباسطة وتحريك جميع مفاصله أيضاً حتى المفاصل الفقرية على مدار (27 ركعة) في الصلوات المفروضة والسنن المؤكدة وترتفع إلى (36 ركعة) بالسنن والنوافل الأخرى، مما يؤدي إلى تنشيط حركة البدن. كما أن تأدية حركات الصلاة وما يرافقها من اطمئنان نفسي وصفاء ذهني تعد فرصة ثمينة لتحسين وظائف الدماغ عدة مرات في اليوم، بحيث يستطيع بعدها الإنسان أن يؤدي عمله بشكل أفضل وفعالية أكثر، ويؤدي أيضا إلى تقوية جذر وعضلات الشرايين الدماغية والمحافظة على مرونتها وبالتالي مقاومتها للتمزق والنزيف. كما أن ترويض الجسم على التأقلم مع الوضعيات المفاجئة يساعد على حمايته من التعرض لبعض الأعراض التي تصيب الكثير من الناس كالدوار وزوغان البصر. وبالإضافة إلى الاطمئنان النفسي والاسترخاء الفكري فإن الرياضة الناتجة عن حركات الصلاة تقي الإنسان من الإصابة بالانزلاق الغضروفي وتقوس العمود الفقري وتيبس المفاصل. كما تحمي الجسم من الخمول والترهل والضعف والعجز.