في الوقت الذي تقدم فيه الجزائر دعمها المادي والمعنوي للانفصاليين في المغرب ونزلت استخباراتها العسكرية بكل ثقلها في قضية أمينتو حيدر، أصدرت مذكرة قضائية بتوقيف فرحات مهني، زعيم حركة من أجل الاستقلال الذاتي بمنطقة القبائل بمجرد دخوله التراب الجزائري في ازدواجية وتناقض واضحين يظهران بجلاء سياسة الكيل بمكيالين وكذا الكره الدفين للمغرب ولوحدته الترابية. وقد أصدرت السلطات الجزائرية مذكرة التوقيف المذكورة على خلفية تصريحات انفصالية منسوبة إلى زعيم الحركة في تجمع أشرف على تنشيطه بعاصمة القبائل تيزي أوزو قبل سنة وتضمن مطالب باسم سكان المنطقة، البالغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، تطالب بمنح المنطقة حكما ذاتيا. ولم يفلح فرحات مهني في الإفلات من ملاحقة المخابرات الجزائرية له ومنعه من اللقاء بوالدته المريضة داخل التراب التونسي، حيث سبقته المخابرات الجزائرية وقامت بالضغط على السلطات التونسية، التي منعت قبل أسبوع الزعيم الانفصالي من ولوج التراب التونسي وأرجعته على متن الطائرة التي أقلته من العاصمة الفرنسية. وكان فرحات قد وجه مراسلات إلى رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمان وإلى الهيئات الدولية للمطالبة بمنح منطقة القبائل الاستقلال الذاتي. الجزائر التي تتعاطف إلى حد كبير مع الانفصاليين في المغرب وتدعم تحركاتهم التي تختبئ خلف يافطة حقوق الإنسان، تقمع مطالبة «القبايليين» بالحكم الذاتي في منطقتهم، حيث اعتبرت دعوة فرحات مهني أمام لجان الأممالمتحدة شهر ماي الماضي إلى الضغط على الجزائر من أجل فرض الحكم الذاتي في منطقة القبائل بمثابة الخيانة العظمى للوطن التي لا تغتفر، علما بأن النظام نفسه لا يدخر جهدا في مهاجمة المغرب ومعاكسة وحدته الترابية، رافعا باستمرار لافتة «حق تقرير مصير الشعب الصحراوي»، وقد جعل مؤخرا من أمينتو حيدر امرأة البطولة والكفاح ومناضلة حقوقية، وتم تكريمها رسميا في خطاب لوزير الدولة الجزائري، في حين أهمل هذا النظام جميلة بوحريد، التي كانت من صناع الثورة الجزائرية، والتي أصبحت وضعيتها الصحية والاجتماعية جد حرجة، وكانت الرسالتان الأخيرتان، اللتان بعثتهما إلى رئيس الجمهورية بوتفليقة والشعب الجزائري أشبه بالصفعة المدوية في وجه الجميع.