بعد شهور من الانتظار، كشفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، أخيرا، النقاب عن خطتها الاستراتيجية الأولى لإصلاح منظومة التعليم العالي. الخطة الجديدة ترتكز، وفق ما أعلنت عنه الوزارة، على ثلاثة مرتكزات، أولها تفعيل التعليمات المتضمنة في خطب الملك، المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي؛ وثانيها، تنزيل رافعات الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي 2015 – 2030؛ وثالثها، مواكبة التحدّيات المطروحة على الصعيدين الوطني والدولي، ورفع مجموعة من التحديات التي تعرفها منظومة التعليم العالي، بُغية تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص وجودة التعليم. ورغم أن الوزارة وضعت، في إطار الخطة، 44 مشروعا لتنزيل هذه المرتكزات، فإنه يبدو أن مُعدِّي الاستراتيجية الجديدة غرقوا في الخطوط العريضة والشعارات الفضفاضة، ولم يفكروا في خطوات عملية وواضحة للإصلاح. لقد ظلت جميع خطط إصلاح التعليم في بلادنا تصطدم بالحائط طيلة العقود الماضية؛ وعندما تم خلق المجلس الأعلى للتعليم الذي تكفل بتشريح واقع هذا القطاع الحساس، استبشر المغاربة خيرا، معتقدين أن المسؤولين في بلادنا توصلوا أخيرا إلى الوصفة السحرية لإنقاذ تعليمنا، لكن مضامين الاستراتيجية التي جاءت بها وزارة التعليم العالي الآن أعادتنا سنوات ضوئية إلى الوراء، وأثبتت بالملموس أن ما ينقصنا في المغرب ليس خططَ واستراتيجياتِ الإصلاح، وإنما الرغبة أصلا في الإصلاح.