قارئ عزيز كتب يسألني: هل قدرنا أن نعاني كل سنة من مفرقعات عاشوراء؟ وهل من الضروري أن نزرع الرعب في الآخرين كي نعبر عن احتفالاتنا؟ وهل طقوس عاشوراء لا تكتمل إلا بإضرام النار في العجلات وسط الشوارع والأزقة؟ انتهت الأسئلة/اللغم.. والذي أعرفه أن متعة عاشوراء في شراء لعب الأطفال، وفي تجمع العائلة… ولكن المتعة الحقيقية أصبح يختصرها الشبان والأطفال في شراء المفرقعات باختلاف أسمائها.. فما بين زيدان وميسي وداعش والبغدادي.. تختلف خطورة هذه "القنابل".. ووصل بها الأمر حد إحداث عاهة مستديمة بالبعض وإجهاض نساء حوامل.. وزيارة قصيرة لدرب عمر تغنيك عن السؤال، بالرغم من المراقبة الأمنية التي تمنع بيع هذه المفرقعات.. في عاشوراء، كان الاحتفال رائعا جدا، فقبل سنوات من الآن، كانت النساء يحملن لبنادر والطعارج ويغنين دون قيد مواويل مأثورة.. "عيشوري، عيشوري، عليك دليت شعوري".. "هادا عيشور ما علينا لحكام أللا.. عيد الميلود كيحكمو الرجال أللا".. وما بين الدجاج والحلوى تختلف مظاهر الاحتفال عند الأسر المغربية.. وبعد ليال جميلة يجتمع فيها الأهل والأحباب، يتجه البعض إلى المقابر من أجل الزيارة، والترحم على الأهل.. وتكون أيام عاشوراء بمثابة عيد سعيد.. نكمله بماء زمزم.. الآن تغير الوضع، أصبحت الفتيات مرغمات على البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى المدرسة خوفا من شغب بعض الشبان، الذين يلجأ البعض منهم إلى ملء (نفاخات) بالماء والزعفران، ورش الحافلات وكل المارين.. وأصبحت المتفجرات تخيف حتى الكبار.. صواريخ وقنابل عنقودية، وشهب اصطناعية.. وتطورت معها لعب الأطفال بشكل كبير.. في وقت كنا لا نعرف فيه سوى المونيكة وكابوس ديال الما والفرشي… ولتوديع بابا عيشور، كان يتم وضع عظم من أضحية العيد وتلفيفه في ثوب أبيض، ووضعه في علبة سكر، ثم الطواف به في الشارع من أجل جمع فلوس الدفن، إذ تردد فتيات صغيرات كلمة "عطيني فلوس بابا عيشور…" وينتهي الأمر مثل أية حكاية جميلة تغيرت الآن بعض طقوسها.. وناب السعاية عن الصغار وأصبحوا يطلبون فلوس لعواشر.. في عاشوراء.. ننتقد المفرقعات، ننتقد كل الألعاب النارية التي تشكل خطرا على الصغار والكبار، نرغي ونزبد في أحايين كثيرة.. ونطالب في شكايات استنكار بمنعها، ولكن البعض منا يجد نفسه أول من يقتنيها إرضاء لأطفاله الصغار.. في حين يتحول حتى الكبار إلى أطفال صغار، صواريخ وطعارج وغناء دون استئذان.. يخ منو وعيني فيه..