كشف مصدر مطلع أن دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى المساواة بين المرأة والرجل في الإرث أثارت حفيظة المجلس العلمي الأعلى، خاصة أنها صادرة عن مؤسسة دستورية في تقرير رسمي صدر أول أمس بالرباط وقدمه إدريس اليزمي. وأوضح المصدر ذاته أن هناك نقاشا بين أعضاء المجلس العلمي الأعلى حول كيفية الرد على ما صدر عن «اليزمي»، في الوقت الذي يرى البعض أنهم ليسوا بحاجة للرد خاصة أن مجلس «العلماء» سبق أن أكد على أن أحكام الإرث قطعية ولا مجال للرأي في طلب المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث. هذا، وقد دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى تعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل في ما يتصل بانعقاد الزواج وفسخه وفي العلاقة مع الأطفال وكذا في مجال الإرث، وذلك وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتطبيق الصارم لأحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة، وتوسيع نطاق الدعم المقدم في إطار صندوق التكافل العائلي ليشمل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج. ومن شأن تقرير مجلس اليزمي حول «وضعية المساواة وحقوق الإنسان بالمغرب: صون وإعمال غايات وأهداف الدستور» أن يسيل الكثير من المداد ويثير الكثير من الجدل خاصة بعدما اعتبر أن المقتضيات القانونية غير المتكافئة المنظمة للإرث تساهم في الرفع من هشاشة وفقر الفتيات والنساء، كما أشار إلى أن الوقف والقواعد التي تحكم أراضي الجموع تساهم في تجريدهن من حقهن في ملكية الأرض أو في الإرث. من جهة أخرى، دافع المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن الحق في الإجهاض، حيث اعتبر أن تقييد الحق في الإجهاض يشكل مسا بحرية النساء، كما أنه يضع النساء حيال وضعية عدم مساواة اجتماعية بينة، ذلك أنه بمقدور النساء المتحدرات من أوساط ميسورة إجراء عملية الإجهاض في ظروف جيدة بينما تضطر النساء اللواتي ينتمين لأوساط مهمشة إلى اللجوء عموما إلى ممارسات تشكل خطرا على صحتهن. وأوصى التقرير، أيضا، بمنح المرأة الحق في نقل جنسيتها لزوجها الأجنبي وفق نفس الشروط المنصوص عليها في ما يتعلق بالزوجات الأجنبيات، مع سن قانون خاص لمناهضة جميع أشكال العنف في حق النساء مطابق للمعايير الدولية. وانتقد التقرير الوزارات المكلفة ب»النهوض بالمرأة»، إذ اعتبرها مطبوعة بعدم الاستقرار المؤسساتي وبوضعها الهامشي داخل الجهاز التنفيذي وباتسامها بتمركز كبير ونقص في الخبرات والموارد البشرية والمالية. وتحدث التقرير عن عدم توفر المعطيات المرتبطة بمراعاة النوع وضعف التمكن من مقاربات البرمجة المرتكزة على النتائج ونقص الموارد البشرية والكفاءات والموارد المالية السمات الرئيسية للسياسات العمومية على المستوى الترابي، خاصة بالجماعات المحلية الصغيرة، حيث الحاجات تكتسي طابعا ملحا. وأقر التقرير بوجود «مقاومة سياسية وبيروقراطية وحضور ضعيف للنساء ضمن هيئات اتخاذ القرار، موضحا أن عزوف النساء عن العمل السياسي لا يعزى إلى ندرة الكفاءات النسائية لكنه يرتبط بعجز في فهم وتملك النساء للفضاء العام نتيجة نزع الشرعية عن وجودهن في هذا الفضاء وضعف إدماجهن من قبل الأحزاب السياسية ضمن هيئات تسييرها، وهو ما يقتضي، يضيف التقرير، اعتماد آليات مؤسساتية ملزمة وإجراء مراجعة شاملة للنماذج والمبادئ التوجيهية التي تقوم عليها السياسيات العمومية. وانتقد تقرير «اليزمي» التأخر في إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، وعدم تضمن القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا لأي مقتضى خاص بإرساء المناصفة، ومن جهة أخرى لا يشير المرسوم التطبيقي لهذا القانون إلى المناصفة ولا إلى اعتماد أي آلية تحفيزية أخرى ضمن المعايير الواجب أخذها بعين الاعتبار في هذه التعيينات وترمي إلى النهوض بتمثيلية النساء.