في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان قال إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إن إعداد المجلس لتقرير موضوعاتي حول موضوع المساواة بين الجنسين والمناصفة بالمغرب، يأتي إعمالا للمهام والاختصاصات التي يضطلع بها المجلس في هذا المجال، كما يأتي بالنظر للأهمية القصوى التي تكتسيها مسألة المساواة والمناصفة في المغرب ". وبرر اليزمي، خلال الندوة الصحفية التي خصصت لتقديم التقرير، اهتمام المجلس بهذا الموضوع، بالتأكيد على الانخراط الكامل للمجلس في مسار إعمال المساواة والمناصفة، إذ ربط المسألة بقناعة لدى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والتي تتجلى في تركيبته وتركيبة مكتب المجلس، مشيرا إلى أن الحضور النسائي داخل المجلس يتجاوز 40 في المائة، كما تتراوح نسبة النساء داخل تركيبة المجالس الجهوية التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ما بين 30 و33 في المائة، مضيفا أن أول مذكرة أعدها المجلس في صيغته الجديدة خصصها لهيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز كإعمال للفصل 19 من الدستور. وكشف المتحدث أن المجلس بصدد بلورة مذكرة ثالثة بالنظر لكون" الهيئة تعد آلية مركزية"، وذلك بعد إعداد مذكرتين حول الهيئة السالفة الذكر. ومن جانبها نبهت ربيعة الناصري عضوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى أن التقرير يشكل تحليلا لواقع حقوق المرأة والمساواة في المغرب، بعد مرور عشر سنوات على إصلاح مدونة الأسرة، وكذا مرور أربع سنوات على إقرار دستور 2011، و20 سنة على اعتماد إعلان ومنهاج بجين. وسجلت في هذا الصدد التحديات الكبرى التي بات يطرحها الدستور على مجموع الفاعلين في جانب تنزيل مضامينه، وذلك عبر "تكريس دستور فاتح يوليوز 2011، للحقوق والحريات واعتبارها ثوابت وطنية راسخة للمغرب، وبأخذه بعين الاعتبار التغيرات العميقة التي شهدتها البلاد، يطرح تحديات كبرى على مجموع الفاعلين الذين بات عليهم الاضطلاع بمسؤولية ترجمة المعايير والأحكام المتقدمة التي جاء بها إلى تدابير تشريعية وسياسات عمومية". كما نبهت إلى الخطورة التي يشكلها وجود الفوارق بين النساء والرجال، فهذا "الأمر يجر الفقر والإقصاء ويخترق كل الفئات العمرية والأوساط (الجغرافية والاجتماعية) الأخرى، وتأثيراتها سلبية كبرى على تمتع المرأة بحقوقها المعترف بها وكذا على المجتمع برمته"، تشير المتحدثة. وسجل التقرير في هذا الصدد أن المقتضيات القانونية غير المتكافئة المنظمة للإرث تساهم في الرفع من هشاشة وفقر الفتيات والنساء، كما اعتبر أن الوقف والقواعد التي تحكم أراضي الجموع تساهم في تجريدهن من حقهن في ملكية الأرض أو في الإرث. ومن بين النقائص التي سجلها التقرير على مستوى الارتقاء بالمساواة والمناصفة، تتمثل في التأخر في إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، وهو ما يعني التبخر التدريجي للوعود التي حملها الدستور الجديد، كما سجل عدم تضمين القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا لأي مقتضى خاص بإرساء المناصفة، بل ولا يشير المرسوم التطبيق لهذا القانون إلى المناصفة ولا إلى اعتماد أي آلية تحفيزية أخرى ضمن المعايير الواجب أخذها بعين الاعتبار في هذه التعيينات ترمي إلى النهوض بتمثيلية النساء. وسجل التقرير ارتفاع نسبة الزواج دون السن القانوني، خاصة في صفوف الفتيات حيث تمثل نسبتهن 99,4 في المائة من مجموع الزيجات، مبرزا أنه رغم ارتباط هذا الزواج بوجود حالات للتحايل على القانون فإن ذلك لم يمنع الحكومة من المضي نحو تمديد هذه الفترة الانتقالية، كما لاحظ واضعو التقرير وجود تمييز على مستوى الجنسية، حيث يخول للرجل نقل جنسيته لزوجته الأجنبية في حين لا يمنح هذا الحق للمرأة، كما تحرم الأمهات العازبات من التعويض المخصص في إطار صندوق التكافل العائلي. ودعا التقرير الحكومة، إلى سحب الإعلانات التفسيرية المتعلقة باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والعمل على تعميم هذه الاتفاقية على نطاق واسع، لاسيما في أوساط القضاة ومهنيي العدالة مع حثهم على أخذ معاييرها ومقتضياتها بعين الاعتبار في أدائهم لعملهم؛ والعمل، طبقا لأحكام الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، و سن قانون يعرف التمييز ويعاقب عليه وينص على عقوبات ملزمة قانونا ومتناسبة ورادعة. كما دعا إلى تسريع إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز وتخويلها اختصاصات الحماية والوقاية والنهوض بالمساواة والمناصفة بين الجنسين وكذا تخويلها السلطات التي تمكنها من الاضطلاع بأدوار توجيه وتتبع وتقييم مدى تنفيذ كافة التشريعات والسياسات العمومية ذات الصلة، بالإضافة إلى التسريع بإخراج المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والحرص على ارتكازه على أساس احترام الحقوق الأساسية لمجموع أفراد الأسر. كما لم يفت واضعي التقرير من المطالبة بتعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل في ما يتصل بانعقاد الزواج وفسخه وفي العلاقة مع الأطفال وكذا في مجال الإرث وذلك وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، هذا مع العمل على التطبيق الصارم لأحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة وتوسيع نطاق الدعم المقدم في إطار صندوق التكافل العائلي ليشمل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، والعمل على اعتماد خطة تدابير محددة تتوخى توعية وتحسيس وتكوين جميع المتدخلين في قطاع العدالة وتحميلهم المسؤولية