بشكل عبثي وبطريقة فجة، خرج المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بتوصية عقب دراسة حول المساواة بين الرجل والمرأة، تدعو إلى تعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل، في ما يتصل بانعقاد الزواج وفسخه وفي العلاقة مع الأطفال، وكذا في مجال الإرث، وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. هذه الخرجة غير المحسوبة لمجلس اليزمي تنم عن جهل تام بأحكام وقواعد الميراث في الإسلام، عامة، وميراث المرأة، على وجه الخصوص، من طرف بعض المتعالين على الدين الإسلامي وعلى منطق العلم والواقع. فخبراء المجلس لو كانوا يملكون من «الخبرة» شيئا، لاكتشفوا أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات واردة على سبيل الحصر ترث فيها المرأة نصف ما يرثه الرجل، والأكثر من ذلك أن القرآن الكريم لم يجعل مسألة الأنصبة وتقسيم الإرث مجرد عملية تقنية حسابية خاضعة لقواعد قانونية جافة، بل إن أمر الإرث وقضاياه ترتبط بالنظام المالي للأسرة في الإسلام. للأسف، يبدو أن رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأعضاءه يعيشون في كوكب آخر، فهم عوض أن ينكبوا على دراسة المشاكل الحقيقية لحقوق الإنسان في المغرب، وما أكثرها، فضلوا الغوص في هذا المستنقع البعيد عن اختصاصاتهم، لصالح جهات تسعى إلى لعب أدوار سياسوية بسيطة، غير مدركين أنهم بذلك يلعبون بالنار ويتجاوزون جميع الخطوط الحمراء.