كشف محمد ربيعي ،البطل العالمي في الملاكمة وزن 69 كلغ في هذا الحوار الذي أجرته معه «المساء» عن الكثير من التفاصيل التي سبقت فوزه باللقب العالمي. في هذا الحوار يعود ربيعي إلى حي سيدي مومن الذي قضى فيه أيام طفولته الأولى، وكيف قاده عمه إلى أحد الأندية الرياضية، قبل أن يحب البطل المغربي هاته الرياضة، التي تنبأ له كثيرون أن يكون أحد أبطالها، ثم كيف أنه جاور مختلف الفئات النسية للمنتخب الوطني، قبل أن يلتحق بفئة الكبار، وعمره لا يتعدى 18 عاما. يتحدث ربيعي كذلك عن الغزواني، المدرب الذي آمن بقدرات هذا الفتى، وعن مدربين آخرين كان لهم الفضل على مساره الرياضي. وعن هشام نفيل، البطل المغربي السابق، مثل ربيعي الأعلى. ربيعي تحدث أيضا عن كيف اضطر إلى ترك مقاعد الدراسة، وموقف والديه من ذلك وعن علاقته بهما. كما كان الحوار فرصة ليتطرق بطل العالم إلى أسرار فوزه المثير بهذا اللقب، وكيف تأتى له ذلك، وعن السر دموعه التي انهمرت على خديه وهو يقف على منصة التتويج، وعن قصة عشقه لفريق الرجاء، وأيضا عن سر ارتباطه بمنطقة أحد أولاد فرج (دكالة). حاوره : خالد نشيد - أنت اليوم بطل العالم في الملاكمة، وهو إنجاز غير مسبوق، لذلك يسعى الرأي العام المغربي إلى معرفة كيف كان مشوارك الرياضي؟ في البداية أود أن أتوجه بالشكر إلى يومية «المساء» ومن خلال منبركم أتوجه بجزيل الشكر أيضا لكل المغاربة بدون استثناء، على وقوفهم إلى جانبهم. وأيضا الشعوب العربية والافريقية. كما أشكر الملك محمد السادس على الالتفاتة المولوية والبرقية التي بعثها إلي والتي زادتني فرحة وسرورا. أما عن مشواري الرياضي فقد كان في الأحياء في حي سيدي مومن الشعبي، قبل أن انتقل إلى منطقة البرنوصي وبالضبط «حي الأزهر الذي احتضنني حيث انخرطت في نادي شباب حي البرنوصي للملاكمة. كان ذلك سنة 2002، أي أن عمري حينها لم يكن يتعد التسع سنوات. وهذا النادي هو الذي مازلت أنتمي إليه إلى الآن. وبعد 7 سنوات من المثابرة والصبر تمت المناداة علي من طرف المنتخب الوطني للملاكمة فئة «الفتيان»، ثم بعد سنة واحدة فقط، أي سنة 2010 التحقت بشبان المنتخب الوطني. وفي سنة 2011، وكنت حينها بلغت سن 18 أصبحت ألعب لمنتخب الكبار. - طيب، في العادة يهتم الشباب والأطفال بكرة القدم، لكن أنت توجهت إلى الملاكمة، كيف حدث ذلك؟ كنت أعيش في حي شعبي مهمش ويفتقر إلى أبسط الوسائل للترفيه، حينها وبتوجيه من عمي جزاه الله خيرا، أصبحت أمارس هذه الرياضة. فعل ذلك خوفا علي من الانحراف ومن مصاحبة رفاق السوء. هكذا كان بدايتي، ثم حين انتبه إلى اهتمامي بهذه الرياضة، زاد من اهتمامه. لقد كنت مهتما جدا بهذه الرياضة. لقد كنت أقلد البطل العالمي محمد علي كلاي في جميع حركاته. حينها كان يتنبأ لي شخصيا بأنني سأكون بطلا في يوم ما، لكني لم أكن أعتقد أن الحلم سيصبح حقيقة. - هل استطعت أن توفق بين الدراسة والرياضة؟ بصراحة،من الصعب جدا التوفيق بينهما، فرياضة الملاكمة تتطلب تداريب شاقة ومكلفة بدنيا وحتى نفسيا فكل الرياضيين يعرفون صعوبة الملاكمة وما تتطلبه من جهد بدني وخطط تقنية صارمة، فعندما التحقت بفتيان المنتخب الوطني للملاكمة انقطعت عن الدراسة بعدما كنت قد قطعت فيها أشواطا لابأس بها، إذ كنت أدرس حينها في قسم البكالوريا، إلا أنه تبين لي أنه من الصعب المزج بين الدراسة والملاكمة بعد ان بدأت أطرق أبواب المنتخب ،فانشغلت بهاته الرياضة النبيلة وتركت الدراسة إلى غير رجعة. – هل ندمت على ذلك؟ لا،لا لست نادما. فهذا القرار الصعب، وهو التخلي عن الدراسة، لم يكن قراري لوحدي، إذ شاورت فيه والدي، اللذين تقبلا الأمر الواقع ورخصا لي بالاكتفاء برياضة الملاكمة. إنني حريص على رضاهما علي. ثم إنهما لم يكونا ليوافقا على قراري لولا أن أبي وعمي وبعض الأصدقاء تنبؤا لي دائما بمستقبل زاهر وأنني سأكون بطلا في يوم ما في رياضة الملاكمة التي أحببتها من أعماقي . - إذا كان عمك من قادت إلى نادي الملاكمة وأنت طفل، فمن هو المدرب الذي يرجع له الفضل فيما وصلت إليه؟ ومن هو مثلك الأعلى؟ إنه المدرب الحاج الغزواني الذي اتمنى له بالمناسبة الشفاء العاجل. إنه هو من تنبأ لي بمستقبل زاهر في هاته الرياضة ومن اكتشفني،وقد أخذت منه أبجديات هاته اللعبة خاصة المهارة والتقنيات، لكن دون نسيان مدربين آخرين، كان لهم هم أيضا الفضل الكبير علي. أما مثلي الأعلى عالميا فهما الملاكمان العالميان محمد علي كلاي ومايك تايزن. أما وطنيا فالملاكم المغربي هشام نفيل هومثلي الأعلى في الملاكمة الوطنية بصراحة وأحب طريقته في التباري بشكل كبير. - لنعد إلى قطر وتتويجك ببطولة العالم. هل كنت تتوقع أن تتوج بالذهب في هذا المحفل الكبير؟ رغم الاستعدادات الجدية التي قمت بها في المغرب إلا أنه وقبل سفري كنت فقط أطمح إلى تحقيق نتيجة مرضية. لم أكن أنتظر أن أرجع متوجا بالذهب، لأن المنافسة في بطولة العالم ليست بالهينة، لكن مع توالي المباريات كانت ثقتي في نفسي تزداد وكان طموحي يكبر، والنتيجة التي حققتها، لم تكن بمحض الصدفة. لقد وفقني الله تعالى للفوز بالذهب. وأعتقد أنني أستحق ذلك. لأنني اجتهدت كثيرا، لكن ذلك يعني أنه في المستقبل علي بذل جهد أكبر. - أن يتوج ملاكم شاب بالذهب في بطولة العالم، هل هناك سر؟ فقط أطبق حرفيا نصائح المدرب الكوبي» بيرطو روخاس». وكنت أعتبر أن كل نزال هو بمثابة نهاية، لم أحس ابدا بأي ضعف أمام خصومي. وهكذا وفقني الله سبحانه في التتويج باللقب. أما على المستوى التقني فعندما أكون في الحلبة، وخصوصا عندما واجهت الكازاخستاني حامل اللقب العالمي فقد كنت حاضر البديهة ولم أكن أتسرع في الهجوم، المهم «لعبت بعقلي» وكنت اعتبره بل اتخيله ملاكما عادي حتى انتصرت عليه بإذن الله. - حين صعدت إلى منصة التتويج، ذرفت دموع الفرح، ماذا كان يدور في ذهنك؟ لايمكنني أن أصف لكم تلك اللحظة الغالية. فالدموع كانت تنهمر وقلبي كان يخفق مع خفقان راية المغرب. لم أتمالك نفسي وبكيت حين بدأ عزف النشيد الوطني. فكرت في الجميع في الملك محمد السادس. في الشعب المغربي المتعطش للانجازات. في الجالية المغربية التي حاضرة هناك. في أسرتي. كنت أعلم أن والداي وإخواني يتابعون ما يحدث عبر شاشات التلفزة (اغرورقت عيناه بالدموع). - كيف كان وقع الرسالة الملكية عليك؟ شعوري لا يمكنه وصفه لك. تلقيت الرسالة الملكية بالكثير من الفرح. إنها الرسالة التي سأظل اعتز بها وافتخر من خلالها في طول حياتي وستبقى خالدة في ذهني لانني نلت رضاه ورضى الشعب المغربي الذي آزرني وأبكاني لما رأيت المغاربة والعرب في «المواقع الاجتماعية» يتبادلون التهنئة ويتقاسمون صوري وصور العلم المغربي. وهذا فخر كبير أعتز به، فقد أثلج قلبي بكل السرور والفرح. -قبل التتويج كيف كانت علاقتك مع الجامعة الملكية المغربية للملاكمة والطاقم الثقني؟ الجامعة للملاكمة قامت وتقوم بدورها بأحسن ما يمكن أن تقوم به حسب إمكانياتها ولم أرى منهم «العيب» وعبر منبركم أشكر نائب رئيس الجامعة محمد لوميني وجواد بلحاج وجميع افراد الطاقم الثقني على رأسهم المدير الثقني «منير البربوشي» والمدرب الكوبي «داكوزو بيرطو روخاس» على التضحيات التي يقومون بها تجاه جميع الأبطال المغاربة دون استثناء . - بعيدا عن رياضة الملاكمة هل تهتم بكرة القدم؟ لا اتابعها كثيرا بسبب انشغالاتي بميدان التداريب ،لكني في الواقع أحب فريق الرجاء البيضاوي وأموت عشقا بأغاني الالترات المشجعة» للنسور الخضر». إنني أداوم على الاستماع إليها في «هاتفي النقال « واتغنى بها كذلك في كل لحظة في التداريب وأوقات فراغي، كما أعشق فريق برشلونة الإسباني. – وماذا عن المنتخب الوطني لكرة القدم؟ (مبتسما) عندما يكون الفريق الوطني لكرة القدم في اوج عطائه أهتم به،لكني في الآونة الأخيرة لم أتابعه بسبب انشغالاتي بالاستعداد لبطولة العالم للملاكمة. - ماهو طموحك الآن بعد هذا الإنجاز الذي حققته ؟ طموحي أصبح كبيرا وسيتضاعف أكثر وسأبذل قصارى جهدي لأبقى في المستوى الكبير الذي حققته ،كنت في وقت سابق اتدرب ساعتين وسأضاعف ذلك الى 3ساعات وأكثر في الحصة ان شاء الله، للاستعداد للاستحقاقات الدولية القادمة، وفي مقدمتها أولمبياد ريو دي جانيرو. - أين ستقضي عطلتك بعدا هذا الإنجاز لاسترجاع النفس؟ (ضاحكا) سأخلد للراحة لأسبوع واحد وسأعود إلى التداريب، وسأقضيها رفقة زوجتي بأحد اولاد أفرج إقليمالجديدة. فهناك مسقط رأسي و «ارض الوالدين» كما يقال وأحب هاته المنطقة الهادئة ذو الجو الطبيعي وعلاقتي بهاته المنطقة علاقة حنين وطفولة.