بالتزامن مع ما تعيشه التعابير الفنية (المسرح، السينما، التشكيل، الأغنية...) والفعل التلفزيوني المغربي من ركود على المستوى النوعي والكمي وبروز أشكال «شاذة» بديلة لهذه التعابير تجد من يسوق لها ويجعلها النموذج، تبرز حروب جانبية بين نقابيي فننا وتلفزيوننا، توجه سهامها إلى الاتجاه الخاطئ وتفوت اللحظة التاريخية لتحقيق المكاسب ولتسويغ وجودها النقابي التفاعلي نتيجة لذلك. فقبل أيام قليلة، وزع بلاغ يحمل توقيع نائبين لنقيب النقابة المغربية للمهن الموسيقية يدعو إلى عقد جمع عالم استثنائي لمناقشة مستقبل النقابة، وينبئ -بلغة متقنة- الرأي العام والفنانين بأن هناك رغبة في تطوير النقابة والرقي بأدائها والاستجابة لطموحات الفنانين. وأكد البلاغ أن كل النقابيين أعلموا بالبريد المضمون أو الإلكتروني أو عبر الصحافة الوطنية بالجمع العام. في كواليس النقابة تتحدث مصادر عما يشبه الانقلاب على أحمد العلوي، النقيب الحالي الذي التزم الصمت في الأيام الأخيرة،. البعض قال إن حبل الود انقطع بين العلوي والأسماء التي اشتغلت معه في مشاريع فنية وإذاعية وتلفزيونية، وبعض آخر قال إن العلوي غامر بالمشاركة في مهرجانات عربية وتقدم بتصورات تلفزية باسم النقابة، وفئة ثالثة تقول إن «دوام المحال من الحال آسي العلوي»... في الجانب الآخر، رفع المكتب الجهوي للنقابة المغربية للمهن الموسيقية بأكادير نداء الرفض لهذه الانتفاضة المفاجئة، بعدما قررت مقاطعة الجمع الذي دعت إليه النقابة المركزية، واعتبرت أن هذا الجمع غير منطقي وغير صحيح، ما لم تتم المصادقة عليه من طرف المجلس الوطني، وحمل المكتب تبعات نتائج هذا الاجتماع. متتبعون لمسار الفن المغربي يطرحون السؤال بحدة: «هل بكلمات الانقلاب والانتفاضة والتبعات والإقالة والكواليس والدسائس واستغلال النقابة لمآرب أخرى يمكن أن نرسم صورة للفنان المغربي»؟ وبالصيغة ذاتها، تعيش الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، هذه الأيام، على إيقاع المناوشات النقابية، إذ اعتبر المكتب النقابي الموحد للشركة الوطنية أن إدارة العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة، تستغل أبواقا نقابية للقفز على حقوق العاملين، لاسيما في ما يتعلق بالترقيات والامتحانات المهنية، في وقت تعتبر نقابة أخرى أن التشبث بالنظام القديم للترقي هو تعطيل ممنهج لانطلاق الإفراج عن الترقيات. وبين الرأي ونقيضه دخلت ترقيات العاملين غرفة الإنعاش في انتظار أن تفك الاختلافات والتناقضات الملتبسة. وبصرف النظر عن نقاش الأعراف والقوانين الدولية التي تشدد على احترام التعدد والالتزام بحيادية وعدم صدامية الفعل النقابي في جميع الأحوال، يجد الفنان المغربي، مع وجود هذه النقابات، نفسه أمام أسئلة متعلقة بوفيات ومعاناة مع العطالة ومع التغطية الصحية التي تمت بشكل غريب وأسئلة أخرى مرتبطة بواقع فني غادر فيه المتلقي المغربي الخشبات والقاعات السينمائية وروجت أغان بلا هوية و«اختلقت» آليات دعم مسرحي وسينمائي لا تحترم شروط هذا الدعم المفترضة. ويجد المشتغل في تلفزيوننا نفسه أمام ترقيات تمر خلفه بشكل مباشر بمنطق الشركة، دون أن يجد لوضعيته المادية الثابتة من يغيرها بشكل جدي، ويجد نفسه أمام صراع نقابات غير صحي، لعدة سنوات، ويكتشف أن الإدارة فعلت ما فعلته وموهت النقاش الحقيقي الذي ينظر إلى العامل والتلفزيون في حد ذاته، وهذا ما يجعل البعض يحير في الجواب عن السؤال: «هل دخل مصير الفنان ورجل التلفزيون حقا في لعبة النقابات التي لا تنتهي؟»