سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حسن بركاني : نتحاور حاليا مع السلطات للتوصل إلى اتفاق حول تنظيم واستغلال الملك العمومي رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات للدار البيضاء قال: إن الاختصاصات الحالية للغرف لا تسمح لها بالتأثير في الحقل الاقتصادي
كلما أثير الحديث عن غرف التجارة والصناعة في المغرب إلا وانتصبت عدة أسئلة حول مدى قيامها بدورها التمثيلي للتجار وغيرهم من المهنيين، وكذا إسهامها في الدفع بعجلة الاستثمار سواء الوطني أو الأجنبي. في هذا الحوار مع رئيس غرفة للتجارة والصناعة في أكبر مدينة اقتصادية في المغرب تناقش «المساء» مع حسن بركاني الأوضاع الداخلية للغرفة، وبرنامج «رواج» للنهوض بالتجارة الداخلية، وإشكالية استغلال الملك العمومي وغيرها من المواضيع. - أين وصل مشروع إصلاح نظام الغرف وما هي أهم النقط التي تنتظرون أن تتم معالجتها أثناء مناقشة القانون؟ فيما يخص مشروع إصلاح نظام الغرف لابد لنا أن نتوقف عند المجهود المتميز الذي قامت به الدولة فيما يخص تحيين اللوائح الانتخابية للغرف المهنية بصفة عامة، وكذلك الصرامة في ضبط التسجيل في هذه اللوائح بالنسبة للتجار والصناع والحرفيين وأصحاب الخدمات الذين يمارسون بصفة فعلية، مما كان له آثار إيجابية على إفراز طاقات جديدة على صعيد غرف المملكة. وبالرجوع إلى القانون الأساسي المنظم لهذه المؤسسات فيجب التذكير بأن هذا الموضوع كان أحد أبرز المواضيع التي تناولتها المناظرة الثانية لغرف التجارة والصناعة والخدمات، فلنا قناعة أن هذا القانون يشكل أحد العوامل الكبرى التي تعرقل سير الغرف، وتحد من تطوير أدائه، كون تاريخ إصداره يعود إلى منتصف سنوات السبعينيات، ولم يعرف إلا بعض التعديلات الطفيفة التي لم تمس في العمق الدور المنوط بالغرف، ولم تساير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية سواء الوطنية أو الدولية. فالاختصاصات الحالية المحدودة للغرف لا تسمح لهذه المؤسسات بالاندماج والتأثير أكثر في الحقل الاقتصادي، وتفعيل تدخلها ومساهمتها في تدبير الشأن الاقتصادي والاجتماعي وإنعاشه. ويظل هدف توسيع اختصاصات الغرف التوجه الصحيح والأسمى الذي يرمي إليه القانون الأساسي قصد منح الغرف قيمة مضافة، اعتبارا للخبرة المهنية التي تمتاز بها أسوة بنظيراتها في البلدان المتقدمة. ومن بين النقط التي سندافع عنها أثناء مناقشتنا لهذا المشروع في البرلمان، هي طريقة انتخاب المكاتب والتي حسب ما ينص عليه القانون الحالي تضم عدة هفوات تؤثر سلبا وبشكل كبير على انسجام المكتب، مما ينجم عنه عدة مشاكل في التسيير مع تحديد مدة الانتداب في ست سنوات بالنسبة للمكتب المسير لضمان الاستمرار في العمل وحتى يتسنى له تنفيذ المشاريع المسطرة علما أن هذا المقتضى قد تمت المصادقة عليه على صعيد الغرف الفلاحية ولا سيما أنه جار به العمل على مستوى جميع المجالس والهيآت المنتخبة على الصعيد الوطني. كما أننا سنؤكد على ضرورة تفعيل مشاركة الغرف في المجالس الإدارية ومجالس التسيير لعدد من المرافق والقطاعات الحيوية التي توجد في المدينة، كأسواق الجملة والمجازر الحضرية والمحطات الطرقية والموانئ والمطارات والمناطق الصناعية ومناطق الأنشطة الاقتصادية. - العديد يلاحظ أن غرف الصناعة والتجارة يتم استغلالها لأغراض انتخابية محضة، وقد سبق أن تضمن أحد الخطابات الملكية دعوة لعدم بقاء الغرف مطية انتخابية وجعلها قاطرة للتنمية، ماذا أعددتم لتحويل الغرف إلى قاطرة اقتصادية حقيقية؟ أشير في البداية إلى أن غرفة الدارالبيضاء في حلتها الجديدة واعية كل الوعي بضرورة إحداث التغيير وإضفاء الديناميكية والعصرنة على طريقة عملها لتقديم خدمات تتميز بالمهنية مع إعطاء الأولوية للجانب المحلي عبر إرساء ديمقراطية محلية وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة. وقد حظيت مؤسسات الغرف المهنية كما أشرتم إلى ذلك بعناية جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، حيث ذكر في أكثر من مرة بالدور الذي يجب أن تلعبه هذه المؤسسات كرافعة للاستثمار المنتج وكوسيط مهني في مجال مد يد العون والمساعدة لصالح أعضائها. ويهدف البرنامج الذي سطرناه إلى أن تكون غرفة ذات تمثيلية فعلية وقوة اقتراحية لدى الإدارة وأن تعمل على تنشيط الحياة الاقتصادية وإنعاش برامج للتكوين والتأهيل وخلق فرص الشغل، وأن تنفتح على محيطها وتتواصل أكثر مع منتسبيها، وأن تكون غرفة فاعلة في مجال الدبلوماسية الاقتصادية وإنعاش الشراكة و استقطاب الاستثمار. - ما موقف الغرفة بخصوص الحملات التي تشنها السلطات العمومية حول استغلال الملك العمومي، خاصة أن هذه الحملات تأتي بدون فتح نقاش حول قضية استغلال الملك العمومي؟ وعيا من غرفة التجارة والصناعة والخدمات للدار البيضاء بضرورة احترام القانون وكذلك الدفاع عن حقوق التجار وتمكينهم من العمل في ظروف ملائمة، فإننا بصدد فتح حوار جاد ومسؤول مع السلطات المحلية للوصول إلى صيغة متفق عليها فيما يخص كيفية استغلال وتنظيم الملك العمومي لإرضاء جميع الأطراف بهذا الصدد. ويعد استغلال الملك العمومي من ضمن الإشكاليات المطروحة على الساحة حاليا، واتضح جليا أن استغلال الملك العمومي اتخذ صبغة الاستقرار الدائم من طرف التجار، من خلال أشكال البناء على الأرصفة والممرات والأزقة، مما أثر بشكل ملحوظ على جمالية المدينة وأثر كذلك على مرونة المرور والولوج، في حين أن السلطة المحلية ترى في استغلال الملك العمومي ذلك الطابع المؤقت وليس حقا مكتسبا يجب تقنينه مع ما يترتب عن ذلك من رسوم وواجبات تستفيد منها خزينة الدولة. - ما موقع الغرفة من برنامج «رواج»، في ظل حديث البعض عن أن الفترة السابقة شابتها بعض الانتقادات بخصوص شفافية اختيار التجار المستفيدين من صندوق دعم التجارة الداخلية؟ انخرطنا بكل قوة منذ انطلاق برنامج «رواج 2020» وواكبنا جميع المراحل الإعدادية لهذا البرنامج، حيث انطلقت في هذه العملية من خلال توزيع استمارة على التجار الراغبين في إعادة هيكلة متاجرهم، مع الإشارة إلى أنه كانت هناك استجابة قوية حيث بلغ عدد التجار الذين وضعوا ملفاتهم بمقر الغرفة ما يزيد عن 400 تاجر. وفيما يخص تأهيل المراكز التجارية فقد تمت الموافقة على ستة مشاريع رفعتها الغرفة إلى الوزارة الوصية، منها تأهيل القيساريات والمراكز التجارية. ومنذ تولينا مسؤولية تسيير هذه المؤسسة واظبنا على عقد عدة اجتماعات مع مسؤولين من وزارة الصناعة و التجارة، خاصة مع مديرة التجارة الداخلية على المستوى الوطني و مع مندوب الوزارة على الصعيد المحلي لوضع الترتيبات الكفيلة بانطلاق تنفيذ هذا البرنامج، من خلال وضع دفتر للتحملات لاختيار الشركة التي سيعهد إليها بعملية تجهيز وعصرنة المحلات التجارية، ونعتقد أن نجاح هذا البرنامج رهين بتضافر جهود جميع الفاعلين المذكورين. - بصفتكم رئيسا للغرفة باسم حزب الأصالة والمعاصرة، ما هي المقترحات التي يسعى الحزب إلى بلورتها في تدبيره للغرف المهنية؟ إن المقترحات التي وضعناها ضمن مخطط العمل الذي دافعنا عنه بصفتنا حزبا خلال الحملة الانتخابية، تصب في اتجاه خدمة رجال الأعمال والتجار بمختلف مستوياتهم وتقديم الدعم والمساندة للمقاولات، خاصة الصغيرة والمتوسطة وجعل هذه المؤسسة تعمل في إطار تطبعه المصلحة العامة والدفاع عن مصالح الفاعلين الاقتصاديين. ولتحسين مناخ الاستثمار ببلادنا، فإننا سنعمل على الدفاع عن ضرورة تشجيع الاستثمار بالتخفيف من الكلفة الجبائية والمالية وتبسيط المساطر الإدارية وتوضيح الرؤية أمام القطاع الخاص لتحريك المبادرة، وإحداث فرص حقيقية للتشغيل، تفاديا لانتقال عدة استثمارات كانت مقررة في المغرب إلى بلدان مجاورة كتونس مثلا. ولتقديم خدمات اجتماعية وتحسين مستوى عيش التجار، فإننا نقترح خلق ثقافة جديدة تعنى بالشؤون الاجتماعية لفئة التجار الصغار والمتوسطين، وذلك بالقيام بالمساعي الضرورية لدى الجهات الإدارية ذات العلاقة لتمكين فئة عريضة من المنتسبين من الاستفادة من العروض المطروحة في مجال السكن الاجتماعي والتغطية الصحية والاجتماعية والولوج إلى القطاع البنكي بتسهيلات تفضيلية. وللحصول على هذه الخدمات وغيرها، فإن الغرفة قد وضعت رهن إشارة منتسبيها بطاقات للانخراط تعد فرصة سانحة تمكنهم من إثبات هويتهم المهنية، كما تعد آلية مهمة بالنسبة للغرفة لوضع قاعدة للمعلومات حول المهنيين المنتسبين إليها. - بدأت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ترخي بظلالها على المغرب من خلال إغلاق بعض الشركات الصناعية. ما هو دور الغرفة في مواجهة الأزمة؟ بالتأكيد أن هناك تراجعا قد عرفه اقتصاد العالم من جراء الأزمة المالية والذي كان له تأثير على اقتصادنا الوطني، ورغم أن هذا التأثير كان أقل حدة بحكم خصوصيات النسيج الاقتصادي الوطني مقارنة مع مناطق أخرى في العالم، إلا أننا يجب أن نكون أكثر حذر ويقظة وعلينا أن نعمل باستمرار على معالجة تطورات الأزمة على صعيد القطاعات الاقتصادية ذات الارتباط الوثيق بالأسواق العالمية، وفي مقدمتها قطاعات التصدير بصفة عامة ثم قطاعات السياحة والنسيج. وانطلاقا من المهام الدستورية المنوطة بمؤسستنا على مستوى التعبئة والتحسيس وتسطير البرامج الكفيلة بتأهيل المقاولة المغربية وتوجيه الفاعلين الاقتصاديين والهيئات الحكومية لمواجهة آثار الأزمة، فقد وضعنا داخل الغرفة برنامج عمل يهدف إلى التحسيس بضرورة الإسراع بوتيرة الإصلاحات البنيوية لاسيما على مستوى إنتاجية المقاولات ودعم برامج التكوين والتأهيل وكيفية ولوج الأسواق العالمية، فضلا عن تفعيل دورنا في مجال الدبلوماسية الاقتصادية والترويج للمنتوج المغربي عبر أسواق العالم، وانخراط مؤسستنا ضمن الاستراتيجيات القطاعية التي سطرتها وزارة الصناعة والتجارة بتنسيق مع كل الشركاء. وقد شاركنا كجامعة في الاجتماع الأخير للجنة الوطنية المكلفة بمناخ الأعمال، هذه اللجنة التي سنسعى من خلالها إلى أن تكون لبنة جديدة في صيرورة الإصلاحات، التي تعرفها بلادنا فيما يخص تأهيل الاقتصاد الوطني وتشجيع المبادرة الخاصة ومواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية .