سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سكال: يجب منح رؤساء الجهات أجرة محترمة لكي لا يمدوا أيديهم إلى المال العام رئيس مجلس جهة الرباط-سلا قال إن الولاة سيستمرون في الأمر بالصرف إلى نهاية السنة وعهد الوصاية انتهى
على بعد يومين من انعقاد أول دورة لمجلس جهة الرباط-سلا-القنيطرة، قدم عبد الصمد سكال، رئيس مجلس الجهة، تصوره لتدبير مختلف الإشكالات والتفاوتات التنموية التي تعرفها الأقاليم السبعة للجهة. وأكد سكال، خلال استضافته في برنامج «مناظرات» الذي تبثه إذاعة «إم إف إم» بشراكة مع يومية «المساء» يوم الجمعة الماضي، أن العلاقة مع الولاة يجب أن تتأسس على التعاون وليس على منطق التنافس أو التنازع، ولافتا في هذا السياق إلى أن الوالي ينسق ويمثل الحكومة، ويتوجب عليه مساعدة رئيس الجهة لتنزيل برنامج التنمية. حاوره – سعيد الخمسي المهدي السجاري – تنزيل الجهوية الموسعة على أرض الواقع تطلب سنوات من التراكم والاستشارة. هل أنتم في حزب العدالة والتنمية راضون عن الجهة كما هي اليوم، خاصة بعد الربيع العربي والدستور الجديد؟ الحديث عن الجهوية ليس مرتبطا بالضرورة بالربيع الديمقراطي ودستور 2011، على اعتبار أن الفكرة بدأت منذ السبعينيات من خلال الجهوية الإدارية على مستوى الجهات السبع، وقد كان الحسن الثاني رحمه الله يطرح التجربة الألمانية في هذا المجال. لقد ذهبنا إلى جهوية سياسية في 1997 مع صدور القانون المنظم لها وتشكيل المجالس الجهوية بانتخابات غير مباشرة، وبعد ذلك جاء الخطاب الملكي واللجنة الاستشارية وبدأ الحديث عن الجهوية الموسعة، فانطلقنا في الاشتغال إلى أن جاء دستور 2011 التي أدمجت فيه الفكرة. طبعا لابد أن نستحضر بأن منطق تنظيم الدول في علاقته بالجهوية يحيل على مقاربتين، فهناك دول أصلها تجميع لمجموعة من الوحدات المستقلة كإسبانيا وإيطاليا وألمانيا حيث حافظت الجهات على خصوصيتها وبرزت حكومات جهوية إلى جانب الحكومات المركزية. الصنف الثاني يرتبط بالدول التي ظلت في تاريخها العريق موحدة من قبيل فرنسا والمغرب، فجاءت الجهوية كحاجة ملحة لتقريب الإدارة من المواطن، خاصة أن التنمية لا يمكن تدبيرها بشكل ممركز. وبالتالي فهذه جهوية إرادية ويصعب الحديث عن حكومات جهوية أو برلمانات جهوية، بل نحن أمام جماعات ترابية باختصاصات واسعة يتم توسيعها تدريجيا. – هل ما تم تنزيله لحد الآن على مستوى الجهوية الموسعة كان كافيا بالنسبة لكم داخل الحزب؟ منهج التدرج يشكل جزءا أصيلا من منهجنا العام في التغيير والتعامل مع الأوضاع السياسية والاجتماعية. القانون الذي بين أيدينا هو خطوة متقدمة مقارنة مع الوضع السابق، ولهذا فالتحدي الحقيقي يرتبط بكيفية تفعيل هذه المقتضيات، لأن ما لا يجب نسيانه بالنسبة للجماعات الترابية هو أن القوانين كانت تمنح اختصاصات واسعة جدا لكنها لم تستطع تفعيلها، وذلك لاعتبارات متعددة ترتبط بالعوامل الذاتية وطبيعة المنتخبين والموارد البشرية والإمكانات المادية، وهناك شق آخر يرتبط بالسياق السياسي وفي بعض الأحيان لم تكن هناك إرادة حقيقية لتقوم الجماعات بكامل أدوارها. على كل المغرب عرف تطورا كبيرا، ولهذا فالقوانين الحالية تسمح بأشياء كبيرة وواسعة، غير أن القانون التنظيمي للجهات ينص على حوالي 23 مقتضى متعلق بصدور نصوص تنظيمية، وهو ما يطرح تحديا حيث يتوجب على الحكومة أن تعجل بإخراجها في سياق من التشاور مع الجهات. – بالعودة إلى إشكالية النخب، هل ما أفرزته الاستحقاقات الأخيرة سيجعلنا نؤسس لجهوية موسعة حقيقية؟ نتمنى خيرا، ففيما يتعلق بحزب العدالة والتنمية وجهة الرباطسلاالقنيطرة فالحزب حرص على تقديم خيرة الأطر، والأغلبية الساحقة من المرشحين يتوفرون على مستوى تعليمي عالي وراكموا مجموعة من التجارب، كما أن عموم أعضاء مجلسنا الجهوي يتوفرون على مستويات تكوينية عالية وخبرة معتبرة. أضف إلى ذلك معطى جديد ومهم، وهو أن المواطن أصبح يصوت بشكل المباشر لاختيار أعضاء رؤساء الجهات، وهو ما يجعل الجهة حاضرة بشكل أكبر وأقوى في ذهنه، لأنه في السابق كان الانتخاب بشكل غير مباشر. واليوم نلاحظ القوة التي تتوفر عليها وسائل الإعلام ومتابعة المواطنين، حيث أصبح السياسي مضغوطا بالرأي العام وهو شيء جديد سيفرض على النخب أن تكون في مستوى انتظارات المواطنين. – انتقادات المغاربة كانت توجه أساسا نحو المنتخبين. هل هذه النخب التي أفرزتها الاستحقاقات الأخيرة مؤهلة وتعرف وظيفتها؟ صراحة لا يمكن أن أعطي تقييما عاما لأننا نتحدث عن أزيد من 30 ألف منتخبا، و1503 جماعات و12 جهة إلى جانب مجالس الأقاليم والعمالات. لكن المنطق في تدبير الشأن العام الترابي هو أنه يجب الوعي بأن الوظيفة الأساسية للمنتخبين ليست التدبير، وإلا يجب أن يتفرغوا ويصبحوا كالموظفين وهذا غير ممكن على اعتبار أنهم سياسيون يتم انتخابهم لمدة ست سنوات. والحال أن على الأحزاب السياسية أن تؤطر منتخبيها، فهناك من يشتري التزكية ويفعل في الجماعة ما يريد وهذا خطأ فادح لن يمكننا من التقدم، وبالتالي على الأحزاب أن تضع هيئات للتأطير. هؤلاء المنتخبون عليهم وضع تصور لتنمية وتدبير جماعاتهم، وفي المقابل يجب أن يكون هناك جهاز إداري يتكلف بالعمل اليومي تحت إشراف مكتب المجلس، وإلا فإن المنتخب سيترك عمله وسيبحث عن مورد رزق من داخل الجماعة أو الجهة وهذا غير ممكن لأننا سندخل في مسار بئيس، أو أنه سيبقى في عمله ويحضر في الدورات واجتماعات المكتب واللجان. الأحزاب والمنتخبون عليهم أن يستوعبوا بأن دورهم لا يهم التدبير اليومي، بل يتأسس على وضع تصورات لتسيير الجماعة وتطويرها، وفي المقابل يجب الاشتغال على تطوير الإدارة الجماعية والجهوية لتكون فعلا في مستوى تحمل مسؤوليتها. اليوم هناك عدد كبير من المستخدمين في الجماعات، بينهم كفاءات مهمة، لكن ظروف الاشتغال وطريقة تنظيم المصالح الجماعية لا تسمح بتطور الموارد البشرية. – الملاحظ هو أن هناك تهافتا بين المنتخبين على بعض اللجن، خاصة التعمير والجبايات. ألا يؤكد ذلك أن المنتخبين لم يستوعبوا طبيعة المرحلة؟ وهل الأحزاب لها سلطة اليوم على منتخبيها؟ لجن الجبايات والتعمير مرتبطة بالجماعات، وليس بالجهات. مع الأسف مجموعة من المرشحين صرفوا أموالا خيالية في الانتخابات، ومن باب السذاجة أن نصدق بأنهم فعلوا ذلك فقط حرصا على المصلحة العامة، بل من وراء ذلك غايات ومن الطبيعي أن يبحثوا عن تلك اللجان التي تشكل شر الكوارث، على اعتبار أنهم سيملئون جيوبهم بالمال العام. فيما يخص سلطة الأحزاب، فبالنسبة للعدالة والتنمية لدينا لجنة لتتبع عمل المنتخبين اعتمادا على مساطر واجتماعات، وفي ظل هذا الوضع الذي أصبح يتوفر عليه الحزب، هناك نقاش كبير لتطوير هذا التنظيم المتعلق بالتتبع ليس فقط من أجل الرقابة وإن كان الجميع سواء وزيرا أو رئيس جماعة هم تحت رقابة دقيقة ويجب أن ينضبطوا لقرارات هيئات الحزب، لكننا لا نتدخل في عملهم اليومي، بل الأهم هو أن يبقى المنتخب وفيا لقيم النزاهة والشفافية وخدمة المصلحة العامة ويراعي الاختيارات الكبرى للحزب. ثانيا نحن نشتغل في هذا المجال بمنطق توفير التأطير والتكوين ليقوموا بمهامهم أحسن قيام، ولذلك أشرت إلى الدور الكبير للأحزاب سواء تعلق الأمر بنوعية النخب المرشحة أو المواكبة والمراقبة. – في إطار التأسيس للجهوية الموسعة، هل تم الأخذ بعين الاعتبار التعويضات المالية للمنتخبين؟ هذا سؤال وجيه، فالقانون يقول إن رئيس الجماعة أو المجلس الإقليمي أو الجهة يجب أن يكون متفرغا لمهامه في إطار وضع رهن الإشارة أو الإلحاق، والطبيعي أن توفر له أجرة أو تعويضا محترما يكفيه ويمنعه من مد يده لمال الجماعة. لكن في الآن ذاته لا يمكن أن نعمم هذه المقتضيات على جميع الأعضاء، على اعتبار أن الرئيس هو الذي يجب أن يشتغل يوميا إلى جانب النواب الذين يحضرون اجتماعات المكتب، والحال أن العمل اليومي يجب أن يقوم به الموظف لأنه ليست هناك حاجة ليقوم مستشار جماعي بالتصديق على الإمضاءات. أما باقي الأعضاء فلديهم ثلاث دورات في السنة وقبلها تكون هناك اجتماعات للجان، وبالتالي فلديهم مسؤوليات مخففة والقانون منحهم كل الضمانات للتغيب عن العمل. اليوم هناك نقاش حول التعويضات داخل الحكومة، لأن قيمتها في المرحلة السابقة لا تسمح للمنتخبين بالتفرغ لتدبير الجماعات بالشكل المطلوب. – هل هذا يعني أنه يجب منح رئيس الجهة تعويضا يوازي أجرة والي كما يقترح البعض؟ هذا نقاش يجري الآن، لكن التعويض يجب أن يكون محترما يسمح بالعيش في ظروف جيدة ومقبولة، ويأخذ بعين الاعتبار مسؤولياته والوضع الاعتباري لرئيس الجهة، الذي نريد أن نجعله المسؤول الأول على مستوى مجال تدخله. لكن الأمر يرتبط أيضا بعمداء المدن، ويجب أن يمنحوا تعويضا يناسب وضعهم. – تحدثنا عن المنتخبين، لكن ماذا عن باقي الموارد البشرية وكيف ستدبرون هذا الملف بعد تجميع الجهات؟ التقسيم الجهوي الحالي هو نتاج تفكير بدأ على الأقل منذ 1991 عندما انطلق المخطط الوطني لإعداد التراب، وذلك لإحداث تقسيم يعطي مجالات منسجمة ومندمجة تؤسس لتنمية مجالية في البلاد. لما كانت اللجنة الاستشارية تشتغل كان هناك خياران أولهما الذهاب نحو جهة على شكل حكومة أو الذهاب في اتجاه منح الجهات صلاحيات واسعة مع هيكلة ذكية جدا تسمح بخلق جسور تجعل المؤسسات العمومية وإدارات الدولة في خدمتها. المنطق الذي تم به بلورة هذه المعطيات على مستوى القانون هو تعزيز هيكلة الجهات بوضع مديرية شؤون الرئاسة والمنتخبين إلى جانب مدير عام للمصالح. اليوم الجماعات لا تتوفر على هيكلة، فحتى وإن كان هناك موظف لديه مسؤولية كرئيس قسم مثلا فإنه لا يتلقى تعويضا عن ذلك بسبب غياب الهيكلة وهو أمر غريب جدا، إذ لا يمكن أن تطلب من الموظفين العمل بمستوى معين في ظل غياب هيكلة واضحة وتعويض عن المسؤولية. الجهة سيكون لها برنامج تنموي تشاركي مع باقي الأطراف، غير أنه إذا كنا سنمنح للآخرين إنجاز البرنامج فعمليا نضعف الجهة. القانون ذهب في اتجاه إنشاء وكالة لإنجاز المشاريع تابعة للجهة، وهذه الوكالة سيكون لها مدير عام ورؤساء أقسام ورؤساء مصالح، والقانون التنظيمي يؤكد ضرورة إنشائها في السنة الأولى . – هل ستكون لهذه الوكالات بنية وطنية، أم أنه سيتم الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل جهة؟ لحد الآن ليست لدي معطيات في هذا المجال، لأن هذه التجربة في بداياتها الأولى وربما هناك نموذج للهيكلة ستقترحه وزارة الداخلية. الأكيد في تقديري أنه لا يمكن أن نقارن بين الجهات كلها، فجهة كالدار البيضاء التي يصل عدد سكانها إلى 6 ملايين نسمة وستعرف مشاريع عملاقة لا يمكن مقارنتها مع جهات أخرى. – أليس هناك خوف من السقوط في نفس اختلالات هيكلة الجماعات؟ القانون وضع ضوابط، ففي السنة الأولى يجب إحداث هذه الوكالة والهيكلة سيتم تحديدها بنص تنظيمي. الأكيد اليوم هو أن كل الأطراف المسؤولة لديها إرادة حقيقية في تفعيل الجهوية، ورغم أن التخوف مشروع إلا أنني لا أرى له سببا على اعتبار أننا في البداية. صحيح أن هناك استمرارا لنموذج الجهة، لكن الإطار القانوني والمؤسساتي مغاير تماما. بخصوص الموضوع المرتبط بالموارد البشرية فهناك كفاءات ولدي انطباع جيد من خلال احتكاكي ببعض الموظفين سواء المنتمين لجهة الرباط أو القنيطرة سابقا. – ما هو مصير الموظفين والمسؤولين في جهة الغرب سابقا؟ نحن في جهة تخترقها السكة الحديدية، والرحلة بين الرباطوالقنيطرة تستغرق 30 دقيقة، وهناك آليات للتعويض عن المصاريف الإضافية. لا يجب أن ننسى أيضا بأن هناك مرسوما لإعادة انتشار الموظفين، وأطمئن الموظفين بأننا لن نلزمهم بأي شيء وسنرى الطريقة المناسبة لتدبير الأمر. إعادة هيكلة الجهة نص عليها القانون والظروف القادمة ستكون أفضل لأننا سنخلق مجموعة من المصالح وسيتم منح تعويضات وتحسين وضعية المستخدمين. لحد اليوم لم تتح لي فرصة مجالسة جميع الموظفين، لكنني طمأنت من التقيتهم بأنه سيقع تدبير الموضوع بهدوء وبطريقة ستناسب المؤسسة وتراعي ظروف كافة الموظفين. – كيف تنظر لمستقبل العلاقة بين رئيس الجهة والعامل أو الوالي، بعدما كانت في السابق مرتبطة بمفهوم الوصاية؟ الدستور الحالي أحدث قطيعة حقيقية في مجال اللامركزية مع الماضي، لأنه يتحدث عن التدبير الحر للجماعات المحلية بما يعني أن مفهوم الوصاية لم يعد له وجود وتم تعويضه بالرقابة الإدارية. هذه الأخيرة تهم مشروعية القرار الذي تتخذه الجماعات، في حين أن من يكون وصيا فإنه يتوفر على حق مراقبة جدوى القرار كما هو الشأن بالنسبة لعلاقة الأب مع ابنه. اليوم العامل أو الوالي لديهما سلطة التدخل فقط إذا كان قرار الجهة غير قانوني من خلال الرقابة الإدارية، وعندما يقع خلاف حول الملاحظات المثارة يمكن إحالة القضية على المحكمة الإدارية. الدستور ينص أيضا على التفريع، بما يعني أنه لا يمكن أن يبقى التداخل في الصلاحيات بين مختلف الجماعات الترابية والدولة. فعند الحديث عن الجماعات الترابية فإن ذلك يحيلنا على ثلاثة مستويات أولها الجماعة التي خصها المشرع بخدمات القرب واليومية للمواطن، ومجلس العمالة حيث ذهب المشرع نحو منحه صلاحية دعم الجماعات القروية التي لديها إمكانيات بشرية ومالية محدودة، عبر الاشتغال أساسا على سياسات محاربة الهشاشة والفقر والشق الاجتماعي. أما الجهة فستتكلف أساسا بوظيفة التنمية في مجالها الترابي، وبالتالي هناك نوع من تقسيم الوظائف وتكامل في المستويات الثلاثة لهذه الجماعات. التدبير الحر يعني أيضا غياب الوصاية المالية كما في السابق حيث كان الوالي هو الآمر بالصرف، وهو ما يؤكد وجود سلطة أقوى. هذه تحولات مهمة ونوعية، لكن موضوع العلاقة بين الوالي والجهة لا يجب أن ننظر إليه من باب التنافس أو التضارب والتنازع، بل إن الدستور يؤكد أن الوالي يمارس المراقبة الإدارية ويمثل الحكومة، على اعتبار أن رئيس الجهة لا يمكن أن يجالس جميع القطاعات الحكومية بل الوالي يصبح مخاطبا ينسق ويمثل الحكومة، وعليه واجب مساعدة رئيس الجهة خاصة على مستوى تنزيل برنامج التنمية. – هل أخذتم بعين الاعتبار بعض الإشكالات التي قد تطرح في العلاقة مع الوالي، وإمكانية عدم تعاون بعض الإدارات العمومية؟ شخصيا كنت مسؤولا في الإدارة ومؤسسات عمومية، ويمكن لي أن أقول بأن الإدارة إذا وجدت أمامها منتخبين يريدون العمل فإن الموظفين يشتغلون معهم بحماس، وبالتالي لا وجود لهذه الأمور من قبيل رفض الموظفين العمل و»وضع العصا في الرويضة»، وهذه الخلاصة أقولها انطلاقا من تجربة عشرين سنة في الإدارة المغربية وفي مجالات فيها احتكاك مع مئات الجماعات. – لكن هناك تخوف من غياب أدوات التنزيل رغم وجود الإمكانيات المالية الوكالة هي التي ستنزل المشاريع، وسيتشكل مجلسها الإداري من أعضاء الجهة. المنظومة واضحة والإدارات الأخرى سنشتغل معها في إطار التعاقد واتفاقيات شراكة. شخصيا كنت مدير وكالة حضرية واشتغلت في قطاع التعمير وكان لدي احتكاك يومي مع الجماعات، وأعتقد أنه بشكل عام الإدارة المغربية تتجند إذا كان هناك منتخبون يعملون بشكل جيد. – الآن بعدما ناقشنا تحديات الجهوية بشكل عام، كيف ستتعاملون مع التفاوتات التي تعرفها أقاليم جهة الرباط-سلا-القنيطرة؟ أعتقد أن جهة الرباط-سلا-القنيطرة من الجهات المحظوظة جدا في التقسيم الحالي، على اعتبار أنه جعلها جهة متكاملة بامتياز. هذه الجهة تتوفر على مدن كبيرة تشكل أقطابا مهمة للتنمية وأيضا كل المجالات الاقتصادية الأساسية، وهي جهة فلاحية بامتياز لتوفرها على سهل الغرب وأيضا الصيد البحري، بل أصبحت قطبا صناعيا صاعدا خاصة على مستوى القنيطرة، وهو قطب له مستقبل واعد خاصة عند إنجاز الميناء المتوسطي مما سيعطيها بوابة على العالم الخارجي بشكل مباشر. أضف إلى ذلك أن هذه الجهة مرتبطة بقطبين صناعيين أساسيين في المغرب هما طنجة والدار البيضاء وخط السكك الحديدية والطريق السيار وغدا الخط السككي السريع. كما أنها غنية بمواردها الطبيعية كما هو الشأن بالنسبة للغاز في الغرب، وأكبر غابة للفلين في العالم والمحميات الطبيعية. وهي تمتاز أيضا بالأنسجة العتيقة في الرباطوسلاوالقنيطرة، وأكبر عرض متحفي على المستوى الوطني ومسرح محمد الخامس ومستقبلا مسرح محمد السادس، وتنظم فيها العديد من المهرجانات، وبالتالي هذه الجهة ستعرف تنوعا رائعا على المستوى السياحي. علاوة على ذلك فنحن أمام أول قطب جامعي في المغرب وهو ما يجب أن نعززه، إلى جانب الشق الخدماتي الإداري في عاصمة المملكة. – ماذا عن التفاوتات؟ طبعا نسجل مفارقة كبيرة على مستوى هذه الجهة، فبقدر توفرها على مؤهلات مهمة وكبيرة بقدر ما أنها من الجهات التي تسجل فيها فوارق كبيرة مقارنة مع المناطق التي تتوفر على مستويات تنمية وخدماتية مقبولة، بل هناك بعض المناطق في أدنى سلم مؤشرات التنمية وهو ما يطرح تحديات كبيرة جدا. في مدينة الرباط كما هناك مناطق كعكراش وعين عتيق وعين عودة تجد فيها هذه التمظهرات، غير أنه يمكن القول بأن منطقة سهل الغرب بقدر ما هي غنية بمواردها بقدر ما تعيش وضعا مترديا حتى على مستوى مراكزها الحضارية. وبالتالي هناك مجهود كبير جدا، فبالموازاة مع العمل على استثمار الإمكانات الموجودة فإنه يجب أن نسابق الزمن لنتدارك مظاهر الخصاص والنقص التي تعرفها الجهة. – هل ستضمنون لسكان هذه الأقاليم توزيعا عادلا لثروة الجهة؟ ما سنشتغل عليه أساسا هو جعل المواطنين في هذه المنطقة يستفيدون إلى أقصى حد من القيمة المضافة المسموح بها. يجب الاشتغال على خلق صناعة فلاحية متطورة تسمح بتثمين المنتوجات الفلاحية. كما أن الجهة تم تأسيسها بمنطق التضامن بين الجهات وإعطاء أولية للمناطق التي تعرف نقصا. ما هو أساسي بالنسبة لنا هو الاشتغال لتحسين وتعزيز الفرص المتوفرة ليحسن السكان وضعيتهم، سواء تعلق الأمر بالتعليم أو التكوين المهني أو تعزيز وإنعاش أنشطة مدرة للدخل في المناطق الهشة والقروية. غير أنه لا يجب أن ننسى أن منطق توزيع الاختصاصات يجعل المجالس الإقليمية المسؤولة الأولى على محاربة الهشاشة، لكن القانون يتحدث بوضوح على وجود تعاون بين الجماعات الترابية. وفي هذا الصدد يمكن إنشاء مجموعة الجهات أو مجموعة الجماعات الترابية، وبالتالي سنتعاون على اعتبار أن برنامج التنمية الجهوية يجب أن يشمل مختلف الجوانب والعمل سيكون بالمنطق التشاركي الذي بني به الدستور والقانون التنظيمي. فبالنسبة لباقي الفاعلين، فالقانون يؤكد ضرورة إحداث ثلاث هيئات استشارية إحداها تهم الفاعلين الاقتصاديين بالإضافة إلى العلاقات المؤسساتية إذ لا يمكن بناء برنامج للتنمية الجهوية بدون الجلوس مع الفاعلين الاقتصاديين باعتبارهم عنصرا أساسيا، علما أن الجهة لا تتوفر على إمكانيات كبيرة جدا. الأساسي في برنامج التنمية الجهوية هو استثمار كل الإمكانات المتاحة ليشارك الجميع، فالتحدي اليوم هو كيف يمكن لكل درهم تتوفر عليه الجهة أن يعبئ 100 درهم، في إطار التعاون اللاممركز مع الجماعات الترابية خارج الوطن، وهناك إمكانات كبيرة للتمويل من الخارج وليس فقط تعاون دولي شكلي، غير أنه يجب أن يندرج في إطار تصور واضح، وأيضا مع الفاعلين الاقتصاديين المحليين ومؤسسات الدولة بمختلف أصنافها. – هل حسمتم مسألة بناء مجموعة من الجماعات المحلية مادام أن الانتخابات منحت الحزب قوة في الجهة؟ لم نحسم شيئا في هذا الموضوع على اعتبار أنه أكدنا في برنامجنا الانتخابي على المقاربة التشاركية. برنامج التنمية الجهوية سنضعه بمقاربة تشاركية حقيقية أولا مع مختلف مكونات الجهة أغلبية ومعارضة، وأيضا مع كل الفاعلين ومع باقي الجماعات الترابية. كما أن إحداث مجموعات الجماعات لن يأتي هكذا، بل يجب أن يكون مبنيا على برامج لأننا لسنا من هواة إحداث الهيئات. صحيح أن القانون يسمح لنا بإنشاء هذه المجموعات وشركات التنمية، لكن يجب أن تكون مرتبطة بأهداف ومشاريع واضحة، والوقت لازال مبكرا لحسم الموضوع. – بعد عملية تسليم السلط، هل رئيس الجهة بدأ في ممارسة مهامه ومنها الأمر بالصرف؟ بالنسبة لميزانية 2015 فالوالي سيبقى الآمر بالصرف إلى نهاية هذه السنة، وهناك دورية واضحة لوزير الداخلية أكدت أنه لا يمكن للولاة أن يوقعوا على أي التزامات جديدة إلا باتفاق مع رؤساء إذا كانت مرتبطة بميزانية 2015. – ما هي أهم الموارد المالية لجهة الرباط وأيضا الوعاء العقاري الذي تتوفر عليه؟ بالنسبة للرصيد العقاري فهو محدود جدا، حيث نتوفر في القنيطرة على المكان الذي بني فيه مقر الجهة، في إطار تجزئة للمجلس الجهوي للغرب الشراردة بني حسن. بالنسبة للموارد المالية، ففي النظام السابق كانت الدولة تخصص بمقتضى قانون الجهات 1 في المائة من الضريبة على الدخل و1 في المائة من الضريبة على الشركات و13 في المائة من الرسم على التأمين بالإضافة إلى بعض المداخيل المرتبطة بالأنشطة المعدنية. الآن ينص القانون على رفع النسبة المخصصة من الموردين الأولين إلى 5 في المائة لكل واحد منهما، ورفع رسم التأمين إلى 20 في المائة، وذلك بشكل تدريجي إلى حدود سنة 2021، وبالتالي نتوقع هذه السنة أن تكون هناك زيادة محترمة دون أن تصل إلى نسبة 5 في المائة. ما يجب أن نراهن عليه بالنسبة للموارد هو تعزيز إمكانيات التعاون مع الشركاء، لأن وضع برنامج التنمية لا ينبني على الموارد الذاتية فقط، بل على التعاون مع مختلف الشركاء كما هو الشأن بالنسبة للرباط مدينة الأنوار أو برنامج تأهيل سلا أو المخطط الاستراتيجي للتنمية المندمجة لإقليم القنيطرة. وأؤكد هنا أنه في سنة 2021 سيكون على الدولة أن تمنح الجهات 10 مليار درهم، وإذا لم يكن الجزء المخصص من الضريبة على الدخل والشركات ورسم التأمين كافيا فيجب عليها أن تقدم مساهمات إضافية، إلى جانب صندوقي التأهيل الاجتماعي والتضامن بين الجهات. – المشرع منحكم باب التدخل على مستوى الطرق غير المصنفة في العالم القروي. ما هي المناطق التي تحتاج إلى تدخل عاجل؟ على مستوى هذه الجهة سنشتغل في إطار خطوط متوازية. الخط الأول هو بناء مؤسسات الجهة الجديدة على مستوى الهيكلة والتنظيم ووكالة إنجاز المشاريع، وبالموازاة مع ذلك فسنعتمد على البرامج والمشاريع التي تتوفر عليها مدن الجهة ونبني عليها التنمية، بل إن هذه البرامج يمكن أن تمنحنا فائضا نستعمله في مجالات أخرى. والمستوى الثالث يرتبط بالاشتغال على تقليص مؤشرات الفقر والهشاشة الاجتماعية باستحضار اختصاصات الآخرين وتعزيز البنية الطرقية. صحيح أن القانون تحدث عن المسالك غير المصنفة والسياحية، لكن على مستوى الاختصاصات المنقولة فقد تحدث المشرع عن البنيات التحتية والنقل والطرق بشكل عام، وجزء كبير من استثمارات الجهات في الفترة السابقة كانت تهم الطرق ولا يمكن إلا أن نستمر في هذا المجال. لا ننسى أيضا عند الحديث عن النقل أننا في جهة جزء كبير من تنافسيتها مرتبط بالبنية الطرقية والربط بين كل مكوناتها. – وكيف ستقلصون التناقضات التي تعرفها الجهة حيث توجد وسيلة «التراموي» في الرباط، في حين لا يجد سكان مناطق أخرى وسائل للنقل، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على القطاع الصحي؟ أولا لدينا مجموعة من المشاريع موضوع اتفاقات جارية، وسنشتغل على تفعيلها ومنها مشاريع كبيرة على مستوى الطرق والمرافق الاجتماعية. وبالموازاة مع ذلك، فنحن عازمون على عقد سلسلة لقاءات مع أهم الفاعلين لنرى ما يمكن فعله لأنه لا ننسى الخطاب الملكي الذي أكد أن هناك أزيد من 10 آلاف برنامج ستشرف عليها وزارة الداخلية. لهذا نحن في الأسبوع الثالث بعد انتخابات المكاتب، ونحتاج لبعض الوقت لندرس هذه الأمور. العزم موجود والوعي بوجود هذه التفاوتات حاصل، وهذا الموضوع سيكون من أولويات اشتغالنا. – ملف التعمير من أعقد الملفات. هل سيكون هناك مخطط لإعداد للتراب؟ هناك اختلاف بين التعمير وإعداد التراب. منطق الأشياء في المغرب مبني على مخطط وطني لإعداد التراب، والذي يحدد الاختيارات الكبرى في تهيئة المجال من قبيل بناء ميناء أو مطار، وبعد ذلك تحدد وظائف المجالات. في مستوى ثان تأتي المخططات الجهوية لإعداد التراب والتي يجب أن تنضبط للمخطط الوطني، لكنها لا تدخل في تفاصيل تهيئة المدن بل تقوم فقط بوضع اختيارات بالنسبة لبنية شبكة المدن وتوسع المجالات الحضرية والشبكات الطرقية وما إذا كنا مثلا نريد في جهة معينة خلق مدن جديدة، مع تحديد وظائف المجالات الترابية. بعد ذلك نأتي إلى تخطيط المدن وهنا نتحدث عن تصميم التهيئة الذي ينطلق من اختيارات المخطط الجهوي لإعداد التراب لنعالج مختلف التفاصيل على مستوى المدن وهنا نشتغل في الشق الخاص بالتعمير. – هل الجهة ستكون أداة لضبط فوضى المجال؟ اختصاص الجهة يرتبط بإعداد التراب، ونحن ملزمين قانونيا بإعداد وثيقتين مهمتين هما المخطط الجهوي لإعداد التراب وبرنامج التنمية الجهوية. في هذا المجال كانت هناك عدة دراسات وتم تحديد الاختيارات الكبرى للمدن، فهناك المخطط الوطني لإعداد التراب ودراسة شملت المنطقة الممتدة من الجديدة إلى القنيطرة المسماة ب»المخطط الهيكلي للمنطقة الوسطى»، وهناك مخططين لإعداد التراب بالنسبة للجهتين السابقتين. الآن نحن في تواصل مع وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني لإدماج وتحيين هذين الوثيقتين، بشكل يأخذ بعين الاعتبار التقسيم الجديد ومستجدات الإحصاء العام للسكان والسكنى، واعتمادا على هذا المجهود سنحدد الاختيارات الكبرى. – بالنسبة للاختصاصات المنقولة، هل فعل النقل سيتم بشكل إرادي أم بطلب من الجهات، خاصة بالنسبة لبعض القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة؟ القانون أكد أن النقل يمكن ألا يتم بشكل شامل، بل يمكن للاختصاص أن ينقل جزئيا حيث لا يمكن أن نتصور تدبير الجهة للموارد البشرية لقطاع التعليم، بل يمكن نقل بناء المؤسسات وتدبيرها في حدود معينة، وأن تبقى الدولة مكلفة بالموظفين. أيضا لن يتم نقل مختلف الاختصاصات لجميع الجهات في الوقت نفسه بل حسب تقدمها وتطورها، وذلك في إطار من التوافق بينها وبين الحكومة. وأشير هنا إلى أن أغلب الاختصاصات موزعة بين ما هو ذاتي ومشترك ومنقول، ولهذا فهذه العملية ليست فيها حدود واضحة بل هناك تداخل. التحدي اليوم هو بناء الجهة، لأن الموضوع ليس مرتبطا بالاختصاصات بل القدرة على ممارستها وهو أمر مرتبط ببناء المؤسسات الكفيلة بالقيام بهذه المسؤوليات وبلورة برامج لها مضمون وقابلة للإنجاز. – ماذا عن تنظيم المهرجانات؟ الجهة لا تنظم المهرجانات، بل ذلك من اختصاص الجمعيات. هناك مهرجانات تساهم الجهة في تمويلها وأخرى لا تساهم فيها، وحسب نقاش أولي على مستوى المكتب فابتداء من ميزانية السنة القادمة سنحدد مبلغا إجماليا لدعم الجمعيات وبعد ذلك سنحدد معايير توزيعه، على اعتبار أننا نتوصل بعدد من الطلبات من جمعيات في الأحياء وأخرى لها بعد جهوي ووطني، وبالتالي يجب أن ندقق المعايير ليكون هناك نوع من الموضوعية والعدالة. الأكيد أن الرباط وعدد من المناطق على مستوى الجهة لها مؤهلات كبيرة في المجال الثقافي الذي يعطي إشعاعا للجهة. وفي معركة التنافسية المجالية والتنموية يجب تعزيز صورة ومكانة الجهة، لأننا نتواجد في منطقة معروفة بالثقافة وجمال طبيعتها والتكوين والتعليم وسنشتغل على صورة الجهة في إطار التسويق الترابي.
لابد من إحداث مراجعة عميقة للمقاربة المعتمدة في السكن الاقتصادي – هل لديكم تصور لتدبير إشكالية السكن الاجتماعي؟ هذا موضوع فيه نقاش كبير، ويتم تدبيره لحد الآن من طرف وزارة السكنى وسياسة المدينة، إذ لم نقم بمناقشته على مستوى الجهة لأننا لم نعقد حتى الدورة الأولى للمجلس. في حزب العدالة والتنمية لدينا رأي يقول بضرورة إحداث مراجعة عميقة للمقاربة المعتمدة، لأننا اتجهنا في وقت سابق نحو منطق يقول بأنه لتشجيع السكن الاجتماعي سنقلص من التجهيزات، في حين أن هذه الفئات هي الأكثر احتياجا لها، أما الفئات الأخرى فإنها تلجأ للقطاع الخاص. لهذا فالمسار الذي كنا نسير فيه هو مسار معكوس، لكن معالجة الأمر تتطلب تغييرا عميقا في المقاربة المعتمدة وهو ما سنصل إليه بشكل تدريجي.