ما نشرته وسائل إعلامنا في الأيام القليلة الماضية عن مخلفات الانتخابات الأخيرة في بلادنا يصيبنا بالدوخة؛ فمن المسؤول عن هذا الانحطاط.. وسائل إعلامنا، التي تلهث وراء تصريحات لا هدف من ورائها سوى صب الزيت على النار، أم نخبتنا السياسية، التي ضيعت بوصلتها ومعها ضيعت سمعتها وسمعة ما بقي فينا من وطن؟ من حقنا أن نعرف كيف تجرأ زعيم سياسي عتيد على «ابتزاز» وزارة بكاملها؛ من حقنا أن نعرف كيف لحزب سياسي حديث أن يعود إلى «أساليب التحكم» عن طريق «الترهيب» و«الترغيب»، وكأن الأرض بلا رب يحميها؛ من حقنا أن نعرف ما إذا كان حزب سياسي نال ثقة أكبر عدد من المصوتين يحمل «مشروعا» مستترا، يقود البلاد إلى الفوضى والاحتراب لا قدر الله؛ من حقنا أن نتساءل ما إذا كانت لدينا حقا دولة تحمينا كمواطنين من كل هذه الأخطار؛ من حقنا أن نتساءل وبمرارة: ألم نغادر بعدُ مجاهل زمن «السيبة»؟ ما نُقل عن وزير الداخلية حصاد في اجتماع حكومي من ابتزاز السيد حميد شباط لوزارته، يجب أن يكون له ما بعده؛ ما صرح به السيد عبد الله بوانو، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، من أن ما جرى خلال انتخاب رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة يرقى إلى درجة «الترهيب والترغيب واستعمال الأموال» وأنه نموذج لعودة «أساليب التحكم من جديد»، يجب أن يكون له ما بعده؛ ما رد به السيد إلياس العماري، رئيس ذات الجهة، من أن حزب العدالة والتنمية يخطط عن طريق الانتخابات لإقامة «دولة الخلافة» في المغرب، يجب أن يكون له ما بعده. حسب ما تداولته وسائل إعلام مغربية، فإن السيد حصاد أبلغ رئيس الحكومة، في اجتماع السابع عشر من شتنبر الجاري، بأن أمين عام حزب الاستقلال، السيد حميد شباط، هدده بإثارة الفوضى في حالة ما إذا تخلت عنه وزارة الداخلية ولم تؤازره في سباقه للفوز برئاسة الجهة بعد أن خسر عمودية العاصمة العلمية للمملكة. ومادامت الوزارة لم تصدر تكذيبا لما تم تداوله إعلاميا، فيمكن إذن استنتاج أن حادثة «الابتزاز» قد وقعت بالفعل. بالطبع، نفى حزب الاستقلال، على لسان أكثر من مسؤول، أن يكون الأمر متعلقا ب«ابتزاز» ما، لكنه لم يبعد تماما شبهة الاتصال الهاتفي بين شباط وحصاد ليلة الانتخابات. أما حزب الأصالة والمعاصرة، الذي ينتمي إليه رئيس جهة طنجةتطوانالحسيمة، فلم يصدر عنه بيان تكذيب لما أورده السيد بوانو، بل قرأنا تصريحا لرئيس الجهة المذكورة، يتهم فيه غريمه حزب العدالة والتنمية بعدم الولاء للوطن، وأنه يعمل لتحقيق مشروع «دولة الخلافة» على غرار ما يحدث ب»السلاح» في سوريا. إنه اتهام خطير وجدي للغاية. ماذا يعني هذا؟ يعني أن المغاربة أمام واقع مريب، فلا الدولة قادرة على حماية نفسها من الابتزاز، ولا المواطن الأعزل، إلا من ضميره، قادر على مقارعة وسائل «الترهيب والترغيب»، ولا الأحزاب السياسية يمكن الوثوق فيها. لذا، يتوجب على الحاملين لأمانة هذا الوطن أن يأخذوا ملابسات التصريحات المذكورة أعلاه على محمل الجد. أليس من حقنا، كمواطنين، أن نعرف ما يتم التخطيط له من أجلنا أو ضدنا؟