أخيرا، خرجت السلطات المغربية عن صمتها بخصوص عدد الحجاج المغاربة الذين لقوا حتفهم في الحادث المفجع بمشعر منى، الذي أوقع إلى حدود الساعة حوالي 796 قتيلا، حيث أكد بلاغ للديوان الملكي، مساء أول أمس السبت، وفاة 3 حجاج، منهم حاج وحاجة مقيمين بالمغرب، وحاج ثالث مقيم في السعودية، مشيرا، كذلك، إلى أن ستة جرحى يوجدون في عدد من المستشفيات حيث يتلقون العلاجات الضرورية. وقال الديوان الملكي إنه «تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس لرئيس الوفد الرسمي للحج، وللسفير المغربي في العربية السعودية، على إثر الحادث المفجع، لتدافع عدد من حجاج بيت الله الحرام، بمشعر منى، للاطمئنان على سلامة الحجاج المغاربة، واتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة وجود ضحايا أو إصابات بينهم، واصلت البعثة المغربية عملية البحث عن المفقودين المغاربة، حيث تأكدت لها لحد الساعة وفاة حاج وحاجة مقيمين بالمغرب، وحاج ثالث مقيم في السعودية. وقد تم إخبار عائلاتهم فور التأكد من هوياتهم». ولازالت عملية البحث عن مفقودين آخرين من بين الحجاج المغاربة متواصلة، بتعاون مع السلطات السعودية المختصة، حسب ما أكده الديوان الملكي، موضحا أن هذه العملية معقدة جدا بالنظر إلى هول الفاجعة وإلى الظروف المحيطة بعملية البحث عن الضحايا والتأكد من هوياتهم. ووضع بلاغ الديوان حدا للأنباء المتضاربة التي انتشرت عبر بعض وكالات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي أعلنت سابقا سقوط 87 قتيلا من الحجاج المغاربة. كما أعاد الأمل لبعض الأسر التي كانت قد بدأت تتلقى التعازي بعدما وصلت إلى علمها أنباء عن اختفاء حجاجها. ومنذ وقوع الحادث المفجع بمنى تزامنا مع عيد الأضحى، تعيش أسر الحجاج المغاربة حالة من الترقب والسخط، خاصة بعد تأخر السلطات المغربية في الإعلان عن حصيلة المغاربة الذين سقطوا في الحادث، وانقطاع الاتصال بعدد من الحجاج الذين لم تتوصل البعثة الرسمية إلى أماكن وجود بعضهم إلى الآن. وفي الوقت الذي كشفت فيه معظم البلدان عن أعداد ضحاياها الذين سقطوا في الحادث، فضلت السفارة المغربية في السعودية إصدار بلاغ قالت فيه إن عمليات التدقيق لا تزال جارية لتحديد هويات وجنسيات الضحايا، وإنه لا يمكن التصريح إلّا بالحالات التي ستتم معاينتها أو صدور شهادة وفاة بشأنها، متحدثًا أنه لم يتسنّ للبعثات زيارة مستودع الأموات بمكةالمكرمة، وأن عددًا ممّن اعتبروا مفقودين، التحقوا بمقرّات سكناهم سالمين بعد ذلك. وعزا بعض مسيري وكالات الأسفار السرعة التي تم بها الإعلان عن عدد الضحايا الذين سقطوا في الحادث بالنسبة إلى بعض البلدان، إلى تزويد حجاجها بسوار يميزهم عن باقي الحجاج من جنسيات أخرى، وهو الأمر الذي سهل مأمورية حصر أعداد القتلى لتلك البلدان، لكن دون التأكد من هوياتهم. على مستوى آخر، نظم عدد من الحجاج المغاربة، يوم الجمعة المنصرم، وقفة احتجاجية في مكة تنديدا ب»سوء التنظيم في منى»، مؤكدين أنهم يعيشون حالة «كارثية» دون أماكن للنوم ودون ماء، وأن السفارة المغربية أو الحكومة السعودية لما تقوما بأي شيء من أجل حل هذا المشكل. وقال بعض الحجاج إنهم اضطروا إلى العودة إلى مكة راجلين بعد تخلّي المسؤولين عنهم، وإن السلطات السعودية لم تتعامل معهم بطريقة جيدة.
أسوأ كارثة في الحج منذ 25 سنة على بعد أسبوعين تقريبا من حادث الرافعة الذي أودى بحياة أزيد من 100 حاج، جاءت فاجعة تدافع منى لتحصد أرواح أزيد من 760 حاجا، ليقترب عدد الحجاج الذين توفوا أثناء أداء شعائر الحج من 900، وذلك في أسوأ كارثة تعيشها المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي منذ 25 سنة. وحسب الحصيلة الأولية التي كشفت عنها بعض بعثات الدول الإسلامية إلى الحج، أعلنت بعثة إيران عن وفاة 131 حاجاً، كما أعلنت بعثة مصر وفاة 14 حاجاً، والصومال 8 حجاج، بينما كشفت بعثة الهند عن وفاة 14 حاجاً، كما توفي 7 من الحجاج الباكستانيين، و3 من الجزائر، و 3 من إندونيسيا، والسنغال 5 حجاج و تنزانيا 4 حجاج وكينيا 3 حجاج وهولندا حاج واحد وبوروندي حاج واحد، وأعلنت تركيا عن فقدان 18 حاجاً. وقال وزير الصحة السعودي، خالد الفالح، إن حادث التدافع الذي حصل في منطقة رمي الجمرات بمنى يوم عيد الأضحى أسفر إلى حدود الساعة عن 769 وفاة و934 جريحا. وأضاف الوزير -في مؤتمر صحفي عقده بمنى في مكةالمكرمة- أنه تم تفعيل خطة الطوارئ فور وقوع الحادث وتم توجيه كل الفرق للتعامل معه، مؤكدا أن أكثر من 250 طبيبا ومسعفا أشرفوا على عملية الطوارئ هذه. وذكر الوزير أن السلطات السعودية أمرت بالتحقيق في الحادث -الذي يعتبر أسوأ كارثة تقع في موسم الحج منذ 25 عاما- وأنه ستتم مشاركة الرأي العام في نتائجه فور جهوزها. وفي وقت سابق من يوم الخميس المنصرم، أمر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، بتشكيل لجنة تحقيق عليا في حادثة التدافع، وأمر برفع ما يتم التوصل إليه من نتائج إلى الملك سلمان بن عبد العزيز. كما أمر الملك سلمان الجهات المعنية بالمملكة بمراجعة الخطط المعمول بها في موسم الحج، وقال -خلال استقباله القيادات العسكرية المشاركة في تنظيم الحج- إن الحادث لا يقلل من المجهود «المثمر» لرجال الأمن.
انتقادات غير مسبوقة لإدارة السعودية لشؤون الحج الحصيلة الكبيرة لحادث التدافع بمشعر منى دفعت مجموعة من البلدان إلى توجيه انتقادات غير مسبوقة للمملكة العربية السعودية، خاصة من إيران التي فقدت أكبر عدد من الحجاج في الحادث. وانتقدت إيران بشدة السلطات السعودية بسبب طريقة إدارتها لشؤون الحج. وتقول إيران إنها فقدت أكثر من 130 من مواطنيها، وانتقدت السلطات السعودية بسبب «عدم توفير إجراءات السلامة المناسبة»، كما أعلنت الحداد لمدة ثلاثة أيام. وقال المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، «إن السلطات السعودية يجب عليها أن تتحمل المسؤولية عن هذا الحادث المؤسف… سوء الإدارة والتصرفات غير المناسبة تسببت في هذه الكارثة». وطالب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال إلقائه خطابا في الأممالمتحدة، بتحقيق في حادث مقتل 769 حاجا في السعودية. وأكد روحاني في خطابه على الحاجة إلى التحقيق «في أسباب هذه الحادثة وحوادث أخرى خلال موسم الحج لهذه السنة». ووصف روحاني الكارثة، التي لقي فيها قرابة 134 إيرانيا حتفهم، بأنها «تدمي القلب». وكرر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قبيل إجرائه مباحثات مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في مقر الأممالمتحدة «الحاجة إلى معالجة الحادثة الكارثية في السعودية». وبالمقابل، اعتبر مفتي السعودية، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، سلطات بلاده غير مسؤولة عن حادث تدافع الحجيج في مِنى. وقال آل الشيخ إن الحادث وقع «قدر وقضاء». وجاءت تصريحات المفتي خلال لقائه يوم الجمعة مع الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي، ورئيس اللجنة العليا للحج، وفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية. وقال المفتي السعودي لولي العهد الأمير بن نايف: «أنتم غير مسؤولين عما حصل». وأضاف: «الأمور التي لا يستطيع البشر السيطرة عليها لا تلامون عليها، والقدر والقضاء إذا نفذ لا بد منه».
روايات متضاربة حول أسباب الحادث تتضارب الروايات حول الأسباب التي أدت إلى وقوع فاجعة تدافع منى، حسب الجهة المصدرة للرواية، ففي الوقت الذي يتهم فيه بعض الحجاج والناشطون السلطات السعودية بالتسبب مباشرة في الحادث، من خلال رفض فتح البوابات أمام حشود المتدافعين، وهو أمر أكدته بعض الفيديوهات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، تصر السلطات السعودية على وجود سببين للحادث، أولهما، هو دخول حجاج على خط السير، بحيث كان هؤلاء الحجاج قد أنهوا رمي الجمرات، وأرادوا العودة إلى مخيماتهم عبر الطريق المخصص لمن يذهبون لرمي الجمرات وليس لمن يعودون، والسبب الثاني هو رفض بعض الحجاج تطبيق أوامر رجال الأمن على حافتي الطريق المؤدي إلى جسر الجمرات. ويذهب مصدر أمني من الحرس السعودي إلى أن السبب هو عدم التزام بعض حملات الحج بالتعليمات، حيث أرادوا أن يتجهوا إلى الجمرات عبر حافلات وليس من خلال قطار المشاعر، وبعد عودتهم تم إنزالهم في تقاطع شارع 204 مع شارع 223، الذي تزامن مع قدوم الحجاج الذين حل موعدهم للتصعيد إلى الجمرات، فوقع التصادم بشكل المفاجئ، مشيرا إلى أن التحقيقات جارية الآن لمعرفة كيفية دخول الحافلات في هذا الموقع، وأيضاً مع حملات الحج التي لم تلتزم بالتعليمات. يشار إلى أن هذا الطريق يقع وسط مخيمات الحجاج على اليمين والشمال، وعرض الطريق لا يتعدى 4 أمتار، وهو بطول حوالي 3 كيلومترات باتجاه جسر الجمرات. وقد لوحظ منذ الساعات الأولى ليوم العيد، وجود حالة تزاحم غير عادية، لكنها زادت في وقت لاحق، وقد أثرت حرارة الجو في خلق التوتر بين الحجاج. وذهب وزير الصحة بالمملكة السعودية خالد الفالح إلى الطرح نفسه، حيث قال إن حادث التدافع في مشعر منى، الذي راح ضحيته مئات الحجاج، ربما وقع لأن بعضهم لم يلتزموا بتعليمات السلطات المنظِمة للحج. وأضاف الفالح، في بيان على الموقع الإلكتروني للوزارة، أن التحقيقات ستجري سريعا لمعرفة ملابسات أسوأ كارثة تقع في موسم الحج منذ 25 عاما. وقال البيان إن الحادث نتج ربما عن «تحرك بعض الحجاج بدون اتباع خطط التفويج الصادرة من قبل الجهات ذات العلاقة»، مؤكدا أن التحقيقات «ستكون سريعة وسيعلن عنها كما حدث في حوادث أخرى»، مرجحا، كذلك، أن يكون عدم الالتزام بجدول التفويج أحد أسباب الحادث.