بعد هزيمته في الانتخابات الأوربية التي جرت في شهر يونيو 2009 وتفاقم الانقسامات في صفوفه ودعوة البعض إلى حله، ما هي حظوظ الحزب الاشتراكي الفرنسي في الاقتراع الجهوي المزمع إجراؤه في 14 مارس القادم، لحصد المناطق الاثنتين والعشرين المتصارع حولها أو، على الأقل، الحفاظ على رئاسة العشرين منها الواقعة تحت نفوذه؟ إنه السؤال، بل الرهان المطروح اليوم على الحزب في غمرة الاستعدادات التي استل فيها كل طرف أسلحته، منذ الآن، استعدادا للإجهاز على الخصم أو الخصوم. وتدل العديد من المؤشرات على أن الحزب بدأ في استرداد عافيته السياسية لدى الفرنسيين. ولا ندري هل المسألة مجرد نزوة عابرة أم إن الأمر يتعلق بتيار حقيقي وقوي سيؤهل الاشتراكيين إلى عقد الصلة مع القاعدة، مع تحقيق اختراق للرأي العام. فبعد مصادقة اللجنة الوطنية، المنعقدة بمدينة تور، على قائمة المرشحين، تم تسطير النقاط العريضة للمشروع الوطني للحزب والذي يقوم على تعهدات أقرتها اللجنة وتتلخص في الرهان على الشباب كمشروع وطني اجتماعي مستعجل يمر عبر توفير سبل الاستقلال الذاتي للشباب في مجالات حيوية مثل السكن، رخصة السياقة، مجانية الكتب، تزويد التلاميذ بمحفظة رقمية، استثمار 15 مليار أورو في مجال النقل العمومي الجهوي، الرفع من الميزانية المخصصة للطاقات القابلة للتجديد بنسبة 50 في المائة. حتى وإن جاءت بعض المبادرات الانفرادية من بعض الشخصيات الاشتراكية للتشويش على المشروع الوطني، فإن ذلك لم يؤثر كثيرا على التئام الاشتراكيين، إذ بعد النداء الذي وجهته سيوغولين رويال إلى فرانسوا بايرو، رئيس الموديم (الحركة الديمقراطية)، من خلف المكتب الوطني، إلى عقد تحالف معها في منطقة البواتو شارانت الواقعة تحت نفوذها، خرج جورج فريش، رئيس منطقة لانغدوك-روسيون، والمعروف بتصريحاته النابية والمعادية للأجانب، ليفرض نفسه مرشحا للحزب على الرغم من أن هذا الأخير سبق له أن طرده بسبب سلاطة لسانه ضد المهاجرين! لعب الحزب ورقة تأجيل الصراعات إلى ما بعد الاستحقاق الجهوي. وعلى خلفية الإجماع الحاصل في مدينة تور، شرعت مارتين أوبري، السكرتيرة الأولى للحزب، في صقل خطابها وشحذ أسلحتها بإحكام وذكاء. وهكذا، بدل أن تركز في تدخلاتها على شخص ساركوزي، شددت على «فشل مشروعه السياسي»، متكئة على الوضع الذي تعيشه فرنسا اليوم بأزماتها، فضائحها، تخوفاتها الوهمية من قضايا الإسلام... وخلصت إلى القول بأن «الانتخابات الجهوية ستكون بداية رحيل ساركوزي...». بدل الثالوث الساركوزي، القائم على الهوية الوطنية والهجرة والانفراط الأمني، اقترحت مارتين أوبري ثالوثا بديلا يقوم على الشغل والتربية والبيئة. في المشهد السياسي الفرنسي، تقدم السكرتيرة الأولى للحزب الاشتراكي صورة امرأة طيبة وهادئة، على طرفي نقيض مع الصورة التي يقدمها نيكولا ساركوزي وسيغولين رويال، اللذان يعتمدان استراتيجية الفيلة لدك الإعلام والرأي العام. يبقى السؤال: هل ستنجح مارتين أوبري، برزانتها وطيبوبتها، في إيقاف الحزب على رجليه بعد الاقتراع الجهوي، لخوض رهان الانتخابات الرئاسية لعام 2012؟ الجواب في شهر مارس.