سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرميد: «هناك من يدبج مقالات تحت الطلب وهناك من ينشر الأخبار الزائفة على حساب القيم المشتركة للمجتمع» المساري: «القانون الجديد صيغ على شكل مدونة جامعة لأعمال مهنة الصحافة»
استغرب عدد من البرلمانيين، وخبراء مختصون في مجال الصحافة وآخرون في مجال القضاء، ما أسموه التراجع الحاصل في مجال احترام الحريات العامة، بينها حرية التعبير والصحافة، مؤكدين أن القضاء لا يطبق القانون في جرائم النشر، ولكن ينفذ تعليمات شفوية إدارية، ويصدر أحكاما غريبة، ثقيلة من حيث الغرامات، وتعد مجرد عملية انتقام لا غير. وقال النائب مصطفى الرميد، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، إنه مهما أخطأت الصحافة المكتوبة، ولم تحترم أخلاقيات مهنة الصحافة، فإنه مع ذلك يجب الامتثال إلى القانون وليس إصدار التعليمات، مشيرا إلى أن وضع الصحافة اليوم لا يبشر بالخير، لكونها بين الإيقاف والمنع والسجن النافذ وأداء الغرامات الثقيلة. وأكد الرميد، الذي كان يتحدث أمس، في مجلس النواب، في ندوة رعاها فريقه النيابي، حول حرية الصحافة والمسؤولية، أن مؤشر احترام حقوق الإنسان بالمغرب، مرتبط بمؤشر حرية الصحافة، وبما أن هذه الأخيرة تعاني تضييقات كثيرة، وصلت إلى المحاكم، فإن حقوق الإنسان بالمغرب تعيش نوعا من التراجع. بيد أن الرميد شدد على أهمية التزام الصحافيين أنفسهم بأخلاقيات المهنة، قائلا: «هناك من يدبج مقالات تحت الطلب بأثمان باهضة، أو رخيصة، وهناك من يتاجر بالعناوين المثيرة، وينشر الأخبار الزائفة على حساب القيم المشتركة للمجتمع، والمؤسسات القائمة في البلاد، مهما كان موقعها»، واضعا جملة من الأسئلة حول الوضع الملتبس للعلاقة القائمة بين السلطة القضائية والصحافة، مؤكدا أن قانون الصحافة الحالي لم يعد ملائما، ملتمسا إحداث مدونة لأخلاقيات المهنة. ومن جهته، قال العربي المساري، الخبير في شؤون الصحافة، والوزير الأسبق للاتصال، إن قانون الصحافة بالمغرب عدل 8 مرات، منذ أن صدر قانون الحريات العامة سنة 1958، مبرزا أن تلك التعديلات لم تكن بدافع توسيع مجال وهامش الحريات، بقدر ما كانت نشازا، تحاول قدر الإمكان، التضييق على الصحافيين، وتمطيط الفصول لإخضاعها لتأويلات فجة لا تخدم الصحافة ولا البلاد. وأقر المساري أن أحسن نص قانوني صيغ على عهد عبد الكبير العلوي المدغري، وزير الاتصال الأسبق، والمدير العام لبيت مال القدس حاليا، وذلك سنة 1995، لكنه لم يخرج إلى حيز الوجود، فأحدث لجنة لإعادة إحيائه حيث عكف ثلة من الخبراء، بتنسيق مع نقابة الصحافة وهيئة الناشرين وحقوقيين، على تمحيصه، فقدم للوزير الأول في حكومة التناوب التوافقي، سنة 1998، لكن بدلا من أن تتم دراسته في المجلس الحكومي أو مجلس الوزراء، وضع على الرف، وجيء بتعديلات إلى البرلمان، قضت نهائيا على طموح الفاعلين في المجال الصحافي، و مع ذلك لم يستسلم المهتمون لهذا الوضع. وأكد المساري أن النص الجديد الذي تم بموجبه التفاوض مع محمد نبيل بنعبد الله، وزير الاتصال السابق، صيغ في 185 مادة، لأنه كان مطلوبا أن يكون مفصلا على شكل مدونة جامعة لأعمال مهنة الصحافة، بينها إحداث المجلس الوطني، وهي فكرة مبتكرة تمنح للمهنيين حق تولي البت في خروقات المهنة، دون إلغاء ماهو راجع للقضاء. وفي سياق متصل، انتقد المحامي عبد الرحمان بن عمرو السلطة القضائية في تعاملها مع الصحافة، وقدم أمثلة على ذلك بالمحاكمات الأخيرة للصحف بالمغرب، موضحا أن تاريخ المغرب في مجال الحريات وحقوق الإنسان، فيه مد وجزر، حيث إن القانون قد يمنح في أحد فصوله مكسبا مطلبيا لأصحاب المهنة، وفي نفس الوقت، يتم الإجهاز على 5 مكتسبات دفعة واحدة، معتبرا هذا التلاعب بالقوانين تعبيرا عن غياب استقلالية ونزاهة القضاء. وحمل بن عمرو المسؤولية إلى الإداريين الذين يصدرون قرارات شفاهية غير معللة، وإلى القضاء الذي يصدر أحكامه تحت واقع نفس التعليمات، وإلى وزير العدل، باعتباره رئيس النيابة العامة الذي لديه حق التدخل لدفع الأطراف إلى احترام القانون، وإلى البرلمانيين الذين لهم حق مساءلة وزير العدل والداخلية.