فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«النووي الإيراني».. حكاية مخاض عسير لملف يرسم خارطة جديدة للشرق الأوسط
الاتفاق فتح الباب واسعا أمام سباق التسلح بالمنطقة
نشر في المساء يوم 28 - 08 - 2015

بعد مفاوضات شاقة استمرت 12سنة، منذ اكتشاف البرنامج النووي الإيراني السري سنة 2002، أعلنت مجموعة 5+1 في شهر يوليوز الماضي عن التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران حول برنامجها النووي، وينص الاتفاق على رفع العقوبات الدولية عن إيران مقابل تخليها عن الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي، الأمر الذي لم توافق عليه إسرائيل ووصفت هذا الاتفاق ب«الخطأ التاريخي» وتحفظت عليه .
منذ ستينيات القرن الماضي، في عهد نظام الشاه، بدأ العمل بالبرنامج النووي في إيران، إلا أنه عرف انتكاسة خلال الثورة الإيرانية بسبب الحرب مع العراق عام 1980- 1988 والتي كانت سببا في توقفه، ثم عاد العمل به بعد انتهاء الحرب، وبدأ الجدل حول البرنامج النووي يتصاعد منذ سنة 2002 بعد الكشف عن منشأتين نوويتين سريتين في وسط البلاد، ووافقت طهران إثر ذلك على أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش لمواقعها النووية، وعثر عقب ذلك مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية على آثار من اليورانيوم المخصب، ومنحوا إيران مهلة لتوقيف العملية تنتهي في شتنبر 2003 ، بعد ذلك تعهدت إيران في أكتوبر من نفس السنة بتعليق أنشطتها في تخصيب اليورانيوم إثر زيارة غير مسبوقة قام بها وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى العاصمة طهران، وفي نونبر 2004 تم توقيع اتفاق يقضي بوقف إيران عملية تخصيب اليورانيوم، وتقديم ضمانات بأن البرنامج النووي مخصص للإغراض السلمية فقط.
وفي 7 غشت 2005 تم رفض الاتفاق المبرم قبل ذلك بيومين في جنيف من قبل الحكومة الإيرانية، خاصة بعد إضافة شروط جديدة من قبل الاتحاد الأوربي قالت عنها إيران إنها غير موجودة في الاتفاقية، منها تخلي إيران عن دعم المنظمات التي يسميها الغرب بالإرهابية، وعدم معاداة إسرائيل، ومساعدة الولايات المتحدة في جهودها لاستقرار الأوضاع في العراق وأفغانستان. واعتمدت إيران في رفضها لهذه الشروط على المادة الرابعة من اتفاقية فيينا التي تسمح للدول باستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وبضمانات أمنية إلى جانب الضمانات المقدمة من دول الاتحاد الأوروبي بعدم التدخل ضد النظام السياسي الإيراني، خاصة وأن إيران ليس لديها مشاكل أمنية مع أوربا، وقررت الدول الخمس الكبرى في يناير 2006 رفع القضية إلى مجلس الأمن وردت طهران متحدية بالإعلان عن نجاحها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% ورفضت فيما بعد دعوات السداسية الدولية المطالبة بوقف عمليات التخصيب وقامت زيادة على ذلك بتدشين مصنع للمياه الثقيلة في منطقة أراك.
وفي يناير 2006 بعد معاودة إيران أنشطتها النووية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، تم رفع الملف لمجلس الأمن في مارس من نفس السنة فأصدر القرار رقم «1696» الذي أمهل فيه إيران شهرا واحدا لوقف تخصيب اليورانيوم، ولكن كان رد «علي لاريجاني» الذي حل محل «حسن روحاني» كمفاوض في البرنامج النووي الإيراني أن شروط وقف التخصيب تأتي كنتيجة عن المفاوضات لا سابقة عليها، ومنذ تحويل ملف إيران النووي لمجلس الأمن صدرت عدة قرارات ضد إيران، أولها القرار «1696» في تموز 2006 والذي تلته عدة قرارات من مجلس الأمن وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية إضافية على إيران، وهو ما كان له تأثير على الاقتصاد الإيراني.
أهم البنود
بعد كل هذه الأحداث حول البرنامج النووي الإيراني منذ 2002 وإلى الآن، والضغوط الدولية التي وصل بعضها إلى التهديد بالقوة العسكرية من قبل أمريكا وإسرائيل، وبعد الأزمات الاقتصادية داخل إيران وبروز أحداث جديدة في الشرق الأوسط من تمدد للإرهاب والفوضى، توصلت الأطراف إلى اتفاق شامل في يوم الثلاثاء 14 يوليوز 2015 اشتمل على عدة بنود نذكر أهمها:
1_ رفع العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على إيران، بعد إكمال متطلبات الاتفاق.
2_ فرض قيود على البرنامج النووي الإيراني طويلة الأمد مع استمرار في تخصيب اليورانيوم بنسبة حددت في 3.67 في المائة.
3_ السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى كل المواقع المشتبه بها، ومنها المواقع العسكرية بعد التشاور مع طهران.
4_ الإبقاء على حظر استيراد الأسلحة 5 سنوات إضافية، و8 سنوات للصواريخ البالستية.
5_ الإفراج عن أرصدة وأصول إيران المجمدة والمقدرة بمليارات الدولارات.
6_ رفع الحظر عن الطيران الإيراني وأيضا عن البنك المركزي والشركات النفطية والعديد من المؤسسات والشخصيات.
مكاسب إيران من الاتفاق النووي:
بعد جهد وعمل متواصل لأكثر من 12 سنة، صمدت إيران وقاومت كل الضغوط الدولية عليها والعقوبات الدولية سواء كانت سياسية أو اقتصادية، واستطاعت تحقيق عدة مكاسب من وراء هذا الاتفاق أهمها:
1_ توقيع الاتفاق يمثل خطوة تاريخية للدبلوماسية الإيرانية، ويتيح لها استعادة وضعها الطبيعي داخل المنظومة الدولية بعد أكثر من عقد من العقوبات والعزلة، فقد استطاعت إيران من خلال صمودها وسياستها المرنة استغلال الفرص التي توفرت لها في الشرق الأوسط، من احتلال أمريكي للعراق وأفغانستان، ثم أحداث سوريا واليمن وتمدد الإرهاب التكفيري والطائفي في المنطقة، كل هذه العوامل سهلت لإيران الصمود والضغط على الغرب للحصول ما كانت تصبو إليه.
2_ تمكن البرنامج النووي الإيراني من إحراز اعتراف دولي بأن إيران إحدى الدول النووية في العالم، فلأول مرة في العالم تسمح أمريكا والغرب لدولة من دول العالم النامي بامتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية من خلال المفاوضات وبموافقة دولية.
3_ السماح لإيران باستمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67 في المائة دون إغلاق أي منشأة نووية، فعلى الرغم من أنها نسبة ضعيفة جدا ولن تسمح بصناعة أي سلاح نووي مستقبلا إلا أنها تعد مهمة للإيرانيين، خاصة وأن شروط الغرب وأمريكا كانت سابقا تستهدف وقف تخصيب اليورانيوم بشكل نهائي، وهو ما رفضته إيران بقوة.
4_ الاتفاق النووي ساهم بشكل كبير في استعادة إيران عافيتها الاقتصادية ورفع العقوبات عن صادراتها البترولية بعد إلغاء العقوبات الاقتصادية والمالية والنفطية المفروضة على البلاد، كما أنه يتيح لها تسويات اقتصادية متعلقة بتدفق الاستثمارات الغربية خاصة الأوروبية إلى السوق الداخلية، فمع بداية توقيع الاتفاق بدأت عدة وفود أوربية رسمية وغير رسمية من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بزيارة طهران من أجل الحصول على فرص استثمارية وعقود عمل في السوق الإيرانية.
5_ الاتفاق يسمح لطهران باستعادة أموالها المجمدة في بنوك الخارج والتي تقدر بالمليارات مما يعزز من نموها الاقتصادي، فقد قدرت بعض الإحصائيات أن الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج تقدر ب 150 مليار دولار، وهو مبلغ مهم ويمكن أن يساهم في دعم الاقتصاد الإيراني بقوة.
خيارات الدول العربية بالمنطقة بعد الاتفاق النووي
لقد فتح الاتفاق النووي الإيراني الباب على مصراعيه أمام رسم خارطة تحالفات عربية جديدة في المنظومة الإقليمية توقيا لأي خطر محتمل، إذ سارعت أبرز الدول العربية، وهي السعودية ومصر والإمارات والكويت والأردن والبحرين، بالإضافة إلى المغرب والسودان وباكستان لتشكيل تحالف جديد، علاوة على محاولة ضم تركيا إليه مؤخرا، حيث أتت «عاصفة الحزم» والدعوة إلى تشكيل قوة عربية تحت مظلة الجامعة العربية كاستجابة ضرورية لمنطق القوة السائد بالمنطقة.
ويرى الخبراء في العلاقات الدولية أنه ليس من ردّ فاعل بالنسبة إلى الدول العربية في مواجهة التمدد الإيراني سوى الخروج من دائرة رد الفعل الانفعالي وبناء استراتيجية تحتسب نقاط القوة فيه لتحييدها، وتستغل نقاط ضعفه بطريقة ناجعة، وفي هذا الصدد، تبدو المواجهة الفكرية والسياسية والإعلامية للأسس التي يستند عليها النظام الإيراني لقولبة تمدده وطموحاته التوسعية ضرورية إلى أبعد الحدود، ولم يعد أمام الجانب العربي حل أنجع من الوقوف في وجه الترويج للنموذج الإيراني ولولاية الفقيه، حتى لا تقع الجماهير العربية والأقليات الدينية ضحية الدعاية الإيرانية، سوى اختراق تلك الدعاوى التضليلية والرد على الثقافة السياسية الإيرانية التي تحاول الجمع بين ديمقراطية الانتخابات والتسلطية الدينية، من منطلق احترام تام لقيم الأقليات الشيعية في العالم العربي.
سلبيات الاتفاق النووي ونقط ضعفه
يرى خبراء القانون الدولي والدراسات الإستراتيجية أنه على الرغم مما حققته إيران من مكاسب من خلال الاتفاق مع الدول الغربية حول برنامجها النووي، والذي يعد أكبر مكسب للحكومة وللدبلوماسية الإيرانية، إذ تعد إيران أول دولة من دول العالم النامي تستطيع انتزاع حق من الغرب عن طريق المفاوضات وبدون خسائر أو الدخول في مواجهات عسكرية معه، مثل ما حصل للعراق منذ 1991 إلى الاحتلال في سنة 2003، إلا أن هناك عددا من الملاحظات التي يمكن استنتاجها من هذا الاتفاق منها:
القرار الجديد رقم 2231 يلغي بشكل مشروط القرارات الدولية السابقة التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي تحت المادة السابعة من اتفاقية الأمم المتحدة، وهذا الإلغاء مشروط حتى نهاية المدى الزمني للقرار الجديد، ويمكن إحياؤها من خلال الآلية الموضوعة في القرار الجديد لإعادة العمل بالحظر، كما أن إلغاء القرارات والحظر مرتبط بوفاء إيران بالتزاماتها، وتأييد ذلك من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وينص مشروع القرار على أن إلغاء القرارات السابقة يتم بعد استلام تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول التزام إيران بكافة البنود المتفق عليها، وفي حال ما إذا ادعى أحد أعضاء دول مجموعة 5+1 أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران خرقت بنود الاتفاق يمكنه أن يرفع ذلك إلى لجنة مشتركة مكونة من 8 أعضاء (إيران، أمريكا، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، والاتحاد الأوروبي) ، وإذا لم يتم حل ذلك في هذه اللجنة التي يمتلك الجانب الغربي الأكثرية فيها دائما، سيتم رفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي الذي يصوت على استمرار إلغاء القرارات السابقة وإذا لم يتم التصويت خلال الثلاثين يوماً على القرار، فإن الحظر سيعود إلى ما كان عليه، وهذا يعني حسب رأي العديد من الباحثين أن إيران ستكون رهينة الدول الغربية وتقارير المفتشين الدوليين على غرار ما حصل في العراق، وأن أي سوء تفاهم بين إيران والمفتشين الدوليين سوف يؤدي إلى فرض العقوبات مجددا.
استمرار الخطابات المتشنجة رغم الاتفاق النووي يؤكد استمرار الخلافات بين إيران وأمريكا، فقد قال المرشد الأعلى «علي خامنئي» في لقاء له مع طلاب الجامعات الإيرانية، قبل الاتفاق النووي ببضعة أيام في خطبة عيد الفطر، إن المواجهة مع ما يسميه الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وخطر إسرائيل على العالم الإسلامي لم ينته، وأكد على استمرار استعداد إيران لأي مواجهة محتملة، وأن إيران لن تتخلى عن حلفائها في المنطقة وسوف تستمر في دعمهم، كذلك أعلن قائد الحرس الثوري الإيراني عن غضبه من الاتفاق خاصة اعتراض الحرس الثوري على الفقرة الخاصة بالصواريخ البالستية.وفي خطاب الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» بعد الاتفاق النووي، فعلى الرغم من أنه يساند الاتفاق النووي مع إيران وأنه هدد الكونغرس باستخدام النقض ضد أي قرار قد يتخذه الأخير ضد الاتفاق، إلا أنه قال: «إن هذا الاتفاق مع إيران يشبه الاتفاقات بين أمريكا والاتحاد السوفياتي سابقا، حيث كان السوفييت أعداء لأمريكا إلا أننا عقدنا معهم عدة اتفاقيات كانت في النتيجة لمصلحة أمريكا»، كذلك إعلان المتحدث باسم البيت الأبيض أن هذا الاتفاق لن يلغي الحل العسكري في حال إخلال إيران بأحد بنود الاتفاق، وأن عقد الاتفاق هو لإعطاء فرصة للدبلوماسية للتأكد من سلمية برنامج إيران النووي، كما أن رئيس وزراء بريطانيا «دافيد كاميرون» في خطابه بعد الاتفاق قال: «إن عقد هذا الاتفاق لا يعني أن الدول الغربية تقف إلى جانب إيران في قضايا المنطقة»، كل هذه التصريحات تدل على أن عقد اتفاق مع إيران لا يلغي الخلاف والعداء، كما أن المنطقة لا تتحمل حروبا جديدة لذلك عملت أمريكا لتهدئة الوضع في المنطقة، خاصة أن سرعة تطور الأحداث في المنطقة فرضت على أمريكا عدم الدخول في مواجهة مع إيران حاليا، لذلك لا يمكن التكهن بسياسة أمريكا المستقبلية تجاه إيران ونظامها السياسي الذي لم تعترف به أمريكا لحد الآن.
معارضة عدد من الدول للاتفاق النووي، وعلى رأسها الكيان الصهيوني، المدعوم من طرف منظمة «أيباك» اليهودية في أمريكا، هذه المنظمة التي تملك الكثير من التأثير على أعضاء الكونغرس والحكومة الأمريكية، هذا علما بأن لمنظمات الضغط اليهودية تأثير على قرارات العديد من دول أوربا وليس في أمريكا فقط، وقد يضع العديد من العقبات في طريق تحقيق الاتفاق، ولا ننسى معارضة بعض دول المنطقة، ومنها السعودية التي أكدت أنها ستعارض أي اتفاق من شأنه تمكين إيران من إنتاج سلاح نووي وتطالب بموقف أمريكي لردع النفوذ الإيراني بالمنطقة ومنعها من دعم بعض المنظمات المسلحة.
الاتفاق سيفتح الباب لسباق التسلح وأجواء الاستقطاب في المنطقة، ومزيد من السياسات الصراعية التي تستنزف موارد وجهودا ينتظر أن توجه لملفات التنمية البشرية المتدهورة كالصحة والتعليم والإسكان، وإذا كان من غير الوارد أن تستسلم دول المنطقة لدور إيراني، فإن الاستسلام لأجواء الصراع والتناحر لا تبدو مستبعدة، فقد وقعت السعودية اتفاقا نوويا مع كوريا الجنوبية، خلال استقبال العاهل السعودي لرئيسة كوريا في الرياض، وبهذا قد تحاول أمريكا وبدافع من الكيان الصهيوني أن تفشل تنفيذ الاتفاق في محاولة لمنع أي دولة في المنطقة من التحرك صوب الطاقة النووية وتكون منافسة لإسرائيل وتضع مصالح الغرب في خطر.
ختاما، على الرغم من المباركة الدولية لهذا الاتفاق فإن بعض المحللين والمتابعين لهذا الاتفاق يرون أن فيه الكثير من نقاط المعوقات والفخاخ، فحتى لو أن إيران كسبت جولة ما في المفاوضات من خلال رفع العقوبات الدولية أو الاعتراف ببرنامجها النووي السلمي، فإن شروط التفتيش على المفاعلات النووية والمواقع العسكرية تعد سلاحا بيد الغرب يمكن استغلاله إلى أبعد حد من أجل الوصول لأغراضهم وغاياتهم، فمن جهة، يريد الغرب أن يبرئ ساحته أمام العالم وأنه فعل ما بوسعه لأجل الاتفاق مع إيران، ومن جهة أخرى قد تستغل فرق التفتيش الدولية لأغراض استخباراتية للتجسس على إيران، ونؤكد مرة أخرى أن تجربة العراق مع المفتشين والغرب واضحة أمام الإيرانيين، وهذا ما دفع المرشد الأعلى إلى دعوة الإيرانيين إلى الحذر من مخططات الغرب وإلى التأكيد على عدم استغلال الاتفاق النووية من قبل الغرب أو محاولة الالتفاف عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.