سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزارة الداخلية الإسبانية ترفض طلب منح اللجوء السياسي أو الإنساني لمحمد الحداد بعد أربع ساعات من نشر «المساء» لحالته ومقارنتها بالتضامن الانتقائي مع أميناتو حيدر
تحركت الآلة القانونية الإسبانية، عبر وزارة الداخلية بشكل ماراطوني غير مسبوق، لقطع دابر أي تضامن مستقبلي مع ملف المغربي محمد الحداد. فبعد أربع ساعات من نشر يومية «المساء» مقالا تقارن فيه وضعية محمد الحداد الذي كان ينتظر قبول طلبه اللجوء السياسي والسماح له بالعودة إلى إسبانيا لرؤية زوجته وأولاده، ومع الانتقائية الإسبانية في تعاطيها مع ملف أميناتو حيدر، أصدرت وزارة الداخلية الإسبانية، وبشكل سريع جدا، قرارا يقضي برفض طلبه اللجوء السياسي أو الإنساني، مع منحه مهلة أسبوع لمغادرة مدينة سبتة والعودة إلى المغرب، في أجل أقصاه يوم 25 دجنبر الجاري. قرار وزارة الداخلية الإسبانية برفض طلب محمد الحداد، البالغ من العمر 42 سنة، وهو أحد المغاربة الذين تمت تبرئتهم من علاقتهم بأحداث 11 مارس بمدريد، جاء بعد مرور أكثر من ستة أشهر، منذ يوم 13 يونيو الماضي، حيث انتقل إلى مدينة سبتة ليقدم طلبا باللجوء السياسي لدى إسبانيا، بسبب ما وصفه حينها للجريدة ب«المضايقات الكبيرة» التي كان يتعرض لها في تطوان من طرف أجهزة المخابرات (الديستي) والتي حسب قوله أصبح «لا يطيقها». قرار وزارة الداخلية المتزامن مع انتقاد «المساء» لانتقائية وسائل الإعلام الإسباني والسياسيين الإسبان، والتي أبانوا عنها بشكل مفضوح في التعامل الإسباني مع قضية كل من أميناتو حيدر ومحمد الحداد، جاء ليقطع أي تضامن ممكن مع المغربي الذي يوجد في مركز لإيداع المهاجرين غير الشرعيين بمدينة سبتة، كما أنه جاء بهدف وضع حد نهائي لملف كان يؤرق المصالح الاستخباراتية الإسبانية، وخوفا من أي رد فعل تضامني حقوقي مغربي مع محمد الحداد، أو دخوله في إضراب عن الطعام كحالة أميناتو حيدر التي جندت الإعلام الإسباني والحقوقي الموالي للبوليزاريو بهدف الضغط على المغرب لقبولها، رغم أنها تنكرت لجنسيتها ولبلدها المغرب. ووفق وزارة الداخلية الإسبانية فإنها رفضت طلب محمد الحداد للجوء السياسي أو الإنساني «بسبب عدم استيفاء ملفه للشروط المطلوبة»، كما أنها وفق التقارير المقدمة إليها «لم يتم التأكد من تعرضه للتعذيب في معتقل تمارة السري»، والذي يقول محمد الحداد إنه بقي مختطفا فيه لمدة 45 يوما. وعللت وزارة الداخلية الإسبانية قرارها كذلك بعدم وجود أي دليل يثبت أن محمد الحداد كان يعاني من مضايقات من طرف الأجهزة الأمنية المغربية، معللة قرارها بكونه كان مراقبا في مكتب للاقتراع في الانتخابات الجماعية الأخيرة، بعدما كان قد رشح نفسه للانتخابات في لائحة حزب العمال. «لقد تم منعي من الترشح في الانتخابات الجماعية ليوم 12 يونيو الماضي، بحجة ضياع ملف ترشيحي، قبل أن تنطلق آلة «الديستي» في الاتصال بي ومساءلتي حول دواعي ترشحي للانتخابات»، يقول الحداد، مما أرغمه على التوجه إلى سبتة يوما بعد الاقتراع، لتقديم طلب باللجوء لدى إسبانيا. وأضاف تعليل وزارة الداخلية الإسبانية في قرار رفضها منح اللجوء السياسي للمغربي والسماح له بالعودة إلى مدريد كونه «منح جواز سفره للمغربي لحسن إقصريين، قبل أن يتم اعتقال هذا الأخير بأفغانستان ليتم نقله إلى جناح «كامب فايف»، حيث قضى أربع سنوات في معتقل غوانتانامو». محمد الحداد، شاب مغربي هاجر إلى إسبانيا سنة 1990 بحثا عن فرصة شغل، انتقل بين عدد من المدن الأندلسية كماربيا ومالقا، لينتهي به المطاف كالعديد من زملائه التطوانيين بالعاصمة الإسبانية مدريد. اشتغل، حسب قوله، في أوراش البناء وفي الحراسة، قبل أن يجد عملا قارا يوفر له دخلا محترما يمكنه من إعالة أسرته الصغيرة هناك. لا يتوقف محمد الحداد منذ تبرئته من أحداث 11 مارس الإرهابية وفي كل لقاءاته مع «المساء» عن التنديد بموقف السلطات الديبلوماسية الإسبانية التي ترفض تسليمه تأشيرة شينغين للعودة إلى إسبانيا حيث تقيم زوجته واثنتان من بناته. «بعدما برأني القضاء المغربي والإسباني من تهمة 11 مارس الإرهابية، والتي اتهمتني فيها السلطات الإسبانية كمنفذ، مخطط ومخبر، أصدرت في حقي مذكرة بحث دولية دامت سنة وسبعة أشهر، حتى صدور نتائج الحامض النووي التي كانت لصالحي»، يقول الحداد. ومن شأن قرار وزارة الداخلية إجبار محمد الحداد على ضرورة مغادرة لمدينة سبتة والعودة إلى المغرب وأن يعرضه لملاحقة قانونية في المغرب، وهو ما يتخوف منه الحداد لكونه صرح لبعض وسائل الإعلام الإسبانية ب«تنازله عن الجنسية المغربية»، وهو قرار قد يعرضه للمساءلة، شأنه شأن الانفصالية أميناتو حيدر، لكن هذه الأخيرة تحظى بدعم انتقائي كبير لصالحها من طرف اللوبي الإسباني الموالي للبوليزاريو، في حين يتم تجاهل قضية مواطن مغربي آخر يعاني نفس المصير بمدينة سبتة، دون أن تلتفت إليه الجمعيات الإسبانية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان».