تقول السيرة الذاتية للممثل الأمريكي كريستوفر وولكن، والذي تم تكريمه، خلال الدورة التاسعة لمهرجان الفيلم بمراكش، إن أباه كان بائع خبز وأمه مولعة بالمسرح، أما هو فاستطاع أن يتربع على عرش التمثيل، حتى صار «ملك نيويورك». الذين تابعوا خطوات هذا النجم الأمريكي، وهو يمشي على البساط الأحمر، صوب قاعة الوزراء، بقصر المؤتمرات بمراكش، قبل أن يقف أمام عدسات المصورين والمتفرجين، استعادوا تلك المقولة التي تقول إن العلم (أو الفن) يعلمنا التواضع فالتواضع. منذ العاشرة، كان لكريستوفر وولكن حضور متميز، في أعمال درامية تلفزيونية، قبل أن ينخرط في دروس للرقص والتمثيل بمانهاتن، حتى أصبح راقصا متمكنا. درَس الأدب الإنجليزي وأسندت له، منذ سنة 1960، أدوار في أزيد من خمسين فيلما موسيقيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا. وكان أول حضور له على خشبة مسرح برودواي في مسرحية «جي. بي»، التي أخرجها إيليا كازان، عن نص للشاعر والكاتب الأمريكي أرشيبالد ماكليش، ليرحل بعدها في جولة عبر أرجاء البلاد مع مجموعة «وسيت سايد ستوري»، التي كان زواجه من إحدى راقصاتها. بعد إبداعه في فن الرقص، اتجه وولكن إلى دراسة الفن الدرامي، حيث حصل على عدة جوائز. ولما عجزت أولى أدواره السينمائية عن فرض وجوده كممثل كبير، عاد إلى المسرح، حيث نال خمس جوائز لأحسن ممثل، قبل أن تتمكن السينما من إغرائه، من جديد، سنة 1976، ليلعب، سنتين بعد ذلك، دور جندي انتحاري في فيلم «رحلة إلى الجحيم»، الذي نال عنه أوسكار أحسن دور ثانوي وجائزة دائرة نقاد نيويورك، الشيء الذي جعله يفرض اسمه لدى النقاد والجمهور. الطريقة التي قدمت بها فاني أردان، المخرجة الفرنسية وعضو لجنة تحكيم الدورة التاسعة، هذا النجم الأمريكي، في حفل تكريمه، نالت استحسان الجمهور الحاضر. قالت أردان: «عندما أفكر في هذا الرجل أحلم لو كنت أمه لأنني أعرف أنه سيحميني، كما أحلم لو كنت زوجته لأني ما كنت لأشعر بالملل في صحبته، وأحلم لو كنت أخته لأتعلم منه أشياء عديدة، وأحيانا أحلم لو كنت صديقته كي نضحك ونرقص، معا، وبالأخص لكي نسخر من العالم». أحد النقاد قال إنه سيكون من المفيد لو أخذ ممثلونا ومخرجونا العبرة من السير الذاتية لأمثال كريستوفر وولكن، وغيره من مشاهير السينما العالمية، ممن أفنوا سنوات عمرهم في العمل الجاد والمثابرة لإثبات الذات، في وقت يختار فيه بعض فنانينا حرق المراحل، قبل أن يكتشفوا أنهم لم يفعلوا أكثر من حرق أسمائهم. الذين تابعوا فيلم «الرجل الذي باع العالم»، للمخرجين سهيل وعماد نوري، وهو الفيلم المغربي الوحيد المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان، استعادوا ذكريات سيئة مع أفلام مغربية أخرى، شاركت في نفس المسابقة، خلال الدورات السابقة للمهرجان، مثل «انهض يامغرب» و«قنديشة». تدور أحداث هذا الفيلم، الذي تعب جمهور مهرجان مراكش (بلا طائل) في فهم قصته، في تاريخ مجهول بمدينة مجهولة وبلد مجهول، مزقته الحرب، أما بعض شخوصه فتحمل الأحرف الأولى للأسماء، فقط، من قبيل «إكس» و«ناي». فيلم لا علاقة له بالتاريخ .. ولا بالجغرافيا! أحد النقاد، قال، متفكها، إنه كان على المخرجيْن أن يعرضا فيلمهما في مهرجان مجهول! وحيث إن الفيلم هو اقتباس معاصر لرواية للكاتب الروسي دوستويفسكي (قلب ضعيف)، فقد لخص أحدهم مستوى الفيلم، في جملة: «فيلم ضعيف» من «قلب ضعيف»! أحد المولعين بالشعر والسينما، قال إنه كان على «حراس» الفن السابع أن يطلبوا من أي مخرج مبتدئ مشاهدة ألف فيلم، قبل التفكير في إخراج فيلم قصير، تماماً كما كان يجري مع الشعراء العرب القدامى، الذين كانوا يُنصحون بحفظ ألف بيت من الشعر ونسيانه، قبل التفكير في نظم الشعر.