لم يكن مهاجر مراكشي يتوقع أن يكون ضحية ثقة عمياء لأحد أقربائه، وذلك عندما طلب من قريب له أن يتكلف بإصلاح سيارته إثر حادثة سير تعرض لها بالطريق الرابطة بين بنجريرومراكش. ودون تردد، أبدى القريب استعداده لتقديم المساعدة، وهو يعلم أن المهاجر انشغالاته كثيرة ووقته ضيق. بعد معاينة السيارة، اتجه القريب إلى سوق الغيار المستعملة التي يطلق عليها اسم «لافيراي»، بمنطقة سيدي غانم بمراكش، بحثا عن القطع المطلوبة للسيارة. وخلالها التقى عن طريق الصدفة بأحد المهنيين الذين يتاجرون في السيارات المستعملة وأجزائها، تجاذبا أطراف الحديث، وبعد معرفة جميع التفاصيل حول «الهمزة»، اقترح الأخير على القريب صفقة مربحة وسليمة، وسيجني من ورائها ربحا وافرا، وهي بيعه السيارة، والادعاء بأنها سرقت، وبما أن المهاجر ملزم بالهجرة ومغادرة أرض الوطن، فلن يستطيع المكوث طويلا، وستنجح الخطة لا محالة. ونظرا للظروف المادية الصعبة التي يمر منها القريب، قبل الاقتراح ودون تردد، أسرع لتنفيذ العرض، حيث توجه إلى أسرة المهاجر المقيمة بتجزئة الوفاق بمراكش، وطلب منها تسليمه السيارة ووثائقها، قصد إصلاحها، بناء على الاتفاق المبرم بينه وبين قريبه. ثم ولى مسرعا لتسلم المبلغ المتفق عليه، بعد أن مكن المهني من الوثائق الضرورية، وحثه على تفكيكها بسرعة، وإخفاء معالمها حتى لا تفتضح جريمتهما. سعد القريب بما حصل عليه من أموال جراء خيانته للأمانة، مستغلا الثقة التي وضعها فيه المهاجر، وفي اعتقاده أن خيوط المؤامرة محبوكة وفق خطة مدروسة، لن تنكشف أبدا. إلا أن الأقدار شاءت إلا أن تفضح الخائن وشريكه، بعدما توصلت المصالح الأمنية بخبر اندلاع حريق بإحدى الضيعات الفلاحية داخل المدار الحضري لمدينة مراكش، وبعد المعاينة تراءى للمحققين أن أسباب الحريق ترجع لإطارين خاصين بسيارة، مما دعا إلى البحث عن مصدرهما، والسر وراء إحراقهما في مكان شبه مهجور، لتنطلق فصول تحقيق مع أصحاب الضيعة، انتهت بالكشف عن أن أحد الإطارين يعود لسيارة المهاجر المغربي، ومن ثمة بدأت تنكشف خيوط القضية، ليتم اعتقال قريب المهاجر، ومهني «لافيراي»، وشخص آخر، فيما لازالت التحقيقات جارية للكشف عن مصدر وهوية إطار السيارة الثاني، بعد أن ترسخ الاعتقاد لدى المحققين بأن الأمر تقف خلفه شبكة منظمة متخصصة في سرقة السيارات وتفكيكها بمدينة مراكش، وإعادة بيعها كقطع غيار بسوق المتلاشيات بالمدينة.