لقي أكثر من 30 شخصا مصرعهم وأصيب العشرات، الاثنين الماضي، في تفجير انتحاري كبير وقع في حديقة مركز ثقافي ببلدة سروج، ذات الأغلبية الكردية، على الحدود التركية السورية، أثناء اجتماع لمتطوعين أكراد لمناقشة إعادة إعمار مدينة عين العرب (كوباني). وكشفت مصادر إعلامية أن التفجير نفذه انتحاري في الساعة الثانية عشر وخمس دقائق في حديقة المركز الثقافي، وتمكن من تفجير نفسه، مؤكدا أن انتحاريا آخر كان في موقع الحادث، وتمكنت عناصر الأمن من السيطرة عليه واعتقاله قبل أن يفجر نفسه. وعلى نحو متزامن مع تفجير مدينة سروج، وقع تفجير سيارة مفخخة في مدينة عين العرب (كوباني)على الأراضي السورية، وتشير الحصيلة الأولية إلى سقوط قتيلين وعدد من الجرحى. كانت مصادر إعلامية تركية، قالت لوكالة «سبوتنيك» الروسية، الاثنين، إن عشرات القتلى سقطوا جراء انفجار كبير وقع في حديقة مركز ثقافي ببلدة سروج، جنوب شرقي تركيا، التي تقع على مقربة من مدينة «عين العرب» السورية. وقالت تقارير إعلامية إن أغلبية القتلى والمصابين كانوا أمام المركز وفي المقاهي المحيطة بالمركز، مشيرة إلى أن حصيلة القتلى تتراوح بين 20و30 قتيلا، فيما سقط العشرات من المصابين. احتمالات تفسر ما حدث هل كانت تتوقع تركيا أن تكون يوما ما بعيدة عن تجرع كأس الإرهاب الذي سهلت له ودعمته طيلة السنوات الماضية في سوريا ؟ بغض النظر عن التفسيرات المختلفة لسبب ما حصل فإن الثابت أن تركيا ذاقت يوم الاثنين الماضي تفجيرا قويا اتهمت به «»داعش» في بلدة سروج الحدودية، سيكون له تأثيره في الداخل التركي، وسوف يحرج من تولى السلطة التركية على مدى السنوات الماضية وشرع الأبواب ل»داعش» دون قيود ، أمام الشعب الذي بدأ يعي منذ فترة غير وجيزة الحقائق حول كل الدعم وفتح الحدود الذي مارسته تركيا لدخول عشرات آلاف المسلحين التكفيريين من «داعش» وغيره إلى سوريا وهو ما ساهم في تأجيج الأوضاع والإمعان في القتل وإطالة الأزمة، وهو أيضا ما يعتبر سياسة خطيرة إذا تفلت الإرهاب من عقاله. يرى مراقبون أن هناك عدة احتمالات لتفسير ما حصل من بينها: رسالة من التكفيريين إلى السلطات التركية بعدم المضي في أي تغيير في سياساتها المسهلة والداعمة لهم بعد أن لمسوا بعض الإجراءات الأمنية والتي لا تنم عن تغيير جوهري بل أمور آنية. حيث أتى هذا الهجوم الانتحاري بعد تعزيز تركيا الإجراءات على الحدود بعد استعادة الأكراد مدينة «تل أبيض». وقد كتب موقع «بي بي سي» «يقول مراسلون إن تركيا تشن حملة ضد المسلحين، بعد أن كانت تتهم في السابق بغض الطرف عنهم».. رغم أن ليس هناك دلائل على حملة بمعنى الكلمة، ولكن بعض الإجراءات الحدودية المحدودة. هذا و يعزو المراقبون السبب شعور التكفيريين خاصة «داعش» بالضيق الميداني جعله ينتقم من الداخل التركي -من قرية يوجد فيها أكراد في الوقت نفسه- حيث أن بعض المتابعين يشير إلى أن تركيا تسهل دخول «الدواعش» إلى سوريا ولا تسهل خروجهم منها بالوتيرة نفسها، وهذا ربما أزعج «الدواعش» في الآونة الأخيرة في ظل التطورات. هذا و هناك تساؤلات حول إمكانية أن يكون ما جرى تحريكا لورقة «داعش» في الداخل التركي من قبل أياد أجنبية من أجل الدفع نحو تغيير وتراجع ما في سياسة تركيا في الفترة الأخيرة في تسهيل أمور «داعش» وذلك من أجل حسابات خارجية معينة في المنطقة. ويرى بعض المراقبين أن الهدف من الضربة هو استدراج الأخيرة للتدخل في سوريا، ولكن حتى لو كان ذلك دقيقا فيبدو أن ذهاب تركيا نحو هذا القرار مستبعد في الوقت الحالي. السياسة الخطرة لأردوغان في سوريا أكد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي «ولي اغبابا» أن التفجير الإرهابي الذي شهدته مدينة سروج جنوب شرق تركيا يوم الاثنين وأدى إلى مقتل 30 شخصا وإصابة أكثر من 100 آخرين هو نتاج سياسات نظام رجب أردوغان وحزب العدالة والتنمية وتصرفات جهاز المخابرات التركي الخطرة والخاطئة في سوريا. إذ قال «اغبابا» خلال مؤتمر صحفي مع نائب رئيس الحزب «سازكين تانري كولو» بعد أن تفقدا مكان التفجير الإرهابي في «سروج» إن «جهاز المخابرات لم يستطع أن يمنع الانفجار الإرهابي في مدينة الريحانية في نيسان الذي أدى لمقتل شخص، ولم يفعل أي شيء أيضا لمنع وقوع انفجار الاثنين الذي جاء تأكيدا لمخاطر السياسة الخارجية لحكومات العدالة والتنمية وجهاز المخابرات التي لم تعد مخابرات وطنية بل هي شخصية تخدم أردوغان». بدوره أكد يشار ياكيش وزير الخارجية التركي الأسبق في حكومة العدالة والتنمية أن «التدخل التركي السافر في الشأن السوري هو أهم أسباب العمل الإرهابي في مدينة سروج وأشار ياكيش في حديث لقناة «سي ان ان» التركية إلى الدعم الذي قدمه النظام في تركيا للتنظيمات الإرهابية في سوريا منذ بداية الأزمة فيها مؤكدا أن هذا الدعم و دخول الإرهابيين الأجانب إلى سوريا عبر الحدود التركية هو أيضا عامل مهم في ميلاد تنظيم «داعش» الإرهابي وامتداده في المنطقة». بدوره أكد النائب السابق عن حزب الشعب الجمهوري التركي محمد علي أديب اوغلو أن تدفق الإرهابيين الأتراك والأجانب مازال مستمرا عبر الحدود التركية إلى سوريا ولفت أديب اوغلو إلى التورط التركي المباشر بالأزمة في سوريا عبر دعم نظام أردوغان لكل التنظيمات الإرهابية بما فيها «داعش « من أجل حساباته الخطرة ضدها كاشفا عن إقدام مسؤولي نظام حزب العدالة والتنمية بإقناع مواطني سوريا «التركمان» بتشكيل مجموعات إرهابية مسلحة لمقاتلة الدولة السورية. داعش تستدرج تركيا للتدخل في سورية يدل التفجير الذي هز منطقة سروج في ولاية أورفة التركية، أمس الاثنين، والذي وُجّهت الاتهامات لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) بالوقوف وراءه، على أن هذا التنظيم نقل معركته مع الدولة التركية إلى أراضيها، ما يبدو كأنه يستدرج رداً من السلطات التركية قد يكون داخل الأراضي السورية. ويأتي التفجير بينما يتهيأ زعيم حزب «العدالة والتنمية»، أحمد داود أوغلو، المكلف بتشكيل الحكومة، للبدء بالجولة الثانية من المحادثات مع باقي الفرقاء السياسيين، وفي ظل حملة أمنية تركية كبيرة على خلايا «داعش» في عدد من المدن التركية، وتشديد أمني على عبور اللاجئين السوريين، أدى إلى مقتل شاب سوري حاول العبور بشكل غير شرعي، بينما ما زال الجيش التركي يحشد قواته على الحدود مع سورية، تجهيزاً لما يبدو أنه نية تركية للتدخّل في سورية وإنشاء المنطقة العازلة التي تطالب أنقرة بها. ولطالما اُتهمت أنقرة بعلاقة «مشبوهة» مع «داعش» للاستفادة من الفوضى التي سببها في المنطقة، ورغم تضخيم صورة الحملات الأمنية التي شنتها سلطات أنقرة على أنصار التنظيم، إلا أن خبراء يرون أن العلاقة لا تشهد إلا «تغييرا ظرفيا». ويبدو أن تركيا، وإثر تعرضها لضغوط دولية ووسط اتهامات تلاحقها بالتساهل مع جهاديي تنظيم «داعش» وإمدادهم بالسلاح وتقديم العلاج لجرحاه، ناهيك عن تسهيل مرور مقاتليه عبر أراضيها، قررت تعزيز دورها في الحرب ضد التنظيم السني المتطرف، بعدما أدركت أخيراً الخطر الذي يشكله على أمنها. وخلال الأسبوع الماضي اعتقلت قوات الأمن التركية عشرات المقاتلين من تنظيم «داعش» والمتعاطفين معه، في واحدة من أهم عمليات المداهمة منذ سيطرة التنظيم المتطرف على مناطق واسعة في سوريا والعراق. وواجهت تركيا اتهامات بأنها على الأقل تقف متفرجة أمام تقدم التنظيم السني، وأنها تتواطأ سراً معه، وهو أمر طالما نفته أنقرة. ويرى محللون أن سلطات أنقرة أدركت اليوم بشكل واضح التهديد الذي يمثله تنظيم «داعش» عليها. وفي الوقت ذاته يرى المحللون أن أنقرة لن تصل إلى مسعاها لمنع الأكراد، الذين يقاتلون التنظيم المتطرف في شمال سوريا، من إنشاء منطقة حكم ذاتي هناك، إلا إذا دعمت التحالف العسكري الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد الجهاديين. وتنظر تركيا إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأساسي في سوريا، وجناحه العسكري وحدات حماية الشعب الكردية، على أنهما امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه ب»الإرهابي»، وخاضت معه نزاعاً طويلاً استمر عقوداً من الزمن في جنوب شرق البلاد. وبحسب سنان اولغن، رئيس مركز «ادام» للأبحاث في اسطنبول، فإن «تركيا أدركت أنها لن تتلقى أي دعم من حلفائها (…) لمنع إنشاء منطقة حكم ذاتي كردية على حدودها إذا فشلت في الرد على انتقاداتهم اللاذعة في ما يتعلق بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية». ويضيف الخبير التركي في حديث إلى وكالة فرانس برس أن أنقرة في الماضي استخدمت تنظيم «داعش» لتحقيق أهدافها في المنطقة، من مواجهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا إلى احتواء النفوذ الكردي. ولكن الأتراك اليوم أدركوا «أنهم يقفون في الخطوط الأمامية ما يثير خطر انتقام الجهاديين أنفسهم». ويوضح أولغن أن تركيا ما زالت غير قادرة على السيطرة على حدودها وأن حكومة أنقرة تتخوف من تسلل عناصر تنظيم «داعش» إلى أراضيها متخفين بين اللاجئين». وفي المقابل تشكك بعض المصادر في أهمية الخطوات الأخيرة التي اتخذتها تركيا. ولم تمنح تركيا حتى الآن الولاياتالمتحدة الضوء الأخضر لاستخدام قاعدة انجرليك الجوية في جنوب البلاد كنقطة انطلاق لمقاتلاتها التي تقصف مواقع تنظيم «داعش». وقال مصدر غربي آخر مطلع لوكالة فرانس برس إن «ليس هناك أي تغيير جوهري في السياسة. إن ما يحصل يبقى ظرفياً فقط. وبحسب المصدر فإن المداهمات «استهدفت فقط عناصر غير بارزة في التنظيم» كما أنها تأتي في وقت «تضغط فيه الولاياتالمتحدة أكثر» على تركيا لتعزيز تعاونها. وبدوره، اعتبر ماكس ابراهامز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث ايسترن والعضو في مركز «مجلس العلاقات الدولية» للأبحاث، أن الإجراءات التركية الأخيرة «مرحب بها ولكنها تبقى قليلة ومتأخرة جداً». إجراءات أمنية تركية لتعزيز الأمن الداخلي وعدت الحكومة التركية بتعزيز الإجراءات الأمنية غداة الهجوم الانتحاري على مدينة سروج، إذ أعلن رئيس الوزراء التركي احمد داود اغولو، اليوم الثلاثاء الماضي، أن الشرطة التركية تعرفت على هوية مشتبه به مرتبط بالهجوم الانتحاري الذي قال إن حصيلة ضحاياه ارتفعت إلى 32 قتيلا. وقال في مؤتمر صحافي في شانلي اورفة: «تم تحديد هوية مشتبه به ويتم التحقق من صلاته المحتملة مع الخارج أو داخل تركيا. الاحتمال الأكبر هو أن يكون الأمر هجوما انتحاريا على علاقة ب»داعش.» وبعدما بقيت طويلا في منأى عن الحرب الدائرة على أبوابها منذ أربع سنوات، طال النزاع تركيا الاثنين في عملية كبيرة. وكان داود اوغلو حمل منذ مساء الاثنين التنظيم الجهادي مسؤولية الهجوم ووعد بتعزيز الإجراءات الأمنية. ووعد داود اوغلو الذي يبدأ الثلاثاء جولة في المنطقة، أمام الصحافيين «بمواصلة تعزيز الأمن على حدودنا». وأعلن عن جلسة استثنائية للحكومة «للتباحث في أي إجراءات أمنية جديدة محتملة» بعد الهجوم. وقال «سنتباحث في خطة عمل تشمل إجراءات أمنية جديدة على حدودنا»، مؤكدا أنه «سنبذل كل الجهود ضد المسؤولين (عن الهجوم) أيا كانت هوياتهم». وشدد على أن التحقيق سينتهي بأسرع وقت ممكن». وقال رئيس الحكومة التركية إن «تركيا اتخذت دائما إجراءات ضد «داعش» والمنظمات المماثلة». وفي الأسابيع الأخيرة، شنت الشرطة التركية سلسلة عمليات استهدفت بشكل واضح للمرة الأولى شبكات تجنيد تعمل على أراضيها وتسمح بمرور إعداد من المجندين وخصوصا الأجانب، إلى «الجبهة» السورية. هذا وكشفت صحيفة «حرييت» الثلاثاء الماضي أن أجهزة الأمن حذرت الحكومة أخيرا من خطر حدوث هجوم إرهابي على الأراضي التركية. ومع أنها في التحالف ضد الجهاديين، رفضت تركيا حتى الآن التدخل عسكريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وقد أدى رفضها إلى تظاهرات مؤيدة للأكراد في جنوب شرق البلاد. وعبرت أنقرة مرات عدة عن تخوفها من أن تظهر في سوريا منطقة مستقلة يسيطر عليها مقاتلون أكراد قريبون من حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حركة تمرد في تركيا منذ 1984.