دعت فرق المعارضة بمجلس النواب إلى إحداث قطيعة بين وزارة العدل والحريات والقضاة من خلال التعديلات التي قدمتها حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. إذ اقترحت استبعاد الرجوع إلى تقارير الوزارة المكلفة بالعدل بخصوص أداء المسؤولين القضائيين بشأن الإشراف على التدبير والتسيير الإداري للمحاكم، معللة ذلك بكون هذا المقتضى «يعد مساسا خطيرا باستقلال السلطة القضائية لأن هذه التقارير ستعتبر مدخلا من مداخل التأثير على الإدارة القضائية، التي تعتبر مكونا أساسيا من مكونات السلطة القضائية، استنادا لما أقره الدستور من استقلالية للسلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية»، وهو ما يستوجب، حسبها، تعديل المادة 69 من مشروع القانون التنظيمي المذكور. وفي نفس السياق، طالبت الفرق المعنية (الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري) بتعديل المادة 52، التي تنص على أنه «تؤهل السلطة الحكومية المكلفة بالعدل لاتخاذ جميع التدابير الإدارية والمالية اللازمة لتنفيذ مقررات المجلس المتعلقة بالوضعيات النظامية للقضاة بتعاون مع المصالح المختصة للمجلس»، وذلك بأن تستبدل وزارة العدل بوزارة المالية، مبررة ذلك بضرورة «استقلالية السلطة القضائية وعدم تبعية أعضائها لوزارة العدل، فضلا عن كون المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤسسة قائمة بالذات وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. وبخصوص الإجراءات المتعلقة بتأديب القضاة، نصت تعديلات فرق المعارضة على أن يكون التوقيف المؤقت بيد المجلس وليس بيد الرئيس المنتدب، كما جاء في مشروع القانون التنظيمي. وأرجعت ذلك إلى أن «قرار التوقيف باعتباره إجراء خطيرا يمس بالوضعية المهنية للقاضي يجب أن يكون بيد المجلس، باعتباره المؤسسة المشرفة على شؤون القضاة وتدبير وضعيتهم الفردية طبقا للفصل 113 من الدستور، وليس الرئيس المنتدب باعتبار المجلس هو الجهة الوحيدة المخولة لها البت في الوضعيات الفردية، وأي مقتضى مخالف لذلك هو مخالفة لمقتضيات الدستور نفسه، لذا يتعين إسناد اختصاص توقيف القاضي للمجلس». وفي ما يتعلق بالمادة 89 التي تنص على أنه «يستدعى القاضي المتابع قبل ثمانية أيام على الأقل من تاريخ اجتماع المجلس للنظر في قضيته، ويجب أن يتضمن الاستدعاء البيانات الكافية المتعلقة بموضوع المتابعة»، اقترحت الفرق المذكورة التنصيص على أجل 15 يوما، لكون «الأجل الممنوح للقاضي لحضور جلسة المحاكمة التأديبية هو أجل غير كاف، خصوصا إذا استحضرنا بعض الدوائر القضائية عن مقر المجلس وكذا ضرورة منحه أجلا كافيا لإعداد دفاعه بشكل جيد ومراعاة كذلك لالتزاماته المهنية، وأجل 15 يوما المقترح هو المعتد به في قانون المسطرة المدنية لاستدعاء الأشخاص القاطنين خارج الدائرة القضائية للمحكمة التي تنظر في النزاع»، وفق ما جاء في تعليل التعديل. أما مجال التأثير على القضاة، فقد نص مشروع القانون التنظيمي على أنه «يتلقى المجلس الإحالات المقدمة إليه من القضاة تطبيقا للفقرة الثانية من المادة السابقة كلما تعلق الأمر بمحاولة التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة ويقوم عند الاقتضاء بالأبحاث والتحريات اللازمة بما في ذلك الاستماع إلى القاضي المعني وإلى كل من يرى فائدة في الاستماع إليه». غير أن فرق المعارضة طالبت بحذف عبارة «بكيفية غير مشروعة» لكون «كل تأثير على القاضي أثناء ممارسة مهامه القضائية يعتبر غير مشروع في جميع الأحوال»، وفق ما جاء في التعديلات المقدمة.