وقع المغرب ومجموعة «بيجو-سيتروين» الفرنسية، يوم الجمعة الماضي في الرباط، اتفاقية سيتم بموجبها إنشاء مصنع متخصص في صناعة السيارات والمحركات في المنطقة الصناعية «أطلانتيك فري زون» قرب مدينة القنيطرة، باستثمارات تقدر ب6 مليارات درهم. وأوضح مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي، في عرض قدمه أمام الملك محمد السادس، أن إنشاء مصنع ل»بوجو- سيتروين» بالمغرب سيمكن من مضاعفة معدل اندماج قطاع صناعة السيارات بالمغرب لينتقل من 40 بالمائة إلى 80 بالمائة، مع خلق 4500 منصب شغل مباشر و20 ألف فرصة عمل غير مباشرة. وسيتمكن هذا المركب الصناعي من إنتاج 200 ألف سيارة و200 ألف محرك سنويا، فيما ينتظر أن يتم تخصيص جزء من الإنتاج لمكونات وأجزاء السيارات بحجم مليار أورو سنويا. وأكد العلمي أن هذا المشروع الطموح سيمكن أيضا من خلق وحدة للبحث والتطوير، التي ستشغل 1500 مهندس وإطار تقني عال. واعتبر العلمي أن إحداث مركب ثان لصناعة السيارات بالمغرب هو تجل جديد للثقة التي تحظى بها المملكة، حيث ارتقت صناعة السيارات في المغرب إلى مستويات نمو مطردة خلال السنوات الأخيرة، مما جعلها أول قطاع موجه للتصدير في 2014. وربط الوزير النمو الذي يعرفه القطاع بالإمكانيات البنيوية المتعددة التي يوفرها المغرب، لاسيما استقراره المؤسساتي والسياسي والماكرو- اقتصادي، وانفتاحه على الخارج من خلال مختلف اتفاقيات التبادل الحر الموقعة والإصلاحات المهيكلة المنفذة من أجل تحسين مناخ الأعمال. وخلال ندوة صحفية عقدها حفيظ العلمي وكارلوس أنتونيس تفاريس، رئيس المكتب المديري لمجموعة «بيجو- سيتروين»، أكد الأخير على أن الاتفاقية التي تم توقيعها مع المغرب، ستمكن المجموعة من التوفر على قدرات إنتاجية في قلب المنطقة الإفريقية، لتحقيق الطموح المرتبط ببيع مليون سيارة في سنة 2025. ومن جانبه، أشار العلمي إلى أن قطاع السيارات مكن من خلق 35 ألف منصب شغل في الفترة بين 2009 و2014، بنسبة نمو سنوية تقدر ب12.4 في المائة. كما بلغ رقم المعاملات الخاص بقطاع السيارات عند التصدير 39.8 مليار درهم خلال سنة 2014، مقابل 31 مليار درهم في سنة 2013، وهو ما يجعله في مقدمة القطاعات المصدرة. وحسب المعطيات المتوفرة، فإن صندوق الإيداع والتدبير ينتظر أن يساهم بنسبة 5 في المائة من مجموعة الاستثمارات المقدرة ب6 مليارات درهم. المجموعة الفرنسية تعول بشكل كبير على الكفاءات المغربية، حيث ينتظر أن تبلغ نسبة الإدماج المحلية 60 في المائة خلال المرحلة الأولى، مع إمكانية أن تصل هذه النسبة إلى 80 في المائة، خاصة أن السيارات والمحركات سيتم إنتاجها انطلاقا من أجزاء محلية الصنع. وعلى هامش توقيع الاتفاقية بين وزير الصناعة ورئيس المكتب المديري للمجموعة الفرنسية، تم التوقيع على سبعة ملاحق تهم عقود توفير الوعاء العقاري الصناعي، والخدمة السككية، والخدمات المينائية، وعقد للتزويد بالماء الشروب والماء الصناعي وخدمات التطهير السائل. كما تشمل ملاحق اتفاقية إحداث المركب الصناعي عقدا للتزويد بالطاقة الكهربائية وعقدا للتزويد بالغاز الطبيعي، إلى جانب ميثاق المساهمين المتعلق بشركة الاستغلال. وتجدر الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي تقرر فيها مجموعة بوجو ستروين (بي إس إي)، إحداث مركب صناعي مخصص لإنتاج السيارات بالقارة الإفريقية، حيث كان حضورها يقتصر في الماضي على وحدة للتجميع في نيجيريا. وحولت المجموعة وضعها اليوم وانتقلت من مستورد-موزع إلى مصنع بشكل كامل، يطمح إلى خدمة، انطلاقا من المغرب، السوق الوطنية وأسواق إفريقيا والشرق الأوسط. وارتباطا بالموضوع، تشير المعطيات المتوفرة بخصوص قطاع السيارات بالمغرب إلى أن الشركات متعددة الجنسيات التي استقرت بالمغرب تستورد أجزاء السيارات بكميات كبيرة، والتي أضحت، بفضل النمو الكبير للقطاع، تصنع بشكل متزايد بالسوق المحلي. وبالفعل، فقد استقر العشرات من مصنعي أجزاء السيارات والمتخصصين في قطع الغيار بالمغرب، قدم جزء كبير منهم في أعقاب إحداث مصنع (رونو) بطنجة. ومنذ حوالي عشر سنوات، يستثمر المغرب من أجل أن يحصل على نظام بيئي للسيارات يحفز على الاستثمار والتصدير. وبعد افتتاحه منذ حوالي ثلاث سنوات، أنتج مصنع رونو بطنجة حوالي 200 ألف سيارة سنة 2014. ويسعى المغرب إلى الرفع من الوتيرة من أجل تنويع اقتصاده. وخلال السنة الماضية، حقق قطاع صناعة السيارات رقم معاملات للتصدير بلغ حوالي 4 مليارات أورو، ليصبح بذلك وللمرة الأولى، أول قطاع مصدر متجاوزا البوتاسيوم. وحتى الآن، يتوفر المغرب على 150 مصنعا للمعدات، ضمنها 13 مصنعا جديدا رأى النور سنة 2014 بطنجة، مساهما بذلك في إحداث 5400 منصب شغل. وفي أفق سنة 2020 ينتظر أن يشغل القطاع حوالي 90 ألف شخص، ثلثاهم في قطاع الصناعة والثلث الآخر في قطاع الخدمات.