قدم المنتخب الوطني لكرة القدم أداء مخيبا في أول مباراة له في تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2017 التي ستحتضنها الغابون، ولم يفز إلا بشق الأنفس على منتخب ليبيا بهدف لصفر، تاركا خلفه الكثير من علامات الاستفهام والحيرة بخصوص أداء «الأسود» الذي تحول من النقيض إلى النقيض، فبعد أن بلغ الأداء ذروته في مباراة الأوروغواي الودية، على كل المستويات سواء الفردية أو الجماعية أو التكتيكية، برغم الخسارة بهدف لصفر، إلا أنه في مباراة ليبيا كان في الحضيض، برغم تحقيق الفوز في بداية المشوار، الذي كان الحسنة الوحيدة لهذه المباراة. فما الذي جرى، وجعل «أسود» مباراة ليبيا غير «أسود» مباراة الأوروغواي؟ وأين كانت بالتحديد مكامن الخلل في المنتخب الوطني؟ وما هي الدروس المستفادة من هذه المباراة؟ أولا: لابد من الإشارة إلى أن هذه أول مرة ينجح فيها المنتخب الوطني في تحقيق الفوز في مباراته الأولى في التصفيات في الست سنوات الأخيرة، ففي التصفيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم 2010 خسر مباراته الأولى أمام الغابون بالدار البيضاء بهدفين لواحد، وفي تصفيات «كان» 2012 بالغابون اكتفى في أول مباراة له بالتعادل بدون أهداف أمام منتخب إفريقيا الوسطى بالرباط، ثم في تصفيات «كان» 2013 بجنوب إفريقيا، خسر مباراة الذهاب التصفوية أمام الموزمبيق بهدفين لصفر، أما في تصفيات مونديال 2014 الذي جرى بالبرازيل، فإن المنتخب الوطني عاد من بانجول بتعادل بهدف لمثله. ثانيا: لقد كان واضحا أن لاعبي المنتخب الوطني استصغروا المنافس، ووضعوا النقاط الثلاث في الجيب، قبل أن يخوضوا المباراة، وقد ظهر ذلك في الكثير من لحظات المباراة، ذلك أنه غلب عليهم التسرع، وكانوا يبحثون عن هز مرمى المنافس بأقل مجهود، كما لو أنه يكفي أن يتواجدوا فوق أرضية الملعب ليفوزوا بالمباراة، لذلك، أضاع المنتخب الوطني جولة بأكملها في البحث عن ذاته وعن طريقة لعبه، خصوصا أن المنتخب الليبي لعب بشكل منظم، وكان يعرف على الأقل، على المستوى التكتيكي ما الذي يريده من المباراة. ثانيا: بين مباراة الأوروغواي الودية والتي رأى فيها الزاكي مباراة مرجعية لأداء «الأسود» ومباراة ليبيا الكثير من الاختلافات، فلم يكن مفهوما مثلا لماذا دفع بادو الزاكي بكل من عبد الرزاق حمد الله ومحسن ياجور دفعة واحدة، ولماذا اختار أيضا اللعب بكل من الحسين خرجة ومنير عوبادي دفعة واحدة، مع أنه كان ممكنا مثلا الدفع بدلا من عوبادي بأحمد المسعودي الذي قدم إشارات إيجابية في مباراة الأوروغواي، والذي بحكم صغر سنه يمكن أن يقدم الكثير ويمنح لوسط الميدان حركية كبيرة، هذا ناهيك عن التباعد الكبير الذي كان بين خطوط المنتخب الوطني، الأمر الذي عقد الأمور كثيرا. ثالثا: لم يستعد المنتخب الوطني بعضا من أدائه، إلا في الجولة الثانية، وهي الجولة التي شهدت تغييرات من خلال الدفع بأسامة السعيدي الذي أنعش الجهة اليسرى، لكن مع ذلك لم يصل الأداء إلى المستوى المطلوب. رابعا: لم يقتصر الاستخفاف بالمنافس على اللاعبين فقط، بل إنه امتد أيضا إلى الطاقم التقني، وإلا بماذا يمكن تفسير الدفع بحمد الله وياجور دفعة واحدة، وعدم الالتزام بخط الأداء واختيارات مباراة الأوروغواي المرجعية، خصوصا أن الزاكي نفسه ظل يردد أن المنتخب الوطني أصبح محفوظا بالنسبة للجمهور والمتتبعين، بما في ذلك التغييرات، لكن هذا الأمر غاب عن مباراة ليبيا، وبدا المنتخب الوطني غريبا عن جمهوره. مهما يكن، فقد حقق المنتخب الوطني ثلاث نقاط مهمة، لذلك، يمكن القول «رب ضارة نافعة»، فمباراة ليبيا كانت تحذيرا جديا ل»الأسود» وللمدرب بادو الزاكي وطاقمه التقني، فالمباريات لا تربح قبل أن تلعب، والاستخفاف بالمنافس أمر غير مقبول، لذلك، يجب مواصلة العمل بكل جدية، والبحث عن حلول واقعية خصوصا في وسط الميدان، وبلاعبين بمعدل أعمار متوسط حتى لا يترهل أداء «الأسود».