في سابقة من نوعها، أصبح بإمكان المغاربة الاستفادة من عقوبات بديلة للعقوبة الحبسية، حسب التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون الجنائي، من أجل التخفيف من حدة الاكتظاظ بالسجون نتيجة الاعتقال الاحتياطي. وتتوزع العقوبات البديلة، حسب مشروع المسودة التي تقدمت بها وزارة العدل والحريات، بين العمل للمنفعة العامة والغرامة اليومية وتقييد بعض الحقوق أو فرض بعض التدابير الحقوقية أو العلاجية بالنسبة للجنح التي لا تتجاوز عقوبتها سنتين. وتعد عقوبة الغرامة اليومية من المواد التي من المقرر أن تثير جدلا خلال المناقشات التي من المقرر أن تعرفها مسودة القانون الجنائي، على اعتبار أنها ستمكن الأثرياء من شراء مدة عقوبتهم واستبدال أيام السجن بالمال. وحددت المسودة مبلغ الغرامة اليومية ما بين 100 و2.000 درهم عن كل يوم حبس، شريطة أن تراعي المحكمة في تحديدها الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وخطورة الجريمة المرتكبة، كما يلتزم المحكوم عليه بأداء المبلغ المحدد له في أجل أقصاه آخر يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها والواجبة التنفيذ فور صدور الحكم بها، مع إمكانية تمديد هذا الأجل بقرار صادر عن قاضي تطبيق العقوبات بناء على طلب من المحكوم عليه. وأكدت المسودة أن العقوبات البديلة هي العقوبات التي يحكم بها في غير حالات العود كبديل للعقوبات السالبة للحرية في الجنح، التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من أجلها سنتين حبسا، ولا تطبق العقوبات في حالات من قبيل العود أو الجرائم الخطيرة كالاستغلال الجنسي للأطفال أو الاتجار غير المشروع في المخدرات أو الرشوة. ووضعت المسودة شروطا للاستفادة من العقوبات البديلة تتمثل في أن المحكمة يجب عليها أن تحكم بالعقوبة الحبسية الأصلية؛ وأن تقرر استبدالها بعقوبة بديلة وتحدد الالتزامات الناتجة عنها؛ كما يجب عليها أن تشعر المحكوم عليه بأنه في حالة عدم تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه، فإنه سيتم تنفيذ العقوبة الأصلية المحكوم بها عليه. ولا يجوز الحكم بالعقوبة البديلة إلا بحضور المحكوم عليه في الجلسة وبموافقته، بعد إشعاره بحقه في الرفض. وأشارت المسودة إلى أنه يمكن للمحكمة أن تحكم بعقوبة العمل، لأجل المنفعة العامة كبديل للعقوبة السالبة للحرية وفق شروط يجب توفرها، تتمثل في كون المحكوم عليه بالغا من العمر خمس عشرة سنة على الأقل وقت ارتكاب الجريمة؛ وألا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنتين حبسا. موضحة أن العمل لأجل المنفعة العامة يكون غير مؤدى عنه، وينجز لفائدة شخص اعتباري عام أو جمعية ذات منفعة عامة لمدة تتراوح بين 40 و600 ساعة. كما شملت العقوبات البديلة المنصوص عليها في مسودة القانون الجنائي الجديد عقوبة تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، إذ يمكن الحكم بالعقوبات التي تتضمن تقييدا لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، كبديل للعقوبات السالبة للحرية التي لا يتجاوز منطوقها في المقرر القضائي سنتين حبسا. وتستهدف هذه العقوبات اختبار المحكوم عليه والتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج. كما يلتزم المحكوم عليه بتنفيذ العقوبات التي تتضمن تقييدا لبعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، داخل أجل لا يتجاوز خمس سنوات من تاريخ صدور المقرر التنفيذي، مع إمكانية تمديد هذا الأجل بناء على طلب من المحكوم عليه، بقرار صادر عن قاضي تطبيق العقوبات أو قاضي الأحداث، حسب الحالات.