في الوقت الذي تتعالى أصوات من موريتانيا والجزائر، رسمية وغير رسمية، مطالبة فرنسا بالاعتذار عن حقبة الاستعمار وتداعياتها، فضل مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل المغربي، فتح نقاش حول هذا الموضوع قصد إيجاد صيغة معينة لإعادة طرح مرحلة الاحتلال الفرنسي للمغرب بين 1912 و1956. فقد نظم المركز أول أمس ندوة دولية بالرباط، بحضور باحثين وحقوقيين من المغرب وموريتانيا وتونس وإسبانيا والمكسيك وفرنسا، تدارس فيها المجتمعون علاقة التاريخ الاستعماري بالذاكرة والخروقات والمجازر التي ارتكبتها القوى الاستعمارية ببلدان المغرب العربي وحضور قضية الاستعمار في الخطاب السياسي لتلك البلدان، سواء لدى الجهات الرسمية أو لدى الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني. وحضر الندوة من الأجانب المؤرخ الفرنسي روني غاليسو، صاحب عدة مؤلفات حول المغرب العربي والعلاقات مع فرنسا والحقبة الاستعمارية الفرنسية من بينهاش «الجمهورية الفرنسية والسكان الأصليون»، والباحثة المكسيكية روخا صاندر أستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة غرناطة، والباحث الموريتاني محمد ولد محمدو، ومن تونس حضر المؤرخ خليل عبيد وأحمد الإينوبلي، الذي ترشح للرئاسة في تونس عن حزب الاتحاد الديمقراطي والوحدوي منافسا للرئيس زين العابدين بن علي. واعتبر عبد السلام بوطيب، رئيس مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، في تصريحات ل«المساء»، أن الندوة شكلت «منتدى لبلورة منهجية سياسية لمقاربة الظاهرة الاستعمارية»، وقال إن المركز يهدف إلى إثارة قضية تتعلق بالذاكرة الجماعية المغربية والفرنسية ظل مسكوتا عنها طيلة العقود الماضية، مضيفا أن المركز يسعى إلى طرح القضية للنقاش الوطني، سواء في المغرب أو في فرنسا. من جهته قال الباحث الموساوي العجلاوي، عضو المركز، إن الندوة شكلت تمهيدا لندوة دولية كبرى ستعقد في فاس في شهر مارس المقبل، معتبرا أن الندوة التي عقدت أول أمس كانت لقاء تحضيريا لتجميع الآراء والمواقف من أجل إعداد خطة عمل للندوة المقبلة.