كاد حريق مهول، نشب، زوال أول أمس، بمطرح عشوائي للنفايات بمنطقة قصبة المهدية التابعة لإقليم القنيطرة، أن يلحق أضرارا بليغة بمساحات كبيرة من نباتات وأشجار المحمية الدولية «سيدي بوغابة»، إحدى أكبر المناطق الرطبة في المملكة. وعاينت «المساء» ألسنة النيران وهي تزحف بقوة نحو المحمية الدولية، بسبب لجوء عدد من مسؤولي جماعة المهدية إلى طريقة بدائية وخطرة للتخلص من نفايات سكان الجماعة، وذلك، عن طريق الحرق العشوائي لمخلفات المنازل والشركات التي يجري طمرها بمطرح غير قانوني متاخم لبحيرة «سيدي بوغابة»، المسجلة في لائحة «رامسار» للمناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية، والتي تستقطب، بشكل يومي، حشودا كبيرة من الزوار المغاربة والأجانب. ونُقل عن مصدر مسؤول، أن السلطات، اضطرت إلى استدعاء رجال الإطفاء لمحاصرة الحريق الذي شرع في التهام أجزاء من المحمية المكسوة بالنباتات، مشيرا، إلى الصعوبة البالغة التي وجدتها عناصر الوقاية المدنية في إخماد النيران، خاصة وأن وقت الحادث تزامن مع موجة الحرارة الشديدة التي عرفتها، في اليوم نفسه، مدينة القنيطرة ونواحيها. وأماط هذا الحادث اللثام عن ما وصفها نشطاء في مجال البيئة بأكبر مجزرة بيئية تهدد المحمية الدولية، بسبب استمرار شحن نفايات الآلاف من سكان جماعة المهدية ورميها بمطرح غير قانوني يتم استغلاله في واضحة النهار أمام أعين السلطات الولائية، التي فضلت التزام الصمت، رغم توصلها بتقارير سوداء تؤكد خطورة الوضع الذي بات يحيط بالفضاء السياحي «سيدي بوغابة»، الذي أُعلن محمية سنة 1975، وصنفت عام 1980 ضمن قائمة المناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية. وهي سميت هكذا نسبة إلى رجل صالح اسمه سيدي محمد بن عبد الله الملقب ب»بوغابة»، الذي عاش مختليا في هذه الغابة، وكان من المقاومين المشهورين للاستعمار. وعاين العديد من المواطنين، طيلة الأيام القليلة الماضية، سحبا متفرقة لدخان أسود كثيف تعلو سماء المحمية، بفعل اعتماد المسؤولين سياسة الأرض المحروقة في تدبير النفايات، التي يشكل تواجدها بمحاذاة المحمية تعديا صارخا على هذا الفضاء، وخرقا سافرا للقوانين الخاصة بحماية البيئة. وعلمت «المساء»، أن حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، سارعت إلى إيفاد وفد يضم كبار مسؤولي وزارتها، لمناقشة مستجدات هذه الكارثة البيئية، وخصصت مبلغ 300 مليون سنتيم كدعم لبلدية المهدية لحث هذه الأخيرة على التعجيل بإيجاد حل لمشكل نفايات سكان الجماعة. وكشف مصدر موثوق، أن الوفد، الذي حل، الخميس المنصرم، بالمهدية، اطلع على تفاصيل مخيفة بشأن التهديدات الحقيقية التي تحدق بالمحمية الدولية جراء استمرار شاحنات الأزبال في إفراغ حمولتها بالمطرح العشوائي المطل على بحيرة «سيدي بوغابة، وهو ما اعتبرته عدة جهات جريمة بشعة في حق المجال البيئي بالمنطقة. وأفاد المصدر نفسه، أن الاتصالات جارية مع مجلس مدينة القنيطرة، قصد الاتفاق على صيغة مبدئية تسمح، ولو بشكل مؤقت، للشركة المدبرة لمرفق النظافة بجماعة المهدية، باستغلال مطرح عاصمة الغرب بمنطقة «أولاد برجال» الذي تدبر نفاياته شركة خاصة بطرق علمية حديثة. ووفق معلومات مؤكدة، فإن المفاوضات بين الجانبين، وصلت مراحل متقدمة، حيث من شأن الأسابيع القليلة القادمة، أن تنهي حالة الاحتقان الشديد التي تسود العديد من هيئات المجتمع المدني المهتمة بالموضوع، وتضع حدا لكل تلك المخاطر، وإن كان الخلاف، بحسب المصادر، لا زال حادا بشأن قيمة المساهمة المالية التي يجب أن تؤديها بلدية المهدية مقابل الاستفادة من مطرح القنيطرة.