كشف حسن عاطش، نقيب الصيادلة بفاس، عن معطيات حول انتشار متنام لبيع الأدوية خارج الصيدليات، مما يهدد، حسب تعبيره، بكارثة صحية خطيرة بالمغرب، في حال ما إذا لم تتدخل السلطات المحلية، ووزارة الصحة، لتكثيف إجراءات المراقبة، وحجز الأدوية المغشوشة والمزورة التي تروج في محلات تجارية معدة لبيع المواد الغذائية، ولدى أصحاب «الزريعة». ودعا عاطش، في تصريحات ل«المساء»، وزارة الصحة إلى تسريع وتيرة الإجراءات المتبعة لإخراج ما يسميه الصيادلة «دستور الدواء» لسد جميع الثغرات القانونية التي يستغلها مروجو هذه الأدوية المهربة، والمجهولة المصدر، في جنح الظلام، لتوزيعها على محلات تجارية، قبل أن يعاد بيعها ب»التقسيط» للمواطنين. وحذر نقيب صيادلة فاس من الانعكاسات الصحية الخطيرة على صحة المواطنين لانتشار أدوية للتجميل والأمراض الجلدية لدى بائعي العطور، ولجوء أصحاب محلات المواد الغذائية إلى بيع أدوية تقدم على أنها تعالج الصداع والآلام والحمى وارتفاع درجات الحرارة، وترويج «عوازل طبية» مهربة ومنتهية الصلاحية، لدى أصحاب «الزريعة»، ولجوء بعض المقاهي التي تشرك الليل بالنهار إلى ترويج أقراص زرقاء تقدم على أنها مهيجة جنسيا، وإقدام بعض المحلات شبه الطبية على ترويج أدوية عبارة عن منتوجات معقمة. وقال ل«المساء» إن الأمن الدوائي للمغاربة يتطلب من جميع المتدخلين أن يتحلوا بالحزم في التعامل مع مثل هذه الظواهر التي من شأن التساهل معها أن يؤدي إلى إغراق المغاربة بأدوية مغشوشة ومنتهية الصلاحية ومجهولة المصدر، عوض الاكتفاء بتنظيم حملات مراقبة شبه مفتوحة للصيدليات، والتي يشرف عليها من حيث المبدأ أناس متخصصون، وتضمن فيها شروط صارمة جدا لخزن الدواء، والحفاظ عليه، ومراقبة مدد صلاحيته، عكس ما هو رائج لدى الدكاكين وبعض المحلات التي تهدد صحة المواطنين، حد أن السلطات عجزت عن وضع حد لبعض الأسواق المتخصصة في بيع الأدوية المهربة، كما هو الشأن بالنسبة إلى سوق «الفلاح» بوجدة، الذي يستقبل بالجملة أدوية مجهولة ومهربة قبل أن توزع على عدد من مناطق المغرب بطرق ملتوية وفي غفلة من جميع المتدخلين في مجال حماية صحة المواطنين. ويشير الصيادلة إلى أن الأدوية المشبوهة والمزورة تشمل أيضا أدوية العلاج من الأمراض النفسية، والتي تحول من قبل جانحين إلى أقراص مهلوسة، تدفع إلى ارتكاب جرائم عنيفة وصادمة في حق الأصول والفروع أو في حق أشخاص من المحيط. ويرتبط تسويق الدواء بسلسلة تتكون من المختبرات المنتجة والمصنعة، والموزعين، والصيادلة. والقاسم المشترك بين المتدخلين في هذه السلسة يتجلى في كونهم صيادلة، ويتوفرون على مؤهلات علمية للإشراف على عمليات ترويج وبيع الأدوية في إطار القانون، وحسب وصفات الطبيب المعالج، وطبقا للجرعات الضرورية. وأكد حسن عاطش أن اختلال عنصر من العناصر في تقديم الدواء للمواطنين (جرعة زائدة أو ناقصة، مدة صلاحية منتهية، تخزين في ظروف غير ملائمة….) من شأنه أن يؤدي إلى كارثة صحية، وربما إلى أمراض مزمنة، وإلى وفيات. وقررت نقابة الصيادلة، لدق ناقوس الخطر، تنظيم مؤتمر في قصر المؤتمرات بالعاصمة العلمية، يومي 8 و9 ماي المقبل، حول الأمن الدوائي بالمغرب. وطالبت النقابة وزارة الصحة ومصالح المراقبة في الولايات والعمالات والأقاليم بتكثيف حملات مطاردة الأدوية المهربة والمجهولة التي تروج في رفوف وسراديب بعيدة عن فضاءات الصيدليات، «ليس فقط في المحلات التجارية وفي أسواق التهريب، ولكن كذلك عبر المواقع الإلكترونية وبعض قنوات الإعلام السمعي البصري التي تقدم نفسها على أنها متخصصة»، يورد حسن عاطش، قبل أن يضيف أن مثل هذه الحملات من قبل الأنتربول بناء على شكايات مواطنين متضررين أو مختبرات مصنعة ومنتجة، قد أقدمت على إغلاق حوالي 13 ألف موقع إلكتروني وإيقاف ما يقرب من 387 شخصا متهمين بترويج أدوية مغشوشة ومزورة. وتلحق هذه الفضاءات المشبوهة التي تروج فيها الأدوية المغشوشة أضرارا بالاقتصاد الوطني، وتسيء إلى سمعة القطاع بصفة عامة، علاوة على أنها تلحق عاهات وأمراضا خطيرة بمواطنين يراهن عليهم الوطن من أجل المساهمة في البناء، والإنماء، بينما يمكن أن تحولهم هذه الأدوية إلى عاهات.