حذر أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، من تداعيات المقارنة ما بين القانون الجنائي الوضعي وبين الشريعة الإسلامية، مبرزا أن الشريعة لا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال ندا للقانون الذي هو من صنع البشر. وقال الخمليشي، في مداخلة له ضمن اليوم الدراسي الذي نظمه مركز إشعاع للدراسات الأسرية بشراكة مع وزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية مساء يوم الجمعة بالرباط في موضوع «المساواة بين الجنسين أي مقاربة في ظل التحولات الراهنة»، إن الشريعة الإسلامية هي شريعة الله التي وجب أن نؤمن بها لكن القانون شيء آخر»، مضيفا:» عندما نقول إن القانون الجنائي مخالف للشريعة فهذا بلا شك أمر يشجع على التطرف والتشدد». وذكر من ذلك «تولي المرأة لمسؤولية القضاء التي يجيزها القانون الوضعي بينما يرفضها المذهب المالكي الذي يتبناه المغاربة، وكذا مسألة زواج الفتاة بدون ولي». ودعا مدير دار الحديث الحسنية إلى ضرورة الخروج مما أسماه « الوضع الشاذ» و»المؤرق» وذلك بالتوافق على منهجية مشتركة لسن وإقرار القواعد التي تنظم مواقفنا الاجتماعية والعلاقة التي تربط بين مختلف أفراد المجتمع داخل الأسرة وخارجها، مبرزا أن هذا الوضع من شأنه إثارة الفتن وإذكاء الصراعات وتوسيع دائرة الخلاف، واستطرد الخمليشي بالقول: « هناك اليوم من يستغل الشباب المغربي بدعوى أن نظام البلد يخالف الشريعة»، متسائلا: «أليس هذا مشجعا على التطرف والتشدد». وأوضح المتحدث أن إمكانية الخروج من المأزق الذي نحن فيه تكمن في مدى اعتمادنا على قاعدة « المنفعة العامة» أي أن كل ما فيه مصلحة مشتركة للمسلمين وجب الأخذ به، مستدلا على ذلك بمسألة تحريم الزنا والخمر. وحث الخمليشي في هذا السياق على ضرورة تجديد الخطاب الديني بما ينسجم ومتطلبات الواقع الذي نعيشه، محملا المسؤولية للعلماء الذين لا يزالون يفكرون بعقلية تراثية تنتمي إلى القرن الثامن عشر بحسب تعبيره، واستنكر المتحدث في السياق ذاته الفتاوى التي صار العلماء يصدرونها بدون أن يكون مضمونها مسايرا للعصر واصفا إياها ب»الفوضى» التي تؤجج الصراعات وتحجم الاختلافات. وأضاف الخمليشي مستطردا: «المسؤولية اليوم على عاتق العلماء والفقهاء الذين ينبغي عليهم أن يجتهدوا في تفسير نصوص الوحي بما يتيح حل المعضلات التي تستشكل على مجتمعاتنا المعاصرة»، مؤكدا على أهمية أن يكون إنتاجنا الفقهي وفي إطار الفكر الإسلامي يضاهي إنتاج الآخر بما يحقق الطمأنينة للمواطنين ويبعث على الثقة تجاه الشريعة الإسلامية.