وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 13 من شهر أبريل الجاري مرسوما ينص على إلغاء حظر سابق لتوريد أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات «إس-300» إلى إيران. مرسوم من عدة سطور كان كفيلا بأن يثير قلق إسرائيل وحليفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبعد أقل من أسبوعين على توقيع اتفاق إطار بين إيران من جهة، وبين مجموعة 5 +1 من جهة أخرى، والتي تضم كلا من الصين، الولاياتالمتحدةالأمريكية، فرنسا، بريطانيا، وروسيا، بالإضافة إلى ألمانيا، حول برنامجها النووي، جاء القرار الروسي ليغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط. وفي الوقت الذي يملك قادة الدول الكبرى مهلة حتى ال 30 من ماي القادم لمعالجة التفاصيل الدقيقة القانونية والتقنية للاتفاق الهش مع إيران، لم ينتظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى اتخاذ قرار دولي لرفع العقوبات المفروضة على إيران، ووقع على مرسوم رفع الحظر، وهو ما أثار قلق إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية. وبرر رئيس الدبلوماسية الروسية، سيرغي لافروف، القرار بأنه جاء في ضوء الاتفاق الإطار المبرم بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى ألمانيا، بشأن البرنامج النووي الإيراني، وأوضح أنه لا قرار مجلس الأمن الصادر في سنة 2010، أو غيره من القرارات السابقة، يشير إلى أي حظر على توريد أنظمة مضادة للطائرات إلى إيران. وكانت روسيا قد فرضت حظرا طوعيا على إتمام صفقة بيع منظومات «إس-300» وقعتها مع إيران سنة 2007، قال حينها المسؤولون الروس إنه حظر من أجل المساهمة في محادثات بناءة بين إيران والدول الكبرى بخصوص ملفها النووي، ولكنها اليوم ترفع الحظر عن توريد منظومة «إس- 300» إلى إيران من أجل الدفع بالمباحثات بين طهران والدول الكبرى، حسبما قال وزير الخارجية الروسي. وصرح رئيس الدبلوماسية الروسية بأنه في هذه المرحلة لم تعد هناك نهائيا ضرورة لهذا النوع من الحظر. وتزامن القرار الروسي مع زيارة وفد إيراني إلى روسيا بقيادة علاء الدين بروجردي، وهو ورئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني والشؤون الخارجية ومسؤولين أمنيين آخرين. وأوضح لافروف أن «منظومة الدفاع الجوي تعدّ شيئاً موضوعيا بالنسبة لإيران في الوقت الراهن، وإيران محتاجة إلى نظام مضاد للطائرات عصري وحديث، بالنظر إلى التطورات الحالية في الأسابيع الماضية في المنطقة، وعلى رأسها اليمن. وكانت إيران قد لجأت إلى التحكيم الدولي بعد أن فرضت روسيا حظرا طوعيا على توريد صواريخ «إس-300» بقيمة مالية بلغت 800 مليون دولار أمريكي، بموجب عقد وقع سنة 2007. وبعد الحظر الذي فرضته روسيا على إتمام الصفقة، لجأت إيران إلى المحكمة الدولية في جنيف، وطالبت بأربعة مليارات دولار، غير أن البلدين سرعان ما تجاوزا خلافهما ووجدا طريقة لتعويض خلافهما، حيث بدأت روسيا بدعم نظام بشار الأسد في سوريا. وتحسنت علاقات البلدين، خاصة أنهما معا يواجهان عقوبات دولية، فإيران تواجه عقوبات بسبب برنامجها النووي، وروسيا تواجه عقوبات بسبب الأزمة الأوكرانية بعد ضمها شبه جزيرة القرم. وبخصوص اليمن، فإن روسياوإيران حليفان في مواجهة صعود نفوذ المملكة العربية السعودية. ولرغبة الكرملين في كسر العزلة الروسية، توجه وزير دفاعها سيرجي شويجو إلى إيران لتوقيع اتفاق تعاون عسكري مع طهران، وبدء مفاوضات بخصوص توريد «إس-300» إلى إيران، وهو ما سيفتح من جديد العلاقات التجارية بين البلدين، ويفتح الباب كذلك أمام معاملات أخرى متوقفة. وعبر وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، عن انشغال بلاده بالخطوة الروسية، وعبر الوزير الأمريكي لنظيره الروسي سيرغي لافروف عن قلقه إزاء القرار الروسي برفع الحظر عن شحنات الصواريخ إلى إيران. كما سارعت إسرائيل، التي تعارض منذ سنوات توريد «إس-300» إلى إيران، إلى إدانة المبادرة الروسية. إذ انتقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرار روسيا رفض حظر تزويد إيران بالصواريخ. فيما انتقد وزير الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، توريد الصواريخ إلى إيران، دون أن يشير إلى اسم روسيا التي تربطها علاقات تجارية وعسكرية مع إسرائيل. وقال: «بدلاً من مطالبة إيران بوقف نشاطها الإرهابي في الشرق الأوسط والعالم، يتم السماح لها بتسليح نفسها بأسلحة متقدمة ستزيد من عدوانها». فيما طمأن الوزير الروسي إسرائيل بالقول: «إس-300» هو نظام صواريخ مضاد للطائرات، وهو ذو طابع دفاعي محض ولا يمكن استعماله في الهجوم، ولا يشكل أي خطر على أي دولة، بما فيها إسرائيل». * عن «لومند