لدى رجال أرض إسرائيل الكاملة جواب خالد، على حد نهجهم، على المطالب بتجميد البناء في المستوطنات وتحقيق حل الدولتين للشعبين. وهم يروجون ل»العودة إلى المصادر» – تصريح بلفور وصك الانتداب على فلسطين- كتبرير تاريخي وقانوني لمعارضتهم لتقسيم البلاد وتمسكهم بمواصلة الاستيطان. تمسك رجال اليمين بتاريخ جزئي وتجاهلهم قرارات الأممالمتحدة، خلف عصبة الأمم، مثل قرار التقسيم في العام 1974 والذي على أساسه أعلن بن غوريون عن إقامة الدولة. ولكنه يتجاهل أساسا الاشتراط الذي تقرر لتحقيق الالتزامات الدولية بإقامة وطن قومي لليهود. فتبني تصريح بلفور وصك الانتداب حرفيا يناقض ويلغي الفكرة التأسيسية للحركة الصهيونية – دولة للشعب اليهودي. التفسير الأكثر معقولية لتصريح بلفور، والذي صدر قبل 92 سنة، هو دعوة إلى «إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في (كل) أرض إسرائيل». ولكن لا ينبغي تجاهل السياق: «انطلاقا من فهم واضح ألا يتم أمر من شأنه أن يمس بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية». صك الانتداب، الذي منحته لبريطانيا عصبة الأمم في العام 1922 يلزم «بخلق الشروط السياسية، الإدارية والاقتصادية في البلاد لضمان إقامة البيت القومي اليهودي». الوثيقة لا تذكر وطنا قوميا آخر لعرب من سكان البلاد، ولكنها تكرر الالتزام «بالحفاظ على الحقوق المدنية والدينية لكل سكان فلسطين دون فارق في العرق والدين». من يسعون اليوم أيضا إلى ان تكون في أرض إسرائيل دولة واحدة، لا يمكنهم أن يلغوا الشرط الذي يلزم بمنح حقوق المواطن للأغلبية غير اليهودية الموجودة فيها. ولا ينبغي التشكيك في صدقهم، وذلك لأن بعضهم صرحوا بأنهم يفضلون «الزوجة»، أرض إسرائيل على «الخادمة» دولة إسرائيل. تفضيل البلاد على الدولة يقوض الفكرة الصهيونية لهرتسل الواردة في كتابه، «دولة اليهود» والذي سعى إلى أن «تعطى لنا سيادة في إقليم ما تكفي للاحتياجات الضرورية لشعبنا». في رؤيته، أرض إسرائيل وإن كانت هي الدولة المفضلة لتجديد الوطن القومي للشعب اليهودي، بسبب العلاقة التاريخية للشعب بالبلاد، فإن حل «مسألة اليهود» هو دولة، والأرض الإقليمية هي ثانوية في أهميتها. وبالفعل، عرفت الحركة الصهيونية كيف تحقق كل أهدافها في حدود 1967. مفهوم اليمين المناهض للصهيونية يتجاهل القاعدة التي تقول إنه في النظام الديمقراطي تقرر الأغلبية طبيعة الدولة ورموزها. أقلية يهودية في دولة ديمقراطية لا يمكنها أن تحقق غاية الوطن القومي التي تقررت في صك الانتداب: «تشجيع هجرة الجموع اليهودية إلى فلسطين كي يتمكنوا من صنع مصيرهم ويبنوا هناك وطنهم». وهو يقوض مفهوم حاييم وايزمن: «يجدر أن يكون مكان واحد في العالم يمكننا أن نعيش فيه حياتنا وأن نعبر فيه عن جوهرنا وفقا لطبيعتنا. ولعل هذا يؤدي بهم إلى أن يفهموا روحنا فتصبح علاقاتنا مع باقي أمم العالم أكثر طبيعية». لهذا السبب أجمل بن غوريون حرب الاستقلال بحسم واضح: «الجيش الإسرائيلي يمكنه أن يحتل كل الأرض بين النهر والبحر. ولكن أي دولة ستكون لنا، ستكون لنا كنيست مع أغلبيه عربية. بين وحدة البلاد الإقليمية وبين الدولة اليهودية، اخترنا الدولة اليهودية». تحقيق حل الدولتين يضمن أغلبية يهودية، يضمن تحقيق الرؤيا وللساعين إلى خيار آخر، هناك دوما إمكانية العيش على أرض آبائنا وأجدادنا تحت علم ليس أزرق- أبيض في مكانة المقيم. مسؤولون فلسطينيون كبار قالوا مؤخرا إنهم سيسمحون بذلك، في الاتفاق الدائم مع إسرائيل.