خلفت دعوة الملك محمد السادس، في خطاب الذكرى الرابعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، إلى إعادة هيكلة المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية في أفق انتهاء ولايته، من خلال إعادة النظر في تركيبته وتقوية تمثيليته بانفتاحه على نخب جديدة، ذات كفاءة وغيرة وطنية، وتأهيل وملاءمة هياكله، وطرق تسييره مع التحديات الجديدة، والرفع من نجاعته في التعبئة للدفاع عن مغربية الصحراء وتنميتها، ( خلفت) ارتياحا في صفوف العديد من أعضاء المجلس، الذي راهنت عليه الدولة المغربية منذ تفعيله في 25 مارس 2006 كمؤسسة للوساطة ولمنافسة جبهة البوليساريو على تمثيلية الصحراويين. ووصف مصطفى ناعيمي، عضو الكوركاس، الدعوة إلى إعادة الهيكلة بالخطوة الإيجابية، التي كان الصحراويون ينتظرونها منذ مدة، وقال في تصريحات ل«المساء»: «المطالبة بإعادة هيكلة الكوركاس تكررت منذ مدة ومن أكثر من طرف سواء داخل المجلس أو خارجه، خاصة في المجتمع الصحراوي، لكن ما نتمناه الآن بعد أن تمت الاستجابة لتلك المطلبة، هو أن تستجيب إعادة الهيكلة إلى متطلبات منها تشبيب المجلس وتفعيل لجانه، والزيادة في مردوديته من خلال إحداث مجموعة من الهياكل، وفتح أبواب النقاش والتواصل مع فعاليات داخل المغرب وخارجه»، مشيرا إلى أن طريقة تسيير الكوركاس من قبل رئيسه كانت محط انتقادات أعضائه وصناع القرار على السواء، وهو ما كان يقتضي التدخل لوضع حد لذلك. وفي السياق ذاته، قال عضو في الكوركاس، طلب عدم الكشف عن هويته، إنه «كان بالإمكان تحقيق نتائج أفضل لو أن المجلس اشتغل طبقا لروح خطاب الملك وديباجته، وعمل على خلق دينامية كبيرة في أوساط الصحراويين لإعادة هيكلة المجتمع الصحراوي، وخلق فرزا حقيقيا وسط الصحراويين في اتجاه الدفع بتقوية خيار الوحدة، لكن مع كامل الأسف فشل المجلس في تحقيق ذلك». وأضاف موضحا في حديثه إلى المساء» أنه «بالعودة إلى ديباجة الظهير المؤسس للمجلس ولخطاب الملك، كان الرهان هو أن يكون مؤسسة حقيقية للوساطة، مؤسسة تستطيع من خلال ديناميتها ومن الانكباب على القضايا الأساسية لساكنة المنطقة، أن تجمع حولها الصحراويين باختلاف انتماءاتهم القبلية، في أفق أن يصبح الكوركاس منافسا للبوليساريو على تمثيلية الصحراويين، إلا أن ذلك لم يتحقق إلى حد الآن بسبب ديكتاتورية رئيس الكوركاس». واستدرك قائلا: «مباشرة بعد تشكيل الكوركاس تم اتخاذ مبادرات عدة من بينها رفع ملتمس للعفو شمل 50 صحراويا من انفصاليي الداخل الذين كانوا في السجن، وذلك في سبيل كسب ثقة الصحراويين، وتحقيق التفافهم حول المجلس، لكن هذا التوجه سيخبو بعد ذلك بسبب التناقض الكبير بين الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها الرئيس، وروح الخطاب الملكي وديباجة الظهير». ومنذ أن عينه الملك محمد السادس على رأس «الكوركاس»، حاول خلي هنا ولد الرشيد تعبيد الطريق لحل سياسي، عبر تطبيق الحكم الذاتي كمخرج لطي ملف الصحراء، إلا أنه ظل متهما من طرف الكثير من أعضائه ب»التدبير الفردي وب«الديكتاتورية»، وعدم تمكينهم من المشاركة في خدمة القضية وتحقيق النتائج المنتظرة. «كان الحلم هو أن يبلغ المجلس مرتبة منازعة البوليساريو في تمثيلية الصحراويين، لكن الواقع المعيش حاليا أجهض ذلك الحلم، فالظهير المؤسس له كان ظهيرا مفصلا على مقاس الرئيس، فهو لا يعترف بشيء اسمه المجلس، الذي يبقى مجرد كيان شكلي، بينما كل الصلاحيات في يد الرئيس»، يقول المصدر ذاته، ويشير إلى أنه خلال اللقاءات الأولى للمجلس ولاسيما أثناء الانكباب على وضع القانون الداخلي، حاول نحو 30 عضوا فرض مؤسسة المجلس بغية تحقيق طموح خلق مؤسسة للوساطة متضامنة فاعلة ومؤثرة ومرتبطة بالصحراويين، إلا أن الرئيس قام، بجرة قلم، بالتشطيب على كل التعديلات التي أجريناها بدعوى أنها تتناقض مع الظهير المؤسس، وترك الصلاحيات كما هي واردة فيه والتي لا تعترف إلا به، فهو باختصار الحاكم بأمر الله داخل الكوركاس». وبالرغم من سعي رئيس «الكوركاس»، من خلال تحركاته ولقاءاته ومبادراته إلى خدمة قضية الصحراء، فإن أعضاء في المجلس يرون أن ولد الرشيد لم يفلح في مسعاه، بدليل ما أثارته العودة الجماعية لما يفوق 100 صحراوي إلى أرض المغرب في إطار ما عرف بصفقة «اكجيجيمات»، التي كان يمثل صاحب الفكرة وقائد مراحل إنجازها، إلى جانب كاتب الدولة السابق في الخارجية أحمد لخريف. وفيما لم يتسن الحصول على تعقيب من رئيس الكوركاس، بشأن الاتهامات الموجهة له، قال عضو الكوركاس: «الفشل الكبير للمجلس كان عنوانه «اكجيجيمات» حين وصل الأمر إلى حد الكذب على الملك، لقد كانت بالفعل أكبر فضيحة لرئيس الكوركاس، بعد أن تم صرف أموال باهظة على أناس غير صحراويين وعلى زعيم موريتاني كان من المقربين من الرئيس السابق معاوية ولد سيد الطايع، ومن أصدقاء البوليساريو في موريتانيا». ويبقى تمكن الكوركاس من المشاركة والحضور في جولات مفاوضات المغرب والبوليساريو، من خلال مشاركة رئيسه، حسب المصدر المذكور، النقطة الوحيدة المضيئة في إنجازاته، على اعتبار أن تلك المشاركة والحضور هما بمثابة رسالة دالة وقوية للدول الغربية والعالم مفادها أن الصحراويين ليسوا بالضرورة «البوليساريو»، وإنما هناك أيضا صحراويون وحدويون يشكلون الأكثرية، يقول المصدر ذاته.