عاد ملف الأساتذة حاملي الشهادات والمطالبين بالترقية إلى واجهة الأحداث بعد أن قررت تنسيقيتهم الخروج للاحتجاج من جديد في شوارع العاصمة الرباط. وتطالب هذه الفئة، التي تعود لإعلان غضبها للموسم الدراسي الثالث، بترقيتها عن طريق الشهادة إسوة بمن استفاد من هذا الامتياز من قبل. كما تطالب بتوقيف المتابعات القضائية في حق بعض المنتسبين لها، والذين صدرت في حقهم أحكام بعد خوضهم لمعارك نضالية. وتدعو وزير التربية الوطنية للتراجع عما صدر منه حينما اتهم المدرسين بتدريس «الخرايف» لتلامذتهم. المعركة مقررة في مستهل شهر أبريل وقد تمتد لأسابيع. لم تفوت تنسيقية الأساتذة المقصيين من الترقية عن طريق الشهادة، الفرصة لرد دين «قديم جديد» لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار، حينما دعت «قواعدها» للاحتجاج من خلال خوض إضرابين إنذاريين، للمطالبة أولا بترقيتهم إسوة ببقية زملائهم، قبل أن تصدر حكومة السيد عبد الإله بنكيران ما تعتبره قانونا يمنع الترقية إلا باجتياز مباراة، وليس عن طريق الشهادة الجامعية. وثانيا للمطالبة برأس بلمختار، الذي تحدث عما سماه ب» الخرايف» التي يلقنها نساء ورجال التعليم لتلامذتنا. وبدا أن المعركة التي سبق أن خاضتها هذه الفئة منذ أكثر من سنتين، عادت لتندلع من جديد ضد وزير التربية الوطنية. لقد اعتبرت التنسيقية أن هذا الملف لا يزال لم يعرف بعد نقطة نهايته بسبب ما سمته بالتعسفات الخطيرة التي تطال الأساتذة والأستاذات حاملي الشهادات المقصيين من الترقية، من اقتطاعات قياسية من الأجور دون أي سند قانوني أو دستوري، ومن توقيف لأجور عدد من الأساتذة المتضررين، وإحالة بعضهم على المجالس التأديبية، ومطالبة البعض الآخر بإرجاع مبالغ مالية خيالية لخزينة الدولة. هذا بالإضافة إلى جملة من الأحكام القضائية الجائرة الصادرة في حق عدد من الأساتذة. وهي العقوبات التي جاءت بناء على تهم تعتبرها التنسيقية ملفقة وواهية وكاذبة لأنها تتحدث عن التجمهر غير المرخص له، وعن الاعتداء على رجال الأمن. واختارت تنسيقية الأساتذة المقصيين من الترقية عن طريق الشهادة تخليد يوم 26 من مارس 2011 والذي شهد تدخلا عنيفا من قبل رجال الأمن خلف وقتها قرابة 200 مصاب. من مارس 2011 إلى مارس 2015، ترى هذه التنسيقية أن لا شيء تحقق. وأن مطلب الترقية عن طريق الشهادة، لا يزال مؤجلا رغم كل الوعود التي قدمت لهذه الفئة. بل إن الأمر تجاوز حدود رفض حق الترقية ليصل إلى اقتطاعات من أجور هذه الفئة، وتوقيف أجور عدد من المنتسبين لها، إلى إصدار أحكام قضائية في حق فئة ثالثة. وهو ما يعني أن ملف هذه الفئة من نساء ورجال التعليم ظل يتأرجح لسنوات. لقد انطلقت بوادر المواجهة بين هذه الفئة مع وزير التربية الوطنية السابق محمد الوفا، الذي كان قد استقبل مجموعة من المتضررين ووعدهم خيرا. غير أن وعود الوفا تبخرت. ليجد قرابة ثمانية آلاف مدرس ومدرسة، أنفسهم في قلب المواجهة. كانت الانطلاقة ببعض الوقفات الاحتجاجية، والإضرابات عن العمل هنا وهناك، قبل أن يتم تحويل المعركة إلى العاصمة الرباط، التي ظلت تحتضنهم بعد أن اختاروا الاعتصام والتهديد بالإضراب عن الطعام في أكثر من مناسبة. وخلال المعركة، ظلت وزارة التربية والتعليم تتعامل مع الملف بالكثير من اللامبالاة، وتعتبر المرسوم الصادر بشأن منع الترقي في الوظيفة العمومية عن طريق الشهادة، وضرورة أن يمر ذلك عبر الامتحان المهني، هو المرجع في التعاطي مع هذا الملف، خصوصا وأن رئيس الحكومة ظل من أشد المتحمسين لهذا المرسوم. مع رشيد بلمختار، عاد الملف إلى الواجهة. وتوالت المعارك النضالية حيث وصلت أيام الإضراب إلى مستويات عليا. فكان لا بد أن ينتبه الجميع لهذا الإشكال لأنه يعني فئة عريضة من التلاميذ الذين قضوا شهورا بدون مدرسين. وخلال أحد لقاءات وزير القطاع مع النقابات الأكثر تمثيلية للتداول في الملف المطلبي لنساء ورجال التعليم، كان لا بد أن تتم إثارة هذا الملف، بعد أن وعد بلمختار بإيجاد حل مرض لكل الأطراف. وقيل وقتها إن حكمة وزارة التربية الوطنية، انتصرت في تعاطيها مع ملف الأساتذة حاملي الشهادات العليا، والذين خاضوا معارك بطرق متعددة من أجل الترقية. انتهى اللقاء بين بلمختار والنقابات بشأن هذا الملف إلى صيغة متوافق عليها مفادها أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ستلتزم بإيقاف كل الإجراءات الإدارية ضد المضربين، على أن يلتحق المعنيون بمقرات لكي لا تتخذ إجراءات الانقطاع عن العمل وفق قانون الوظيفة العمومية. وزادت الوزارة الوصية في بلاغ لها عقب اللقاء مع النقابات، على أنها تؤكد على تنظيم مباراة ثانية أخرى تفتح في وجه الجميع، بمن فيهم أولئك الذين لم يضعوا ملفاتهم من قبل، شريطة تقديم ملفاتهم وتسوية وضعيتهم الإدارية، خصوصا وأن مباراة الترقية الأولى عرفت الكثير من الارتباك بسبب الدعوة لمقاطعتها. اعتقد الكثيرون أن بلاغ الوزارة، ومعه بلاغات النقابات التعليمية التي جالست الوزير، يكاد يقول إن ملف حاملي الشهادات الجامعية طوى بعد أن تم التراجع عن سلسة الانقطاعات عن العمل التي تم تفعيل بعضها، وبعد أن وعدت وزارة بلمختار أنها ستنظر في موضوع الاقتطاعات التي شملت المضربين، خصوصا حينما تؤكد الوزارة على أن المناصب المالية لترقية هؤلاء عن طريق الامتحان، متوفرة لديها، ومفتوحة، وقابلة لاستيعاب كل الناجحين. وهو ما يعني أن امتحان الترقية، التي تقول الوزارة إنه تطبيق لمرسوم لا أحد بإمكانه القفز عليه، لن يكون غير شكلي من أجل نزع فتيل الغضب، وإنهاء هذا الملف بلا غالب ولا مغلوب. ولم تفوت النقابات الخمس المجتمعة مع وزير القطاع وقتها، فرصة رفع ملتمس إلى الحكومة من أجل إيقاف المتابعات القضائية في هذا الملف، خصوصا وأن هذه المعركة لم تسلم من ضرب وتنكيل، تحول بعد ذلك إلى اعتقالات ومحاكمات لعدد من أعضاء التنسيقية. اليوم يبدو أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، ومعها حكومة بنكيران، لم تلتزم بما تم الاتفاق حوله. وعادت الاقتطاعات من أجور المضربين. وذهبت وزارة بلمختار في بعض الحالات إلى تفعيل قانون الانقطاع عن العمل بعدما اعتبرت أن إضراب هذه الفئة ليس له أدنى مبرر. حدث هذا في بحر الموسم الماضي. وهو ما دفع بالتنسيقية إلى الرد أسابيع قبيل نهاية الموسم الدراسي الماضي بخطوة تصعيدية وصلت حد التهديد بمقاطعة كل ما يعني الامتحانات الإشهادية من حراسة وتصحيح وتقديم نقط التلاميذ، سواء في الأقسام الابتدائة مع امتحان السنة السادسة، أو الإعدادية مع امتحان السنة التاسعة إعدادي، ثم الثانوية التي تعرف امتحانين إشهاديين على غاية كبيرة من الأهمية هما الامتحان الجهوي والامتحان الوطني لشهادة الباكالوريا. وهو التهديد الذي تم التراجع عنه بعد أن أبدت الوزارة ليونة في إيجاد حل متوافق حوله للمشكل. اليوم يبدو أن هذا الحل لم يصل لهذه الفئة. لذلك عادت لترفع شعار خوض معركة جديدة في شوارع الرباط شعارها المركزي هو الترقية بالشواهد ولا بديل عن ذلك. أما الأداة، فهي الإضراب والاحتجاج مجددا في العاصمة الرباط لإسماع صوت فئة ترى أنها تضررت من مرسوم حكومي يمنع الترقية عن طريق الشهادة الجامعية، في الوقت الذي استفاد من هذا الحق زملاء لهم قبل حكومة بنكيران. معركة تنسيقية الأساتذة الحاملين للشواهد الجامعية لن تتوقف عند سقف مطلب الترقية، ولكنها تريد أن تجعل من معركة مارس وبداية أبريل الجاري مناسبة للمطالبة برأس رشيد بلمختار بعد الحملة الإلكترونية التي وضعت لها صفحة على موقع «فيسبوك» تقول إن بلمختار أجهض حقوق تعبت عليها الأجيال. ولذلك ينتظرون من الحكومة توضيحا بشأن تصريحاته، التي حطمت نفسية كل السادة الأساتذة، على حد تعبير بلاغ التنسيقية. لقاء لتوحيد الرؤية حول الأولويات بأكاديمية الجهة الشرقية اللقاء الجهوي جمع بين البعد التواصلي وكذا الرغبة في إشراك أصحاب القرار عبدالقادر كترة احتضنت قاعة عزيز أمين بأكاديمية الجهة الشرقية بوجدة لقاء جهويا تواصليا لتقاسم الآراء وتوحيد الرؤية حول التدابير ذات الأولوية، ترأسه كل من محمدين اسماعيلي المدير المركزي للتعليم التقني والحياة المدرسية ممثلا عن وزير التربية الوطنية وتكوين الأطر، ومحمد ديب مدير أكاديمية الجهة الشرقية والنواب الإقليميون بنيابات الجهة الشرقية ومدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ورؤساء الأقسام و المصالح بالأكاديمية والنيابات التابعة لها. محمدين اسماعيلي المدير المركزي للتعليم التقني والحياة المدرسية أكد من خلال الكلمة التي ألقاها بالمناسبة باسم وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، على أهمية أشغال هذا اللقاء التواصلي لأحد أهم الأوراش التي تنكب عليها وزارتنا حاليا، والذي يتعلق بما اصطلحنا عليه « التدابير ذات الأولوية» وقال «اللقاء الذي نريده لقاء للتقاسم والنقاش والتملك المشترك، نتوخى من خلاله إتاحة الفرصة، لنا جميعا، من أجل توحيد الرؤى والمفاهيم ذات الصلة بمضامين هذه التدابير، حتى نتمكن من تملكها واستبطانها، وتحقيق التعبئة الجماعية حولها، استعدادا لمرحلة تنزيلها الفعلي على أرض الواقع». وأضاف في كلمته أنه إلى جانب الخلاصات ذات البعد الاستراتيجي، التي تضمنتها المشاورات، والتي تم استثمارها من أجل تحضير مشروع «الرؤية المستقبلية في أفق سنة 2030»، والتي ستكتمل معالمها في ضوء مضامين التقرير الاستراتيجي المرتقب للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والذي سيتضمن رؤيته للنهوض بالشأن التربوي، وخارطة الطريق لإنجازها، برزت الضرورة الملحة لمعالجة مجموعة من الإشكالات والاختلالات ذات الصبغة الاستعجالية، والتي لا تقبل الانتظار أو التأجيل، بما سيمكن من تحسين منظومتنا التربوية في المدى القريب، وفي الوقت نفسه، تهييء الشروط الملائمة للانخراط في الإصلاح الجذري والعميق للمنظومة التربوية على المديين المتوسط والبعيد. المسؤول المركزي اعتبر أن المحطة الثانية من سيرورة تحضير «التدابير ذات الأولوية»، قد تمثلت في انكباب الوزارة على إعداد وبلورة منهجية الإنجاز، من خلال تدقيق الأهداف، وتحديد الإجراءات العملية للتنفيذ وللتتبع، وضبط المسؤوليات، ووضع الجدولة الزمنية لتنفيذ العمليات، إلى غير ذلك من المقومات الكفيلة بإعطاء هذه التدابير بعدا إجرائيا قابلا للتصريف العملي على أرض الميدان. وأشار إلى أن الدورة الأخيرة لأشغال المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، واللقاءات الجهوية التي نظمت على هامشها، شكلت فرصة سانحة لإنضاج التصورات المؤطرة للرؤية المستقبلية 2030، وللتدابير ذات الأولوية، حيث سمحت بتقاسم المعطيات المتعلقة بهذين الورشين الهامين والاستماع إلى مختلف الآراء في شأنهما واستثمار الملاحظات والاقتراحات التي تم إبداؤها من طرف مختلف المعنيين والفاعلين حولهما. محمد ديب مدير الأكاديمية أبرز في كلمته بالمناسبة، أهمية مشروع بناء المدرسة المغربية الجديدة الذي قطع أشواطا مهمة، وحقق تراكمات ومنجزات كمية ونوعية مشجعة، وأن هذا المنجز قد أصبح في هذه الظرفية بالذات يستدعي من مكونات المجتمع المغربي جميعها مواصلة بذل الجهود من أجل تحصينها وتعزيز مكتسباتها، «إذ أن مسار الإصلاح التربوي ببلادنا يكتسب قوته ومشروعيته وجدواه من المرجعيات التي يتأسس بدءا بالتوجهات الملكية السامية التي ما فتئت في كل مرة تضع الأصبع على مواطن الضعف والاختلال الذي يكتنف منظومة التربية والتكوين، مرورا بما تضمنه الدستور الجديد للمملكة الذي نص في الفصل 31 منه على وجوب عمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة من الحق في تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة، وصولا إلى ما تمثله وثيقة الميثاق الوطني للتربية والتكوين من قاعدة مرجعية صلبة لإصلاح المدرسة المغربية، وما تضمنته تقارير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي من تشخيص وتوجيهات وملاحظات، إضافة إلى ما تضمنته البرامج الحكومية المتتالية من تدابير وإجراءات لتعميق مسيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين ببلادنا». بعد ذلك قدم المدير عرضا تناول فيه التدابير ذات الأولوية والذي يشتمل على أربعة مجالات موزعة على السياق العام ومنهجية العمل واللقاءات التشاورية، إضافة إلى التدابير ذات الأولوية والمرتبطة بالمحاور التالية: التمكن من التعلمات الأساس، التحكم في اللغات الأجنبية، دمج التعليم العام والتكوين المهني وتثمين التكوين المهني، الكفاءات العرضانية والتفتح الذاتي، تطوير العرض المدرسي، التأطير التربوي، الحكامة، وتخليق الحياة المدرسية. يذكر أن هذا اللقاء الجهوي جمع بين البعد التواصلي الرامي إلى تدقيق مجموعة من المعطيات المتعلقة بمختلف مكونات التدابير ذات الأولوية، وكذا الرغبة في إشراك أصحاب القرار على مستوى الجهة في رؤية هذه التدابير وكيفيات تنزيلها التدرجي على مستوى المؤسسات التعليمية؛ والبعد التداولي من خلال مناقشة عامة لمختلف المتدخلين للكثير من المحاور والتي يمكن إجمالها في ضرورة الحرص على التعجيل بإصدار النظام الأساسي لرجال التربية والتكوين باعتباره آلية أساسية في تدبير بعض من مكونات مشروع الإصلاح، وتقوية الجسور بين التربية والتكوين المهني في سياق من التناغم عبر مسارات محددة، وباعتماد بنيات تربوية في المستوى، وأهمية تنويع البيداغوجيات على مستوى تصريف العملية التعليمية/التعلمية. لشقر : ركزنا على استقلالية النقابة و اعتماد الديمقراطية في اتخاذ قراراتها قال إن النقابة المغربية للتعليم العالي توجه جديد لتصحيح مسار الممارسة النقابية حاوره- عبدالقادر كترة عقدت النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي جمعها العام التأسيسي تحت شعار «نقابة مستقلة وديمقراطية للدفاع عن كرامة الأستاذ والنهوض بمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي»، السبت 21 مارس 2015 بالرباط، وتم انتخاب الهياكل الوطنية المكونة من المجلس الوطني والمكتب الوطني كما انتخب محمد لشقر، أستاذ الكمياء بكلية العلوم ظهر المهراز بفاس، كاتبا عاما وطنيا للنقابة ونائبه الأستاذ محمد بن جبور. «المساء» تحاور الكاتب العام حول دواعي الانسحاب من النقابة الوطنية للتعليم العالي وتأسيس النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي. – ما هي دواعي الانسحاب من النقابة الوطنية للتعليم العالي وتأسيس تنظيم نقابي بديل؟ منذ الإعلان عن ميلادها بعيد الانسحاب من المؤتمر العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي ( 15 و 16 و17مارس2013) احتجاجا على تغييب الديمقراطية ورفضا لانحراف الممارسة النقابية، وبعد استحضار مجريات المؤتمر العاشر ونتائجه غير الديمقراطية على مستوى فرز الأجهزة الوطنية؛ وبعد الوقوف على خلفيات رفض الفريق الجاثم على الهياكل الوطنية وامتناعه عن عقد مؤتمر استثنائي للتصحيح باعتباره من مقررات المؤتمر التاسع المنعقد سنة 2009، أصدرت الحركة التصحيحية عدة بيانات تطالب بالدمقرطة الحقيقية لنمط اشتغال الآلة النقابية من خلال صياغة إطار قانوني جديد (قانون أساسي ونظام داخلي) على قواعد المبادئ الديمقراطية والمنهجية التشاركية، والوضوح النقابي، مع مراعاة التمثيلية الجهوية في الأجهزة الوطنية (إشكال تركيبة اللجنة الإدارية)، وضرورة إحداث التغيير الديمقراطي والنوعي على مستوى تحديث آليات اشتغال العمل النقابي تصوريا وتنظيميا وتعاقديا، صونا لمستقبل العمل النقابي في التعليم العالي. - وما هي هذه الآليات التي يعتزم هذا البديل النقابي التميز بها؟ تجاوز الأنماط غير الديمقراطية، والأساليب الإقصائية التي طبعت تاريخ الممارسة النقابية داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، وحجمت من وظيفتها المركزية، وأبطأت حركة انخراطها في المتغيرات والمستجدات، وعرقلت مسار تفاعلها مع الاستحقاقات الكبرى والتحديات التي تواجه منظومة التعليم العالي والبحث العلمي ببلادنا، واستقلالية القرار النقابي ورفض الخضوع للأجندة السياسية والوصاية الحزبية، والتشاركية لاستيعاب مختلف الحساسيات الفاعلة، والقطع مع النموذج الحالي لإدارة العمل النقابي في التعليم العالي، بالإشراك الفعلي والتمثيلية الحقيقية لجميع الفعاليات الجامعية؛ أمام التنامي المطرد لأنماط الاحتكار والتحكم في الأجهزة الوطنية، والشمولية لتدبير أنجع للقضايا النقابية لتجاوز النمط الفئوي الانتقائي الحالي في معالجة وتخطيط وإدارة الملفات المطلبية، من خلال مقاربة نقابية شمولية استيعابية تضع في الاعتبار وحدة النضال على أرضية تعدد وتنوع الملفات، بما يحقق المصالح المادية والمعنوية للأساتذة الباحثين ويصون كرامتهم، والارتقاء بدور النقابة للإسهام في إحداث التغيير والتنمية عبر تقوية دور مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث ومؤسسات تكوين الأطر ببلادنا من خلال الإسهام في بلورة رؤية نقابية وتصور تشاركي مبدع ومندمج لمواجهة متطلبات الراهن الجامعي من موقع القوة الاقتراحية للنهوض بأوضاع البحث العلمي والتعليم العالي وجميع العاملين به. - هل بروز الحركة التصحيحية كان أمرا حتميا وإحداث بديل نقابي ضروريا؟ شكل منهج التصحيح توجها عاما وقناعة راسخة لدى جميع السيدات والسادة الأساتذة الباحثين في كل مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث الوطنية، وهم يرصدون انحراف مسار الممارسة النقابية داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، من خلال تحركاتهم الاحتجاجية ومواقفهم التاريخية في المؤتمرات السابقة (السادس المنعقد سنة 1993 والسابع المنعقد سنة 2000 والثامن المنعقد سنة 2004 والتاسع المنعقد سنة 2009 والعاشر المنعقد سنة 2013) ومطالبتهم بدمقرطة هياكل النقابة الوطنية للتعليم العالي، وتصحيح انحراف مسارها، ووقف كل أشكال الاحتكار؛ وتبلور هذا المنهج فأصبح تيارا عاما وقاعدة صلبة وعريضة لها امتداداتها ولها حضورها الفاعل والوازن في مختلف الفروع الجهوية والمحلية للنقابة الوطنية للتعليم العالي. وقد شكل المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي المنعقد سنة 2013، محطة هامة بالنسبة للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين، لإعادة التأكيد والتمسك بمطالبهم التاريخية بدمقرطة الهياكل النقابية والتمسك باستقلالية النقابة، لكن المؤشرات والعناصر السلبية التي تم رصدها في المؤتمر العاشر أكدت بما لا يدع مجالا للشك استمرار العقليات نفسها وآليات الإشغال نفسها ضدا على كل المبادئ والقيم الديمقراطية، وهو الأمر الذي شكل قاعدة الارتكاز التي استند عليها ممثلو السيدات والسادة الأساتذة الباحثين في المؤتمر - ممن لايريدون تزكية ومباركة الفساد، ولا أن يكونوا شهود زور- للانسحاب من المؤتمر العاشر، احتجاجا على ماشهده هذا المؤتمر كسابقيه من تزوير وفساد وانعدام للشفافية وغياب للنزاهة واستعمال لجميع الأساليب المخالفة للأعراف الديمقراطية لتوسيع دائرة المناورة وإنشاء هوامش للتحايل والكولسة من قبل الفصيل المحتكر مخافة أن تخرج الهياكل الوطنية من قبضته، فتم بناء على تلك الحيثيات الاحتجاج والانسحاب من المؤتمر ثم الإعلان عن ميلاد الحركة التصحيحية. - ما هي مرتكزات النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي؟ النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي على هذه القاعدة، هي توجه ديمقراطي يستهدف تصحيح مسار الممارسة النقابية وتحديث مقاربة اشتغالها واستدراك مواطن الأعطاب والاختلال التي لحقتها على امتداد تاريخها، وذلك بدمقرطة الفعل النقابي في مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي ومؤسسات تكوين الأطر وذلك من خلال صياغة نظام أساسي ونظام داخلي جديدين على قاعدة المبادئ الديمقراطية والقيم التشاركية، والوضوح النقابي، والتمثيلية الجهوية في الأجهزة الوطنية، والارتقاء بتدبير الخلاف وإدارة الاختلاف لاستيعاب مختلف الحساسيات الفاعلة، بالإشراك الفعلي والتمثيلية الحقيقية لجميع الفعاليات الجامعية، وتجاوز النمط الفئوي الانتقائي في معالجة وتخطيط وإدارة الملفات المطلبية من خلال مقاربة نقابية شمولية استيعابية تضع في الاعتبار التحولات العميقة التي يعرفها مشهد التعليم العالي وطنيا ودوليا، والارتقاء بدور النقابة في إحداث التغيير والتنمية من خلال تقوية دور مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث ومؤسسات تكوين الأطر ببلادنا بالإسهام في بلورة رؤية نقابية وتصور تشاركي مبدع ومندمج لمواجهة متطلبات راهن التعليم العالي من موقع القوة الاقتراحية للنهوض بأوضاع البحث العلمي والتعليم العالي ومؤسسات تكوين الأطر وجميع العاملين به. - هل تؤكدون على استقلالية هذه النقابة التي أصبحتم كاتبها العام؟ النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي باعتبار ما سبق، منفتحة ومفتوحة أمام جميع السيدات والسادة الأساتذة الباحثين باختلاف انتماءاتهم وتغاير توجهاتهم وتشعب تخصصاتهم وإطاراتهم بكل مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي، ومنفتحة على جميع اقتراحاتهم وآرائهم وأفكارهم لبلورة تصور جماعي مشترك لعمل نقابي جاد يكون في مستوى التحديات والرهانات المطروحة على الفعل النقابي في التعليم العالي والبحث العلمي. تتويجا لكل ما سبق، ونزولا عند رغبة أعداد كبيرة من الأساتذة المطالبة بضرورة تأسيس نقابة جديدة تكفل ممارسة الديمقراطية وتقوي الفعل النضالي للأساتذة الباحثين بشكل يلبي احتياجاتهم ومصالحهم المادية والمعنوية، تم يوم السبت 21 مارس 2015 عقد الجمع العام التأسيسي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي بمدينة الرباط تحت شعار: «نقابة مستقلة وديمقراطية للدفاع عن كرامة الأستاذ والنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي» حضره أزيد من مائتي أستاذ باحث وباحث يمثلون مختلف مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث ومؤسسات تكوين الأطر. هذا الجمع العام التأسيسي عرف نجاحا باهرا من حيث عدد الحضور ونوعيته ومن حيث التنظيم وكذا النقاشات والأفكار المطروحة وبالخصوص تلك المتعلقة بالنظام الأساسي الذي يعتبر أسمى قانون لهذه النقابة. هذا النظام الأساسي ركز في المواد الخاصة بالأهداف على استقلالية النقابة وضرورة اعتماد الآليات الديمقراطية في اتخاذ القرار وفي التسيير. كما ارتكز هذا النظام على مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة كأساس لقيام التنظيم النقابي. وفي هذا الإطار تم تحديد أهم المبادئ الأساسية للنقابة في الاستقلالية والديمقراطية والتضامن والتشاركية. ومن أهم الإيجابيات التي كرسها هذا النظام هو اعتماد التمثيلية الجهوية في الأجهزة الوطنية (المجلس الوطني والمكتب الوطني). «خرايف» رشيد بلمختار أحمد امشكح هل يمكن اعتبار كل هذه الخرجات، التي يقدم عليها وزير التربية الوطنية والتكوين المهني حول قضايا القطاع الآن، مجرد صدفة؟ أم أن للأمر علاقة ما بقرب صدور التقرير التركيبي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؟ أما مبررات هذا السؤال، فهي هذه القنابل التي يفجرها بلمختار بين الفينة والأخرى، والتي كان آخرها حديثه عما سماه ب» الخرايف» التي يلقنها رجال ونساء التعليم لتلامذتنا. قنابل تركت وتترك خلفها الكثير من الشظايا المتناثرة هنا وهناك، خصوصا وأن للأمر علاقة بواحد من أعقد الملفات، وأكثرها حساسية وهو ملف التربية والتكوين. المثير في حديث بلمختار عن «الخرايف» التي تدرس في مدارسنا أولا، هو أنه صادر عن المسؤول الأول عن هذه المدرسة، وبالتالي عن هذه «الخرايف». وثانيا هو أن السيد الوزير، الذي يعتبر المنفذ لسياسة الحكومة في قطاع التربية والتكوين، لم يبادر إلى تصحيح هذا الخلل الخطير الذي جعل أبناءنا يكتفون بتعلم «الخرايف»، بدلا من علم ومعرفة نافعين. أما ثالثا، فلأن المدرس الموجود بداخل حجرته الدراسية، لا يقوم إلا بما يطلب منه من خلال مقررات ومناهج تربوية تختارها وتقررها وزارة السيد بلمختار. لذلك فإن الذي يفترض أن يسأل عن هذه «الخرايف» هو الوزير وليس المدرس. كانت مأساة المدرسة المغربية، ولا تزال، هي هذه الوصفات الجاهزة التي يطلقها البعض عن ضعف التلاميذ، وعدم قدرتهم على الفهم والقراءة والكتابة. وعن تدني مستوى الجودة لدى نسبة كبيرة منهم. وهي وصفات تشخص، أكثر ما تعطي حلولا للإصلاح. والحصيلة هي أننا نجد أنفسنا رهينة خطاب التشخيص في كل مناسبة، بدلا من خطاب التصحيح. منذ أدرك المغرب المعنى الحقيقي لقطاع التربية والتكوين، الذي كان يجب ألا يخضع لا للخلفيات السياسية ولا أن يكون رهينة في يد اللوبيات، كيفما كانت انتماءاتها، غرقت سفينته في التشخيص. فبالأمس القريب، وقبل أن يتم التوافق حول وثيقة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، قطعنا أشهرا في تشخيص داء المدرسة المغربية التي قيل إن التفعيل الأحسن لما جاء به هذا الميثاق، الذي كان محط توافق من قبل كل حساسيات المجتمع المغربي، هو الخلاص لنا. غير أنه من سوء حظ هذا الميثاق هو أن قطاره توقف قبل أن يصل محطته الأخيرة. ولم يكن المبرر غير أن الإمكانيات المالية التي رصدت له، لم تكن كافية لتنزيل كل ما جاء به من إجراءات. وحينما كان المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم يستعد لتنزيل مشاريعه التي تجاوزت العشرين، والذي صرفت له إمكانيات مالية محترمة تصحيحا للخلل الذي أصاب الميثاق من قبله، كان لا بد أن يتوقف مليا عند محطة التشخيص، ويقول لنا إن تلاميذ المستوى الرابع ابتدائي، مثلا لا يحسنون القراءة ولا الكتابة. واليوم حينما انطلق المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في عمله لوضع التصور المستقبلي لما يجب أن تكون عليه المدرسة المغربية، كان لا بد أن يتوقف هو الآخر عند التشخيص ليعرف أي داء أصاب المدرسة المغربية، وأي دواء يليق بها. هذا المسلك نفسه سارت عليه وزارة التربية الوطنية مع بلمختار، الذي يخرج علينا بين الفينة والأخرى للحديث عن البؤر السوداء للمدرسة المغربية. والحصيلة هي أننا لم نتخلص من أسطوانة التشخيص بدلا من تنزيل الإجراءات العملية لتصحيح الاختلالات، والتي من بينها هذه «الخرايف» التي يتحدث عنها الوزير، والتي يعتقد أن المدرسين يتحملون مسؤوليتها. آخر «خرايف» بلمختار هي حديثه عن وجود 6 آلاف حجرة مبنية بمواد مسرطنة. وبعملية حسابية يمكن ان نصل إلى آلاف التلاميذ والمدرسين المهددين اليوم بالسرطان، باعتراف الوزير. لذلك لا عيب أن يقاطعوا غدا حجرات الدرس بتوصية من السيد بلمختار بقي فقط أن نذكر أن الكثير من الفاشلين لا يجدون من صيغة لتصريف فشلهم غير إلصاق التهمة بالآخرين. وتلك مصيبة مغربية بامتياز في تدبير الشأن العام، وفي السياسة والاقتصاد والرياضة. وفي التربية والتكوين أيضا. جمعية الحراس العامين تدين الإعتداءات التي طالت بعض المنتسبين لها بنيابَة العرائش بنعيادة الحسن عبر المكتب الإقليمي للجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسة بالعرائش، عن إدانته الشديدة الاعتداءات التي طالت عددا من أطر فئتهم بنيابة العرائش، كما حمل المسؤولية للجهات المسؤولة محليا وجهويا ووطنيا. وأشار بيان صدر عن الجمعية ذاتها توصلت « المساء « بنسخة منه، أنه على إثر الاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها فئة الحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسة وباقي الأطر الإدارية والتربوية نساء ورجالا بالثانويات الإعدادية والتأهيلية على صعيد نيابة إقليمالعرائش، كان آخرها الاعتداء الجسدي الخطير الذي تعرض له ناظر ثانوية عبد العالي بنشقرون التأهيلية بالعرائش من طرف أحد الغرباء عن المؤسسة، وكذا إشهار السلاح الأبيض في وجه الحارسة العامة للخارجية بثانوية مولاي محمد بن عبد الله التأهيلية أثناء مزاولتها لمهامها، اجتمع المكتب الإقليمي للجمعية يوم الأربعاء 18 مارس 2015 لتدارس هذه الظاهرة المشينة التي اتخذت أخيرا منحى خطيرا ومقلقا، إذ أصبحت تهدد فئات عريضة من أطر الإدارة التربوية ونساء ورجال التربية والتعليم داخل تراب كل من جماعتي العرائش والقصر الكبير، بل وتهدد الأمن والاستقرار داخل المؤسسات التعليمية على مستوى نيابة العرائش. وذكر البيان أن المكتب الإقليمي للجمعية الوطنية للحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدراسة بالعرائش، يسجل ويستنكر تواصل الاعتداءات على أطر الإدارة التربوية والانتهاكات الشنيعة لكرامتهم من طرف بعض التلاميذ وبعض أولياء أمورهم وبعض الغرباء عن المؤسسات التعليمية، ويعلن للرأي العام المحلي والوطني، تضامنه المطلق واللامشروط مع جميع الأطر الإدارية والتربوية الذين تم الاعتداء عليهم بأي شكل من الأشكال. كما يحيي عاليا جميع الحراس العامين وناظر ثانوية مولاي محمد بن عبد الله بالعرائش وباقي الأطر الإدارية العاملة بها وكذا كافة الحراس العامين والنظار بنيابة إقليمالعرائش على تفانيهم في القيام بالمهام المنوطة بهم وانخراطهم الكلي والدائم في جل الأنشطة الموازية والداعمة التي تقوم بها مؤسساتهم رغم كل الإكراهات والخصاص المهول في الموارد البشرية والتجهيزات ووسائل الاشتغال. ودعت الجمعية عبر بيانها الجهات المسؤولة إقليميا، جهويا، ووطنيا إلى تحمل مسؤولياتها بما يتلاءم والإجراءات القانونية وذلك بالوقوف ضد كل من تسبب في إلحاق أي ضرر بنساء ورجال التعليم حماية لحقوقهم وصونا لحرمة المؤسسات التعليمية، كما طالبت بشكل مستعجل الجهات المسؤولة بتفعيل المنشور المشترك بين وزارة التربية الوطنية ووزارة الداخلية الرامي إلى تنقية المحيط الخارجي للمؤسسات التعليمية على مستوى إقليمالعرائش من كل الظواهر المشينة وتوفير الأمن في محيط المؤسسات حماية للتلاميذ وللأطر الإدارية والتربوية على حد سواء. وأعلنت الجمعية في ختام بيانها لكل المكونات التي تعنى بالشأن التربوي أن جمعيتنا تبقى منفتحة على جميع المبادرات والمحطات النضالية للتصدي لظاهرة العنف المدرسي على مستوى نيابة العرائش. مظاهر أزمة التعليم في بلادنا يرصد الباحث محمد الدريج في مدخل كتابه «المنهاج المندمج»: أطروحات في الإصلاح البيداغوجي لمنظومة التربية والتكوين» خمسة مظاهر لأزمة التعليم في بلادنا. أولها هو المخطط التنموي الاستراتيجي الذي وضعته وزارة التربية الوطنية برسم الفترة 2013 2016 مستهدفة به خمسة مجالات هي: العرض المدرسي، وجودة التعليم، والمؤسسات المدرسية، والحكامة، والموارد البشرية. هذا المخطط في نظره « ليس استراتيجية إصلاحية حقيقية تشاركية وتعاقدية ولا هم يحزنون « وإنما هو مجرد تصريف مُقَنّع لما تبقى من البرنامج الاستعجالي الذي حكمت عليه وزارة التربية على لسان وزيرها السابق بالفشل الذريع. وثانيها هو قرار إلغاء بيداغوجيا الإدماج التي وضعها وأشرف عليها مكتب بلجيكي للدراسات، وهو قرار كان الهدف منه إرضاء فئة من الغاضبين والرافضين في بداية تسلم الحكومة لمهامها. ولذلك لا يتردد الأستاذ الدريج في وصفه بأنه «قرار سياسي أمني». وثالثها هو قرار إلغاء مدارس التميز الذي كان قرارا غير مسؤول لأنه أسقط تصورات الحركة الوطنية في بداية الاستقلال، التي كانت ترفض، عن حق، التمييز بين مدارس النخبة ومدارس الشعب، أسقط تصوراتها على المرحلة الحالية بدون وجه حق، ولذلك يرى المؤلف أننا في حاجة إلى هذه المدارس لأنها تستوعب فئة التلاميذ الموهوبين سريعي الفهم وتجنبهم الضياع في المدارس العمومية التي يضيع فيها أيضا كثير من زملائهم غير الموهوبين من بطيئي الفهم. وتجلى المظهر الرابع من مظاهر الارتجال في قرار حرمان الشغيلة التعليمية من متابعة الدراسة العليا. أما المظهر الخامس، فيكمن في قرار إحداث باكالوريا دولية، وهو قرار يرى فيه الدريج « ضربة قاضية للباكالوريا الوطنية العمومية « خصوصا إذا بقيت على حالها المتردي. إن ما يعوز منظومتنا التربوية في نهاية المطاف ونحن نقف على مظاهر الارتجال والتخبط المذكورة هو الإرادة السياسية للإصلاح. ومن العواقب الوخيمة لغياب هذه الإرادة انتشار اليأس وعدم الثقة في نفوس الفاعلين التربويين. وإذا انتقلنا إلى الفصل الأول من الكتاب وجدنا مواقف انتقادية كثيرة تمس ما قيل عن تحقيق المدرسة المغربية لمبادئ المساواة والدمقرطة وتكافؤ الفرص؛ فبخصوص مبدأ المساواة يذهب المؤلف إلى أنه لا يتجاوز إعلان النوايا وبعض المستويات الشكلية مثل المساواة بين الذكور والإناث في الالتحاق بالمدرسة، هذا بالإضافة إلى تراكم مجموعة من المهام غير المنجزة مثل عدم بناء مؤسسات تعليمية وداخليات وغياب النقل المدرسي في العالم القروي، ووجود خصاص في الأطر التعليمية وما ترتب عنه من اكتظاظ وضم للأقسام المشتركة، وضعف البنى التحتية وتهالك تجهيزات المؤسسات التعليمية… وهكذا مازال أزيد من40 في المائة من مشاريع البرنامج الاستعجالي لم تتحقق. وبخصوص ظاهرة الهدر المدرسي تقول الأرقام والإحصائيات إن المغرب إذا كان يحتل الصف 11 من بين مجموع 14 دولة عربية وإسلامية فيما يخص ولوج التعليم وجودته، فإنه من بين الدول الأضعف من حيث أمد الحياة المدرسية والأعلى من حيث نسبة الأطفال غير الممدرسين، ذلك أن 37 في المائة فقط من التلاميذ المسجلين في الابتدائي سنة 2000 أنهوا المرحلة الابتدائية في الوقت الذي كانت تتطلع فيه الوزارة إلى تحقيق نسبة 90 في المائة. ومن أصل 100 تلميذ يحصل 13 فقط على الباكالوريا. فضلا عما سجلته بعض الدراسات عن وجود تلاميذ لا يفهمون ما يُدَرّس لهم، وعن ارتفاع نسبة الأمية التي تصل إلى 66 في المائة بين النساء. كما أن الموارد المخصصة للتعليم تلتهمها الأجور لتبقى نسبة 12 في المائة فقط للاستثمار والتجهيز وهي نسبة يتم توزيعها على الجهات بشكل غير متكافئ. وعن وحدة المدرسة، يتساءل الدريج هل نحن حقا أمام مدرسة مغربية واحدة؟ يرى المؤلف أننا في الواقع أمام عدة مدارس بمناهج متعددة وتنظيم متباين، وأن هذا التعدد يعكس غياب العدالة الاجتماعية ويبرز التفاوت الطبقي والفئوية السائدة في المجتمع المغربي؛ فهناك مدارس الأغنياء والمحظوظين الخاصة، وهناك مدارس الفقراء العمومية التي توجد غالبا في الأحياء الهامشية الفقيرة وفي القرى. ويمكن أن نميز داخل المدرسة العمومية نفسها بين مدارس الأحياء « الراقية»، ومدارس الأحياء الشعبية، ومدارس العالم القروي…وكل مدرسة من هذه المدارس تتميز عن الأخرى من حيث جودة خدماتها البيداغوجية وبنياتها التحتية وخصوصياتها البشرية. وعموما فإن المدرسة العمومية تتخبط في كثير من المشاكل والاختلالات منها هشاشة البنيات وضعف المرافق وغياب التجهيزات الحديثة، والاكتظاظ، ونقص الأطر الإدارية والتربوية وسوء توزيعها، وفقر أسر التلاميذ وخصوصا في العالم القروي مما يؤثر سلبا على مردودية التلاميذ ويساهم في ارتفاع معدلات الهدر المدرسي. كما أن تفويت المدرسة المغربية إلى الخواص وفتح الباب كلية أمامهم للاستثمار في التعليم الأولي، يجهز على ما تبقى من المدرسة المغربية العمومية. أما بشأن الفوارق، فعلى الرغم من أن المؤسسة التربوية ترفع شعار ديمقراطية التعليم فإن الدراسات النفسية والاجتماعية التربوية أثبتت أن الأطفال المتمدرسين ليسوا متكافئي الإمكانات والقدرات والملكات، فالأطفال المتحدرون من أوساط اجتماعية محظوظة غالبا ما يمتلكون رصيدا ثقافيا غنيا ومتنوعا وثراء معجميا ولغويا، في حين أن أقرانهم المتحدرين من أوساط اجتماعية فقيرة مهمشة غالبا ما يفتقرون إلى هذا الزاد الثقافي واللغوي. ومعلوم أن رهان البيداغوجيا الأساس هو مواجهة هذه الفروق ومساعدة الأطفال المختلفين في القدرات والملكات، المنتمين إلى قسم واحد على الوصول إلى الأهداف نفسها. وذلك ما تسعى إليه البيداغوجيا الفارقية غير أن تطبيقها في مؤسساتنا العمومية تعترضه مجموعة من العوائق أهمها، محدودية الوقت المخصص لبعض المواد الدراسية، طول المنهاج المقرر، أعداد التلاميذ الكبيرة داخل الأقسام الدراسية، طبيعة المضامين المقررة… أما لتجاوز الأزمة، فيقترح المؤلف تدابير لتجاوز الإقصاء واللاتكافؤ في المدرسة المغربية منها: إيجاد مشروع إصلاحي شامل متفق عليه يهم جميع مجالات حياة الأفراد والجماعات يكون منبثقا من مكونات المجتمع. والقيام بإصلاح سياسي حقيقي أساسه الفصل بين السلط الثلاث. واعتماد تعددية حقيقية في ظل الإيمان بالاختلاف. وتقوية الاقتصاد الوطني ومحاربة الرشوة والفساد في الإدارة، وتحقيق حرية الإعلام، وإصلاح منظومة القيم الإنسانية. وفي مجال التعليم لا بد من تشديد المراقبة على الموارد المالية. وترشيد الطاقات البشرية وتأهيلها للإصلاح، ووضع منهاج تعليمي ملائم لخصوصياتنا ونابع من احتياجاتنا. وعلى الدولة أن تحارب الهدر المدرسي، خصوصا في المرحلة الابتدائية، بالدعم الاجتماعي والنفسي للتلاميذ وأسرهم، والدعم التربوي للمتعثرين منهم، وبالتركيز على المهارات والكفايات الأساس بدل تكديس الكتب المقررة بالمعلومات وإجبار التلاميذ على الحفظ. ثم الحد من ظاهرة الاكتظاظ وتأهيل المؤسسات التعليمية بالبنيات التحتية الضرورية وتوفير الوسائل التعليمية بما فيها التكنولوجيا الحديثة. والعناية بالعنصر البشري وخاصة هيئة التدريس والإدارة التربوية وهيئة المفتشين والتوجيه من خلال تحسن ظروفهم المادية والاجتماعية وفتح الفرص أمامهم لمتابعة دراستهم العليا. عزالدين التامري باحث تربوي