عادت أجواء التوتر من جديد لتشتعل بين وزارة التربية الوطنية والأساتذة حاملي الشهادات الجامعية، الذين يطالبون بترقيتهم عن طريق الشهادة إسوة بزملائهم. وأعلنت تنسيقية الأساتذة الحاملين لشهادة الإجازة، أنها ستدخل في إضراب مفتوح لمدة ثلاثة أيام ابتداء من 17 من فبراير القادم مصحوبا بصيغ احتجاجية بالعاصمة الرباط، ما لم تستجب الحكومة لمطلبهم القاضي بترقيتهم. وكان ملف الأساتذة حاملي الشهادات الجامعية قد ظل يتدحرج منذ عهد الوزير محمد الوفا، قبل أن يختار رشيد بلمختار التصعيد حينما أقدم على تفعيل الإنقطاع عن العمل للمضربين، والإقتطاع من أجورهم. هل عاد رهان القوة ليشتد بين وزارة السيد رشيد بلمختار والتنسيقية الوطنية للأساتذة المجازين المقصيين من الترقية بالشهادات، بعد فترة هدوء، كان شبيها بذاك الذي يسبق العاصفة؟ لقد قررت هذه التنسيقية خوض إضراب وطني مرفوق باحتجاجات بالعاصمة الرباط لمدة 3 أيام قابلة للتمديد، ابتداء من 17 إلى 19 فبراير القادم، للمطالبة بالترقية بشهادة الإجازة، دون قيد أو شرط على غرار الأفواج السابقة، وبأثر رجعي إداري ومالي. مع استرجاع جميع المبالغ المقتطعة من أجور المضربين أثناء ممارستهم حقهم الدستوري في الإضراب. المثير في ملف هذه الفئة من نساء ورجال التعليم، هو أنها تعود لخوض إضرابها للموسم الثاني بعد أن وجدت أن وزارة التربية الوطنية لم تتردد في تفعيل تهديداتها للمضربين من قبيل توقيف الأجور لأكثر من 10 أشهر، والإحالة على المجالس التأديبية، والاقتطاعات غير القانونية التي طالت الأجور لأكثر من سنتين. إلى جانب بعض الأحكام القضائية الأخيرة الصادرة في حق بعض الأساتذة بتهم واهية وملفقة، على خلفية ممارسة حق الإضراب والتظاهر السلمي. ويبدو أن هذه الخطوة الجديدة، لا بد أن تترك أثرها البليغ على سير العملية التعليمية في المناطق التي تتواجد بها هذه الفئة من المدرسين الذين وجدوا أنهم خارج اهتمامات الحكومة حينما أقرت أنها لن تتراجع في قرارها القاضي بمنع الترقية بالشواهد. في الوقت الذي يصر فيه هؤلاء المتضررون على أن من حقهم الاستفادة مما استفاد منه زملاء لهم فيما سبق. والحصيلة هي أن لعبة شد الحبل ستعود من خلال هذا الملف الذي يجر خلفه عدة سنوات. لقد انطلقت بوادر المواجهة بين هذه الفئة، التي سارعت إلى تأسيس تنسيقية خاصة بها بعد أن وجدت أن النقابات التعليمية لا تولي هذا الملف العناية اللازمة، مع وزير التربية الوطنية السابق محمد الوفا، الذي كان قد استقبل فئة من المتضررين ووعدهم خيرا. غير أن وعود الوفا تبخرت. ليجد قرابة ثمانية آلاف مدرس ومدرسة، أنفسهم في قلب المواجهة. كانت الانطلاقة ببعض الوقفات الاحتجاجية، والإضرابات عن العمل بالجهات والأقاليم التي يشتغلون بها، قبل أن يتم تحويل المعركة إلى العاصمة الرباط، التي ظلت تحتضنهم بعد أن اختاروا الاعتصام والتهديد بالإضراب عن الطعام في أكثر من مناسبة. وخلال المعركة، التي تخللها الضرب والتنكيل ثم الاعتقال، ظلت وزارة التربية والتعليم تتعامل مع الملف بالكثير من اللامبالاة، وتعتبر المرسوم الصادر بشأن منع الترقي في الوظيفة العمومية عن طريق الشهادة، وضرورة أن يمر ذلك عبر الامتحان المهني، هو المرجع في التعاطي مع هذا الملف، خصوصا وأن رئيس الحكومة ظل من أشد المتحمسين لهذا المرسوم لدرجة أنه يرفض إلى اليوم تفعيل ما سبق أن تم الإتفاق بشأنه بين الوزير الأول السابق عباس الفاسي، والمعطلين الحاملين للشواهد العليا، إلى درجة أن القضية وصلت إلى القضاء الذي أنصف فيها المتضررين، دون أن يعرف الملف طريقه إلى الحل. مع رشيد بلمختار، عاد الملف إلى الواجهة. وتوالت المعارك النضالية حيث وصلت أيام الإضراب إلى مستوريات عليا. فكان لا بد أن ينتبه الجميع لهذا الإشكال لأنه يعني فئة عريضة من التلاميذ الذين قضوا شهورا بدون مدرسين. وخلال أحد لقاءات وزير القطاع مع النقابات الأكثر تمثيلية للتداول في الملف المطلبي لنساء ورجال التعليم، كان لا بد أن تتم إثارة هذا الملف، بعد أن وعد بلمختار بإيجاد حل مرض لكل الأطراف. وقيل وقتها إن حكمة وزارة التربية الوطنية، انتصرت في تعاطيها مع ملف الأساتذة حاملي الشهادات العليا، والذين خاضوا معارك بطرق متعددة من أجل الترقية. سينتهي اللقاء بين بلمختار والنقابات بشأن هذا الملف إلى صيغة متوافق عليها مفادها أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ستلتزم بإيقاف كل الإجراءات الإدارية ضد المضربين، على أن يلتحق المعنيون بمقرات عملهم قبل استيفاء 60 يوما من تاريخ الانقطاع عن العمل، وعلى أبعد تقدير قبل يوم الأربعاء 12 مارس 2014، على اعتبار أن وزارة المالية قد تتخذ إجراءاتها الانفرادية وفق قانون الوظيفة العمومية. وزادت الوزارة الوصية في بلاغ لها عقب اللقاء مع النقابات، أنها تؤكد على تنظيم مباراة ثانية أخرى في شهر أبريل تفتح في وجه الجميع، بمن فيهم أولئك الذين لم يضعوا ملفاتهم من قبل، شريطة تقديم ملفاتهم وتسوية وضعيتهم الإدارية، خصوصا وأن مباراة الترقية الأولى عرفت الكثير من الارتباك بسبب الدعوة لمقاطعتها. اعتقد الكثيرون أن بلاغ الوزارة، ومعه بلاغات النقابات التعليمية التي جالست الوزير، يكاد يقول إن ملف حاملي الشهادات الجامعية طوى بعد أن تم التراجع عن سلسة الانقطاعات عن العمل التي تم تفعيل بعضها، وبعد أن وعدت وزارة بلمختار بأنها ستنظر في موضوع الاقتطاعات التي شملت المضربين، خصوصا حينما تؤكد وزارة بلمختار على أن المناصب المالية لترقية هؤلاء عن طريق الامتحان، متوفرة لديها، ومفتوحة، وقابلة لاستيعاب كل الناجحين. وهو ما يعني أن امتحان الترقية، التي تقول الوزارة إنه تطبيق لمرسوم لا أحد بإمكانه القفزعليه، لن يكون غير شكلي من أجل نزع فتيل الغضب، وإنهاء هذا الملف بلا غالب ولا مغلوب. ولم تفوت النقابات الخمس المجتمعة مع وزير القطاع وقتها، فرصة رفع ملتمس إلى الحكومة من إيقاف المتابعات القضائية في هذا الملف، خصوصا وأن هذه المعركة لم تسلم من ضرب وتنكيل، تحول بعد ذلك إلى اعتقالات ومحاكمات لعدد من أعضاء التنسيقية. لم تلتزم الحكومة في شخص وزير التربية الوطنية بما تم الاتفاق حوله. وعادت الاقتطاعات من أجور المضربين. وذهبت وزارة بلمختار في بعض الحالات إلى تفعيل قانون الانقطاع عن العمل بعدما اعتبرت أن إضراب هذه الفئة ليس له أدنى مبرر. غير أن التنسيقية سترد أسابيع قبيل نهاية الموسم الدراسي الماضي بخطوة تصعيدية وصلت حد التهديد بمقاطعة كل ما يعني الامتحانات الإشهادية من حراسة وتصحيح وتقديم نقط التلاميذ، سواء في الأقسام الابتدائة مع امتحان السنة السادسة، أو الإعدادية مع امتحان السنة التاسعة إعدادي، ثم الثانوية التي تعرف امتحانين إشهاديين على غاية كبيرة من الأهمية هما الامتحان الجهوي والامتحان الوطني لشهادة الباكالوريا. وهو التهديد الذي تم التراجع عنه بعد أن أبدت الوزارة ليونة في إيجاد حل متوافق حوله للمشكل. اليوم يبدو أن هذا الحل لم يصل هذه الفئة. لذلك عادت لترفع شعار خوض معركة جديدة في شوارع الرباط شعارها المركزي هو الترقية بالشواهد ولا بديل عن ذلك. أما الأداة، فهي الإضراب لمدة ثلاثة أيام متتالية قد تطول إذا لم يسمع صوت هذه الفئة مرة أخرى. هو فصل جديد من فصول معركة مرت عليها اليوم أكثر من ثلاث سنوات دون أن تعرف طريقها إلى الحل. ولن يكون الخاسر الأكبر فيها غير المدرسة المغربية، التي تنتظر متى يخرج إصلاحها التربوي من ثلاجة الحكومة. مديرو الابتدائي يلوحون بتنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان طالبوا بتحقيق صفة الإطار تحت لواء جمعيتهم الوطنية بنعيادة الحسن قرر المكتب الوطني للجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب خلال الاجتماع العادي الذي عقده يوم السبت 10 يناير الجاري بالرباط، تنظيم وقفة احتجاجية يوم الخميس 19 فبراير من الشهر المقبل أمام مقر البرلمان، مع تنظيم مسيرة وطنية لكل المديرات والمديرين من مقر وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إلى البرلمان واعتصام أمام مقر الوزارة سيحدد تاريخهما لاحقا. وأكد بيان صدر عقب هذا الاجتماع الذي وصف بالهام من قبل متتبعي الشأن التعليمي، أنه بعد نقاش جدي ومسؤول حول واقع منظومة التربية والتكوين وآفاقها في ظل سياسة صم الآذان التي تنهجها الوزارة الوصية، والمخططات المنفردة التي تقوم بتنزيلها. أبرز المجتمعون، الثقة التي أصبحت تتمتع بها الجمعية لدى العديد من المنظمات والهيئات سواء منها الوطنية أو الدولية مثل البنك الدولي، ومنظمة»CARE»، وفدرالية جمعيات آباء وأولياء وأمهات التلميذات والتلاميذ، وهو ما فتح آفاقا كبيرة للتعاون مع هذه المنظمات والهيئات بما يفيد منظومة التربية والتكوين؛ في مقابل تجاهل الوزارة للجمعية، مما يطرح سؤالا جديا حول تمثل بعض المسؤولين لأدوار المجتمع المدني، وحول إيمانهم بتوجه بلادنا نحو اللامركزية وعدم التركيز في انتظار إقرار الجهوية الموسعة، كما سجل البيان ذاته عدم وضوح مآل الإطار ضمن النظام الأساسي المنتظر وسكوت الوزارة المريب بخصوصه وعدم التزام الوزارة وبعض مسؤوليها الجهويين والإقليميين بنتائج الحوار مع الجمعية (محضر 05 – 05 – 2011) وغياب التواصل بخصوص البرامج والمشاريع التي ما فتئت الوزارة تقصفنا بها وآخرها رؤية 2030 التي لم تكلف الوزارة نفسها عناء التشاور وأخذ رأي الفاعلين أثناء إعدادها مما يؤسس لفشلها. وأشار بيان تتوفر» المساء «على نسخة منه - والذي وزع على نطاق واسع عبر فروع الجمعية على الصعيد الإقليمي والجهوي - إلى تراجع الوزارة عن مخططها للنهوض بالإدارة التربوية، على الرغم من أنها تعتبر المدخل الأساسي للحكامة المحلية ولكل إصلاح يستهدف المنظومة والتنزيل القسري لمنظومة مسار رغم غياب التكوين الضروري وانعدام الأدوات وتقادم التجهيزات بالإضافة إلى تراجع الوزارة عن دعم التدبير المفوض فيما يخص النظافة والحراسة في ظل عدم توظيف الأعوان وغياب ثقافة الاعتراف لدى المسؤولين من خلال عدم توجيه الشكر للفاعلين (المديرون والأساتذة...) الذين بفضل تضحياتهم تمكن الوزير من تسلم جائزة امتياز 2014. وبدلا من ذلك تم إطلاق تصريحات جارحة في حق نساء ورجال التعليم، بهدف إلصاق فشل المنظومة بهم، وتحميلهم تبعات السياسات التعليمية. ومن أجل تجاوز هذه الوضعية المتأزمة طالب المكتب الوطني تحقيق «مطلب الإطار»، وإشراك الجمعية في لجنة النظام الأساسي لنساء ورجال التعليم وتخصيص هيئة الإدارة التربوية بالمؤسسات التعليمية بدراسة من قبل المجلس الأعلى للتعليم وإبداء الرأي فيها بالإضافة إلى تمثيل الجمعية في المجلس الأعلى للتعليم إسوة بباقي هيئات المجتمع المدني، ثم فتح حوار مع الجمعية بخصوص قضايا الإدارة التربوية والبت في مختلف حالات الإعفاء التعسفي لإنصاف المديرات والمديرين المعنيين، زد على ذلك تفويض الاختصاصات وتسريع التدبير اللامتمركز في أفق تحقيق استقلالية المؤسسة التعليمية وإحداث بنية إدارية: جماعات الممارسات المهنية، على غرار مجالس تنسيق التفتيش وصرف ميزانيات القرب ومخصصات المبادرة الملكية في الآجال المعقولة وتعميم التدبير المفوض بدل الإجهاز عليه وتنفيذ ما تبقى من محضر 05 – 05 – 2010 (التعويضات، الدعم الإداري...)وإجراء افتحاص شامل لمشروع دعم القدرات التدبيرية لرؤساء المؤسسات التعليمية «PAGESM»، ووقوف الحكومة الكندية على الدعم المقدم للحكومة المغربية في إطار تفعيل الاتفاقية المبرمة بين البلدين والتي تهم « PAGESM»والرفع من التعويضات النظامية بشكل مواز للأعباء الناتجة عن المهام الإضافية مع تحديث التجهيزات المعلوماتية (حواسيب، طابعات...) وإعادة النظر في بعض الصفقات المتعلقة بالربط بالإنترنيت بالإضافة إلى تفعيل اجتماعات مجالس المؤسسة والمشاريع من داخل جداول الحصص بدل رهنها بضبابية الوضعية الحالية.