أصبح ملف الأساتذة حاملي الشهادات الجامعية المطالبين بالترقي بهذه الشهادات يأخذ مسارا متطورا تعكسه حالة الشد و الجذب التي تحصل مؤخرا بين هؤلاء الأساتذة و الوزارة , فبعد إعلان كوادر تنسيقية الأساتذة المقصيين من الترقية تمديدَ الإضراب للأسبوع الخامس , سارعت الوزارة هذه المرة للخروج بتصريح غريب و غير مفهوم , مفاده أنها تستهجن هذه الاحتجاجات و تتوعد أصحابها بتفعيل مسطرة الانقطاع عن العمل , و تلتزم بتعويضهم بأساتذة آخرين ضمانا لسير الدراسة العادي , و حرصا على مصلحة التلاميذ في التعلم . لن نناقش الثقوب القانونية و العوار الذي يلف بيان الوزارة الأخير , فهو باطل بقوة القانون , فتفعيل مسطرة الانقطاع عن العمل بحق مضربين لا يجد قَبولا عند فقهاء القانون و أربابه ما دام الأساتذة يخوضون حقا منحهم إياه الدستور الجديد , و أخبروا مديريهم بالإضراب , و بياناتُ إضرابهم مؤشرةٌ من لدن نقابات قانونية , بل حتى رئيس الحكومة التي تنتمي إليها وزارة التربية الوطنية أعلن بفمه الملآن أنه لم يسبق أن عزل أيُ موظف يمارس حقه الدستوري في الإضراب عدا تفعيله مسطرة الاقتطاع من الأجر . يثبت إذاً أن هذا البيان ما هو إلا جس لنبض الأساتذة , و مراقبةٌ عن بعد لمدى صمودهم و بقائهم في اعتصاماتهم و إضراباتهم , أو تفرقهم شدر مدر و عودتهم إلى أقسامهم خانعين و منكسرين , و من ثمَّ فلا نستغرب أن تعود الوزارة ببيان جديد في الأيام المقبلة بعد أي تطور قد يعقب هذا البيان الجديد , فإما أن تهلل بنجاحها في إجبار الأساتذة على عودتهم خائفين إلى أقسامهم , أو تعلن بيانا آخر شبيها بالبيان الذي أعلنته مع التنسيقية السابقة الذي يفيد بالتزام الوزارة برفع طلب إلى رئيس الحكومة لترقية فوجي 2012 و 2013 بأثر مالي و إداري مقابل رفع الاحتجاجات و المظاهرات التي تقوم بها التنسيقية . أي ذي بصيرة و حس ثاقب يعتبر أن مآل هذه القضية هو ترقية هذين الفوجين في الأخير , فجل المؤشرات تؤكد ذلك إلى حد الآن , من ذلك توافد مجموعة كبيرة من الأساتذة إلى اعتصامات التنسيقية و احتجاجاتها , بالإضافة إلى البيانات التي أصبحت تخرج بها النقابات التي وقعت محضرَ المباراة , بل هناك من هذه النقابات بالذات من أصبح يؤكد أنه مع مطالب هذه الفئة و يتبنى مبدأ الترقية بالشهادات دون قيد أو شرط , كما أن خروج المؤسسات التعليمية عن بكرة أبيها و إعلانها أياما تضامنية تحت شعار متقيش أستاذي لدليل واضح أن ملف هذه الفئة آيل إلى الحل عاجلا أو آجلا . أستغرب لمَ لم تحل الوزارة هذا الملف إلى حد الآن, فإذا كانت تقول إنها أعلنت مباراة مهنية لترقية هذين الفوجين تبعا للمحضر الذي أبرمته مع النقابات الأكثر تمثيلية , و أيضا كون المرسوم الاستثنائي الذي أبرم تلوَ اتفاق أبريل 2011 ينص على إجراء مباراة مهنية للترقية بالشهادة و من ثم فأي مطالبة بالترقية خارج هذا الإطار فهي غير قانونية , فلننظر إلى فحوى هذه المراسيم ففيها ميز و حيف كبير لحق هذين الفوجين فلمَ لا تعدل و تنسخ , فحتى القرآن الكريم فيه الناسخ و المنسوخ فلم لا ينسخ هذا المرسوم بآخر لينهي هذا الاحتقان الكبير الذي يتجرع مرارته الجميع , خاصة المتعلمين الذين يحرمون من أساتذتهم للأسبوع الخامس , و فيهم من هو مقبل على امتحانات جهوية خاصة بالنسبة إلى تلاميذ السنة الثالثة ثانوي إعدادي . أدعو من هذا المنبر جميع الأطراف , خاصة النقابات الأكثر تمثيلية إلى القيام بدورها التاريخي , و نصرة هؤلاء المظلومين , فقد وصل السيل الزبى , و العديد من هؤلاء الأساتذة يشعرون بالمهانة جراء حرمانهم من الترقية المباشرة إسوة بزملائهم , فقد كان دور النقابات دائما نصرة مظلومية الأجراء على مر التاريخ , فننتظر منكم مساعدة إخوانكم لأننا هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية و هي الترقية بالشهادة .