لفظت مسنة، تبلغ من العمر حوالي 90 سنة، أنفاسها الأخيرة تحت أنقاض بناية منهارة بحي الملاح بفاس، في وقت مبكر من صباح يوم أول أمس (الثلاثاء)، فيما نجت أرملة أخرى تقطن بنفس البناية المنهارة بأعجوبة من الموت. البناية التي تحمل الرقم 24 ب«درب الفران» بحي مولاي عبد الله، لم تكن، حسب مصدر مسؤول من السلطة المحلية، مدرجة ضمن لائحة البنايات المهددة بالانهيار، والتي لا يزال عدد كبير منها يؤوي عددا كبيرا من الأسر الفقيرة في فاس العتيقة، والأحياء القديمة المحيطة بها، بالرغم من قرارات «الإفراغ» التي تبرقها السلطات المحلية لقاطني هذه المنازل. وقالت المصادر إن التساقطات المطرية الأخيرة التي تشهدها المدينة ربما أدت إلى إلحاق أضرار بهذه البناية ذات مساحة لا تتجاوز 41 مترا مربعا، والتي تتكون من سفلي وطابق. وتقطن في السلفي أرملة رفقة ابنتها، بينما تسكن في الطابق الآخر المكون للبناية سيدة مسنة تدعى قيد حياتها خديجة الفيلالي، بمعية ابنها، كانت هي من لقيت حتفها تحت أنقاض المنزل المنهار. وطبقا للمصادر، فإن عناصر الوقاية المدنية، عكس ما تواجهه عادة من صعوبات في التوصل إلى الضحايا، واستخراج الأنقاض بسبب صعوبات الدخول إلى الأزقة الضيقة، واستعمال الآليات المتطورة، لم تجد صعوبات في انتشال جثة المسنة من تحت ركام الانهيار، قبل أن تحال على مستودع الأموات، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لدفنها. وحسب معطيات رسمية، فإن ما يقرب من 4000 بناية في فاس العتيقة، ومحيطها، مصنفة ضمن لائحة البنايات المهددة بالانهيار، منها حوالي 2000 بناية أدرجت في قائمة البنايات المتقدمة في التدهور، وحوالي 1000 بناية مصنفة في الدرجة الثانية من حيث تدهور حالتها، ونفس العدد صنف ضمن المنازل التي تواجه الخطر، لكن من الدرجة الثالثة. وإلى جانب هذه القائمة، تواجه عمارات بأحياء شعبية عشوائية بالمدينة خطر الانهيار، بسبب الغش في البناء ناجم عن تواطؤ منتخبين وإداريين، اختلط بجشع منعشين عشوائيين في سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. وتواجه السلطات المحلية صعوبات كبيرة في تدبير مثل هذه الملفات بسبب ما تخلفه من مآسي إنسانية وسط سكان يعانون من الهشاشة. وإلى جانب الخسائر في الأرواح، والإصابات، والصدمات النفسية، فإن هذه الانهيارات تخلف احتجاجات للمتضررين الذين يطالبون ب»الحق في السكن».