شهدت أمس 65 نيابة بمختلف مدن المملكة وقفات احتجاجية تنفيذا للإضراب الوطني الذي شنته النقابات التعليمية الأربع، وهي النقابة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية لموظفي التعليم والجامعة الحرة للتعليم، والجامعة الوطنية للتعليم، ليعود حوالي 7 ملايين تلميذ إلى بيوتهم بسبب الإضراب، فيما كشفت النقابات أن نسبة نجاحه تجاوزت 90 في المائة. وخاضت النقابات الأربع إضرابها احتجاجا على ما أسمته تجاهل الحكومة ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر لاتفاق فاتح غشت 2007، وانفراد الوزارة بإصدار العديد من المذكرات التي اعتبرت النقابات أنها أربكت الوضع الاجتماعي لرجال التعليم وأثرت على أوضاع عملهم. وتطالب النقابات الأربع بتنفيذ اتفاق فاتح غشت بشكل كامل وفوري واعتماد نسبة 2.5 في المائة عوض 2 في المائة عند الإحالة على التقاعد النسبي، وإلغاء الساعات التضامنية، وتحديد ساعات العمل القانونية، إضافة إلى إحداث مناصب مالية كافية لسد الخصاص في الموارد البشرية، والتخفيف من الاكتظاظ، وحل مشكل الموظفين المقبلين على اجتياز الامتحانات المهنية لسنة 2009. واعترف اخشيشن، في الرسالة التي بعثها إلى الوزير الأول عباس الفاسي، أنه رغم جهود الوزارة في إطار جولات الحوار مع الشركاء الاجتماعيين لتصفية القضايا التي تدخل ضمن اختصاصات الوزارة، فإن وزارته مازالت تتحمل توترات الشق الحكومي في الملف المطلبي، الذي يشكل إضراب النقابات الأربع أحد تجلياته السلبية، معتبرا أنها مرشحة للتفاقم، مما يشكل، في رأيه، استنزافا لزمن الإصلاح وإنجاح البرنامج الاستعجالي. والتمس اخشيشن تدخل الحكومة لمعالجة هذا الملف في إطار الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية والعمل على التعجيل باتخاذ ما يلزم من قرارات. واعتبر محمد البارودي، نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، أن الرسالة التي بعثها اخشيشن إلى عباس الفاسي بخصوص إدراج اتفاق فاتح غشت في الحوار الاجتماعي «تحتاج إلى تنفيذ عوض مناقشتها من جديد»، وأشار إلى أن الأمر يشكل «تعويما» للملف لخنقه وإيصاله إلى النفق المسدود، رغم وضوح بنوده التي تحتاج إلى أجرأة ميدانية. «نحن الآن في السنة الثالثة دون أن يتم تطبيق الاتفاق، ورسالة اخشيشن قد تكون مجرد التفاتة منه بعد سنة من الصمت ويبرز عجز الوزارة عن حل الملف» يقول البارودي مضيفا: «لقد أدرك اخشيشن الآن الخصوصية التي تميز قطاع التعليم، ورغم تصريحاته حول سعيه للدفاع عن مصالح رجال التعليم، فإنه لم يدافع عنها داخل الحكومة». وأكد البارودي أن الإضراب يعد بمثابة محطة إنذارية بغض النظر عن نسبة النجاح، وأن الأهم في نظره هو تنبيه الحكومة والوزارة إلى مطالب الشغيلة التعليمية، مرجحا إمكانية اتخاذ ما أسماه «خطوات نوعية» بالتحالف مع باقي النقابات دون أن يحدد طبيعتها. من جانبه، أكد محمد سحيمد، الكاتب العام للجامعة الحرة للتعليم، في اتصال مع «المساء»، أن اخشيشن تجاهل اتفاق فاتح غشت 2007 وظلت القضايا المتعلقة بتدخل أطراف حكومية أخرى، وهي وزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة المالية، عالقة دون حل، معتبرا أن النقابات تفضل أن تسهل وزارة التربية الوطنية التفاوض مع الحكومة، مثلما كانت طرفا في حل ملف أساتذة السلك الأول مع الوزارة الأولى قبل سنوات. وحذر سحيمد من أنه في ظل الهاجس الأساسي الحريص على تطبيق البرنامج الاستعجالي ستتجه الأمور نحو المجهول، مطالبا بفتح حوار قطاعي لإيجاد حلول للملفات العالقة من أجل الوصول إلى السلم الاجتماعي في قطاع التعليم. وأفاد مصدر مسؤول في وزارة التربية الوطنية «المساء» إن بلاغ النقابات الأربع بخصوص الإضراب يخص الحكومة بشكل أساسي، وأنه ليس ضد الوزارة، مضيفا أن وزير التربية الوطنية «بادر إلى التعبير عن حسن النية بخصوص اتفاق فاتح غشت والرغبة في تفعيله». وأشار المصدر نفسه إلى أن هناك قضايا في ميدان التعليم تتجاوز الوزارة مثل رفع سقف الترقية، وتجعل القطاع في نظره «أسير وضع يتجاوزه».