عماد شقيري مازالت فضيحة التلاعبات التي شملت مشروع مدينة بادس بالحسيمة ساخنة، ومازالت أوراق التوت تتساقط لتكشف عن المزيد من الاختلالات التي عرفها المشروع، وقبل سنوات من فضيحة مدينة بادس التي أطاحت بالمدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، كانت قضية مماثلة قد انفجرت، يتعلق الأمر بمدينة تامسنا ضواحي العاصمة الرباط، مشروع كان حلما للكثيرين للهروب من جحيم أسعار العقار الخيالية بالعاصمة، وبمدينة صغيرة نموذجية هادئة، لكنهم فوجئوا بعد أن دفعوا ما استطاعوا توفيره أو اقتراضه، بأن المشروع أكذوبة كبرى، وعد حملته الرياح، ليدخل «الضحايا» وجلهم من «الطبقة الوسطى»، في مسلسل من الصراع والحروب، داخل ردهات المحاكم وخارجها، أمر جعل سمعة صندوق الإيداع والتدبير، الذي يعتبر بمثابة صندوق استثمار تابع للدولة، تحت المجهر، لكن الصندوق ذاته سيعود ليمسك واحدة من أكبر المشاريع التي يريد المغرب أن يدخل بها عصر المدن الإيكولوجية، بإشرافه على إنجاز مشروع مدينة زناتة الجديدة، من خلال شركة «تهيئة زناتة»، مشروع يراد له أن يكون عنوان نجاح في القرن الواحد والعشرين، وتتويجا لما يعرف ب«مغرب الأوراش»، لكن الصندوق يحتاج للكثير من البناء والجهد، ليقنع المغاربة بأنه ناجح، وقادر على تحويل أحلام الدولة والمواطنين إلى واقع أفضل. شواطئ زناتة كنز لا يفنى على مدى عقود طويلة، كان الشريط الساحلي الرابط بين الدارالبيضاء ومدينة المحمدية، بمثابة حديقة خلفية، تصدر إليها المصانع والشركات، وكانت ملاذا لسكان الأحياء الصفيحية، وخزانا انتخابيا مغريا، كانت منطقة زناتة التي تضم كامل تراب جماعة عين حرودة وجماعة الشلالات، ومنطقة ظل أيضا، شواطئ ممتدة على طول ما يزيد عن 8 كيلومترات ومئات الهكتارات من الأراضي، وتقول المعطيات المتوفرة حاليا إن العامل العفورة عامل عمالة سيدي البرنوصي سابقا، والمقرب من وزير الداخلية السابق إدريس البصري، فتح الباب أمام «المحظوظين» لاستغلال مئات الهكتارات المملوكة للدولة، وتم إطلاق يد رجال السلطة ونافذين بجهة الدارالبيضاء الكبرى، لتكوين ثروات محترمة، في إطار سياسة صناعة «النخب المحلية» التي نهجتها وزارة الداخلية على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، لكن هذا الوضع كان لابد له أن ينتهي يوما، وبالفعل كانت «رصاصة الرحمة» التي أنهت عقودا من الغموض الذي لف هذه المنطقة المغرية، عندما أعلنت الدولة المغربية في العام 2004 عن مشروع ضخم لإعادة تأهيل الشريط الساحلي ومنطقة زناتة عموما، لتبدأ فصول حرب جديدة بين أكثر من طرفين. في شهر مارس من العام 2006، أصدرت الحكومة المغربية مرسوما بالجريدة الرسمية، يقضي بنزع ملكية الأراضي والبنايات التي شملها مشروع مدينة زناتة الجديدة، القرار شمل عددا هائلا من سكان الأحياء الصفيحية، يقطنها الآلاف من السكان، كما شمل نحو 650 منزلا شاطئيا «كابانوات»، وبحساب تقريبي، تصل القيمة المالية لهذه الأحياء مجتمعة، إلى أكثر من مائة مليار سنتيم، فالكابانوات وحدها يقول أصحابها إنها كلفت كل واحد منهم ما يفوق 150 مليون سنتيم، بينما الدور الصفيحية كلفت تقريبا 3 ملايير سنتيم، إذا اعتبرنا أن قيمة البقعة 5 ملايين سنتيم، دون احتساب البناء، وهذه كلها أرقام تقريبية مفترضة، لكن القيمة الواقعية لهذه البنايات كاملة تصبح أقل بكثير بالمنطق القانوني، فالجماعة الحضرية لعين حرودة وإدارة الأملاك المخزنية، تقول بأنها أبرمت عقودا للاستغلال المحدود لفائدة أصحاب «الكابانوات»، حيث تسمح هذه العقود باستغلال الأراضي المحاذية للشاطئ في الصيف فقط، ولا تتضمن إذنا بالبناء بالطوب، لكن المفارقة أن كل واحد من هذه «الكابانوات» تحول إلى فيلا فخمة، إذن من المسؤول عن هذا الخلل؟ هل الجماعة والسلطات المحلية التي سمحت للمستغلين بالبناء، أو تغاضت عن ذلك؟ أم أصحاب «الكابانوات» الذين تجاوزوا الحدود التي تسمح بها العقود المبرمة مع الجماعة وأملاك الدولة؟ الأمر المحسوم أن قرار نزع الملكية قد صدر بصفة نهائية، ومشروع تهيئة «مدينة زناتة الجديدة» أصبح واقعا، والخلاف العالق هو تشبث أصحاب الكابانوات «بحقهم» في تعويض يضمن استرداد ما أنفقوه، أو على الأقل إدماجهم في المشروع، بينما الدولة ممثلة في الجماعة الحضرية لعين حرودة، عمالة المحمدية، صندوق الإيداع والتدبير، والقطاعات الوزارية الممثلة للحكومة، ترفض هذه المطالب وتعتبر أن المعنيين «خارج القانون»، لأنهم تجاوزوا بنود العقود المبرمة معهم. وفي الجانب الآخر، نجد سكان الأحياء العشوائية يتشبثون، بدورهم، بحقهم في الاستفادة من بقع أرضية، رافضين الحل الذي اقترحته الدولة بمنحهم شققا للسكن الاقتصادي بقيمة 10 ملايين سنتيم للشقة الواحدة يدفعها المستفيدون، ليبقى المشروع معلقا بين الأطراف المتدخلة، ولا يبدو أن أحدا منهم مستعد لتقديم تنازلات لفائدة المشروع، رغم أن الجميع يقول بأنه مع المشروع ومع تنمية المنطقة. أصحاب الكابانوات.. الخاسر الأكبر على طول الشريط الساحلي، الممتد من مدينة المحمدية، إلى حدود عين السبع بالدارالبيضاء، ينتشر 650 منزلا سياحيا «كابانو»، جلها يعود تاريخ تشييدها إلى ثمانينيات القرن الماضي، حينها كان العفورة عاملا لعمالة سيدي البرنوصي، ومنطقة زناتة تابعة للنفوذ الترابي للرجل القوي في عهد البصري، وبالعودة إلى الثمانينيات، تظهر وثائق ومراسلات بين العامل، الذي سيصبح فيما بعد مديرا للوكالة الحضرية للدار البيضاء الكبرى، مراسلات يبدي فيها العفورة دعمه «للجهود» التي يقوم بها مستغلو المنازل الشاطئية، ويعبر عن استعداده لتوفير جميع الظروف لتمكينهم من مزاولة أنشطتهم، إلى حدود هذه النقطة لا تبدو الأمور مثيرة للدهشة، فالمنطقة كانت متروكة للنسيان، وزحفت عليها نفايات المصانع الكثيرة المنتشرة على طول الساحل، ومستغلو الكابانوات يساهمون في وضع حد لهذا الإهمال، وفي نفس الوقت تمكين جماعة عين حرودة «الفقيرة» من موارد مالية ستسمح لها بإنجاز أرضية من البنيات التحتية تستجيب للنمو الديمغرافي والسكاني الذي تعرفه. لكن النقطة الغامضة في الأمر، هي أن العقود التي يستغل بموجبها هؤلاء شواطي زناتة عقود محدودة «الأثر»، بمعنى لا تسمح لهم بالبناء بالطوب والإسمنت، وإنما باستخدام الخشب فقط، أيضا العقود تشير إلى أن الفترة المسموح فيها بمزاولة الأنشطة السياحية، تقتصر على فصل الصيف نهارا، بينما الواقع يقول عكس ذلك تماما، فالبنايات التي وصلت إلى 650 بناية، كلها مبنية بالطوب والإسمنت، وتحولت من دور اصطياف إلى فيلات فاخرة تفوق قيمة الواحدة منها 200 مليون سنتيم كأقل تقدير، إذن أحد الطرفين أخل بالعقد، إما أن السلطات تغاضت عن «التجاوزات» وإما أنها سمحت بذلك خارج القانون، أو أن المستغلين دخلوا مرحلة «البناء العشوائي» الذي يعاقب عليه القانون. عموما، إذا افترضنا أن المستغلين خرقوا عقود الاستغلال، فإن دور السلطات الإدارية التي يلزمها القانون بالسهر على تطبيق القانون وتنفيذ بنود العقود الإدارية (العقود التي تكون فيها السلطة الإدارية طرفا)، كان غائبا عندما سمحت وزكت أحيانا هذا «التوسع»، والجميع يعرف أن «العرف» كان سيد الموقف في ثمانينيات القرن الماضي، وكان الإذن الشفوي من العامل أو أي رجل سلطة آخر، يعني أن القانون في صفك، وهو الأمر الذي شجع المستغلين على تطوير أنشطتهم، واعتقدوا أنهم أصبحوا فوق أرضية صلبة، وأنهم يقدمون خدمة للدولة حسب العشرات منهم من الذين التقت بهم «المساء». مسلسل من الغموض والصراع الوضعية الغامضة التي كرستها السلطات الإدارية، وتحول المستغلين من «زوار» إلى مستقرين نهائيا، بعد أن تحولت «المخيمات» إلى منازل وفيلات، حيث تمتد فترة إقامة بعضهم إلى نحو 50 سنة، كما هو حال عاطف المقاوم السابق ورئيس جمعية «شاطئ بالوما» التي تمثل القاطنين، وبعضهم الآخر استثمر كل مدخراته في تطوير كابانو-فيلا، بينهم مهاجرون عائدون، وأجانب مقيمون بالمغرب، كلها معطيات جعلت الملف معقدا جدا، يتجاوز مجرد إجراءات مسطرية لإخلاء أراض في ملكية الدولة، حيث يؤكد القاطنون أن ملف نزع «ملكيتهم» لم يراع كل هذه المعطيات، وتعاملت معهم السلطات كمحتلين، بينما هم ملاك بحكم الواقع، كما لم تراع السلطات الجوانب «الإنسانية والأخلاقية» على حد تعبيرهم، لذلك يقترحون حلا وسطا، يسمح بفسح المجال لمشروع تهيئة الشاطئ في إطار المدينة الإيكولوجية لزناتة، وفي نفس الوقت حماية «حقوق» المتضررين، والحل يكمن في نظرهم بدمجهم في المشروع الضخم، من خلال منحهم بقعة أرضية لتشييد مركب سياحي على نفقتهم، وبذلك سيساهمون في المشروع وبالمقابل تتمكن الشركة المشرفة على المشروع من وضع تصورها لتهيئة الشاطئ. مسلسل الشد والجذب لا يبدو أنه سينتهي دون خسارات، فأصحاب «الكابانوات» مصرون على البقاء في مواقعهم، ويقولون إنهم مستعدون للاعتصام داخل منازلهم، لتدهسهم الجرافات، بدل أن يتركوا كل أرزاقهم تضيع، في حين أن السلطات ترى فيهم محتلين استفادوا بما فيه الكفاية من أراض في ملكية الدولة، وحان وقت إخلائهم، حيث جاء في مرسوم نزع الملكية الصادر في الجريدة الرسمية عام 2006، أن المتضررين يحق لهم اللجوء إلى القضاء لإعادة تقييم حجم الأضرار، وفي سنة 2013 أصدر القضاء حكما بالإفراغ في حق المستغلين، وهو القرار الذي نص بدوره على حق المتضررين في اللجوء إلى القضاء لإعادة النظر في التعويضات التي تقررها لجنة خبرة، لكن لماذا صمتت السلطات كل هذه السنوات؟ وكيف سمحت بتحويل دور اصطياف إلى فيلات؟ وكيف تبرر الدولة الضرائب التي كانت تحصلها منهم طيلة عقود من الزمن؟ المؤكد أن حلقة مفقودة ستعيد تركيب الملف. السلطة أصل المشكلة من الممكن وصف حال «أصحاب الكابانوات» بضحايا «القانون الضمني»، فالوثائق التي تبين الوضعية القانونية لهذه البنايات، تبدو واضحة للوهلة الأولى، حيث إن القرار المشترك لوزارة الداخلية ووزارة التجهيز، الصادر في 8 يونيو 1998، ينص صراحة على إسناد مهمة تدبير شواطئ المملكة للجماعات المحلية، تحت وصاية الولاة والعمال، وفق عقود استغلال محدودة، تمنح للخواص قصد ممارسة أنشطة تجارية واقتصادية محدودة، ويلزم القرار الولاة والعمال بمراقبة دورية لتدبير الشواطئ، وإنجاز تقارير عن حالتها، مع التزام المستغلين بدفع الإتاوات المقررة لخزينة الدولة، إلى حدود هذه اللحظة لا يبدو الأمر مشوبا بالغموض، لكن عندما ننتقل إلى الواقع نجد أن العمال والولاة ورؤساء الجماعات ربما اجتهدوا أكثر من اللازم، وسمحوا بتشييد بنايات دائمة، ومنحوا شواهد إقامة وتراخيص التزود بشبكة الماء والكهرباء، ما يعني أن المستفيدين الذين من المفترض أن يستغلوا الشواطئ في بنايات سياحية مؤقتة، تحولوا إلى سكان قاطنين بشكل دائم، وكل هذا تحت أنظار السلطات، بل وبدعم من العامل شخصيا، مثلما حدث في المراسلة عدد 2886 بتاريخ 29 شتنبر 1998، التي بعث بها عامل عمالة البرنوصي لمستغلي الكابانوات ، يخبرهم بدعم العمالة للمجهودات التي يبذلونها، واستعداد مصالح العمالة للتعاون مع جمعيتهم، إضافة إلى مراسلات أخرى وجهها أرباب الكابانوات لعمال ورؤساء جماعة عين حرودة المتوالين، مراسلات تطلب الترخيص بالبناء والصيانة، ورغم غياب رد مكتوب من طرف المرسل إليهم، إلا أن الأشغال تمت، بعد أن أذن المسؤولون شفهيا، للمستفيدين بإنجاز الاشغال المطلوبة. الظاهر في التفاصيل القليلة التي حصلت عليها «المساء» أن الكثير من الأشياء كانت تحدث دون أن تخلف أثرا ماديا، عدا واقع البنايات والتجهيزات «المهمة للغاية» التي أنجزها أصحاب الكابانوات، وحتى إذا افترضنا أنهم أنجزوها خارج القانون، فلماذا لم تزجرهم السلطات ولم توقفهم؟ الجواب يبقى عالقا، لكن الواقع معلوم، السلطات تغض الطرف والمستفيدون يعرفون أن العامل سلطة تتجاوز الوزير والقاضي أحيانا، خاصة إذا كنا بصدد الحديث عن عمال إدريس البصري، وخصوصا العامل العفورة المعروف بقربه الشديد من أقوى وزير في تاريخ المغرب الحديث، ورغم رحيل إدريس البصري والعفورة، استمر الوضع غامضا قبل أن يفاجأ أصحاب الكابانوات بإخبار من السلطات بترك منازلهم وما بنوه طيلة عقود من الزمن. الكاريانات مشكلة تؤرق السلطات مشروع مدينة زناتة الجديدة، سيكلف جماعة عين حرودة كل مساحتها تقريبا، ما يعني أن أحياء بكاملها ستختفي، لتحل محلها المجمعات التجارية الضخمة، والإقامات الفاخرة، وإذا وضعنا في الحسبان أن جماعة عين حرودة الحضرية، تحتل جل ترابها أحياء صفيحية «كاريانات»، يقطنها عشرات الآلاف من السكان، سينزعون من مساكنهم لا محالة، فإن تكلفة إعادة إسكان هؤلاء لن تكون بالأمر اليسير، ماليا واجتماعيا وأمنيا، فسكان الكاريانات التي تمثل ما يفوق 75% من الأحياء بالجماعة، يرفضون بشكل قاطع الحلول التي اقترحتها السلطات، في المقابل التكلفة المالية للعملية تبدو باهظة، حيث خصص غلاف مالي بقيمة 300 مليار سنتيم لتشييد 10 آلاف وحدة سكنية، 7000 شقة خاصة بالسكن الاجتماعي، و3000 مخصصة للسكن الاقتصادي، على مساحة 32 هكتارا، فوتت صفقة إنجازها لشركة خاصة، إضافة إلى مرافق اجتماعية وصحية ورياضية، فيما ستخصص نسبة مهمة للمساحات الخضراء حسب تصميم المشروع. في سنة 2013 انتهت الشركة الفائزة بالصفقة من أشغال إنجاز الشطر الأول من المشروع، وأصبحت 4000 شقة جاهزة، لكن مع البدء في عملية توزيع الشقق، ظهرت مشاكل من نوع آخر، عندما رفض السكان الانتقال إلى الشقق المذكورة، وطفت جملة من الاتهامات بين مسؤولين محليين، كان آخرها الاتهامات المتبادلة بين مستشار برلماني وأحد نواب رئيس جماعة عين حرودة، بعد أن تبادلا الاتهامات علنا، بالاستفادة من شقق ضمن المشروع بطرق غير مشروعة، والحديث عن تجاوزات شابت عملية تحديد المستفيدين، بعد أن اتهم بوزيد العربي، نائب رئيس تنسيقية زناتة للإسكان بعين حرودة، في تصريح للمساء، رجال السلطة وأعوانهم بتمكين أشخاص غرباء من خارج الجماعة، من شواهد سكنى لتمكينهم من الاستفادة من المشروع، وقال المتحدث ذاته إن التنسيقية تتوفر على أسماء وعناوين أشخاص استفادوا من العملية، بعضهم يوجد خارج التراب المغربي، وآخرون لم يسبق لهم أن كانوا من سكان الجماعة الحضرية لعين حرودة، في المقابل، رفض مسؤول بالسلطة المحلية هذه الاتهامات، وأوضح للمساء أن سكان الأحياء العشوائية يحاولون البحث عن مبررات لرفضهم الشقق المخصصة لإعادة الإسكان، وأن المعنيين يريدون الاستفادة من بقع أرضية. حلول في ثوب مشكل السكان الذين دخلوا في مسلسل من الوقفات الاحتجاجية الأسبوعية منذ 2013، يقرون بأهم يرفضون الشقق التي اقترحتها السلطات لأسباب عديدة، أولها أن الشقق ستكلف كل أسرة 10 ملايين سنتيم، وهو المبلغ الذي لا يتوفر عليه سكان أحياء صفيحية معوزون، حيث برر بوزيد العربي إصرار السكان على استبدال الشقق ببقع أرضية، بكون الشقق غير صالحة للسكن بسبب ضيق مساحتها، التي لا تتجاوز 60 مترا مربعا في أحسن الحالات، وأيضا بسبب الحالة الكارثية لهذه الشقق، وأضاف المتحدث أن مطالبة السكان ببقع أرضية يعود بالأساس لعوز المستفيدين، وعدم قدرتهم على تسديد مبلغ 10 ملايين سنتيم، وأن البقع هي الحل الوحيد لتمكين المتضررين من سكن لائق، مشيرا إلى أن المسؤولين سبق أن وعدوهم بتمكينهم من بقع لتشييد منازلهم، دون أن تتحول هذه الوعود إلى واقع. السكان الذين يترددون كل يوم أحد على مقر باشوية عين حرودة للاحتجاج، اهتدوا إلى حل يعتقدون أنه كفيل بإنهاء المشكل، والحل كالآتي، تستفيد كل أسرتين من بقعة أرضية متوسطة، ويتكلفون ببناء منازل من خلال الاتفاق مع مقاولين على بناء منازل من طابق أرضي وشقتين علويتين ( R+2)، حيث يتكلف المقاول بتشييد البناية، مقابل حصوله على الطابق الأرضي، الذي سيخصص لمحلات تجارية، وهكذا يستفيد المتضررون من شقق محترمة مقابل صفر درهم، وفي المقابل يستفيد المقاول من الطابق الأرضي كمقابل لتكفله بالبناء، لكن المسؤولين المحليين بجماعة عين حرودة ينظرون إلى هذا المقترح كنوع من الشروط التعجيزية، فالمدينةالجديدة لزناتة، تحتاج لوعاء عقاري ضخم، وفي حال قبول السلطات بهذا المقترح، فإن المشروع سيفقد جزء مهما للغاية من الوعاء العقاري الإجمالي للمشروع، وبعملية بسيطة سيبتلع هذا الحل 350 ألف بقعة أرضية، لفائدة 7000 أسرة، أي بقعة لكل أسرتين، ما يعني تخصيص وعاء عقاري يتجاوز العشرين ألف هكتارا، بمتوسط 70 مترا مربعا لكل بقعة، مخصصة فقط للبناء، دون احتساب المساحات الخضراء، المرافق الصحية والاجتماعية…في حين تصميم المشروع، خصص 35 هكتارا كمساحة إجمالية لعملية إعادة الإسكان برمتها، وحتى إذا قبلت السلطات بهذا الحل، الذي لا يبدو تعجيزيا، فإن الأمر يتطلب إعادة النظر في المشروع برمته، خاصة وأن الشطر الأول من مشروع إعادة الإسكان قد انتهى، ما يعني أن مقترحات المتضررين يصعب القبول بها، يقول مصدر مسؤول بعمالة المحمدية. عموما، إدارة الأملاك المخزنية، حسب مصدر مسؤول بإدارة الأملاك المخزنية، لم تقم إلا باسترجاع أراض هي في ملكية الدولة أصلا، لكن المصدر ذاته، لم يخف تحفظه على الطريقة التي تعاملت بها الدولة مع مستغلي الكابانوات، عندما تصر على طردهم من منازل أنفقوا فيها الكثير من الأموال، ويرى المسؤول ذاته، أن الدولة يجب أن تعتمد معايير تأخذ بالاعتبار الجوانب الإنسانية في مساطر نزع الملكية، وتقييم حجم الضرر الذي سيلحق المتضررين. وفي المقابل، سكان الأحياء الصفيحية لا يمكن، بأي حال من الأحوال، تجاهل مطالبهم، لأن الأمر سيؤدي لا محالة إلى مشاكل أكبر من مجرد تعويضات وشقق، وقد تنفجر الأوضاع، وتجعل مشروع مدينة زناتة الجديدة كابوسا بدل أن يتحول إلى حلم محقق، بينما سيجد صندوق الإيداع والتدبير نفسه أمام خيارين، إما أن يجد حلولا تخرجه من هذه المشكلات بدون خسائر، وإما سيتحول المشروع الجديد إلى قنبلة موقوتة، قد تزيد من تلويث سمعته، على غرار مشروعي بادس بالحسيمة، وتامسنابالرباط.