«تبارك الله على أيوب..كتابتك أحسن من كتابتي» بهذه العبارات الرقيقة خاطب نزار بركة الوزيرالمكلف بالاقتصاد والشؤون العامة احد تلامذة مجموعة مدارس الضيعة 429 بنيابة الحاجب. لم يخف الوزير إعجابه بقدرة أيوب على الإمساك بالقلم وتحدي إعاقته التي سلبته يديه، بل بدت جمله التي كتبها على الدفتر تشبه كتابة طفل سليم لا يعاني من أية إعاقة. يدرس التلميذ أيوب قرقيبو من مواليد1996 حاليا بالقسم الخامس ابتدائي. هذا الأخير أثار انتباه الوزير والوفد المرافق له خلال زيارة تفقدية قام بها للمجموعة المدرسية المذكورة مؤخرا، لكون ايوب الذي كان يجلس ضمن الصفوف الأولى، يبدو بدون يدين وبدون رجل يمنى ومشوه الرجل اليسرى، مما دفع الوزير إلى استفسار مدرسه عن مدى تأثير الإعاقة على الحياة المدرسية لأيوب. فرد الأستاذ قائلا: «أيوب يعتبرمن خيرة التلاميذ لدي، سلوكا وعملا. فرغم الاعاقة والفقر المدقع الذي يتخبط فيه، بقي صامدا ولم يستسلم لعاهته الجسدية، حيث إن وضعيته الصحية هذه زرعت في نفسه حب العمل والمثابرة والاجتهاد إضافة إلى سلوكه الحسن»..كانت هذه بمثابة شهادة حية في حق أيوب الذي أبهرالوفد الوزاري وكذا مسؤولين محليين وجهويين على رأسهم والي جهة مكناس تافيلالت، وعامل عمالة الحاجب، ونائب وزارة التربية الوطنية بالإقليم وعدة شخصيات مدنية وعسكرية عندما أمسك أيوب بالقلم بما تبقى من طرفيه العلويين ثم أخذ يكتب اسمه باللغتين العربية والفرنسية ويخطط امام الجميع ومعنوياته جد مرتفعة، قبل أن يقاطعه نزار بركة قائلا «تبارك الله على أيوب..كتابتك احسن من كتابتي» مما أضحك الحضور،ورفع من معنويات التلميذ أيوب أمام زملائه في الفصل. إعاقة أيوب هذه، دفعت «المساء» إلى طرق باب أسرته القاطنة بأحد المنازل الصفيحية التابعة لتعاونية الركراكة التي تبعد عن المدرسة ب4 كلم، قصد معرفة طبيعة الظروف المعيشية والحالة الاجتماعية التي يوجد عليها أيوب، حيث تبين من خلال الحوار المطول والمثير، الذي أجرته الجريدة مع اسرته المتكونة من والده محمد قرقيبو، فلاح بالتعاونية المذكورة، وأمه ميلودة أشوف، ربة بيت، وشقيقه سعيد (16سنة) تلميذ بالثالثة ثانوي اعدادي بالحاجب، وشقيقته فاطمة (18 سنة) التي انقطعت عن الدراسة قصد مساعدة أمها التي تعاني من مرض القلب، أن أيوب التحق بالمدرسة المذكورة عن عمر يناهز 8 سنوات، ويرجع سبب تأخره عن سن التمدرس، أنه كان مجبرا على ذلك بسبب إعاقته، حيث ازداد معاقا بدون يدين وبدون رجل يمنى وتشوه بالرجل اليسرى. ورغم لعرضه على أطباء مختصين منذ الولادة، بقي أيوب على حاله، وها هو الآن يمارس حياته اليومية بشكل عادي سواء بالبيت أو بالمدرسة، كما يزاول حصص التربية البدنية رفقة زملائه في الفصل وبمعنويات جد مرتفعة، في الوقت الذي يتحمل والده عبء إيصاله إلى المدرسة ذهابا وإيابا على متن دراجة هوائية متآكلة، وفي حالة غياب والده تتحمل الأم مشقة حمل طفلها ايوب على ظهرها من وإلى المدرسة في الحر والشتاء، زد على ذلك اهتمامها بتغذيته وملبسه ونظافته يوميا وباستمرار..هذه الأم الحنون والمثالية، كانت تردد طيلة الحوار معها قولها «هادشي كتبو الله..أو اللي جات من عند الله مرحبا».