وصفت مصادر من حزب الأصالة والمعاصرة النقاش المنتظر حول قانون الميزانية الجديد، الذي تم تقديمه إلى البرلمان، مساء أول أمس الأربعاء، بأنه سيكون «نقاشا ساخنا» وبأن الحزب سيعمل على الرفع من «الإيقاع»، وتحويل النقاش الذي يقتصر في الغالب على الأغلفة المالية المخصصة لقطاعات بعينها، إلى نقاش سياسي يعكس تطلعات المجتمع والناخبين الذين وضعوا ثقتهم في ممثليهم بالغرفتين النيابيتين، مؤكدة أن الحزب الذي شارك في صياغة المشروع الجديد لقانون المالية لن يعمل على «إسقاطه» وإنما سيجعل الحكومة تلتزم بما وعدت به في برنامجها العام. وكان المكتب الوطني لحزب كاتب الدولة في الداخلية السابق، فؤاد عالي الهمة، أصدر بلاغا مباشرة بعد انتخاب أمينه العام محمد الشيخ بيد الله رئيسا للغرفة الثانية للبرلمان، أكد فيه «موقفه الثابت» تجاه الحكومة ورغبته في الاستمرار في العمل من موقعه السياسي الحالي، مضيفا أن هذا الموقف «يأتي إيمانا منه بكون العمل الحزبي لا يختزل ولا يضع المشاركة في الحكومة بالضرورة كغاية له، بل إن وظيفته الأساسية تنصرف إلى تأطير المواطنين وتمثيلهم ولعب دور الوساطة في نقل مطالبهم والتعبير عنها، والاشتغال وفق سياسة للقرب تروم إرجاع الثقة للمواطنين في البناء السياسي والمؤسساتي، استشرافا لمشاركة أوسع في مسار تدعيم الديمقراطية ببلادنا». واعتبرت المصادر نفسها أن النقاش حول قانون المالية الجديد يجب أن يتجاوز النظرة الضيقة المقتصرة فقط على المبالغ المالية المخصصة لمختلف القطاعات إلى نقاش حقيقي وعميق يعكس برامج الأحزاب السياسية، وما وعدت به الناخبين في الاستحقاقات الانتخابية، مشيرة إلى أن النتائج التي حصل عليها الحزب خلال الانتخابات الأخيرة، دعمت موقعه داخل المؤسسة التشريعية ك«قوة» سياسية لها وزنها على مستوى الخارطة السياسية، وموضحة في نفس السياق أن هناك عدة قضايا وأسئلة مطروحة على القانون الجديد للميزانية، وخاصة منها مشاكل البطالة والاحتجاجات الاجتماعية غير المؤطرة، مما يجعل الحاجة ملحة لاستجابة هذا القانون الجديد لحاجيات المجتمع الضرورية. واستبعد متتبعون أن يشكل وجود حزب الأصالة والمعاصرة في موقعه الجديد بصفوف المعارضة أي «خطر» قد يهدد استمرارية الحكومة الحالية، في إشارة إلى عدم استعداده اللجوء إلى تقديم ملتمس رقابة لإسقاط الحكومة، نافين قدرة «الوافد الجديد» على إفشال تمرير قانون المالية الجديد، ومؤكدين في نفس الوقت، في تصريحات متطابقة ل«المساء»، على أن دور الحزب يكمن في بعث جدال داخل البرلمان، لطالما غاب عنه بعد انتقال «الأحزاب الوطنية» إلى صفوف الأغلبية. وكان البلاغ الصادر عن حزب «البام»، نهاية الأسبوع الماضي، أشار أيضا إلى أن وظيفة المعارضة البرلمانية لا تعني في منظور الحزب «زعزعة التوازنات السياسية القائمة، ولا المزايدة المبنية على العنف اللفظي، ولا توظيف المشترك المشكل للإجماع، لغايات سياسوية ضيقة، ولا استغلال أحداث عارضة للحديث عن أزمة سياسية أو مؤسساتية»، مذكرا ب«تصويت الحزب الإيجابي على البرنامج الحكومي أثناء لحظة التنصيب البرلماني، بالنظر إلى جدية مضامينه والآمال التي فتحها وترجمته في سياسات عمومية قطاعية»، مبرزا أن حزب الأصالة والمعاصرة «سيتابع من موقعه البرلماني الجديد مدى وفاء الحكومة بالتزاماتها عبر الأدوات الدستورية والقانونية المتاحة لصوت المعارضة، واقتراح ما يراه ضروريا لتعزيز اختيارات البلاد في مجال الديمقراطية والتحديث والتنمية المستدامة».