حطت، مساء يوم الجمعة الماضي، طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية بمطار محمد الخامس قادمة من لبنان، وهي تحمل على متنها جثمان الشابة (ح) التي غادرت المغرب للعمل بالعاصمة اللبنانية بيروت ك«فنانة»، قبل أن تعود إليه في صندوق خشبي بعد أن عثر على جثتها مرمية على الأرض قرب الفندق الذي كانت تقيم فيه بشارع الحمراء وهي تحمل جروحا وكدمات في أنحاء متفرقة من جسدها. المعلومات الأولية عن الحادث تحمل شبهات جنائية، وتشير إلى أن (ح)، وهي من مواليد 1985 وتنحدر من مدينة الرباط، لقيت مصرعها بالعاصمة اللبنانية، حيث كانت تشتغل ك«فنانة»، بعد سقوطها من الطابق الرابع لأحد الفنادق الموجودة بشارع الحمراء الشهير الذي يضم عددا من الملاهي الليلية والمطاعم ويرتادها عدد كبير من السياح الخليجيين والأجانب. وفي الوقت الذي ربط فيه بعض الشهود المفترضين -حسب مصادر إعلامية- سبب سقوط الضحية بمحاولتها ولوج غرفتها الموجودة بالفندق عن طريق غرفة إحدى صديقاتها التي تقيم بنفس الفندق بعد فقدانها لمفاتيحها، ليختل توازنها وتقع أرضا، فإن التحقيق الذي تباشره مصالح الأمن اللبنانية مع عدد من المقربين من الضحية من شأنه أن يساعد على تحديد الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الحادث الذي يعيد فتح ملفات أخرى لقيت فيها فتيات مغربيات حتفهن بعدد من دول الخليج والشرق العربي في ظروف غامضة، ووصلت جثثهن في صناديق خشبية تخفي حقيقة ما تعرضن له كما حدث مع الشابة التي توفيت قبل شهرين بسوريا وظلت جثتها هناك لأزيد من ثلاثة أسابيع. وكانت هذه الفتاة قد التحقت بسوريا للعمل بموجب عقد مؤقت لمدة سنة، لكنها عادت قبل انتهائه جثة هامدة دون أن يتم تحديد سبب واضح للوفاة، كما لم تتوصل أسرتها بأية تعويضات، حيث وصلت جثتها في صندوق خشبي مرفقة بجواز السفر فقط. الضحية (ح) تم نقل جثمانها إلى المغرب أول أمس الجمعة بعد القيام بتشريح طبي لتحديد أسباب الوفاة، في الوقت الذي فتحت فيه مصالح الأمن اللبنانية تحقيقا لكشف الظروف المحيطة بالحادث الذي أودى بحياة الضحية التي التحقت بلبنان سنة 2008 بعد استفادتها من صفة «فنانة». «المساء» حاولت الاتصال بالسفارة المغربية ببيروت من أجل الاطلاع على مسار التحقيق في هذه القضية، غير أن المجيب الآلي كان في استقبالنا. ومن المنتظر أن تتركز تحقيقات مصالح الأمن اللبنانية على المقربين من الضحية، خاصة وأن الطريقة التي لقيت بها الضحية مصرعها تطرح فرضية العمل الإجرامي. الحادث المؤسف، الذي ذهبت ضحيته حنان، يثير من جديد قضية شبكات التهجير التي تستغل غطاء الفن للاتجار في الفتيات والزج بهن في شبكات للدعارة بدول الخليج بموجب عقود عمل تحمل شروطا مذلة، وتتضمن أجورا شهرية تتراوح ما بين 2500 و3000 درهم شهريا مقابل الاشتغال كراقصة ومجالسة زبائن بساعات عمل تبتدئ من ال10 ليلا إلى حدود الساعة الخامسة صباحا بملاهٍ ليلية. كما أن هذه العقود تشترط على الفتيات المغربيات تحمل نفقات السفر ذهابا وإيابا والضرائب ومصاريف التسجيل وأيام المرض وتكاليف التطبيب وثمن الدواء وأيام العطل.