اعتبر خبير في الدراسات الاستراتيجية أن تنصيص قانون المالية للسنة المقبلة على خلق حوالي 25 ألف منصب شغل جديد في الوظيفة العمومية خطوة طموحة لا يمكن إلا الترحيب بها، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية التي يمر منها العالم والتي أضرت باقتصاديات بلدان عظمى، لكنه دعا الحكومة في نفس الوقت إلى ضرورة التحلي بالإرادة السياسية من أجل تحقيق هذا الرقم على أرض الواقع وتطويره مستقبلا. وكان وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، وصف مشروع قانون المالية برسم سنة 2010 الذي صادق عليه مجلس الحكومة، يوم الخميس الماضي، بأنه «مشروع إرادي لدعم وتيرة النمو ولتقوية التضامن والتماسك الاجتماعي»، مبرزا أن الحكومة خصصت 24 ألفا و500 منصب مالي برسم قانون المالية لسنة 2010، وهو ما اعتبره متتبعون للشأن الاقتصادي والاجتماعي الوطني بأنه مبادرة تستحق التنويه للحكومة الحالية، إذا ما سارت الأمور في اتجاه تنفيذها، خاصة في ظل تزايد الاحتجاجات في صفوف أصحاب الشواهد العاطلين عن العمل. وبرأي محمد السنوسي، رئيس مؤسسة الأبيض المتوسط الجديد، التي تضم مركزا يهتم بالدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن الرفع من نسبة تخصيص المناصب المالية للتشغيل هذه السنة بالضعف تقريبا، مقارنة بالسنة الماضية، يعتبر نقطة تستحق الاهتمام، بالنظر إلى أن العالم شهد منذ سنة رجة اقتصادية أثرت بشكل سلبي على اقتصاديات الدول العظمى، وهو ما أثر على دول أخرى كذلك. وتشير أرقام وزارة التشغيل إلى أن وتيرة انخفاض معدل البطالة خلال الفصل الأول من سنة 2008 بلغت 9.6 في المائة، مقابل 10.1 في المائة في السنة التي قبلها. وأضاف السنوسي في تصريح ل«المساء» أن عددا من الدول المصنفة ضمن خانة الدول «دون الكبار» ومنها المغرب لم تطلها بشكل كبير الأزمة المالية العالمية، وهو ما أثر بشكل إيجابي ومفاجئ على مخططات المسؤولين المغاربة، الذين ظلوا يتوجسون مخافة تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني، مؤكدا في ذات السياق على تنصيص قانون المالية الجديد على استقرار التضخم في حدود نقطة 2 في المائة وهو أيضا شيء إيجابي، داعيا الحكومة إلى التحلي بمزيد من «الإرادة والعقلانية » للإنجاز الفعلي لما ينص عليه القانون المالي الجديد. وأمام تزايد الاحتجاجات الاجتماعية خاصة من لدن حاملي الشواهد العليا، الذين ينتظمون في أكثر من إطار احتجاجي ويتظاهرون بشكل يومي تقريبا أمام مقر البرلمان، مهددين بالتصعيد من وتيرة احتجاجهم ما لم تستجب الحكومة لمطلبهم في الإدماج في الوظيفة العمومية، تشير حكومة عباس الفاسي إلى أن السنتين الماضيتين عرفتا انخفاضا في صفوف العاطلين عن العمل. وتراهن الحكومة على الإصلاحات التشريعية لتحسين مناخ الاستثمار والتشغيل بالمغرب، وبالتالي الرفع من فرص تشغيل العاطلين عن العمل، ومن ذلك إقرار مدونة جديدة للشغل ووضع قانون للاستثمار وتطوير التدابير التحفيزية للاستثمار وفتح أوراش كبرى في ميادين البنيات التحتية والسياحة والسكن والتهيئة المجالية لمجموعة من الجهات، وأوراش التعمير، ووضع إستراتيجية صناعية مرتكزة على تطوير المهن الجديدة (مخطط انطلاق المناطق الحرة والخدمات المرحَّلة وصناعات السيارات والطيران والصناعات الإلكترونية وغيرها). وتسعى وزارة التشغيل إلى إدماج حوالي 80 ألف باحث عن عمل، في إطار برنامج «إدماج» في الفترة ما بين سنتي 2009 و2010، والتكوين من أجل ملاءمة وتأهيل 40 ألف باحثة وباحث عن شغل في أفق سنة 2010 في إطار ما يسمى ببرنامج «تأهيل»، ومواصلة تحسين أداء برنامج «مقاولتي» الذي يتعرض لعدة انتقادات بسبب عدم إقدام المؤسسات البرلمانية على منح القروض لحاملي المشاريع من العاطلين عن العمل.