هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نجيب بوليف نائب رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب ل"التجديد": الحكومة لا تمتلك الجرأة على اتخاذ التدابير اللازمة للحد من الامتيازات التي تعرقل النمو بالمغرب
نشر في التجديد يوم 22 - 11 - 2005

اعتبر محمد نجيب بوليف أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة، نائب رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، وخبير اقتصادي في قضايا التنمية والطاقة، أن الحكومة لم تقبل إلا 6 تعديلات من أصل 84 تعديل تقدمت بها المعارضة، نصفها تقدم به فريق العدالة والتنمية. وأشار بوليف أن من خطإ الحكومة الاعتماد كل سنة على نفس المقاربة في تدبير الميزانية، أي الحفاظ على المؤشرات الماكرو اقتصادية ولو على حساب مؤشرات أخرى، وهو ما يضر حسب بوليف بالتنمية البشرية ببلادنا. وأوضح بوليف أن مشروع ميزانية 2006 يأتي في ظل غياب مخطط استراتيجي واضح يمكن أن يندرج فيه، كما أن الحكومة تتعمد الانتقاص من حق نواب الأمة في مناقشة مشروع الميزانية. كما سجل بوليف عدم جرأة الحكومة على اتخاذ التدابير اللازمة فيما يتعلق بالامتيازات التي لا تزال تعرقل النمو، كالإعفاء الضريبي لكبار الفلاحين والصناعة الفلاحية التصديرية والاقتصاد غيرالمهيكل. كما أبانت عن عجزها على استرداد الملايير الكثيرة المختلسة من المال العام نظرا لبطئ المساطير أو لضغط اللوبيات. كما أن مواضيع الخوصصة والتشغيل والسياسة الضريبية كانت في صلب الاستجواب.
وإليكم نصه:
ما هي قراءتكم للمقاربة الماكرواقتصادية التي تعتمد عليها الحكومات المغربية المتعاقبة في سياسة إعداد مشاريع الميزانية في المغرب منذ سنوات؟
الأصل في وضع أي سياسة اقتصادية، سواء على المدى الطويل أو المتوسط أو القصير أن تنطلق من الواقع الاقتصادي المحلي والدولي، وتركز على الإيجابيات المتوفرة في البلد، وتحاول أن تراهن على التقليل من السلبيات. ولا شك أن المغرب ليس بلدا ريعيا ولا بلدا صناعيا و لا بلدا فلاحيا ولا بلدا يعتمد على الخدمات، وبالتالي فأن أهم عناصر قوته تكمن في العنصر البشري فقط، مما يجعل هذا العنصر البشري هو المحرك الأساس للتنمية الاقتصادية ببلدنا.
لكن بعد 50 سنة من الاستقلال والتدبير غير المعقلن لمختلف الموارد المتوفرة، يتضح أن المغرب أخطأ الطريق التنموي ففرضت عليه المؤسسات الدولية لإخراجه من المأزق وذلك سنة 1983 تطبيق برنامج التقويم الهيكلي. وبعد عشر سنوات من ذلك اتضح أن بعض المؤشرات الاقتصادية قد تحسنت، ولكن المؤشرات الاجتماعية أصبحت كارثية. فجاءت ابتداء من سنة 1993 فكرة الخوصصة وبيع رأسمال المغرب للاستعانة به على الرفع من موارد الميزانية وكذلك الحفاظ على المؤشرات الماكرو اقتصادية من الانهيار، ولو على حساب بعض المؤشرات الأخرى. وللأسف الشديد تشبثت الحكومات المتعاقبة على تسيير البلد منذ 1998 بهذا المنطق الذي لا يمكن أن يخدم في كل سنة التنمية البشرية بالمغرب. فمثلا الحفاظ على نسبة من العجز في حدود 3 في المائة دائما قد يكون في بعض الأحيان إيجابيا وفي أحيان أخرى سلبيا، والدليل النظري العلمي على ذلك هو أن كثيرا من الدول المتقدمة تعتمد على الرفع من مستوى العجز بالاستدانة من الخارج لخلق الثروات الداخلية ولتنمية الاستثمار الداخلي الذي هو المحرك الأساس للتنمية.
كما أن الحفاظ مثلا على نسبة من التضخم في حدود 2 في المائة قد يؤثر على حركية الاقتصاد الذي يحتاج في كثير من الأحيان إلى صدمة ورجة لإنعاشه، إضافة إلى كون هذه النسبة الضعيفة قد تكون كذلك نتيجة تباطؤ وتيرة الاستهلاك والطلب الداخلي بحكم ضعف القدرة الشرائية، ولو كانت هذه القدرة مرتفعة لوقعت المنافسة ولارتفع الطلب، وبالضرورة سترتفع الأثمان وبالتالي نسبة التضخم. وعليه فإننا نؤمن بسياسة اقتصادية حركية وقابلة للتطور وفق المعطيات الداخلية والخارجية عوض الجمود على الحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية فقط والتي اتضح خلال السنتين الماضيتين أننا بدأنا نفقد حتى هذه التوازنات. فمعدل النمو بدأ يتراجع قياسا لمتوسط النمو العالمي، ونسبة العجز في ازدياد وخاصة سنة 2005 حيث ستصل إلى 3,5 في المائة عوض 2,3 المقررة في القانون المالي السابق.
الملاحظ أن مناقشة مشروع الميزانية لسنة 2006 تمر في ظل إكراهات. هل هناك نية لدى الحكومة لعدم تفعيل النقاشات تمريرا للصيغة الحكومية للمشروع؟
هناك عدة ملاحظات حول هذا الموضوع نجمل بعضها في: كون مناقشة المشروع في مجلس النواب تمت في 25 يوما بين عرضه والاطلاع على مختلف الوثائق والمناقشة في لجنة المالية وفي مختلف اللجان الفرعية الأخرى وكذلك تقديم التعديلات والتصويت على الجزء الأول والثاني بينما الدستور ينص على 70 يوما بين العرض الأول والمصادقة النهائية، أخذ منها مجلس النواب عرفا 30 يوما. وهذا انتقاص لحق النواب في المناقشة بهدف الضغط عليهم.
كذلك عقد الوزير الأول لقاءا مع أغلبيته عشية عرض المشروع في مجلس النواب لحثهم على تيسير سبل خلال المناقشات في اللجان، كانت الأغلبية ممثلة ببعض أفراد فقط، بحيث كان عدد نواب فريق العدالة والتنمية في بعض الأحيان أكثر من نواب الأغلبية بأحزابها الخمسة الكبيرة.
يمكن التأكيد أيضا أن المداخلات التي تقدم بها بعض نواب الأغلبية لم ترق إلى المستوى الذي كانت عليه في السنوات الماضية، بل إن بعض رؤساء الفرق الذين كانوا دائما يتدخلون في المناقشة ويحرصون على المتابعة، منهم من لم يتدخل ومنهم من لم يحضر إلا في بضع جلسات للمناقشة داخل اللجن.
كماأن مكتب مجلس النواب قد غير ثلاث أو أربع مرات جدولة وبرنامج مناقشة المشروع، كل مرة تحت ذريعة معينة مما أربك النواب الذين كانوا يخبرون ببرنامج معين، ثم في اليوم اللاحق ببرنامج آخر، مما جعل بعضهم يتعذر عليه الحضور والمتابعة.
هل هذا يعني أن الحكومة وضعت الجميع أمام ضغط الوقت وهو مايحول دون مدراسة المشروع بالطريقة المثلى؟
نية الحكومة في هذا الاتجاه واضحة، كما أن بعض الوزراء لم يسعفهم الوقت للرد على تساؤلات ومداخلات النواب في بعض اللجن، كما حدث في لجنة الخارجية مع وزير الخارجية مثلا، الذي لم يستمع لمداخلة فريق العدالة والتنمية وكما حصل للمندوب السامي للتخطيط الذي لم يرد كما يجب على أسئلة النواب وكذلك وزير العلاقات الاقتصادية والعامة. ثم إن الحكومة نفسها لم يسعفها الوقت بحيث قدمت 7 تعديلات إضافية على مشروعها، وواحد من هذه التعديلات هو حذف للزيادة في رسوم القنص حيث اقترحت في المشروع رفعه من 100 إلى 200 درهم وأظن أنها لم تستشر من يهمهم الأمر مما جعلها تعود إلى 100 درهم الأصلية.
من خلال كل هذه الملاحظات لا يمكن لعاقل أن يتصور أن الظروف كانت ملائمة للنواب للإدلاء بما يجب من ملاحظات واقتراحات وآراء لتطوير المشروع الهزيل، ولا شك أن ضغط الوقت قداستعمل من طرف الأغلبية والحكومة لتمرير هذا المشروع.
كيف تقيمون الإجراءات الضريبية التي تقترحها الحكومة بهدف إحداث التوازن بين الايرادات والمصاريف؟
يمكن أن أتحدث هنا عن ضرورة الإصلاح الجبائي الذي ينادي به الجميع، وذلك بتوسيع الوعاء. لكن المشكل القائم حاليا هو أن الحكومة ليس لها تصور واضح لما تريده من هذا الإصلاح. فإذا كان المغرب يتجه نحو الاعتماد على الضرائب غير المباشرة في الإصلاح وهو ما نراه حاليا في هذا المشروع الذي رفع من الضريبة على القيمة المضافة لمواد استهلاكية أساسية، فإن ما يجب أن يقال للمواطنين هو أن نسبة الضرائب غير المباشرة في المداخيل الضريبية مرتفعة بالمغرب.
فهي تفوق نسبة 10 في المائة بينما في تونس وتركيا مثلا هي في حدود 76 في المائة وتنخفض إلى 54 في المائة في مصر، وهذه البلدان هي بلدان منافسة لنا. إذن المشكل يكمن في كيفية المراجعة وضرورة توسيع القاعدة الجبائية بإدخال القطاع غير المنظم والقطاعات المعفاة حاليا كالفلاحة التصديرية والضيعات الكبرى... وعدم الخضوع لضغط اللوبيات كما حصل بالنسبة للمشروبات الكحولية التي كان من المفترض أن ترتفع ضريبتها في هذا المشروع لكن تراجعت الحكومة عن ذلك، كما تراجعت عن عدم الرفع من الرسم المفروض على الصيد.
ما هي أهم التعديلات التي ينوي فريق العدالة والتنمية التقدم بها لمعالجة مختلف المعيقات التي يتضمنها مشروع ميزانية 2006؟
لقد قدمنا تعديلات تخص المجالات التالية: منها المتعلقة بالمسائل القانونية، بحيث ركزنا على ضرورة الفصل بين مبدإ الإذن للحكومة والمصادقة على مراسيم سابقة، وكذلك إعادة مشروع المدونة الضريبية للبرلمان ليقول فيه رأيه المادة 10 من المشروع وكذلك ضرورة افتحاص دقيق وشفاف لصندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. راعينا كذلك الجانب الاجتماعي، حيث قدمنا تعديلات تهم عدم الرفع من الضريبة على القيمة المضافة لكل المواد التي قصدهاالمشروع كالزبدة والقهوة والأرز... وذلك بجعل المبالغ المقدمة لصندوق التنمية البشرية قابلة للخصم من الضريبة وتضريب التعاونيات من خلال رقم المعاملات بالنسبة لمتعاون واحد 5000درهم عوض سقف 5 مليون درهم المعمول به حاليا بالنسبة لكل التعاونيات كيفما كان حجمها، كما اقترحنا عدم تحويل فائض صناديق العمل للميزانية العامة للدولة مادامت المبالغ المخصصة له تهم شرائح اجتماعية متضررة يجب الرفع من دخلها السنوي، والرفع من حجم المبالغ المخصومة كأعباء عائلية من الدخل المفروض عليه الضريبة، وجعل الضريبة على الدخل أكثر عدالة بالرفع من السقف الأدنى المعفى إلى 24000 درهم سنويا وتغيير النسب
الأخرى لفائدة الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
في سياق آخر، تقدم فريق العدالة والتنمية بتعديلات تخص الجوانب الاقتصادية التحفيزية: كتحديد نسبة 75 في المائة من أسهم نشاطات هيئات توظيف رأسمال المجازفة، ودعم الشركات بحذف سقف 50 مليون درهم كشرط لإدراج دائنيات معينة في التكاليف غير الجارية، والرفع من مستوى الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة من 240 إلى 300 متر مربع بالنسبة للسكنى الرئيسية، وتحديد نسبة 3 في المائة كحد أدنى بالنسبة للربح العقاري عندما يكون هناك ربح فعلي وليس في جميع الحالات حتى عند الخسارة.
وماذا عن التعديلات التي تتعلق بالسياسة الضريبة ؟
فيما يخص التعديلات الضريبية فقد اقترح الفريق تجنب رفع الضريبة من سنة لأخرى دون مبرر مقبول، والإعفاء من الضريبة للتفويتات بغير عوض للممتلكات لفائدة إدارات الدولة والجماعات المحلية والمستشفيات العمومية ومشاريع الإسعاف والإحسان والجمعيات المعتبرة ذات منفعة عامة التي لا تهدف للحصول على ربح، واعتماد الثمن المقبول أو المصحح من لدن الإدارة كأساس لدفع الضرائب واحتساب الربح العقاري، وتحديد صافي الربح العقاري المفروضة عليه الضريبة وملاءمة الدخول والأرباح العقارية. إضافة إلى تعديلات لغوية: حيث وقعت أخطاء في نص المشروع كاعتبار الأشخاص الطبيعيين خاضعين للضريبة على الشركات، واستعمال كلمة مستوطنين في نص المشروع واستعمال مصطلحات مختلفة غير منسجمة تتعلق بتحصيل الضرائب. وهذه هي التعديلات التي قبلت بينما غيرها من التعديلات الجوهرية لم تقبل.
الإشكال الحقيقي هو أن الحكومة لم تكلف نفسها عناء مناقشة مختلف التعديلات وجمدت على نسختها الأصلية للمشروع بحيث من أصل 84 تعديلا تقدمت بها المعارضة نصفها للعدالة والتنمية والباقي للفرق والمجموعات الثلاثة الأخرى-، رفضت الحكومة 48 منها بمنطق الفصل 51 من الدستور، و28 منها رفضت بفعل التصويت ضدها بمنطق الأغلبية، كما رفضت الحكومة تعديلين بمنطق الفصل ,53 والحصيلة أنها لم تقبل إلا 6 تعديلات من أصل .84
يؤكد الوزير الأول ووزير المالية والخوصصة أن مشروع الميزانية لسنة 2006 لم يستند على موارد الخوصصة. فهل من قراءة لمسلسل الخوصصة بالمغرب الذي انطلق في عام 1993؟
الحقيقة أن سنة 2006 ستعتمد على مبالغ للخوصصة تقدر بحوالي 8,4 مليار درهم، تتمثل أساسا في خوصصة 20 في المائة من شركة التبغ و20 في المائة من البنك الشعبي المركزي وشركة كوماناف...وبالتالي فهذا المبلغ لا يصل إلى ما حقق سابقا بالنسبة لخوصصة شركة اتصالات المغرب أو شركة التبغ، لكن الخوصصة تبقى حاضرة في هذا المشروع. وتصوري هو أن هذا الأمر ليس راجعا بالأساس إلى رؤية ومنهجية واضحة، بقدر ما هو مفروض على الحكومة. فبرنامجها للخوصصة لم يهيأ فيه هذه السنة إلا ما هو متوفر، وهي الآن بصدد إعداد مؤسسات كبيرة أخرى للخوصصة وحينما تكون مردوديتها حسنة آنذاك ستطرح للخوصصة دون تردد. وبالتالي فلا يمكن أن نعتمد ما تقوله الحكومة بهذا الصدد لأنها كما يقال الله غالب ما بقا لها ما تخوصص هذا العام. بل الأدهى من ذلك أن جزءا كبيرا مما تم بيعه للغير لم يستثمر بل استعمل لتغطية مصاريف التسيير العادية، وهكذا حصلت الحكومات المتعاقبة على أكثر من 80 مليار درهم كثمن للخوصصة ولكن البنيات التحتية لازالت متأخرة والمشاكل المحورية من بطالة وفقر ومرض وأمية لازالت نسبها جد مرتفعة.
تدعي الحكومة الحالية أن مقارباتها للسياسة العامة تتسم بطابع اجتماعي، وتشير في هذا الصدد إلى سياستها في مجال التشغيل، فهل توفير 12ألف منصب شغل جديد كفيل بالاستجابة لتوصيات مبادرة التشغيل وبالتالي الاستجابة للطابع الاجتماعي التضامني؟
أولا مناظرة التشغيل الأخيرة هي ذر للرماد في العيون، ما دامت توصياتها لا تلزم من الناحية القانونية الحكومة بتطبيقها، وبالتالي فلن يحاسبها أحد على عدم الالتزام بتوصيات المناظرة. ثانيا الحكومة اقترحت علينا إحداث أو المساهمة في خلق 200 ألف منصب شغل في أفق 2008 وهذه الحكومة لن تكون موجودة سنة 2008 وبالتالي فلا يمكن لعاقل أن يحاسب حكومة ما بعد 2007 بما حددته الحكومة الحالية وخاصة إذا كانت مكونات الحكومة المستقبلية مختلفة، الأمر الثالث يجب أن ننظر إلى رقم 12000 من زاوية عامة بحيث نضعه في السياق الحالي: فسنة 2006 ستعرف مغادرة طوعية لحوالي 39 ألف موظف إضافة إلى تقاعد حوالي 6000 موظف ، مما يعني أن الوظيفة العمومية ستفقد 45ألف منصبا، والحكومة الحالية تقترح خلق 12ألف منصب شغل جديد مما يعني أن الخصاص سيبقى في حدود 33 ألف وظيفة. هذا بالإضافة إلى الخريجين الجدد والملتحقين بسوق الشغل والذين يقدر عددهم في السنوات المقبلة -نظرا لتطور النمو الديموغرافي- بحوالي 700ألف سنويا. إضافة إلى إعلان الدولة صراحة أنه ليس من دورها تشغيل الناس ولكن دورها تيسير ذلك عبر قيامها بأشكال الوساطة.
كل هذه الأمور مجتمعة تجعلنا نقول بأن الحكومة تتهرب من مسؤولياتها الاجتماعية وتقف حجر عثرة أمام التقدم والتنمية البشرية. فهل يعقل أن تخسر الدولة حوالي 50 مليون سنيتم على المواطن المغربي ليحصل على الإجازة لكي ترمي به في الشارع؟ أي استثمار هذا في العنصر البشري؟ أي هدر هذا للمال العام في حين تبحث الميزانية عن الدرهم والسنتيم ولو برفع الضريبة عن الزبدة والقهوة؟
ما هي انتقاداتكم الجوهرية على مشروع الميزانية لسنة 2006؟
يمكن إجمال ملاحظاتنا حول المشروع في غياب مخطط استراتيجي واضح يمكن أن يندرج فيه المشروع، وبالتالي فالمشروع تدبير سنوي منقطع الجذور مما يجعل كل قطاع وزاري يعتمد على مخططه الخاص ولفترة زمنية مختلفة. فالحكومة دخلت في استراتيجية التعاون مع البنك الدولي من 2005 إلى ,2009 والسياحة لها أفق ,2010 والتشغيل له أفق ,2008 والصناعة التقليدية حدد سنة ,2015 أي أن لكل قطاع أفقه المحدود والخاص. كما نسجل غياب أولويات واضحة، فالحديث عن مشروع تضامني إرادي مسؤول لا تسعفه الأرقام والميزانيات، ولا تسعفه أيضا فرض الضرائب الجديدة التي تمس مواد نعتبرها أساسية كالزبدة والأرزودقيق النشويات والعجائن الغذائية والدراجات والأوعية الهوائية والأغذية الخاصة بالأطفال والمربيات وعصير الفواكه المعد للمربيات والقهوة ومشتقاتها.
علاوة على ذلك، فإن تقديم أرقام موازناتية خالصة لا يمكن التثبت من تحقيقها لاحقا، مما يجعل الأرقام المقدمة غير شفافة. فهذا المشروع لا يمكن أن يعتبر ناجحا إلا إذا حقق ما يقدمه من أرقام، وما دامت تصفية الميزانية ستتم خلال 3 أو 4 سنوات فلن تكون هذه الحكومة موجودة لمحاسبتها عن صحة ما قدمت من أرقام وعن نسب الإنجاز. أيضا فإن التدابير المتخذة لتنمية الاستثمار ودعم المقاولة والحد من البطالة والفقر والأمية لا ترقى إلى المستوى المطلوب، بل تكاد تكون منعدمة وفاقدة للجرأة اللازمة. يسجل أيضا عدم جرأة الحكومة على اتخاذ التدابير اللازمة فيما يتعلق بالامتيازات التي لا زالت تعرقل النمو كالإعفاء الفلاحي لكبار الفلاحين والصناعة الفلاحية التصديرية والاقتصاد غيرالمهيكل الذي يمثل حوالي 20 في المائة من الاقتصاد أو صندوق المقاصة الذي قيل عنه كلام كثير. كما أبانت عن عجزها على استرداد الملايير الكثيرة المختلسة من المال العام نظرا لبطء المساطر أو لضغط اللوبيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.