وسط أجواء مشحونة بين المغرب وممثلي أطروحة البوليساريو داخل اللجنة الرابعة للأمم المتحدة صادقت هذه الأخيرة على مشروع قرار جديد يدعو طرفي النزاع إلى مواصلة الحوار تحت إشراف الأممالمتحدة. وقبل جلسة التصويت على هذا القرار، الذي حصل على 146 صوتا مقابل رفض كل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل وامتناع فرنسا وبريطانيا، تبادل كل من المغرب وممثلي جبهة البوليساريو داخل هذه اللجنة وبعض ممثلي الدول الداعمة لفكرة الانفصال الاتهامات فيما بينهم حول من يعرقل جهود التسوية التي تقودها الأممالمتحدة. ودعا القرار كلا من المغرب والبوليساريو إلى التعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأهاب بهما أن يتقيدا بالالتزامات المنصوص عليها بموجب القانون الإنساني الدولي. وطالب البند السادس من هذا القرار «اللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة أن تواصل النظر في الحالة في الصحراء، وأن تقدم تقريرا عن ذلك إلى الجمعية العامة في دورتها الخامسة والستين». ورحب القرار بالمفاوضات التي جرت بين الطرفين، والتي أشرف عليها المبعوث الأممي السابق الهولندي فان والسوم. كما رحب «بالتزام الطرفين بمواصلة إبداء الإرادة السياسية والعمل في مناخ موات للحوار من أجل الانتقال إلى طور جديد من المفاوضات المكثفة، بحسن نية ودون شروط مسبقة، مع مراعاة الجهود التي بذلت والتطورات التي حصلت منذ عام 2006، مما يكفل تنفيذ قرارات مجلس الأمن ونجاح المفاوضات». وأشاد بلاغ للبعثة الدائمة للمغرب لدى الأممالمتحدة بمصادقة اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بالتوافق على القرار المتعلق بالصحراء المغربية، موضحا أن «هذا التوافق الذي تحقق للعام الثالث على التوالي يجسد تطابق وجهات نظر مجلس الأمن والجمعية العامة حول مرتكزات الحل السياسي الذي ترغب فيه المجموعة الدولية». وأوضح البلاغ أن «القرار الجديد للجنة الرابعة، وبتفاديه للعام الثالث على التوالي الإشارة إلى استفتاء كلاسيكي بخيارات متطرفة، والذي تبين استحالة تنفيذه على أرض الواقع، يكون قد استبعد المقاربات الدوغمائية، التي تواصل بعض الأطراف إعادة إحيائها بهدف عرقلة جهود الأممالمتحدة إن لم يكن نسفها». في حين كانت لكل من الجزائر وجبهة البوليساريو قراءة أخرى لنص هذا القرار، إذ أشارتا في أول رد فعل لهما على هذا التصديق إلى أن اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة، المكلفة بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار، جددت «تأكيدها على الحق الثابت لشعب الصحراء في تقرير المصير، مجددة في مشروع القرار مسؤولية الأممالمتحدة حيال هذا الشعب». واعتبر الخبير في العلاقات الدولية حسان بوقنطار القرار الأخير للجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة حول نزاع الصحراء نوعا من تحصيل الحاصل، ويبقى بالنسبة للمغرب مسألة جوهرية ويتوافق إلى حد ما مع التوجه الذي يسعى إليه من خلال مقترح الحكم الذاتي. وبخصوص تزامن هذا القرار مع الزيارة المرتقبة للمبعوث الأممي كريستوفر روس للمنطقة أواخر الشهر الجاري، استبعد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط في تصريح ل«المساء» أن يترتب عن هذه الزيارة أي تحول جوهري بمسار القضية، مضيفا في السياق ذاته أنه طالما أن كلا من الجزائر والبوليساريو تواصلان تعنتهما فيما يتعلق بالاتفاق على المسائل العالقة، فإنه لا يتوقع أن يقع أي انفراج في القضية، مشيرا إلى أن المغرب تقدم بخطوات كبيرة من خلال مقترح الحكم الذاتي، في حين لازالت الجزائر تصر على تعكير الأجواء من خلال رفضها تسوية المشاكل العاقلة وفتح الحدود، في حين أن البوليساريو تواصل مناورتها المتكررة والمستفزة للمغرب، آخرها إقدامها على استقبال وفد من النشطاء الصحراويين الموالين للأطروحة الانفصالية.