افتتحت المندوبية السامية للمياه والغابات موسم القنص في الغابات التابعة لها منذ الأول من أكتوبر الجاري، وبموجب هذا الافتتاح الذي سيستمر إلى نهاية فبراير 2010، يحل كل يوم أحد وأيام العطل والأعياد العشرات من قناصة المغرب وآخرين أجانب في غابات الهوامش بحثا عن الطرائد. «المساء» زارت محمية بضاحية مدينة صفرو ونقلت أهم الأجواء التي تحيط بموسم خاص بهواة إطلاق البارود في غابات المغرب. يوم الأحد ال 4 من أكتوبر الجاري كان يوما غير عادي في أجندة هواة القنص في المغرب. فقد فتحت إدارة المياه والغابات في وجههم مرة أخرى غاباتها المخصصة للصيد، وحلوا فيها وهم يحملون بنادقهم التقليدية، منذ الصباح الباكر، وبدؤوا في إطلاق «الرصاص» وراء الحجل والأرنب الوحشي والقنية، وهي الطرائد التي تحظى باهتمام أكثر من لدن «قناصة» المغرب. وسيكون بإمكان هؤلاء «القناصة» أن يزوروا هذه الغابات كل يوم أحد وفي كل الأعياد الوطنية إلى غاية 3 يناير من سنة 2010، وهو التاريخ الذي ستعود فيه إدارة المياه والغابات إلى إغلاق غاباتها في وجه هؤلاء، على أن تبقي على صيد طيور الماء بما فيها الدجاج الأبيض والشنقب وفراخ دجاج الأرض والغر والشحرور والبط، مفتوحا إلى غاية 28 فبراير المقبل. وسيبقى بإمكان «قناصة الغابات» كذلك الجري وراء الثعلب وابن آوى والزرزور والعقعق إلى غاية نفس التاريخ المحدد لصيد طيور الماء. وسيتوقف صيد السمان والحمام البري والحمام الأزرق في 14 فبراير، أما هواة صيد الخنزير البري فأمامهم الغابات إلى حدود 21 فبراير من السنة المقبلة. بنادق بهاجس أمني يوجد بالمغرب ما يقرب من 15 ألف صياد مسجل في سجلات مندوبية المياه والغابات والجامعة الملكية للقنص وقسم الشؤون العامة بوزارة الداخلية. وطبقا للتراخيص الممنوحة لهم، فإن هؤلاء «القناصة» يحق لهم امتلاك بنادق الصيد التقليدية، والخروج بها أثناء كل موسم صيد إلى غابات المغرب للبحث عن الطرائد. على أن الرقم شبه الرسمي لا يعني أن كل «قناصة» المغرب يتوفرون على رخصة امتلاك البندقية، فقد أشارت المصادر إلى أن عددا من ممتلكي هذا السلاح لم يسبق لهم أن حصلوا على التراخيص بعدما ورثوا سلاحهم عن أجدادهم في فترة الاستعمار، ومنهم من لم يجدد التراخيص. وقالت المصادر إن هذا الوضع، وإلى جانب الخطر الأمني الذي يشكله، هو ما يدفع رجال المياه والغابات إلى استنفار قواهم أثناء افتتاح موسم الصيد للجري وراء «القناصة» في الغابات الواسعة لطلب الوثائق الرسمية. ويتطلب الترخيص بحمل رخصة لامتلاك بندقية صيد تقليدية في المغرب عدة إجراءات، فيجب أن يكون المرشح لامتلاك هذا السلاح مغربيا وقاطنا ببلده وعمره لا يقل عن 18 سنة، وأن يكون سجله العدلي نظيفا وأن تكون بنيته الجسمية والصحية سليمة. وتسلم السلطات الإدارية المحلية هذه الرخصة بعد إجراء تحريات عادة ما يتكلف المقدمون والشيوخ بها. وعمدت أقسام الشؤون الداخلية، منذ الأحداث الإرهابية ل16 ماي 2003 بالدار البيضاء، إلى تشديد إجراءات منح هذه الرخص، تخوفا من أن تستغل في أعمال إرهابية. وإلى جانب رخصة امتلاك بندقية، فإن هواة القنص في غابات المغرب يكون عليهم أن يحصلوا على رخصة للصيد تسلم من قبل العمالة التي يتواجدون في نفوذها. وللحصول على هذه الرخصة، يجب على المرشح أن يكون منخرطا في إحدى جمعيات الصيد بالمغرب، والتي يفرض عليها بدورها أن تعمل تحت لواء الجامعة الملكية للقنص، وهي مؤسسة موازية أسندت لها مهمة تأطير القنص داخل الغابات، إلى جانب إدارة المياه والغابات. قناصة هواة ينتظر «القناصة» المغاربة بفارغ الصبر موسم الصيد، وعادة ما يتكبدون عناء السفر من مدن المركز إلى غابات الهامش لإمضاء يوم صيد. ويمكن للصياد أن يظفر بطرائد، كما يمكنه أن يعود خاوي الوفاض بعد يوم كامل مرهق أمضاه في الجري وراء الحجل والأرانب بين الأحراش. الطاهر العلوي، رئيس جهوي لجامعة القنص بفاس وأحد هواة هذه الرياضة، أمضى جزءا كبيرا من صباح يوم الأحد 4 أكتوبر في غابة لبسابيس العريضة بناحية مدينة صفرو، وهو يبحث عن طرائده، دون أن يظفر بأي حصيلة. وبعد عياء ربطه بتقدمه في السن، عاد أدراجه إلى نقطة بداية رحلته يحمل على كتفه بندقية صيد. وقال، دون تحسر، إن الأهم بالنسبة له هو الرياضة، وعبر عن راحة نفسية أحس بها وهو يشم رائحة بارود أول طلقة من بندقيته بعد عام كامل من ركنها في إحدى زوايا بيته بفاس. ووصف مصطفى حجاجي، وهو أحد تقنيي إدارة المياه والغابات، هذه الرياضة ب«الطاهرة»، وقال إن بنادق الصيد أوجدت من أجل هذه الغاية، وليس لاستعمالات أخرى. الطاهر العلوي حرص في هذه «الخرجة» إلى الغابة على أن يكون مرفقا بكل وثائقه الإدارية، لكن تقنيي المياه والغابات يتحدثون عن انتشار ما يسمونه ب«الصيد العشوائي». وعادة ما يعمد هؤلاء «القناصة» إلى الخروج إلى الغابة في أوقات متأخرة من الليل، ويستعينون بأداوات تقليدية ومصابيح ذات إضاءة صادمة للإطاحة بالطرائد. وأغلب هؤلاء «القناصة» هم من سكان الغابة، لا يمارسون القنص كهواية، كما هو الشأن بالنسبة لأثرياء البلد، وإنما يبحثون عن طرائد تحول إلى لحوم تغني «كاميلا» العائلة. «صيد عشوائي» وإلى جانبهم، هناك من ينزل إلى الغابة، سواء في موسم الصيد أو خارجه، ببنادق غير مرخصة للبحث عن الطيور والحيوانات. ويؤدي إلقاء القبض على هؤلاء من قبل رجال المياه والغابات إلى اتباع مسطرة تبدأ بحجز سلاحهم وتغريمهم وتنتهي بعرضهم على أنظار المحكمة العسكرية بتهمة امتلاك سلاح ناري بدون ترخيص. ولا تحرص إدارة المياه والغابات فقط على تحديد أوقات الصيد وأنواع الطرائد والأراضي المسموح بالصيد فيها، بل إنها تعمل على تقنين الكميات المسموح بصيدها بالنسبة لكل قناص. وكل تجاوز للكمية يهدد المخالف بغرامة. ويورد تقني المياه والغابات بأن جزءا كبيرا من الصيادين الهواة يعمدون إلى استغفالهم وتجاوز العدد المسموح به، وذلك عبر تقنيات عدة. ويقول هؤلاء التقنيون إن بعض «القناصة»، وبسبب قلة الوعي، لا يدركون أن القنص رياضة، ولا يفكرون إلا فيما سيظفرون به في نهاية يوم صيد من طرائد لإغناء «الكاميلا». ولتشديد المراقبة على «القناصة» وفرض التزامهم بالقانون، عمد مزيان بلفقيه، مستشار الملك ورئيس الجامعة الملكية للقنص، إلى اعتماد خطة تخريج مراقبين من جامعته كلفوا بمساعدة تقنيي المياه والغابات في مثل هذه المواسم. وبلغ عدد هؤلاء المتطوعين الذين خرجتهم جامعة مزيان بلفقيه، وهو من هواة القنص في الغابات، 300 متطوع، كان حظ غابات فاس بولمان منها 4 متطوعين. الطاهر العلوي، رئيس الجامعة بجهة فاس، خرج يوم الأحد 4 أكتوبر للبحث عن الحجل والأرنب في غابة لبسابيس بصفرو، لكنه علاوة على ذلك، يقوم بدور المراقب المتطوع للغابة. وعليه، في حال وقوفه على أي مخالفة، أن يقوم بتبليغ رجال إدارة المياه والغابات. ويقول العلوي إنه من الصعب مواجهة «الصيد العشوائي» في غابات توجد فيها تجمعات سكنية تعتبر أن الغابة ملكا لها وتتمسك بكون ما تزخر به من موارد هو من حقها قبل أي غريب. وتزداد الصعوبة في مجالات تسكنها عائلات بموارد ضعيفة. حماية الطرائد لا يجوز للقناص أن يصطاد خلال كل يوم قنص مرخص إلا أربع حجلات وأرنبا وحشيا واحدا وخمس قنيات وخمس دجاجات الأرض وخمسين سمانا وعشر بطات منها خمس ذوات العنق الأخضر وإوزتين وعشرة من مجموع الحمام الأزرق والحمام البري وعشرين شنقبا وعشرين سلوى وخمسين يمامة وخمسين قنبرة برية وعشرين طائرا من باقي الأنواع المسموح بقنصها. وتمنع إدارة المياه والغابات بيع الحجل والأرانب الوحشية والقنيات والسلوى ودجاجة الأرض والخنزير. ويتوقف الاتجار فيها على رخصة من هذه الإدارة. وتمنع هذه الإدارة قنص النمور والفهود والقردة والأيل المغربي وجميع أنواع الغزلان والأروي المغربي والكواسر وثعالب الماء والنمس والضبع وجميع أنواع القنافذ والسناجب وجميع أنواع الحبارى والزواحف . ويخضع اصطياد الأيل الأوربي والأروي المغربي لترخيص خاص من مندوبية الغابات. قناصة أجانب بالرغم من أن القنص في الغابات لا يجلب الكثير من السياح للمغرب، فإن إدارة المياه والغابات تقوم منذ مدة بفتح غاباتها في وجه الأجانب لممارسة هذه الهواية. لكن هذه الإدارة تقول إنها وضعت شروطا لدخول الأجانب إلى مجالات هي ضمن نفوذها الترابي. فلا يجوز للأجانب غير المقيمين في المغرب قنص الأصناف المستقرة، باستثناء الخنازير، إلا داخل قطع غابوية أجرتها شركات القنص السياحي. ويشترط على هؤلاء الأجانب أن يكونوا حاملين للتراخيص القانونية المتعلقة بممارسة القنص بالمغرب. وتمنع إدارة الغابات القنص في المحميات الدائمة. لكنها تضع رهن إشارة جمعيات القناصة مجالات غابوية وفق عقود كراء تجدد كل خمس سنوات. كما أنها تؤجر للشركات السياحية المتخصصة في القنص مجالات أخرى. وتدخل هذه المجالات ضمن ما يعرف بالمحميات الثلاثية، وهي محميات تفتح كل ثلاث سنوات بالتناوب في وجه القناصة. وتعتبر إدارة المياه والغابات بأن هذه الدورة الثلاثية كافية لإعادة ملء هذه المجالات بالطرائد، قبل أن تفتحها من جديد في وجه القناصة. شروط صيد الخنازير لصيد الخنازير في غابات المغرب يجب التوفر على رخصة خاصة تسلم من قبل العامل وباقتراح من المدير الإقليمي للمياه والغابات. وتعتمد في صيد الخنازير تقنية ما يعرف ب»الصيد بالإحاشة»، ويعني أن مجموعة من القناصين يعمدون إلى إحاشة الخنزير قبل توجيه الرصاص في اتجاهه. ويساوي واجب الإحاشة 100 درهم مضروب في عدد القناصين المشاركين في العملية. ولا يجب أن يقل المبلغ المذكور عن 1200 درهم لكل إحاشة. أما القناصة الأجانب الراغبين في مطاردة الخنازير في غابات المغرب، فإنهم يؤدون 500 درهم في هذا الواجب، على ألا يقل المبلغ المؤدى عن كل إحاشة 3000 درهم. وقبل خروج القناصة لصيد الخنزير البري، فإنهم يرسلون طلبا في الموضوع 15 يوما قبل موعد الخروج، وتكتب هذه الطلبات في مطبوعات خاصة تسحب من مندوبيات المياه والغابات. ويكلف عون من المياه والغابات بتتبع عملية الإحاشة، وكل صيد إضافي يقابل بإتاوة تتضاعف كل مرة.